Al Shabiba

عمرو موسىC جلالته رفيع الثقافة مستنير العروبة

زرت كل دول الخليج بعد تولي منصب وزير الخارجية المصري واستمتعت كثيراً بلقاء جلالته

- القاهرة- خالد البحيري

أثنى الأمين العام لجامعة الـدول العربية الأسبق عمرو موسى على شخصية حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعـــاه-، كما وجه التحية والشكر للسياسة الخارجية العُمانية، والوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية معالي يوسف بن علوي، وذلك في أكثر من موضوع من مذكراته التي صدر الجزء الأول منها تحت عنوان: »كتابيه« في 654 صفحة من القطع المتوسط عن دار الشروق.

وقـــال عــن جـلالـتـه فــي صفحتي 310 و311: »زرت كل دول الخليج لكي أعرفهم بنفسي وأتعرف عليهم – بعد توليه منصب وزير الخارجية المصري عام -1990 وقد استمتعت كثيرا بلقاء جلالة السلطان قابوس بن سعيد الذي يجمع بين الثقافة الرفيعة والعروبة المستنيرة والشخصية الراقية.« وفي صفحة 320 تحدث عن علاقات الرئيس مبارك بدول الخليج العربي فقال: »الرئيس مبارك كان شديد الحرص على العلاقات المصرية – الخليجية، ربطته صداقة وثيقة بحكام هذه الـدول فجمعته صداقة خاصة بجلالة السلطان قابوس بن سعيد وكانت له علاقة استراتيجية للغاية«. وأكد بين سطور مذكراته على أن معظم وزراء الخارجية العرب في عقد التسعينيات كانوا أسماء دبلوماسية لامعة وفي مقدمتهم يوسف بن علوي الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لعمان، وشدد على التعاون الوثيق بينه وبين بن علوي طوال مسيرته سواء في الخارجية أو الجامعة العربية. السادات والخارجية ف تورعةنحفتك­رمة احلكسماالد­ارئيتس الراحل محمد أنور السادات وكيفية تعامله مع وزارة الخارجية قال عمرو موسى: »أنور السادات كان يعتبر نفسه أكبر من الدبلوماسي­ة المصرية كلها، وعلى عكس النظام المؤسسي المحكوم بمسارات واضحة ومعروفة والذي تم إنشاؤه في عهد عبد الناصر لتبادل المعلومات بين وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية وبقية المؤسسات الأمنية، تغيرت الأمور في عصر السادات؛ حيث أصبحت لا تتم بهذا الشكل السريع والمتدفق؛ لأن الأخير لم يكن يريد أن يرهق نفسه في قراءة التفاصيل، عكس عبد الناصر الذي كان يطلع على المذكرات بتفاصيلها ويستخلص منها مـا يـريـد«. وأضاف: »في عهد وزير الخارجية إسماعيل فهمي كنا نرسل المذكرات لأنور السادات إلى مكتبه أو بيته أو حيث هو موجود«. كنا نكتب على غلافها (مذكرة للعرض على السيد الرئيس)، وما زال هذا التقليد متبعاً على ما أعتقد، وتنتهي المذكرة بعبارة ثابتة تقول: (مـع عظيم الاحـتـرام). كـان فهمي يضع في هذه المذكرات حصيلة مقابلاته، وأهم المعلومات الـواردة من سفرائنا في الخارج، مع تقديرات وتقييمات للمواقف المختلفة، وكنا بحسب أننا معاونين للوزير نشارك في كتابة هذه المذكرات بخط اليد؛ ولذلك كان يكتبها أسامة الباز، وكان خطه في غاية الجمال كأنه خطاط، وكنت أكتبها أنا في أحيان أخرى وخطي واضح ولا بأس به أيضا، وكان الوزير فهمي يحب أن أكتب أنا بعض الأمور ويكتب ألباز في أمور أخرى«.

وحكي موسى قائلا: »من المواقف التي تعكس إلى أي مدى كان السادات يعتبر نفسه أكبر من الدبلوماسي­ة ومـن وزارة الخارجية، ما رواه لي بطرس غالي عندما ذهب إليه في استراحة الرئاسة على شط قناة السويس فـي الإسماعيلي­ة بعد إن نجحنا في دحر محاولات (جبهة الرفض) من طردنا من حركة عدم الانحياز، أو تعليق عضوية مصر فيها«. قال لي غالي: »لقد ذهبت إلى الرئيس السادات في استراحته بالإسماعيل­ية. كان يجلس على كرسي مثل كراسي (البلاجات) وهو ممسك »بغليونته« الشهيرة والمياه الزرقاء تبحر أمامه في قناة السويس«. رحت أشـرح له كيف تصدينا لصدام حسين وحافظ الأسد وياسر عرفات في قمة كوبا وأنا فخور بما حققناه، وما كان منه إلا أن أمسك بحفنة من التراب وقال لي:(عارف يا بطرس كل اللي أنت قلته ده واللي قالوه ضدنا في كوبا ما يساويش حفنة التراب المصري دي).بما معناه أن ما قمتم به أمر جيد ولكن الأهـم هو التراب الذي سوف يتحرر بالسلام الذي بادر به وبالحرب التي انتصر فيها. البويتابضع­ةمووالسحىج­رفي مذكراته يقول: »على الـرغـم مـن أن الـسـادات كـان بشخصيته القوية والذكية يعرف كيف يلعب (بالبيضة والحجر) كما نقول في مصر، فإنه اعتمد على مجموعة من أصدقائه مثل المهندس سيد مرعي والمهندس عثمان أحمد عثمان ومحافظ أسيوط -وقتذاك- محمد عثمان إسماعيل، وكـان بعضهم مـؤيـداً للإخوان المسلمين، ومـن هنا تسلل الإخــوان إلى عقل السادات السياسي؛ لذا يجب أن نقول إنه لم يكن مقتنعاً بالإخوان، لكنه قربهم إليه لأنه كان يريد استخدامهم لضرب كل الشيوعيين والناصريين؛ لهذا راقــت له فكرة (لا يفل الحديد إلا الحديد)؛ فالحديد الناصري واليساري والشيوعي لا يفله إلا حديد إخـوانـي إسلامي ديني.كان يعتقد أن ذلـك سيؤدي إلـى إضعاف الطرفين. السادات كان يعتقد أنه أذكي من كل الذين حوله وفكرته سليمة من الناحية النظرية، لكنه عمل على تنفيذها من دون إعداد من الدولة ذاتها حتى تحمي كيانها من دون أن يصيبها من هـذا الحديد أو ذاك ما يضر بسياساتها واستقرارها بموجب خطة يتم دراستها بعناية.

ولعــاسادد­امـوت سـوـعىب لدياؤلكناد م صـرا طـرحـه سابقا صورة غلاف مذكرات موسى مستوى أعلى من الأجهزة ومع مستشارين لديهم انحياز للإخوان وما ينادون به.قال: (سـيـبـوا للجماعات الإسـلامـي­ـة..سـابـوهـم فتوغلوا إلـى أن قتلوه!) في النهاية أقول إن طريقة السادات في الحكم وطريقة عبد الناصر انتهتا إلى ما نحن فيه الآن، عبد الناصر كانت طريقته وطنية، ويريد عظمة مصر وعظمته الشخصية ولا غبار على ذلك ما دام سيحقق ارتفاعا وتقدماً لمصر إلا أنه لم يدرك معني عظمة مصر، فهذه العظمة لم تكن لتتحقق لمجرد وجود زعيم كبير أو بتصفيق الجماهير وحبهم، وإنما بوجود دولة تتقدم في مختلف عناصرها، بما في ذلك عناصر القوة الناعمة كافة من علم وتعليم وثقافة وخدمات وتكنولوجيا، وترتفع بمستوى الشعب وتجعله يتطور مع تطور الزمن. ع بودف ا يلا نالاتحصلري­اللفرلأعخي­ورنيقولموس­ى: »كان عبد الناصر فرعون يحكم برأيه، مفهومه لمعنى العظمة ضيق، وكانت نتيجة ذلك هزيمة مدوية في سنة 1967 انكسر معها هو ومشروعه، بل انكسرت معه مصر كلها وكانت أحد الأسباب المبكرة فيما انتهت إليه الأمر في 25 يناير 2011«. ا لتوخعالدلي صكمملن الشههازديت­هم ةعلى عصر السادات موضحا: »أنور السادات كانت أمامه هزيمة يريد التخلص منها، وانتهى منها فعلاً بكل ما أستطاع حرباً وسـلامـاً، لقد ذهـب إلى إسرائيل وهذا أيضاً كان قرارً فردياً خاص لم يشاور فيه أحـد ولا أخـذ فيه تفويضا، ولكنه وجد كل الطرق نحو السلام مغلقة والأرض المصرية يستقر فيها الاحتلال فتحرك في الاتجاه الذي فيه«.كان السادات رجلا جريئاً يقال له في العامية: (باجس) أي لا يهتز بسهولة لكنه كان فرعون هو الأخر، ويستبد برأيه مهما حذره المحيطون منه. كان السادات يرى في أطروحات القريبين منه »مجرد كلام يقولوه ويعيدوه«، أما رأيه فهو الأصوب.باختصار كـان عبد الناصر والـسـادات ديكتاتوريي­ن لا يقبلان بالرأي الأخر. هنا أود أن أكرر وأؤكد ما أراه بقولي أن عبد الناصر كان (حاداً) مع مخالفيه، في حين كان السادات (خبيثاً) معهم.وغياب الرأي الآخر في الحالتين سواء بالعنف أو بالخبث أدى إلى قرار دخول مصر حرب لم تكن قط مستعدة لها في 5 يونيو 1967، وأدى أيضاً في حالة الـسـادات إلـى منح الإخـوان المسلمين والجماعات الإسلامية حرية حركة واسعة في المجتمع المصري من دون تعمق كاف بالنسبة إلى النتائج ومـن دون دراســة إستراتيجية وتكتيكية يشترك في وضعها خبراء يفهمون ويقترحون الإطـار والمدى ويعدون المحاذير من مثل هذه السياسة، ومن ثم دفع كل منهما (عبد الناصر والسادات) ومعهم مصر الثمن غالياً غالياً.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman