الضمراني: الذكاء االصطناعي يؤسس لخطاب أدبي جديد
نال الدكتوراه بدراسته عن سمات بيئة العمل الصحافي في مواقع تطبيقات األخبار
توصلت دراسة أكاديمية حديثة إلى أن مواقع تطبيقات األخبار المجمعة العربية والدولية هي األكثر إقباال عليها لدى الشباب، وأن األخبار السياسية تحتل المرتبة األولى تليها المواد اإلخبارية االقتصادية والفنية والرياضية. كما توصلت الدراسة، التي حملت عنوان «سمات بيئة العمل الصحافي في مواقع تطبيقات األخبار المجمعة العربية والدولية: دراسة آلليات صناعة المحتوى والتأثيرات واإلشكاليات»، للباحث حسام الضمراني، والتي نال بها درجة الدكتوراه من كلية اإلعالم بجامعة القاهرة، إلى أن تأثر الذكور بمواقع التواصل أكثر من اإلناث، وأن االستخدام المطول والمكثف لها يؤدي إلى الشعور بالذنب، والمعاناة من الوسواس القهري. حول الدراسة ونتائجها، وانعكاس آثارها على الواقع، التقت «الجريدة» د. حسام الضمراني، الذي يعد من أبرز الباحثين في الجيل الثالث من وسائل اإلعالم الرقمية، وكان الحوار التالي:
• حـصـلـت أخـــيـــرا عـلـى درجــة الـــــدكـــــتـــــوراه فــــي مــــجــــال اإلعــــــام الرقمي عـن «سـمـات بيئة العمل الصحافي فـي مـواقـع تطبيقات األخـــــــبـــــــار الـــمـــجـــمـــعـــة الـــعـــربـــيـــة والــــــــدولــــــــيــــــــة... دراســــــــــــة آللــــيــــات صــنــاعــة الــمــحــتــوى والــتــأثــيــرات واإلشــــكــــالــــيــــات»، مــــــاذا عــــن هـــذه الدراسة؟
- الـــــدراســـــة اســـتـــهـــدفـــت بحث ســـمـــات بـيـئـة الــعــمــل الـصـحـافـي فــــي مــــواقــــع تــطــبــيــقــات األخـــبـــار الـعـربـيـة، مـثـل: «نــبــض، أخــبــارك. نــــــــت»، والـــــدولـــــيـــــة مــــثــــل «غــــوغــــل نيوز، أوبرا نيوز» واقتصاداتها، والـــتـــشـــريـــعـــات الـــتـــي تــعــمــل فـي إطـارهـا، وتأثيراتها على القائم باالتصال فيها، والمقرر صدورها فــي كـتـاب قـريـبـا عــن إحـــدى دور النشر بمصر.
وتــــــعــــــد تـــطـــبـــيـــقـــات األخـــــبـــــار المجمعة العربية والـدولـيـة من نــــمــــاذج األعـــــمـــــال الــــجــــديــــدة فـي مجال اإلعام الرقمي، حيث تمثل «الجيل الثالث من وسائل اإلعام الرقمية»، والتي تتسم بالتنوع في البيئات اإلعامية عالية االختيار الــــيــــوم مــــن قـــبـــل الــمــســتــخــدمــيــن الـــقـــراء، خـصـوصـا لـــدى األجــيــال الـــجـــديـــدة مـــن قـــــراء األخــــبــــار من مـصـادرهـا الرقمية، ســـواء منها أو من محركات البحث، وليس من خـال وسائل اإلعــام التقليدية، لما توفره مجمعات األخبار على نحو خاص من التعرض لألخبار الــمــتــنــوعــة، مـــن خــــال االخــتــيــار الـشـخـصـي لـــهـــؤالء األفــــــراد قـــراء األخبار الرقمية.
• مـــا الــنــتــائــج إليها؟
- جــاء ت أبــرز نتائج الـدراسـة، أن الـمـواد اإلخـبـاريـة التي قامت الضمراني أثناء مناقشة الدراسة الــتــي توصلت
مواقع تطبيقات األخبار المجمعة الـــعـــربـــيـــة والــــدولــــيــــة بـتـقـديـمـهـا لقرائها المستخدمين طوال فترة الدراسة في الترتيب األول األخبار الدولية والعربية، تلتها المواد اإلخـبـاريـة االقـتـصـاديـة، ومــن ثم ظهرت المواد اإلخبارية الفنية، والــريــاضــيــة، وأخـــبـــار الـــحـــوادث والـــجـــرائـــم، وغــيــرهــا مـــن الــمــواد اإلخبارية.
كــمــا أظـــهـــرت الــنــتــائــج تـصـدر نـــســـبـــة األخــــــبــــــار الــــطــــويــــلــــة مــن الـــمـــواقـــع األصـــلـــيـــة، والـــتـــي يـبـدأ عـــدد كلماتها مــن 41 حـتـى 250 كلمة، تاها األخبار المتوسطة، والتي اعتمدت عليها مجمعات األخبار العربية والدولية، ويبدأ عدد كلماتها من 8 إلى 40 كلمة في الترتيب الثاني، فيما جاءت األخـبـار القصيرة التي اعتمدت عليها مجمعات األخبار العربية والـــدولـــيـــة فـــي الــتــرتــيــب الــثــالــث، وهو ما يكشف عن غياب البيئة الــتــشــريــعــيــة الــمــنــظــمــة لــحــقــوق الــــمــــواقــــع اإلخـــــبـــــاريـــــة األصـــلـــيـــة صاحبة المحتوى. أجيال رقمية
• لـمـاذا تسعى التكنولوجيا والتطبيقات الرقمية إلى اقتحام عوالم األدب، وتحاكي المبدعين واألدبــــــــــــاء فـــــي إنـــــتـــــاج نـــصـــوص تـــســـعـــى إلــــــى إرســـــــــاء مــامــحــهــا الخاصة؟
- لـــعـــدة أســــبــــاب، مــــن أبـــرزهـــا األوضـــــــــــاع االقــــتــــصــــاديــــة، الـــتـــي أصبحت تحاصر صناعة النشر فـي العالم مـع تـداعـيـات األزمــات االقتصادية المتتالية، وجائحة كـــــورونـــــا، والـــــحـــــرب الــــروســــيــــة - األوكــــرانــــيــــة، وهـــــو مـــا دفـــــع دور حسام الضمراني
الـنـشـر حـــول الــعــالــم، والقائمين على صناعة األدب، لاتجاه نحو توظيف التكنولوجيا في صناعة النشر، كونها تعد بمنزلة ساسل تـــوزيـــع قليلة الـتـكـلـفـة وسـريـعـة االنتشار.
فـــي الـــوقـــت نــفــســه، ومــــن بين األســــبــــاب فــــي تــــصــــوري؛ زيـــــادة أعـــــــــــداد األجــــــيــــــال الــــرقــــمــــيــــة مــن المراهقين والشباب، خصوصا األجــيــال الـتـي تـعـرف بــ «جـيـل »z من الفئة العمرية التي تنحصر بـيـن 17 و52 عـــامـــا، والــتــي تعد األكـــــثـــــر اســــتــــخــــدامــــا لـــلـــهـــواتـــف الـذكـيـة، ومتصفحات اإلنترنت، ومــحــركــات الــبــحــث، وتطبيقات الــكــتــب الــصــوتــيــة واتــجــاهــاتــهــم األدبية والمعرفية من مصادرها الـــــــرقـــــــمـــــــيـــــــة، مــــــقــــــابــــــل تــــــراجــــــع اهــتــمــامــاتــهــم بــالــكــتــاب الـــورقـــي المطبوع، كلها أسباب في ظني وراء سعي التكنولوجيا القتحام عوالم األدب.
• ومــــــــــــــــــــــــاذا االصطناعي؟
- بالنظر إلـى سعي الشركات التكنولوجية عابرة القارات، التي يتبع لها عدد من محركات البحث األكـــثـــر اســتــخــدامــا حــــول الـعـالـم مـــثـــل «مـــيـــكـــروســـوفـــت» ومـــحـــرك بحثها األشهر «بينج» واتجاهها أخيرا نحو توظيف أدوات الذكاء االصطناعي في تقديم خدماتها، واتجاه «غوغل» ومحرك بحثها األشــــــهــــــر، وتـــطـــبـــيـــقـــاتـــه لـــلـــذكـــاء االصــــطــــنــــاعــــي، خـــلـــق حــــالــــة مـن الــتــنــافــســيــة فــــي ســـبـــاق امـــتـــاك تـطـبـيـقـات الـــذكـــاء االصـطـنـاعـي، بما يخدم تسويق خدماتها، ومن بينها الخدمات الموجهة لصناع الـنـشـر حـــول الــعــالــم، بإنتاجهم نصوصا تسعى إلرساء مامحها الخاصة بواسطة تطبيقات الذكاء االصطناعي، مثل برامج التوليد اآللــــي، وتـقـنـيـات الـــواقـــع الـمـعـزز واالفتراضي، وغيرها من تقنيات الــــذكــــاء االصـــطـــنـــاعـــي، جميعها أســــبــــاب تـــتـــضـــافـــر فــــي اإلجــــابــــة عـن سبب اقـتـحـام التكنولوجيا صناعة النشر، لكونها صناعة لها مــدخــات وعمليات تشغيل ومــــــخــــــرجــــــات، فــــــي ظــــــل أســـــــواق رقمية سحابية تتخطى حواجز الـــجـــغـــرافـــيـــا والـــــزمـــــن، وتـــؤســـس لخطاب أدبي رقمي جديد يتشكل على مهل عند أجيال رقمية من المتلقين للمعرفة واألدب، حيث عــــــــــــن الــــــــــذكــــــــــاء تــغــيــرت اتــجــاهــاتــهــم الـمـعـرفـيـة، التي ظلت لعقود حبيسة تـدور فــي فـلـك وســائــل اإلنـــتـــاج األدبـــي والـمـعـرفـي التقليدية، وانتقلت بواسطة التكنولوجيا وأدواتها التــــــــبــــــــاع اتـــــــجـــــــاهـــــــات جــــــديــــــدة أصبحت محل دراســة أخـيـرا من قــبــل صــنــاع الـنـشـر حـــول العالم ومــــازالــــت، وهـــو مـــا نـاحـظـه في تجليات مــن األنــمــاط واألشــكــال الرقمية الجديدة التي تتنافس عـلـي تـقـديـم الــخــدمــات الثقافية وتحقق أرباحا ال بأس منها، مثل: خـــدمـــات «الــبــودكــاســت األدبـــــي»، وزيــــادة أعــــداد رواد األعــمــال من «صناع المحتوى الرقمي» حول العالم، إضافة إلى المؤثرين عبر شــبــكــات الــتــواصــل االجــتــمــاعــي، واتــــــجــــــاه صـــــنـــــاع الــــنــــشــــر نــحــو إتـــمـــام شـــراكـــات مـعـهـم لتسويق منتجاتهم وخدماتهم المعرفية، وغيرها من اآلليات الجديدة التي ترصدها تقارير صناعة النشر الدولية أخيرا ومؤتمراتها، فعلى دور الـنـشـر الـمـصـريـة والعربية التركيز بشكل أكبر في اتباع تلك اآلليات، مقابل تخليها عن اآلليات التقليدية فـي صناعة المعرفة، وتـــســـويـــق خــدمــاتــهــا الــثــقــافــيــة، واالنطاق نحو دراسة الجمهور الــذي تستهدفه، حتى ال تتوقف خدماتها قريبا، في ظل التحديات االقـتـصـاديـة واللوجستية التي تواجه صناعة النشر حول العالم. األدب والتكنولوجيا
• هـــــــل الــــكــــلــــمــــة الــــمــــكــــتــــوبــــة تـــتـــراجـــع لــمــصــلــحــة الـــمـــرئـــيـــات، أم أن هــنــاك مـــزاوجـــة بـيـن األدب والتكنولوجيا؟
- وفـــــق الــــــدراســــــات الـــجـــديـــدة فـي مـجـال األدب والتكنولوجيا واإلعــــــام، ومـــن واقــــع الـمـمـارسـة والـــــمـــــتـــــابـــــعـــــة، ثــــمــــة تــــوصــــيــــات جــــادة تـتـمـثـل فـــي االتـــجـــاه نحو تـقـديـم الـمـنـتـج األدبــــي بواسطة الوسائط المرئية، وما تتضمنه مــــــن أنــــــمــــــاط مـــــتـــــعـــــددة تــضــمــن الـــتـــســـويـــق الــــســــريــــع والـــربـــحـــي للنصوص األدبــيــة والمنتجات الثقافية التي تتركز على الكلمة، مثل: القصة، والــروايــة، والشعر، وتمثيلها بصريا، لكون اتجاهات الـجـمـهـور حـــول الـعـالـم اختلفت اآلن عما سبق فـي إطـــار تلقيهم للمنتج الثقافي واإلبداعي، وهو مـــا يـفـسـر لـنـا اســتــحــداث مـواقـع الــتــواصــل االجــتــمــاعــي لـخـدمـات جديدة القت رواجــا كبيرا، منها خـــدمـــة «االســــــتــــــوري»، الـــتـــي هي عبارة عن مقاطع فيديو قصيرة ال تـتـخـطـى 30 ثــانــيــة أو دقيقة على أقصى تقدير، ومنها تطبيق «تيك تــوك»، الــذي لجأت إليه في الـــســـنـــوات األخــــيــــرة دور الـنـشـر الدولية وبعض العربية لتسويق مـنـتـجـاتـهـا الــثــقــافــيــة والـتـفـاعـل معا، وخدمة البث المباشر عبر مواقع التواصل االجتماعي التي تـــوظـــف فــــي تـــقـــديـــم بــــرامــــج تعد بـــ «فـــورمـــات» مختلفة عــن إعـــداد الـبـرامـج التلفزيونية واإلذاعــيــة الـــتـــقـــلـــيـــديـــة بـــمـــا يـــتـــنـــاســـب مــع الجمهور الجديد. المحتوى الصحافي
• مــــا مـــــدى تـــأثـــيـــر الــمــحــتــوى الــــمــــقــــدم فــــي شـــبـــكـــات الـــتـــواصـــل االجـــتـــمـــاعـــي عـــلـــى صـــنـــاعـــة نشر المحتوى الصحافي الرقمي؟
- تـأثـيـر الـمـحـتـوى الــمــقــدم في شـــبـــكـــات الــــتــــواصــــل االجــتــمــاعــي على المحتوى الصحافي الرقمي يتمثل فـــي الـتـأثـيـر االقــتــصــادي، خــــصــــوصــــا «اإلعـــــــــانـــــــــات»، الـــتـــي اســــتــــحــــوذت عـــلـــى نـــســـبـــة كــبــيــرة منها مـواقـع التواصل االجتماع، خصوصا منذ عام ،2017 وهو ما تسبب في إحداث خسائر مباشرة للمؤسسات الصحافية الرقمية، وأرى أن الــحــل لمعالجة مشكلة انسحاب اإلعانات من المنصات اإلخــبــاريــة الرقمية الـتـوجـه نحو صناعة محتوى صحافي ال يعتمد على الخبر في المقام األول، لكونه أصـــبـــح حـــصـــريـــا ومـــبـــاشـــرا على وســــائــــل الـــتـــواصـــل االجـــتـــمـــاعـــي، والـــتـــركـــيـــز عـــلـــى إنـــــتـــــاج قـصـص صحافية تقريرية وتفسيرية لما وراء الخبر، لبناء قاعدة جماهيرية من القراء لمحتواها الخاص، وهو مـا يرفع مـن مـعـدالت متابعاتها، وبالتبعية المساهمة فــي عــودة جزء من اإلعانات المباشرة لها.
• هــنــاك مــن يــوجــه االتــهــامــات حــــــــول الــــتــــأثــــيــــر الــــنــــفــــســــي عــلــى المجتمع للمحتوى الــمــقــدم من خال مواقع التواصل االجتماعي والــتــي تــدفــع إلـــى االكــتــئــاب، مــاذا تقول؟
- اســـتـــخـــدام مـــواقـــع الــتــواصــل االجتماعي يسبب العديد من اآلثار النفسية السلبية لمستخدميها، مثل زيادة المقارنات االجتماعية، والــــغــــيــــرة، واالكــــتــــئــــاب، والـــقـــلـــق، والـتـوتـر، نتيجة التعرض لــآراء واألفكار المتعارضة.
وللمفارقة، أظـهـرت الــدراســات الـــتـــي أجـــريـــت عــلــى الـمـجـتـمـعـات العربية، أن الذكور المستخدمين لـــوســـائـــل الـــتـــواصـــل االجــتــمــاعــي هــم األكــثــر تــأثــرا مــن اإلنـــــاث، وقـد لوحظ أن اإلناث، واألعمار األصغر، واألشــــــــخــــــــاص الــــــذيــــــن يــــعــــانــــون النرجسية هم األكثر إدمانا على مواقع التواصل االجتماعي، وأن االســــتــــخــــدام الـــمـــطـــول والــمــكــثــف لـهـا يـــؤدي إلـــى الـشـعـور بـالـذنـب، والمعاناة من الوسواس القهري، وهو ما يستوجب تنشيط برامج الـتـربـيـة اإلعــامــيــة فـــي الـــمـــدارس (مرحلة التعليم ما قبل الجامعي)، ومرحلة التعليم ما بعد الجامعي، ســـواء فـي كليات اإلعـــام وأقـسـام الصحافة أو الكليات التطبيقية، إضــافــة إلـــى نـشـر ثـقـافـة التعامل الـــــحـــــذر مـــــع وســـــائـــــل الــــتــــواصــــل االجـتـمـاعـي عـبـر وســائــل اإلعـــام التقليدية والرقمية، حتى تصل إلى األسر العربية للتوعية من تأثيرات مـــــواقـــــع الـــــتـــــواصـــــل االجـــتـــمـــاعـــي مجتمعيا.
االستخدام املكثف ملواقع التواصل يسبب الوسواس القهري
االتجاهات املعرفية للقراء تغيرت مع وجود اإلعالم الرقمي