بطلات استئصال شلل الأطفال
كانت المرأة على الخطوط الأمامية في الجهود العالمية الرامية إلى إنهاء شلل الأطفال وفي المناطق القَبَلية لا يُسمَح للقائمين على تقديم اللقاح من الذكور عادة بدخول المنازل
لاستئصال شلل الأطفال هي الأصعب على الإطلاق. ووفقا لتقرير صادر في يونيو 2017 عن مجلس الرصد المستقل التابـــع للمبادرة العالمية لاســـتئصال شـــلل الأطفال، فإن أكثـــر من مليون طفل ما زالوا غير محصنين، بما في ذلك 858 ألف طفل في باكستان وحدها.
والأطفـــال الذيـــن نواجه القـــدر الأكبر مـــن الصعوبة في الوصول إليهم في باكســـتان هم أولئك الذين ينتقلون من قريب إلى آخر، إذ تســـعى الأســـر إلى حياة أفضل، وغالبا عبر الحدود الأفغانية. وفي حين يتلقى بعض هؤلاء الأطفال التطعيـــم عند المعابر الحدودية، فإن كثيرين منهم يفوتهم التطعيـــم. والآن يدعـــو مجلس الرصد المســـتقل إلى نهج جديـــد: البحث عن الأطفال ليس أثنـــاء عبورهم، بل أينما كانت محـــال إقامتهم، ومهما كانت مـــدة إقامتهم قصيرة. وتدعو هذه الاســـتراتيجية إلى معرفة محلية عميقة لترقب عودة طفل ما، حتى يصبح في الإمكان ذهاب أحد القائمين على التطعيم إليه. ومن أفضل معرفة بمثل هذه التفاصيل الدقيقة من النســـاء في المجتمعـــات التي تحتاج إلى هذه الخدمة؟
فـــي مقاطعـــة كوهـــات الباكســـتانية، جنوبي بيشـــاور، كان الفضل في المســـاعدة في خفض عـــدد الأطفال غير الملقحيـــن من 30 ألف طفل إلى 22 ألف طفل راجعا إلى الإناث القائمات علـــى التطعيم، وتقليل عدد حالات رفض اللقاحـــات من أربعـــة آلاف إلى أربعمائة. وتزاول النســـاء الشـــجاعات المخلصـــات عملهن رغم عقبـــات كبيرة، بما في ذلك تهديد ســـلامتهن. وقد وصفت لي إحدى العاملات الصحيـــات كيف كانت تنتقـــل من باب إلى بـــاب لتقديم لقاح شـــلل الأطفال للأطفال طوال ستة عشر عاما. ورغم المناشدات من جانب أسرتها للتوقف، فإنها تثابر وتواصل بحماس انطلاقا من حقيقة مفادها أن مرض شلل الأطفال لم يتمكن من إقعاد أي طفل في منطقتها لسنوات.
على النقيض من ذلـــك، تعاني منطقة كويتا، التي تضم أكبر عدد من الأطفال المعرضين للإصابة في باكستان، من نقص الإناث في مجال تقديم اللقاح، الأمر الذي يضطرهن إلـــى القيام بعدد كبير للغاية من الزيارات. وهناك، تشـــير التقارير إلى اتجاه حالات الإصابة المؤكدة بشـــلل الأطفال إلى الارتفاع.
وتنبئنـــا هاتان المدينتان بقصة حملة اســـتئصال شـــلل الأطفـــال: إذ يتوقف النجاح أو الفشـــل علـــى الدور الذي تلعبه الإناث القائمات على التطعيم. ولضمان استمرارهن فـــي المشـــاركة في هـــذه المعركـــة، فمن الأهميـــة بمكان معالجـــة العقبات التي تواجههن ســـواء الأمـــن المادي، أو القيود الاجتماعية، أو تدني الأجور.
ولا ينبغي لنا أن ننســـى أن إقبالهن على خوض المخاطر يســـاعد في حمايـــة الجميع من المرض الذي ألحق أشـــد الضرر بالصحة العامة. وبوصفي ناجية من شـــلل الأطفال، فإنا لا أســـتطيع أن أفهم ببساطة كيف نسمح بعودة شلل الأطفال وقد أصبحنا قاب قوســـين أو أدنى من استئصاله تمامـــا. منذ بدأت منظمة اليونيســـيف تؤكـــد على أهمية الاستعانة بالنساء في برنامجها لمكافحة شلل الأطفال في العام 2014، ســـجل عـــدد الإناث في مجـــال تقديم اللقاح زيادة كبيرة. فما يقرب من 62 % من القائمين على تقديم اللقاح في نيجيريا من النســـاء الآن. وفي باكستان ارتفعت نســـبة الإناث بين القائمين على تقديم اللقاح إلى 58 ،% وفي أفغانســـتان إلـــى 30 %. وكما لاحظ آيـــدان أورايلي، رئيس منظمة اليونيســـيف لجهود مكافحة شـــلل الأطفال في باكســـتان، فإن الإناث القائمات على التطعيم كُنّ وراء كل مكسب يجري تحقيقه في مجال العمليات.
مـــن المؤكـــد أن الإناث القائمـــات على التطعيم لســـن الوحيـــدات المشـــاركات بقوة في هذه المعركـــة العالمية. فقد لعـــب الوعاظ الدينيون والمحليـــون دورا بالغ الأهمية في بناء الفهم العام والمشـــاركة. وفي بعض الأحيان تنشأ الحاجة إلى أفراد من الشـــرطة أو المؤسســـة العســـكرية لحمايـــة القائمين علـــى التطعيم من التهديـــدات الأمنية. وبطبيعة الحال، ســـاعدت الالتزامات السياسية على أعلى المستويات في الإبقاء على الزخم.
ولكـــن فـــي نهاية المطـــاف، تعرف النســـاء على الأرض مجتمعاتهـــن على نحو أفضل، وهن مؤهلات بشـــكل فريد لإنهـــاء المهمة. وســـيتطلب إكمـــال الميل الأخيـــر الإبداع والصلابة، وينبغي للحكومات والجهـــات المانحة أن تدعم النساء اللاتي ســـيحملن العالَم عبر خط النهاية، إذ يصبح عدد حالات الإصابة بشلل الأطفال صِفرا إلى الأبد. إحدى الناجيات من شلل الأطفال ونصيرة الصحة العالمية وفي العام 2013 أصبحت أول رياضية على كرسي متحرك تكمل بطولة العالم للرجل
الحديدي في كونا، هاواي