«داعش ـ خراسان» يتطلع إلى آفاق عالمية وأوروبا تتخوف من صيف ساخن

أشرف الشاب ثناء الله غفاري 29( عاما)، زعيم «تنظيم داعش - والية خراسان»، على عملية تحول جعلت من هذا الفرع األفغاني أحد أكثر فروع الشبكة العالمية لتنظيم داعش المتشدد إثارة للرعب وقدرة على تنفيذ عمليات بعيدة عن قواعده في المناطق الحدودية بأفغانستان.

وأعلن هذا الفرع مسؤوليته عن إطالق نار جماعي وقع يوم الجمعة الـمـاضـي فـي قـاعـة للحفالت الموسيقية بـالـقـرب مـن مـوسـكـو. وقـال مسؤولون أميركيون إن معلومات المخابرات تشير إلى أن التنظيم هو المسؤول بالفعل.

وأفــــاد خــبــراء أمـنـيـون بـــأن اكـتـشـاف جـــــوازات سـفـر طاجيكية مع المسلحين الذين اعتقلتهم السلطات الروسية يشير إلى وجود صلة محتملة بجماعة غفاري التي تستقطب أفــرادا بكثافة من دول آسيا الوسطى.

وفي السنوات القليلة الماضية، دأب تنظيم غفاري على مهاجمة روسيا ردا على تدخلها الذي ساعد في إلحاق الهزيمة بـ «داعش» في الحرب األهلية السورية. عملية مطار كابول

عين غفاري أميرا لـ «والية خراسان» عام ،2020 وعزز سمعة التنظيم في تبنيه لنهج متشدد وتنفيذه لهجمات كبيرة. وجذب الفرع االهتمام العالمي بتفجير انتحاري عـام 2021 في مطار كابول الدولي أثناء االنـسـحـاب العسكري األمـيـركـي، أدى إلــى مقتل 13 جـنـديـا أميركيا وعشرات المدنيين. وفي سبتمبر 2022 أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري على السفارة الروسية في كابول أسفر عن سقوط قتلى.

لكن ربما وقعت العملية األكثر جسارة حتى اآلن في يناير بتفجير انتحاري مزدوج في إيران أدى إلى مقتل نحو 100 شخص أثناء تأبين قائد الحرس الثوري قاسم سليماني بالقرب من قبره في أكثر الهجمات دموية على األراضي اإليرانية منذ الثورة اإلسالمية عام .1979

وقبل الهجوم على مطار كـابـول عــام ،2021 لـم يكن يـعـرف سوى القليل عـن غـفـاري، مما دفـع واشنطن إلـى إعــالن مكافأة قيمتها 10 ماليين دوالر لمن يدلي بمعلومات تـؤدي لمعرفة مكانه أو القضاء عليه. وقالت مصادر من «طالبان» إنه أفغاني - طاجيكي كان جنديا في الجيش األفغاني، وانضم الحقا إلى «والية خراسان» الذي شكل في أواخر عام .2014 توسع إقليمي

وتحدثت «رويترز» إلى أكثر من 12 مصدرا، من بينهم مسؤولو أمن

ومخابرات حاليون ومتقاعدون في أفغانستان وباكستان والعراق والـواليـات المتحدة، إضافة إلى أعضاء من حركة طالبان األفغانية والباكستانية الذين قالوا إن تنظيم داعش استغل عدم قدرة «طالبان» على القضاء على قواعده اآلمنة في شمال وشرق أفغانستان للتوسع إقليميا.

وقـالـت الـمـصـادر، إنـه فـي عهد غـفـاري استخدم التنظيم هجمات كبيرة كأداة الستقطاب الطاجيك واألوزبك في أنحاء آسيا الوسطى وليس األغلبية البشتونية في أفغانستان التي تشكل العمود الفقري لـ «طـالـبـان». وقالت وزارة الخارجية األميركية في إعــالن مكافأتها، إن غفاري، المعروف باسمه الحركي شهاب المهاجر، قائد عسكري محنك، وأضافت أن عصمت الله خالوزاي الـذي كان يدير شبكة من التحويالت المالية غير الرسمية، تعرف باسم حوالة، من تركيا، هو «الميسر المالي الدولي» للتنظيم.

وجاء بتقرير صدر في يوليو 2023 مقدم إلى مجلس األمن الدولي عن التهديد الدولي الــذي يشكله تنظيم داعــش أن عـدد أفــراد «واليـة خراسان» يتراوح بين 4 و6 آالف على األرض في أفغانستان، من بينهم المقاتلون وأفراد من أسرهم. أثر الهزيمة في العراق

ويقول خبراء أمنيون، إن توسع التنظيم يعود إلى انهيار «داعش» في الحرب بالعراق عام .2017

وقال مسؤول أمني عراقي كبير، إن كثيرين من المقاتلين األجانب فــــروا مــن الــعــراق إلـــى أفـغـانـسـتـان وبـاكـسـتـان لـالنـضـمـام إلـــى «واليـــة خــراســان»، حاملين معهم خـبـرات فـي حـرب العصابات طــورت قـدرة التنظيم على تنفيذ هجمات في إيران وتركيا وأفغانستان.

وأضاف المسؤول أن األمن العراقي يعتقد أن «والية خراسان» يعمل على إنشاء شبكة إقليمية من الخاليا الجهادية المقاتلة التي قد تساعد في تنفيذ هجمات دولية. العامل الطاجيكي

وقـــال مــســؤول مـخـابـرات فــي «طــالــبــان» إن 90 بالمئة مــن قـيـادات «والية خراسان» هم اآلن من غير البشتون. والطاجيك واألوزبك هما المجموعتان العرقيتان الكبيرتان األخـريـان اللتان تسكنان شمال أفغانستان.

وقـــال مـــوالي حبيب الــرحــمــن، وهـــو قــيــادي كبير ســابــق لـــ «واليـــة خراسان»، استسلم لـ «طالبان»، لوسيلة إعالم أفغانية تدعى «المرصاد»،

فـي نوفمبر، إن التنظيم نجح أيـضـا فـي تجنيد مواطنين طاجيك. وأضــاف: «يقال لهم كنتم كفارا وأصبحتم اآلن مسلمين من جديد»، بعد انضمامهم إلى التنظيم.

ويـبـلـغ عـــدد ســكــان طـاجـيـكـسـتـان، وهـــي دولــــة نـاطـقـة بالفارسية وأغلبية سكانها من المسلمين السنة، 10 ماليين نسمة. وبعد حرب أهلية طاحنة في التسعينيات، ما زالت واحدة من أفقر الجمهوريات السوفياتية السابقة. ويعتمد اقتصادها كثيرا على التحويالت المالية ألكثر من مليون عامل مهاجر في روسيا. وقال مسؤولون طاجيك إن كثيرين من الطاجيك المقيمين في روسيا يشتكون من سوء المعاملة، مما يجعلهم أهدافا أسهل للمتطرفين الستقطابهم أثناء وجودهم بعيدا عن وطنهم. وقال جهاز األمن االتحادي الروسي (إف. إس. بي) فـي 7 الــجــاري، إنــه أحبط هجوما مسلحا شنه التنظيم على معبد يهودي بالقرب من موسكو. صيف ساخن

وقـبـل يــوم واحـــد مـن هـجـوم مـوسـكـو، قــال مـسـؤول عسكري كبير للجنة القوات المسلحة بمجلس النواب األميركي، إنه تبين أن جهود «طالبان» لقمع «والية خراسان» في أفغانستان ليست كافية. وقال قائد القيادة الوسطى األميركية، الجنرال مايكل كوريال، في شهادة مكتوبة إن «والية خراسان» جدد شبكاته رغم ضربات «طالبان».

وأضــاف كوريال في جلسة استماع للجنة بمجلس الشيوخ هذا الشهر: «يمتلك واليــة خـراسـان الـقـدرة واإلرادة لمهاجمة المصالح

األميركية والغربية في الخارج في غضون نحو 6 أشهر، دون إنذار أو إشارة تذكر».

ونفذت السلطات في كثير من الدول األوروبية بين يوليو وديسمبر من العام الماضي سلسلة من االعتقاالت ألشخاص يعتقد أنهم من «والية خراسان»، التهامهم بالتدبير لهجمات إرهابية.

وقالت مديرة المركز الوطني لمكافحة اإلرهاب، كريستين أبي زيد، أمام لجنة بمجلس النواب األميركي في نوفمبر إن «والية خراسان» اسـتـخـدم حـتـى اآلن «مـجـنـديـن غـيـر محنكين» فــي مـــحـــاوالت تنفيذ هجمات بأوروبا.

وقالت فرنسا التي تستضيف دورة األلعاب األولمبية بدء ا من أواخر يوليو، في وقت متأخر من مساء األحد، إنها رفعت مستوى التحذير من اإلرهاب إلى أعلى درجة بعد إطالق النار في موسكو.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن هذا االستنفار يأتي «بناء على معلومات ملموسة وذات مصداقية»، وأن «داعش خرسان» حاول بالفعل تنفيذ هجمات في فرنسا خالل الشهور الماضية.

كما تستعد ألمانيا الستضافة نهائيات بطولة أمم أوروبــا لكرة الـقـدم (يـــورو )2024 فـي يونيو المقبل، وهــي تــرى أن خطر اإلرهــاب «حاد»، بحسب وزيرة الداخلية نانسي فيزر. وفي األسبوع الماضي تم القبض على اثنين يشتبه في انتمائهما لـ «داعش - خراسان» في مدينة تورينجن شرق ألمانيا، باعتبارهما شركاء في مؤامرة لمهاجمة البرلمان السويدي.

وحذرت بريطانيا مرارا وتكرارا من الخطر المتزايد لتنظيم داعش خراسان خالل الشهور األخيرة، وفق مسؤول بريطاني.

جندي فرنسي قرب برج إيفل (شيخوا)