ذو الوزارتين واالستقرار المنشود

وهذا لقب أطلق على عدد من الساسة في التاريخ اإلسالمي، ألنهم تولوا مهمتين وزاريتين في آن واحد، وال يحظى بهذا اللقب إال رجال دولة قد ضمنوا ثقة السلطان، ومكنوا دون غيرهم لشغل هذه المكانة الرفيعة، لما يحملون من صفات جديرة وعالقات وثيقة، حيث إعمال الفكر وجـودة الـرأي وحسن التدبير وذكـاء القلب ونزاهة اليد وغنى النفس، يعززها انتماء لبيوتات عريقة ووشائج قرابة شريفة، وإرث عائلي تليد وصيت ممتد ألجيال لها يد وحظوة قديمة، قربت أصحابها من دائرة القرار وجعلتهم من خاصة الحاكم وأعوانه.

وذو الوزارتين يكفي سلطان زمانه مؤونة التخطيط، وينوب عنه في التدبير والتنفيذ، فهو عين السلطان ويده، ويستمد منه السلطة، وباسمه ينجز أعمال الدولة، فإما خلد بالمجد سيرته وسيرة مواله، وإمـا ما دون ذلك بين مراتب اإلنجاز واإلخـفـاق، «ومـا تجزون إال ما كنتم تعملون».

تبشرت األوساط األكاديمية والتربوية بخبر تولي د. عادل العدواني حقيبتي وزارتي التربية والتعليم العالي، وثبت صدق البشائر بأول قراراته بإعادة تبعية الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب لوزارة التعليم العالي، تصحيحا لبدعة وضعتها تحت مظلة وزارة التربية، وكأنها متاع ينقل من حقيبة ألخرى.

إن تفاؤلنا بتولي د. العدواني زمام ملف التعليم له ما يبرره من شـواهـد رأيناها ولمسناها، حيث الـلـقـاءات واالجتماعات العديدة والمكثفة مع مراجعين يبحثون عن إنصاف أو مسؤولين يعرضون خططا، مما يؤكد على جهود تبذل وأبواب تفتح، لتصحيح ونهضة قادمة. إال أن هذا التفاؤل يلزمه حذر وعـدم إفــراط، بسبب حالة عدم االستقرار السياسي وما عاصرناه من عدد خمسة وزراء في أقل من سنتين، مما يجعلنا ننشد بقاء الوزير ألطول فترة ممكنة، ليتمكن من غرس رؤيته وتنفيذها وحصد إنجازاتها، وكلنا أمل ورجاء أن تتوافر ظـروف االستقرار ليمكن د. العدواني من ذلـك، لنشهد رقيا متوقعا بالتعليم ومؤسساته ومخرجاته، فال إنجاز دون استقرار.