طيران السلام... و »سيلفي« البيت العتيق
يعتبر طيران السلام من خطوط الطيران ذات التكلفـــة المنخفضة ولعلـــه جاء في الوقت المناســـب ليقدّم خيارات أســـهل وأرخص تتناســـب مع جميع المسافرين وبالأخص المســـافر العُماني، ولم تســـنح لي الفرصة للســـفر رفقة طيران الســـلام إلا خلال الفترة الفائتة وكانت الرحلة إلى مطار جـــدة بالمملكة العربية الســـعودية ميمماً النية للديار المقدسة، وكنت أتوق صراحة لهذه التجربة بعد أن ســـمعت آراء متعددة ومختلفة عن طيران الســـلام بين مؤيد ومعـــارض ولكن كنـــت على الحياد إلـــى حيـــن التجربة وهـــو مـــا كان حيث ســـأذكر حيثيات تجربتي عبر هذا المقال الذي هو بين أيديكم.
كانـــت البدايـــة جميلـــة من خـــلال تلك الابتســـامة البشوشـــة والتعامل السلس عند اســـتقبالنا من قِبل موظفي »كاونتر« طيران الســـلام في مطار مسقط الدولي ولعل من باب الدعابة وعن قصد التجربة قلـــت لهم مـــاذا عـــن الــــ 20 كيلوجراماً -الوزن الذي حدده طيران السلام بصفته طيرانـــاً تجارياً- أتراه يكفـــي؟! ردوا على بدبلوماســـية إن زاد فدع الباقي علينا بل وحتـــى عندما تأخـــرت رفقة الأســـرة عن الصعـــود للطائـــرة نظـــراً لتزامـــن موعد الإقلاع مع صـــلاة الظهـــر ومعرفتي بعدم تمكنـــي ربما مـــن أداء الصـــلاة فيما بعد الوصول نظراً لارتباطي بزحمة مطار جدة ومن ثـــم الذهاب إلى مكـــة المكرمة، فلم أجـــد منهـــم إلا كل ترحيـــب وحرص على لحاقي بالرحلة.
وعنـــد الصعـــود للطائرة لاحظـــت أنها طائـــرة ليســـت بالحديثـــة والواضـــح أنه أُعيد تغيير هيكلها وجلدها بشـــكل أنيق لتتناســـب مـــع اســـتخدام طيـــران آخـــر باستثناء دورات المياه التي كانت بحاجة إلـــى صيانـــة جادة بحســـب مـــا لاحظت، وكانت أسعار قوائم الطعام الذي يُباع في الطائرة بصفتـــه طيراناً اقتصادياً معقولة وليس فيها نوع من المبالغة على الإطلاق، كمـــا أن التحليق في الأجواء أثناء الصعود والهبوط جرى بشـــكل طبيعي عدا بعض المطبـــات الهوائيـــة التي تحدث بشـــكل اعتيادي في كل رحلة، والحال نفسه أثناء رحلـــة العودة فقـــد كان تعامـــل »كاونتر« طيـــران الســـلام في مطار جـــدة غاية في اللطافة والابتســـامة الهادئة كانت تنطبع علـــى محياهم رغـــم كثرة استفســـارات الـــركاب، ولكـــن مـــا لاحظته أيضـــاً تلك المقاعـــد الفارغـــة فـــي رحلتـــي الذهاب والعـــودة والتي تقدّر بربع عـــدد الركاب، فما سببه يا ترى؟ ولماذا هذا العدد الذي يعتبـــر كبيـــراً بمعيـــار الربح والخســـارة! سؤال نوجهه لإدارة طيران السلام؟
باختصار هو طيران اقتصادي يناســـب جميع أذواق الســـفر بحاجة لدعم شـــعبي ورسمي حتى يســـتقيم عوده ونراه علامة مميّزة في الأجواء.
حلّق فـــي الأجواء يا ســـلام عُمان ونحن معـــك شـــريطة أن تكـــون الجـــودة هـــي معيارك والسلامة هدفك. » مسمـيــلا فلايشــ« ال ـكبفييـــته األنع اتليهوقا تـــف النقالة أصبحت هي الطاغية على حياتنا اليومية وأصبح »الســـيلفي« وتصوير كل حركات الإنسان وسكناته وتحركاته هي الموضة، مـــاذا أفطـــر؟ وإلـــى أيـــن ســـافر؟ وبمَن التقى؟.. ولكن أن يصل »الســـيلفي« إلى أرقى وأنقى مكان شـــعائري تعبدي فهذا ما لـــم أتوقعـــه! إذ تجـــد البعـــض يصوّر »ســـيلفي« وهو يطوف بالكعبة المكرمة ويعطل المعتمرين عن الطواف، وآخرون تجمّعوا لكي يلتقطوا »ســـيلفي« جماعي وهـــم لا يدركـــون أنهم يســـببون ازدحاماً شـــديداً، بل الأغرب حين رأيت بأم عيني مَن يتواصل عبر الفيســـبوك وهو يطوف وهنا لا أستبعد أن هناك مَن ينقل عمرته على خاصية البث المباشـــرة لأحد برامج التواصل الاجتماعي.
يـــا جماعة الخيـــر... العمـــرة وبالأخص الطـــواف بالبيـــت عبـــادة ومن شـــروط العبادة هي الإخلاص للـــه وعدم المباهاة والاشـــتغال بـ»السيلفي« والتصوير ينافي الخشـــوع والإخلاص لله، فيجب هنا عدم جعل أعمال العمرة أشبه بزيارة المزارات الســـياحية العادية. نعم لا ضير من توثيق الذكريات ولكن شـــريطة ألا يتسبب ذلك فـــي إعاقـــة الآخرين عـــن أداء المناســـك وتعكير صفو خشوعهم.