Al Jarida (Kuwait)

من يكسر ِجرار الوهم الكويتي؟... جولة في الال معقول!!

-

يحكى أن رجال يمشي منحنيا متوهما أنه يحمل على ظهره جرة، فرآه أحد الحكماء، وعرف قصته، فأخذ الحكيم جرة، وخاتل الرجل، ومشى وراءه دون أن يشعر، وكسر الحكيم الجرة، وقال للرجل لقد كسرت الجرة التي فوق ظهرك ومن لحظتها اعتدل الرجل في مشيته.

نحن في الكويت نتوهم بأننا نعاني عجزا من بعض المشكالت سهلة الحل، ونقف موقف العاجز، متوهمين أنـه ال يمكن حلها، والكارثة أن المملكة العربية السعودية وقطر ودبـي قد كسرت جـرار الوهم ومشت معتدلة على سكة التطوير واإلصـالح، وأنجزت المشاريع الكبرى التي ما كان أحد يتخيل إنجازها في سرعة وجودة خارقة للمألوف، ونحن ما زلنا نحمل أوهاما قد جعلتنا نقف من إصالح أوضاعنا وتطوير واقعنا موقفا مشلوال، وكأنه قدر ال يتزحزح، والمأساة أننا نقف عاجزين حتى إزاء مشكالت غاية في الصغر مثل حفر الشوارع، وتفتت اإلسفلت، وتطاير الحصى، مما ال نجده حتى في أفقر الدول، ناهيكم عن فوضى المرور وعدم االلتزام بقواعد السير وشروط األمان، مما يتسبب في الحوادث المميتة والمرعبة، فضال عن العاهات والخسائر المادية الباهظة، في حين دول قريبة كانت قبل سنوات قالئل ال يعترف شعبها بإشارات المرور وال يلتزمون بأبسط قواعد السير نجدها اآلن األشد التزاما بكل قواعد المرور، وال توجد أي من خطوط السير خارج التغطية األمنية والمراقبة الدقيقة حتى على االلتزام بحزام األمان وعدم استعمال التلفون أثناء القيادة أو وجود ورقة على الطبلوم تؤثر على وضوح الرؤية وغيرها من أمور تذهلنا عملية السيطرة عليها ناهيكم عن سرعة توقيع المخالفات وقوتها في الردع ودقة حسابها وتحصيلها.

نحن ال نزال نحمل أوهام العجز إزاء مشكالتنا، ويتوغل في كل مجال، ويشمل كل المستويات، فالكل منحن تحت ثقل جرار الوهم الخاصة به، وإذا دخلنا في العمق االقتصادي فإننا نرى العجب، فالكل من حولنا أدرك خطورة المستقبل وانخرط الكل في التغيير والتطوير االقتصادي واالجـتـمـ­اعـي ونـفـض عنه كـل أوهــــام حقبة الــدولــة الريعية، وكـسـر كل المعادالت، ولم يرضخ لألوهام العتيقة، ففتح األبواب أمام قرارات تعد تابوهات قبل ذلك طبعا، تابوهات خلقها الوهم، وربما ألبسها البعض لباس الدين كقيادة المرأة للسيارة تم كسر كل هذه الجرار، ولم يصغ متخذو القرار إال لصوت المصلحة.

أما نحن فما زلنا عاكفين على أوهامنا القديمة، دولة تدير كل شيء وكل نشاط، وتوفر وظائف وهمية في جهاز متخم حد التورم ببطالة مقنعة بلغت %80 طفحت معها مصاريف الرواتب، لتأكل هي والدعوم اإليرادات النفطية، فنجم عجز آخذ في التصاعد والتراكم بشكل مركب طبعا، هذا في ظل مواجهة استحقاقات مستقبلية منها توفير وظائف لما يقرب من 100 ألف خريج كويتي خالل السنوات األربـع القادمة فضال عن توفير سكن لما يقرب من 150 ألف مستحق للسكن، فضال عن توسيع وتطوير الخدمات الصحية والتعليمية لتواكب النمو السكاني.

وقـد اقترحنا من خـالل ما كتبنا في مقاالتنا أن تخصخص الدولة كل القطاع اإلنتاجي إلحداث تطوير فعلي لهذه القطاعات والوفر المالي الحالي سيكفي ويفيض لتغطية مصاريف المواطن في المجال الصحي والتعليمي، كما اقترحنا للمواطن تأمينا صحيا بقيمة 1200 دينار وغرس أفضل المستشفيات العالمية وللتعليم رياض األطفال 2000 دينار وباقي المراحل 4000 دينار مع اعتماد أفضل المدارس... والتوزيع النقدي للدعوم 3 مليارات سنويا وإلغاء معظم الدعوم ما عدا الضروري منها كقرض الزواج وعالج الخارج ودعم الدراسة في الخارج.

قلنا بعد الخصخصة وإلغاء معظم الدعوم وتوطين العمالة الكويتية في القطاع الخاص سيتوافر للدولة 7 مليارات على األقل ألن الدولة ستدفع فقط دعم العمالة للعمالة الفائضة بعد الخصخصة، أما السكن فقد اقترحنا الحل السعودي كما في مقاالتنا السابقة فيكون قسط السكن 190 دينارا شهريا والتكلفة بدل 15 مليار لعدد 150 ألف وحدة سكنية ستكون أقل من 5 مليارات والسكن فور الزواح.

فمن يكسر جرار الوهم؟

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait