امنحوا جزيرتكم الكهرباء
بورتوريكو تحتاج لاستثمارات كبرى في بنيتها الأساسية الحيوية حتى ترتقي إلى المستوى العام للولايات المتحدة الأمريكية
تعتمد عمليـــة توليده في المقام الأول علـــى موارد الطاقة المتجـــددة، ويكون موزعا على شـــبكة ذكية قابلة للتكيف مـــع الظروف المختلفة. فضمان توافـــر الطاقة أمر لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصادي المستدام.
ولن يجدي مجرد الاكتفاء بترقيع البنية الأساسية العتيقة. أما الكهرباء الأرخص تكلفة والأكثر مرونة سيســـتفيد منها الجميع ــ بداية من الباعة على الأرصفة حتى أشد العمليات الدوائيـــة تعقيـــدا، وكل الوســـائل التكنولوجيـــة اللازمـــة لتوفيرها متاحة اليوم في الولايات المتحدة.
ومن المثير للســـخرية أن تكـــون هيئة الطاقة الكهربائية في بورتوريكو، وهي الجهة المفلســـة المسؤولة عن توفير الطاقة، هي ذاتها العامل المؤثر والأول في إيجاد منافسين لها، إذ تعد أسعار الكهرباء في الجزيرة أعلى من أي مكان آخر فـــي الولايـــات المتحدة (باســـتثناء هـــاواي)، كما أن الخدمة سيئة ولا يعتمد عليها.
نتيجة لذلك، يُعرِض عدد متزايد من الزبائن عن عروض ومنتجات هيئة الطاقة الكهربائية، ليعتمدوا بدلا منها على مولداتهم الخاصة التي تعمل بالديزل.
وقـــد اقترح نويـــل زاموت، الذي يعمل منســـقا لعمليات التجديد تابعا لمجلس الإدارة والإشـــراف الماليين المعنيّ بشؤون بورتوريكو، بناء وتصميم شبكة ذكية قابلة للتكيف تعتمد علـــى التوليد الموزع لتقليل آثار الكوارث الطبيعية المستقبلية أو الهجمات البشرية، كما اقترح ربط وحدات توليد أصغر وأســـهل نقلا بنظام معقـــد للمراقبة والتحكم لضمـــان بدء التشـــغيل والتوليد الفـــوري عقب انقطاعات التيار.
فضلا عن ذلك، يمكن توليد 50% على الأقل من مجموع الطاقـــة من الموارد المتجددة (ســـواء الشـــمس أو الرياح أو المـــد والجزر أو غيرهـــا)، بما في ذلـــك المعتمدة على اســـتخدام تقنيات التخزين المتقدمـــة، والتي يجري حاليا تطويـــر بعض منها. ويمكن تغطيـــة وحماية معظم خطوط نقل الكهرباء للمسافات الطويلة أو دفنها، كما يمكن وضع استراتيجية معلوماتية لنشر أجهزة استشعار بشكل ملائم تعمل على تتبع ورصد الخسائر أيا كان مصدرها.
ستســـهم مثـــل هـــذه الشـــبكة فـــي تثبيـــت التكاليـــف للمشـــروعات والشـــركات القائمة، وقد تؤدي إلى خفض التكلفـــة الموحدة الكبرى لمعظم المشـــروعات الصغيرة والمتوســـطة، كما قد توجد ظروفا مواتية لســـيناريوهات مســـتقبلية مبتكرة حقا. تخيل بوتوريكو مثلا وقد أصبحت عاصمـــة الســـيارات الكهربائية فـــي العالم، بهـــا محطات للشـــحن موزعـــة توزيعا جيـــدا، وقد خلت مـــن الانبعاثات تقريبا، وطُبق بها نظام لمشاركة وتقاسم السيارات لخدمة القطاع السياحي.
بل قد تصبح بورتوريكو مصدرة للطاقة تمد جيرانها في الولايات المتحدة وجزر فيرجين البريطانية بفائض طاقتها الإنتاجية.
كل هـــذا (عـــدا التخزين واســـع النطاق لمـــوارد الطاقة المتجددة) قابل للتحقيق بالتكنولوجيا الموجودة بالفعل، أما المشـــكلات الرئيســـة فتتعلـــق بالتخطيـــط، والهيكل التنظيمي، واللوائح التنظيمية.
ومـــع توافـــر دعـــم حكومي، وفهـــم جيد لهيـــكل الحكم الملائـــم، وإجـــراءات للتنظيم الفعال، يُصبِـــح من الممكن تنفيذ هذا السيناريو خلال العقد القادم. وسيوفر بناء هذه الشبكة فرصا وظيفية كثيرة.
ينبغي أن يكون دور الحكومة الفدرالية منصبا على جعل بوتوريكو قبلة للاســـتثمار في الطاقـــة النظيفة المتجددة التـــي تتكيـــف مع صدمـــات الطقـــس. ويمكن اســـتغلال التكنولوجيا الناتجة عن هذا الاستثمار تجاريا وبيعها لعالم يعاني مـــن صعوبة التكيف مع التغيـــر المناخي والطقس المتطرف.
قد تجد إدارة ترامـــب صعوبة في إقرار مثل هذه الحزمة من الاســـتثمارات طويلـــة الأجل في الكونجـــرس في ظل دعـــم الجمهورييـــن وحدهم، إذ ســـتُثار بالطبع اعتراضات أيديولوجيـــة متنوعة. لكن هذه فرصـــة مثالية لترامب كي يمـــد جســـور التواصل مـــع الديمقراطييـــن ويُظهر أن كلا الجانبين يمكنهما التعاون بشأن إعادة بناء وتحديث البنية الأساسية الوطنية الضرورية.