تقديس الجهل وتوقير الجهالء

تنفق العديد من الدول مئات الماليين وربما المليارات على التربية والتعليم بهدف االستثمار في العنصر البشري الذي يعد أهم عناصر اإلنتاج ومحور التنمية وهدفها ووسيلتها ومحركها الرئيس، ونجد أن أغلب المشكالت االقتصادية ليس سببها نقص المال، بل إن سببها الرئيس هو الجهل وضعف تعليم وتدريب وتأهيل الموارد البشرية!!

وعندما يجتمع الغنى والوفرة المالية والجهل والدعة والكسل في دولة أو في شعب ما، فإن ذلك سيؤدي ال محالة إلى تخلف هذه الدولة وضياع شعبها وتشتت موارده! لذا نجد أن العديد من الدول تعاني التخلف في بعض المجاالت االقتصادية واالجتماعية والسياسية والقانونية واإلدارية والتنظيمية والتقنية بسبب العديد من األسباب والمسببات والـــظـــروف واألحــــــداث، لـذلـك تضع هـــذه الــــدول الخطط االستراتيجية وتتبنى العديد من األساليب والنماذج التنموية العالمية المختلفة للقضاء والحد من هذه المشكالت والحديات.

وقد استطاعت العديد من الدول من خالل وضعها للبرامج وللخطط االستراتيجية الواضحة أن تقضي على الجهل ومواطن الفساد والتخلف فيها، وأن تقفز لمصاف الدول المتقدمة، ولكن المصيبة هي عندما نجد أن بعض الدول والشعوب تركن للدعة وتعشق الكسل وتقدس الجهل! هذه الدول والشعوب ستعيش في دائرة ودوامة تقضي على كل بناء وتنمية في المجتمع، بل إن تقديسها للجهل وعدم محاربته سيؤدي إلى ضياع المجتمع وتآكل مقومات الدولة ومؤسساتها!!

نعم بدأنا نرى بعض القيادات اإلداريـــة الجاهلة ونشعر ببعض الممارسات اليومية التي «تقدس الجهل» في بعض المشاريع والخطط في بعض األجهزة والمؤسسات الحكومية، وإذا لم نقم بمحاربة الجهل ومقدسيه فإن مصيرنا الضياع والهالك!!

إن الخطر ال يكمن فـي التخلف فقط، بـل إنــه يكمن فـي تقدسينا للجهل وتوقيرنا للجهالء، وقــد لخص بيرتراند راســل ذلــك بقوله: «يمكن للمجتمعات أن تكون جاهلة ومتخلفة ولكن األخطر هو أن ترى جهلها مقدسا»!!

ودمتم سالمين.