هل تصبح روسيا تابعة للصين؟
حرب أوكرانيا عمقت شراكتهما والغرب يراهن على اختالل التوازن
دشن الصراع في أوكرانيا انهيارا مـــســـتـــمـــرا لـــلـــعـــاقـــات بـــيـــن روســـيـــا وأوروبـــــــــــــا، مـــقـــابـــل تـــعـــزيـــز شـــراكـــة استراتيجية بين موسكو وبكين، يعتريها تفوق صيني واضح، ترى باريس وبروكسل ولندن وواشنطن أنـه سيؤدي في نهاية المطاف الى اخضاع الروس للوصاية الصينية، لكن الكرملين ينفي هــذه الـمـزاعـم، ويــــعــــتــــبــــر تــــوجــــهــــه نــــحــــو الــــشــــرق «استراتيجي».
وينظر األميركيون واألوروبيون، وفـــــق تــحــلــيــل لــصــحــيــفــة «لـــومـــونـــد ديــبــلــومــاتــيــك» بــانــتــبــاه حـــد الـريـبـة للشراكة الروسية – الصينية، التي وصـــفـــت بــأنــهــا «بــــا حــــــدود» خــال زيــــارة الــرئــيــس الـــروســـي فاديمير بوتين إلـى بكين فـي فبراير ،2022 بــيــنــمــا اعـــتـــبـــر الـــرئـــيـــس الــفــرنــســي إيـــمـــانـــويـــل مـــــاكـــــرون فــــي تــصــريــح سابق أن «روسيا بدأت فعليا شكا مـــن أشـــكـــال الــتــبــعــيــة فــيــمــا يتعلق بالصين». ال صداقة أبدية
في المقابل، تنظر موسكو بشكل مــخــتــلــف إلـــــى هـــــذا الـــتـــحـــالـــف، رغـــم تعطل بعض الملفات االقتصادية مع بكين، كبطء مفاوضات خط أنابيب الغاز السيبيري (فورس 2)، الذي من شأنه أن ينقل 50 مليار متر مكعب من الغاز سنويا إلى الصين.
ويــــرفــــض الــــــــروس الـــتـــحـــدث عـن «صـــــداقـــــة أبـــــديـــــة» بـــيـــن الـــدولـــتـــيـــن، ويفضلون مصطلحا أكثر واقعية وهو «الشراكة االستراتيجية»، التي انطلقت في عام ،1996 وتم تأكيدها بمعاهدة صداقة في ،2001 تطورت بعد ذلــك الــى «تــحــول حقيقي نحو الشرق» منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم في ،2014 وتعمقت أكثر منذ فبراير .2022
ويبدو الكرملين مقتنعا بأهمية توجهه نحو الشرق في إطار جهوده «الجتثاث النفوذ الغربي»، ويرى أنه ليس لبكين أي مصلحة في هزيمة روسـيـا بـأوكـرانـيـا، وال تـنـوي، على عـكـس الـــغـــرب، الـتـدخـل فــي شـؤونـه الداخلية، ناهيك عن تغيير نموذجه السياسي.
ودعمت التجارة الثنائية العاقات بين روسـيـا والـصـيـن، فقد ارتفعت من 63.7 مليار دوالر في عام ،2016 إلــى 190 مـلـيـارا فــي ،2022 لتحقق رقما قياسيا بـ042 مليار دوالر في عام .2023
وتـــحـــتـــل الـــصـــيـــن حـــالـــيـــا مــكــانــة الــشــريــك الـــتـــجـــاري األول لــروســيــا،
متغلبة على االتحاد األوروبي الذي احـتـل هــذا المركز حتى عــام ،2022 وسط توقعات بانخفاض تبادالته التجارية مع موسكو إلى أقل من 100 مليار دوالر هذا العام.
ورغـــــم أن دول مـجـمـوعـة الـسـبـع توقفت رسميا عـن اسـتـيـراد النفط الــــــروســــــي، فـــقـــد ضـــاعـــفـــت الــصــيــن مشترياتها من هذا النفط، وبالتالي لـعـبـت دورا حــاســمــا مــع الـهـنـد في الحفاظ على موارد موسكو المالية.
وشـــهـــدت الـــعـــاقـــات الـــروســـيـــة – الـصـيـنـيـة تـــطـــورات نــوعــيــة أيـــضـــا، فالتخلي عــن الـــــدوالر فــي الـتـجـارة الخارجية يشكل أولوية استراتيجية بـالـنـسـبـة لــروســيــا، وقـــد وصـــل إلـى مـسـتـويـات غـيـر مسبوقة فــي حالة الـــصـــيـــن. ووفـــــقـــــا لـــرئـــيـــس الــــــــوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين، فإن 90 في المئة من التجارة الثنائية مع الصين تدار اآلن بعملتي البلدين.
ويشمل التكامل االقتصادي بين الـبـلـديـن أيــضــا الــقــطــاع الـمـصـرفـي. ففي ظل العقوبات الغربية وانقطاع االتــــصــــال عـــن نـــظـــام رســـائـــل الــدفــع بين البنوك عبر الحدود (سويفت) ومقره في بروكسل، تستخدم البنوك الـــروســـيـــة نـــظـــام (ســــي اي بـــي اس)CIPS الصيني. وخـال العام 2022
وحـــده، تضاعفت حصة المشغلين الصينيين في القطاع المالي أربع مرات، بشكل رئيسي البنك الصناعي والتجاري الصيني، وبنك الصين، وبـــنـــك الــتــعــمــيــر الــصــيــنــي، والــبــنــك الزراعي الصيني.
وســـرعـــان مــا عــوضــت الــســيــارات الصينية العامات التجارية الغربية الــتــي تــركــت الــســوق الــروســيــة، مثل رينو أو فولكس فاغن، حيث يسيطر الـصـيـنـيـون عــلــى 46 فـــي الــمــئــة من االمــــتــــيــــازات فــــي روســــيــــا وأطـــلـــقـــوا وحدات إنتاج محلية.
ورغـــــــم أنــــهــــا لــــم تـــســـلـــم مــوســكــو أســـلـــحـــة، يـــبـــدو أن الــصــيــن تـسـاهـم بشكل كبير في مجهودها الحربي، حــيــث قـــالـــت أجـــهـــزة االســتــخــبــارات األمـــيـــركـــيـــة، إن روســـيـــا اســـتـــوردت شـــحـــنـــات شــــرائــــح مــــن شــــركــــات فـي هونغ كونغ، باإلضافة إلى 12 مليون طـــائـــرة صـيـنـيـة بـــــدون طـــيـــار خــال الــســنــة األولـــــى مـــن الــــصــــراع، فـضـا عـــن عــنــاصــر مـخـصـصـة لــــلــــرادارات وهـــوائـــيـــات الــتــشــويــش عــبــر كــيــان أوزبـــكـــي، وتـــوريـــد 100 ألـــف سـتـرة مضادة للرصاص 100و ألف خوذة من شركة في شنغهاي.
وبـــعـــيـــدا عــــن هـــــذه الــمــعــلــومــات األميركية، فإن اإلحصاءات الرسمية