Al Shabiba

جريمة بحق الإعلاميين في عرض البحر

-

يشكل التعدي على الفريق الإعلامي الذي كان في مهمة إعـداد تقرير تلفزيوني عن التجاوزات في صيد الروبيان من الوافدين قبالة شاطئ محوت، ومحاولة إغراق قاربهم أثـنـاء أداء مهامهم الإعـلامـي­ـة فـي كشف تجاوزات تجريف الثروة السمكية، وفق ما عرضه تلفزيون سلطنة عمان، أبشع صور تجاوز القوانين والأطر في البلاد التي تواجه موظفين يؤدون واجباتهم.

فهذا الاعـتـداء الــذي وقـع أخـيـرا جريمة كبيرة لأنــه ربـمـا كــان سيذهب ضحيتها شهداء الكلمة والإعـلام لولا لطف المولى عز وجل بهم ونجاتهم بأعجوبة وسط البحر، الأمر الذي يتطلب من الجهات المختصة أن تحمل ما حصل للزملاء الإعلاميين على محمل الجد وتتعامل معه من منطلقات عدة يمكن بلورتها في العديد من القضايا التي تجرمها التشريعات العمانية، ويتطلب ذلك التوسع في التحقيق في ملابساتها وفي مراميها على كل الأصعدة والمجالات، وكشف المتسببين وتقديمهم للعدالة لنيل جزائهم حتى يكونوا عبرة لغيرهم.

إن العديد من الجهات التي تتابع القوى العاملة السائبة تواجه العديد من التحديات كالهروب والاعتداءا­ت اللفظية والمشادات الكلامية وغيرها، لكن أن يصل الحال إلى حد الشروع في القتل فهذه سابقة خطيرة يدمى لها الجبين، وتحزن لها القلوب حزنا لما وصلت إليه ممارسات بعض الوافدين الذين لا يقيمون وزنا للبلاد التي احتضنتهم ووســعــت لـهـم فــي الـــرزق وفــق الأنظمة والقوانين.

هذا التمادي يعكس سوء النية والضرب بعرض الحائط ليس بالقوانين في البلاد التي تجرم القوى العاملة السائبة، وتجريف الثروة السمكية، بل التعدي على موظفي الدولة أثناء القيام بمهام عملهم في سابقة هي الأولى من نوعها تحصل في السلطنة، إذ يتطلب التعامل معها بقوة وتغليظ العقوبات على المخالفين وتمشيط البلاد من القوى العاملة المخالفة.

إن محاولة إغـراق القارب الذي يستقله الفريق الإعلامي في عرض البحر لإعداد تقرير متلفز يكشف بعض التجاوزات، لا ينبغي أن يمنعه أحد عن أداء عمله سواء كانت جهات أو أفــرادا في المجتمع، فما بالك بالاعتداء عليه والشروع في جريمة القتل وهـي أبشع الجرائم التي واجهت موظفي الــدولــة أثـنـاء تـأديـة عملهم في السلطنة بهذه الكيفية الممقوتة في كل الشرائع والقوانين.

إن القوانين فـي الـبـلاد تعاقب كـل من يعتدي على الموظفين أثناء عن أداء عملهم، حيث تنص المادة 236 من قانون الجزاء العماني على أن: يعاقب بالسجن المؤبد على القتل قصدا إذا ارتكب: 1- لسبب سافل. 2- لحصول على منفعة ناتجة عن جرم من نوع الجنحة.

3- على موظف أثناء إجـراء وظيفته أو في معرض ممارسته لها. فالحادثة كما جاءت في التقرير التلفزيوني ينطبق عليها البند الثالث من هذه المادة، وهو ما يشير إلى حجم الجرم الذي حاول ارتكابه هؤلاء والعقوبة التي سنها المشرع والتي تواكب مثل هذا الإجرام.

ولا نغفل أن مثل هذه الحادثة الشنيعة التي تواجه الإعلاميين تحد من حريتهم في ممارسة عملهم وتعيقهم عن الوصول إلى الحقيقة، وهو ما تجرمه النظم الإعلامية الوطنية والعالمية.

إن الفريق الإعلامي الـذي نجا بأعجوبة من الموت سطر شجاعة في واحــدة من أشجع المهام الصحفية لكشف الحقيقة واطلاع الرأي العام على بعض الممارسات الخاطئة التي تهدر فيها الثروة السمكية، وهو ما يفرض علينا كجهات مكافأة هذا الفريق على ما بذله من جهد وتعريض حياته للخطر، ومتابعة حيثيات الحادثة مع الأجهزة المختصة.

بالطبع يواجه الإعلامي كغيره الكثير من التحديات والصعوبات أثناء القيام بواجباته، لكن لا يصل الحال إلـى حد الـشـروع في القتل وفق حيثيات التقرير الـذي كشف ليس فقط التجاوز على الثروة السمكية، وإنما كشف أيضا الإصــرار على انتهاك حياة الأفــراد في عـرض البحر وتهديدهم بالموت وهو ما ينبغي الاهتمام به لما يمثله من خطورة على حياة إخواننا الإعلاميين وغيرهم مـن المراقبين للقوى العاملة والصيد في البحار.

بـل يـواجـه الإعـلامـي­ـون فـي دول العالم انتهاكات لحقوقهم فـي مناطق الصراع والـحـروب ويذهبون ضحايا في السجون في قضايا سياسية ونزاعات عسكرية وفق تقارير دولية تصدر سنويا بهذا الشأن، لكن هذه الحادثة تعد نوعا من التآمر على زملاء المهنة من قوى عاملة أجنبية، سال لعابها الجشع في الصيد الجائر إلى الاعتداء على أرواح بشرية، وأعميت عيونهم عن التجاوز للنظم والقوانين إلى الإجـرام في حق الناس.

نأمل من الجهات المختصة أن لا يمر هذا الموضوع مرور الكرام وينبغي متابعته مع كل الأطــراف للوصول إلـى المذنبين وتقديمهم للعدالة والقصاص منهم بأشد الـعـقـوبـ­ات الـتـي تـنـص عليها القوانين العمانية، فالجزاء من جنس العمل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman