Al Shabiba

تغذية طلاب المدارس.. بين الاهتمام والإهمال!

-

قديمـــاً قالـــوا: »إن العقل الســـليم في الجسم السليم«، وحديثاً أثبتت الأبحاث العلمية وجود علاقة وطيدة بين التغذية الســـليمة والتحصيل الدراســـي، فكلما كان الغذاء متوازناً وصحياً حقق الطلاب أقصـــى معـــدلات الفهـــم والاســـتي­عاب والتحصيـــ­ل، كمـــا أن تقديـــم الوجبات والأغذية الخفيفة الصحية في المدارس من شأنه أن يساعد على تحسين صحة الطـــلاب، مما يمكّنهم من النمو بصورة ســـليمة والتعلّـــم على نحو جيـــد. تهتم الدول بصحة الطـــلاب وتغذيتهم فالأمة القويـــة الصحيحـــة يقـــدر أبناؤها على العمل والإنتـــا­ج والبنـــاء، والأمة التي لا تهتـــم بصحة أبنائها تنتشـــر فيها العلل المختلفة مما يعيـــق التنمية والازدهار، وتع د التغذية من أهم المشاكل الصحية التي قد يتعرض لها المجتمع المدرسي، وتؤثر على التحصيل الدراسي للطلاب، وعلى نشـــاطهم الذهنـــي والبدني فيما بعد.

كلنا تابع باهتمـــام بالغ فصول حادثة تسمم قرابة 45 طالباً من طلاب التعليم الأساســـي في نيابة بركـــة الموز التابعة لولايـــة نزوي بمحافظـــة الداخلية، جراء تناولهم وجبة غذائية فاسدة من مقصف المدرسة عن طريق مطعم جرى التعاقد معه لتوفير الوجبات المدرسية.

عمـــود »نبض قلم« ومـــن خلال نهجه المعتاد فـــي طرح القضايـــا المجتمعية تطرق لهذا الموضوع من باب تســـليط الضوء على هذه الحادثة خشية تكرارها، والسعي لإيجاد الحلول الجذرية الناجعة لضمان عدم تكرارهـــا من قبل الجهات ذات العلاقة، وسن قوانين أكثر صرامة، ووضع آلية تنفيذية رقابية عليها تشترك فيها كل من الجهات الرقابية والتنفيذية المعنية بالأمر.

ومـــن المفتـــرض عـــدم مـــرور هـــذه الحادثـــة مرور الكرام على وزارة التربية والتعليـــ­م، لأنهـــا المعنية الأولـــى بالأمر ومعها تشترك وزارة البلديات الإقليمية فيمـــا يتعلـــق بســـلامة أطفالنـــا عمـــاد مستقبلنا، كما أننا لم نسمع عن حراك من قبل الجهات ســـالفة الذكر وتوحيد جهودهـــا في ســـبيل الحد مـــن حوادث كهذه، والســـعي لعدم تكرارها من خلال لجان مشتركة تجمعها.

ولقيـــام كل بـــدروه علـــى أكمل وجه يجـــب علـــى البلديـــا­ت الإقليمية ســـن اشـــتراطا­ت صحيـــة أكثـــر صرامة على المطاعم المقدمة لوجبـــات المدارس، والتفتيـــ­ش عليهـــا بصفـــة مســـتمرة ودائمة، ومعرفة كيفيـــة إعداد الوجبات وجودة الأدوات المستخدمة في طبخها، ومـــكان تخزينهـــا، وطريقـــة توصيلهـــا للمدرسة هل بشـــكل صحي وآمن؟ أم بطريقة »م شـــي الحال والســـلام«! كما يجب عدم إرســـاء المناقصـــ­ة للمطاعم إلا بعـــد زيارتها والتدقيـــ­ق على نظافتها والتأكد من جودة طعامها، وعدم إهمال أمور أكثر أهمية تتعلق بصحة الطالب، ولا يمنـــع من القيـــام بزيـــارات مباغته للمقاهي المقدمة للوجبات مشاركة مع مفتشـــي البلديات، كما يجب أن يكون هناك مشـــرفو تغذية حتى لو كانوا من المدرســـي­ن أنفســـهم في كل مدرســـة، معنيـــون بالتفتيـــ­ش علـــى الوجبـــات المدرســـي­ة المقدمة قبل بيعها للطلاب عبر المقاصف المدرسية.

الجميـــل فـــي الأمـــر أن أوليـــاء أمور الطلاب المتضررين من حالة التســـمم لـــم يقفـــوا مكتوفـــي الأيدي، وشـــكلوا لجنة هدفهـــا القيام بعدة خطوات فعالة للغايـــة، ومنهـــا الاجتمـــا­ع مـــع الجهات ذات العلاقة بحادثة التســـمم، والخروج بمرئيـــات صحية وقانونية بـــل وطالبوا بـــأن لا تقتصـــر القضية على محاســـبة المتسببين وإنما بســـن قوانين تضمن عدم تكرار مثل هذه الحوادث مستقبلاً.

ويـــا حبذا هنـــا لو يُســـتفاد من تجربة بلديـــة مســـقط الرائـــدة فـــي مشـــروع الإجراءات الاســـتبا­قية في مجال سلامة وصحـــة الأغذيـــة، فيمـــا يتعلـــق بتنفيذ إجراءات احترازية بهدف استباق حالات التســـمم قـــدر الإمكان من خـــلال زيارة المطاعم والكشـــف عن أهـــم الثغرات لنشـــوء التلـــوث وتطـــوره المحتمـــل لإحداث التســـمم، والحال نفسه ينطبق على الوجبات المقدمة لطلاب المدارس بطبيعـــة الحـــال لاســـيما فـــي الفصول الدنيا ممن مناعتهم أصلاً ضعيفة.

المطلـــوب فقط الاســـتفا­دة من هذه الحادثة وجعلها من الدروس المستفادة التي ينبغي دراســـتها دراسة مستفيضة وعميقـــة، حرصـــاً علـــى عـــدم تكرارها مســـتقبلاً، ونحن ندرك تمام الإدراك أن وزارة التربيـــة والتعليم ومعها البلديات الإقليمية ســـتكونان أكثـــر حرصاً لدرء أي خطر قادم، فصحـــة أبنائنا -فلذات أكبادنا- خط أحمر لا يجب المساس به أو الاقتراب منه.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman