Al Shabiba

أبناء مزّقوا جلباب أبيهم G

-

في شوارع كوبا التي تمتلئ بصور ومجســـمات الطبيـــب/ الثوري/ المناضل تشـــي جيفـــارا، يطوف ابنـــه الوحيد »أرنســـتو« بدرّاجته الناريـــة وجســـده المترهل. وفي الذكـــرى الخمســـين لوفـــاة هذا المناضل الذي يعدّ أيقونة للجهاد فـــي ســـبيل المبادئ فـــي الغرب والشـــرق، عرضـــت قناة روســـيا اليـــوم تقريراً مخي بـــاً للآمال لابنه الذي استغل اسم والده في إنشاء شركة درّاجات سياحية. وأقرّ ابن جيفارا الذي قال يوماً بأنه لا يهتم بموتـــه بل مـــا يهمه هـــو »ألا ينام العالم بثقله على أجساد الفقراء« وبأنـــه -الابن- لا يهتم بشـــيء في هـــذا العالم إلا أن يجـــوب مدينته بدرّاجته النارية!

وفـــي مثـــال أقـــل دراماتيكيـ­ــة ظهـــرت مؤخـــراً صـــورة لابـــن أسطورة أفلام الحركة سيلفستر ســـتالون لتصدم الناس. ستالون -الـــذي اشـــتهر بأفـــلام الحركة، وما زال رغم بلوغه الســـبعين من العمر محتفظاً بعضلاته وشـــباب جســـده- لـــه ابن شـــاب شـــديد الســـمنة، تذكره النـــاس بصورته وهـــو يحمـــل كـــوب مشـــروبات غازية ضخمـــاً فيما تدلى كرشـــه من بنطالـــه الفضفاض. وقيل إنه توفي بجرعة مخدرات زائدة، فيما يصـــرّ الأب بأنه فقد ابنه بســـبب أزمـــة قلبية. فـــي الحالتيـــ­ن فإن الابن يبدو وكأنـــه تمرّد على نمط حياة والده المتمحور حول جسده والاهتمام بنفســـه وملاحقته لحلم الشباب الدائم.

***** فـــي حياتنـــا اليوميـــة نصـــادف نماذج مشـــابهة. أب ألمعـــي وابن فاشـــل. أب وفّر إمكانيـــا­ت النجاح لابنه لكنـــه أعطى ظهـــره للطريق الـــذي عبّـــده والـــده له وســـار في طريق آخـــر. وخلافـــاً للحكم الأول في موضوع كهـــذا فاللوم يقع على الأب لا الابـــن في هـــذه الحالة؛ لأنه -الأب- وإن كان قـــدوة جيّدة إلا أنه كثيراً ما يُراكم مشاعر سلبية لدى أبنائـــه مـــن العمل بســـبب إهماله لهم بحجة العمـــل، فالأبناء يورثون ملامح الأب الشكلية بطبيعة الحال ولكنهم يتطبعـــون بطباع أبيهم إنْ التصقـــوا به ولازمهم في منعطفات حياتهـــم بالتوجيـــ­ه. ثـــم إن هناك عنصـــراً خفياً لا يلتفـــت له البعض وهو تأثيـــر معاملـــة الأب للأم على الأبناء؛ فالعقل الثاوي لهؤلاء يختزن مشاهد إهمال أو إساءة الأب لأمهم وهـــو ما يُوجِـــد لديهم رغبـــة -غير مفهومة- في إلحاق الأذى النفسي بـــالأب رداً علـــى تلك الإســـاءة. ولا يُفيـــد الأبناء طبعاً مقارنتهم الدائمة بأبيهم، ومنجزاتـــ­ه وتفوّقه؛ فارتفاع ســـقف تطلعات النـــاس أحياناً ما يقود الابن/ الأبناء للامبالاة بعقبات لا يستطيعون تخطيها ومقارنات لا يملكون طيها.

الشـــخصية الناجحـــة ليســـت فقط تلك التي طبعـــت في الحياة بصمتها، بل التي نجحت في تربية جيل/ صف ثانٍ يحمل شعلتها. لذا لا تلوموا أبناءكم بل لوموا أنفسكم إنْ هم أخفقوا في أن يكونوا أفضل منكم لا مثلكم فحسب.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman