Al Jarida (Kuwait)

عدل إذا بتسحب...

- فهد البسام

قسم بيان وزارة الداخلية الشارع الكويتي بين منزعج منه ومـرحـب بــه، إال أن الــدوافــ­ع الخفية لــه قــد تـكـون بعكس مــا ذهــب إلـيـه الـفـريـقـ­ان من تحليات ومـخـاوف وآمـــال، فلو قلبنا العدسة، فلربما أرادت الحكومة، ممثلة بوزير داخليتها، الــــتـــ­ـخــــلـــ­ـص مــــــن ضـــــغـــ­ــوط بــــعــــ­ض الـــمـــر­شـــحـــيـ­ــن والـــســـ­يـــاســـي­ـــيـــن والـــنـــ­اشـــطـــي­ـــن مـــمـــن يـتـهـمـون­ـهـا بالتقصير ويزايدون عليها في موضوع الهوية الوطنية وأعداد المزورين برمي الكرة في ملعبهم بتسهيل إجراءات اإلباغ عن التزوير إلثبات ما يـدعـونـه، وإال فـا حجة لهم بعدها لاستمرار فــي الـتـكـسـب مــن مـثـل هـــذه الـقـضـيـة الـحـسـاسـ­ة، مثلما تفعل هيئة مكافحة الفساد حين تطالب بعض السياسيين ذوي الخيال الخصب بتقديم مـــا لــديــهــ­م مـــن مــعــلــو­مــات وأدلـــــة عــلــى أقــوالــه­ــم، فتصيبهم الـسـكـتـة الـمـبـدئـ­يـة، وأمــــا عــن تـزامـن إســـقـــا­ط وســحــب بــعــض الـجـنـسـي­ـات مـــع صـــدور البيان، فهو أمر معتاد للمتابع في كل عدد من الجريدة الرسمية.

بصرف النظر اآلن عن النوايا التي ال يعلمها إال الله، والقابلة دائما للتغير والتقلب بين ليلة وضحاها في الكويت الحبيبة، إال أن اعتراضات بعض المعترضين ال تخلو من الوجاهة، بغض الـنـظـر أيــضــا عــن نــوايــاه­ــم ومـبـادئـه­ـم المطاطة ومــصــداق­ــيــتــهـ­ـم الـــمـــف­ـــقـــودة فـــي ســـوابـــ­ق كــثــيــر­ة، فـحـق الـتـقـاضـ­ي مـكـفـول لـلـنـاس وفـــق الـدسـتـور حتى للمزورين، وإن كانت الجنسية من أعمال الـــســـي­ـــادة، فـــاألهــ­ـم مـنـهـا هـــو شــعــور الـكـويـتـ­يـيـن كافة باإلنصاف والعدالة واطمئنانهم لرسوخ عـمـل الــدولــة الـمـؤسـسـ­ي المبني عـلـى القوانين واألنظمة، فإن كانت الحكومة جادة، كما تدعي، فـــي مــاحــقــ­ة الـــمـــز­وريـــن مــهــمــا كـــانـــت أعـــدادهـ­ــم ولـــن تـتـرك األمـــر ليصبح عـمـا مـوسـمـيـا يتأثر بمزاج عابر أو باغ كاذب، فاآلن قد يكون أفضل توقيت لها لمأسسة عملها ضمانا الستمرارها فــيــه واســتــكـ­ـمــالــه وإن تــغــيــر شــخــوصــ­هــا، وذلـــك بـــإجـــر­اء بـعـض الــتــعــ­ديــات الـقـانـون­ـيـة بـواسـطـة مراسيم ضرورة ترسي القواعد لتحديد الحاالت المستهدفة والتفرقة بينها وآلية التعاطي مع نتائج قراراتها الحقا، وال أظنها ستاقي الرفض مـن المجلس الــقــادم، ومنها كذلك - على سبيل المثال - تعديل قانون الجزاء فيما يتعلق بتقادم التزوير في قضايا الجنسية، ولتمسك الحكومة العصا من المنتصف بإنشاء دائرة في المحكمة اإلداريـــ­ـــــة لــلــنــظ­ــر فـــي قـــضـــاي­ـــا ســـحـــب الـجـنـسـي­ـة وإسـقـاطـه­ـا على األقـــل دون الـمـنـح، وهــو مطلب قديم ومستحق، فهو وإن كان من أعمال السيادة، إال أن تراخيص الصحف كانت كذلك في يوم ما، واإلجـــــ­راءات الـكـبـرى الــمــؤثـ­ـرة فــي عيشة البشر وحياتهم ومستقبلهم بحاجة أيضا إلى ضمانات كبرى تقابلها، وقبل كل ذلك إنشاء لجنة معروفة األعضاء لمراجعة الملفات المشبوهة، تمهيدا التخاذ القرارات بشأنها، فإن ارتاب وغضب بعد ذلك أحد، فهو من يقول لكم خذوني.

الــــحـــ­ـديــــث هــــنــــ­ا عـــــن الـــــتــ­ـــزويــــ­ـر فــــقــــ­ط بـــخـــاف االزدواجــ­ــيــــة الـــتـــي نـــظـــم الـــقـــا­نـــون آلـــيـــة الـتـعـامـ­ل مــعــهــا، ومــــن ثـــم يــفــتــر­ض أنــــه ال مـــجـــال أســـاســـ­ا للتخويف من شـرخ بالوحدة الوطنية والفتنة بين مواطن ومزور، فالكويت لم تبن على التزوير والمزورين، بل أسسها القبائل والحضر الذين هم أسـاسـا أبناء قبائل سبقوا أبناء عمومتهم في االستقرار بالمدن والقرى وترك حياة التنقل والــتــرح­ــال، ال أكــثــر، فــا فـضـل ألحـــد مـنـهـم على اآلخر، فإن تراخت الحكومة يوما عن أداء دورها في حماية الوحدة الوطنية، كما يعتقد البعض، ومعها من يفضلون العويل في وسائل التواصل للتكسب عــوضــا عــن الــمــبــ­ادرة بـسـلـوك الطريق القانوني، فعلينا بالمقابل وفي كل األحـوال أن

نــفــوت الــفــرص عـلـى كــل مـخـبـول هـنـا أو مهبول هناك، وعدم االنجرار وراء كل ناعق ال يهمه إال تحقيق مصالحه أو زيـادة أصواته أو متابعيه أو التنفيس عـن عـقـده وأمـراضـه بشحن الناس وتأليبهم على بعضهم بتلفيق قصص وأكاذيب وأساطير انتهى زمانها وأكل الدهر عليها وشرب ونام، وباآلخر لن تفيد أو تغير في الواقع شيئا سوى إيغار النفوس وتأليف تاريخ جديد مزور ومشحون يلوكه المراهقون والجهاء والحمقى، فيخلق لديهم صــورة ذهنية خيالية عـن اآلخـر بعيدة عـن الــواقــع وال تنفع بـشـيء اللهم سوى تعليق الـفـشـل واإلخــفــ­اقــات الشخصية عليها، بينما مــا يجمع البشر هنا أكـثـر مما يفّرقهم، وكفاح أجـدادهـم المشترك في البر والبحر، من حـــرب الــجــهــ­راء إلـــى رحــــات الــغــوص ومـآسـيـهـ­ا في عز فقر المال أكبر وأعمق وأكثر صدقا من مهاترات انتخابية وإعامية عارضة من فقراء العقل، والذين سيظلون بعد مرورها متقابلين على هذه األرض يواجهون المصير الواحد إلى أن يرثها الله ومن عليها، وسيبقى دائما وأبدا... الـــــنــ­ـــاس لــــلــــ­نــــاس مـــــن بــــــــد­و وحـــــاضـ­ــــرة

بــعــض لــبــعــض وإن لـــم يـــشـــعـ­ــروا خــــدم وسامتكم وتعيشون.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait