Al Shabiba

ثورة أخرى تدير حياتنا

يجب علينا أيضاً أن نكون قادرين على استخدام الحواسيب لتطبيق تقنيات التحليل السلوكي لدى استخدامنا للتقنية واعتمادنا عليها؛ من أجل معرفة المرحلة التي يجب فيها أن نتوقف عن ذلك

-

أن الإجابة »لا«. فعلى النقيض، سيتســـنى لنا قضاء المزيد مـــن الوقت مع بعضنا البعض في عالم مســـتقبلي يتســـم بالإيجابية بفضل الأتمتة.

وسنســـتغر­ق وقتًا أقـــل في تنفيذ المهام البســـيطة التي غالبًا ما تســـبب الضغوط، والمزيد من الوقت في مشاركة الآخرين في اكتشـــاف ما يريدون، ومعرفة أسباب تعرضهم لعدم الاســـتقر­ار في الحياة، وربما اكتشـــاف مشاكل مثل المرض العقلي على نحوٍ أســـرع وأكثـــر تعمقًأ. لا ريب أننا سننعم بحياة تحمل ضغوطًا أقل وسعادة أكبر.

من المؤكد أننا نتحمل مســـؤولية إيلاء العناية والاهتمام باحتياجاتن­ا على المدى الطويل عند تطبيق الأتمتة. ونظريًا، يجب علينا أيضًا أن نكون قادرين على استخدام الحواسيب لتطبيق تقنيات التحليل السلوكي لدى استخدامنا للتقنية واعتمادنا عليها؛ من أجل معرفة المرحلة التي يجب فيها أن نتوقف عن ذلك. فعلى الرغم من ظهور الذكاء الاصطناعي، لا تزال الحواســـي­ب تفعل ما نمليه عليهـــا فقط، لذا يمكننا استخدام هذه الحقيقة الجوهرية في ضمان تطبيق الأتمتة دائمًا من أجل الصالح العام.

في نهاية المطاف، يمكن أن يقودنا هذا إلى إعادة تعريف أســـلوبنا في الحياة. ويشـــمل هـــرم ماســـلو للاحتياجات الإنســـان­ية متطلبـــات الحيـــاة المتعلقـــ­ة بالاحتياجـ­ــات الفسيولوجي­ة (مثل: الغذاء والماء والأكسجين) في الأسفل، وفـــي المرتبـــة الأعلى مســـتويات الأمان الأساســـي­ة (مثل: امتـــلاك منزل أو مكان للعيش)، ثـــم الاحتياجات العاطفية (الحب والانتمـــ­اء)، يعتليها احترام الذات، وأخيرًا في أعلى الهرم إثبات الذات (للتعبير عن تحقيق الذات).

أما التسلســـل الهرمـــي الجديد للاحتياجــ­ـات في عالمنا الآلي، فيبدأ أيضًا مع الأســـس الفسيولوجي­ة، تليها الصحة والأمن والحب بطبيعة الحال. ولكن على الأقل تمثل جوانب النمـــو والغـــرض نصف الهـــرم الآن. بحيـــث أصبح تحقيق الذات والتنمية الشـــخصية جوانب أساسية في الحياة الآن مثـــل الصحة، ويتم رصدها عن كثب بأجهزة تتبع النشـــاط الشخصي وهلم جرا.

وأشار تشـــارلي كيم، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة نيكســـت جامب ‪Next Jump)‬ ( )شـــركة تعمل في مجال تقنية مقرهـــا الرئيس في مدينة نيويـــورك:( »يمكننا الآن بنـــاء بيئة توفر للناس شـــعورًا أعمق بالترابط مع الآخرين، وتقدير الذات، والتركيز على زيادة إسهاماتهم التي تتعدى رغباتهم واحتياجتهم الشـــخصية، والســـعي نحو تحســـين أنفسهم بوصفهم بشرًا«.

تُعدّ الحوسبة والأتمتة الذكية أمرين لا مفر منهما، وينبغي أن يســـتمرا باعتبارهمـ­ــا قـــوة إيجابية فـــي صالحنا، ولكن هناك مخاوف وتحفظات بشـــأنهما. ويمثل الدور المتنامي للبرمجيـــ­ات فـــي حياتنا أحـــد دواعي القلق، على ســـبيل المثال. فعلـــى الرغم من أننا نملك الأجهزة (هاتفك الذكي مثـــلًا)، لا ينطبق ذلك بالضرورة على البرنامج. ومن الأمثلة التوضيحية ما قدمته ســـيارات »تيسلا« خلال إعصار إيرما، وهي العاصفة المخيفة التي تســـببت في نزوح جماعي من فلوريدا في سبتمبر 2017.

حيث تم تزويد ســـائقي ســـيارات تيســـلا بترقية مجانية للبرمجيات اللاســـلك­ية من الشركة المصنعة خلال إعصار »إيرما«. وكان الهدف من التحديث أن تحظى سياراتهم بعمر أطول للبطارية، وبالتالي قيادتها لمسافة أطول. وبعد انتهاء العاصفة، تم إعادة ضبط الســـيارا­ت إلى وضعها الطبيعي، حيث تمت إعادتها إلى تصنيف ذي قدرة أقل. وتم إرســـال التغييـــر­ات جميعها آليًا، عن طريق نظـــام مؤتمت. فكانت هذه هي المـــرة الأولى التي يدرك فيهـــا العديد من مالكي سيارات »تيسلا« بأن سياراتهم في الواقع مزودة ببطاريات أفضل وأكثر تكلفة ولكن نظرًا لأنهم اختاروا خيارًا أرخص، تم تعطيل هذه الخاصية من خلال البرمجيات.

إن الـــدرس الـــذي يجب علينـــا أن نعيه هو التـــوازن بين التحكـــم والثقة. فـــإذا كنا نثق فـــي البائعيـــ­ن والمصنعين وشـــركات التقنية العملاقة والحكومـــ­ات التي توفر لنا الآن الأتمتـــة الذكية كخدمـــة، ما مدى اســـتعداد­نا لتـــرك زمام »التحكم بالحياة« الشخصية في يد مثل هذه المؤسسات؟

تجســـد الأتمتـــة جـــزءًا كبيـــرًا مـــن »النســـيج« الجديـــد للمســـتقب­ل المبني علـــى البرامج والأجهـــز­ة. ولكن دعونا نتذكر أن الحواســـي­ب جيدة في تطبيق الأوامر ومعالجتها، في حيـــن أن البشـــر يتميـــزون بامتلاك المنطـــق والعقل والتفكيـــ­ر والإبداع. كما أننا نتميـــز ببناء العلاقات، لذا حان الوقت لإيقاف جهازك، والتواصل مع شـــخص ما بابتسامة أو مصافحة أو حتى عناق.

تمتع بمســـتقبل­ك الآلي، لكن لا تنسى أن تتمتع بالتفاعل البشـــري مع أصدقائك وعائلتك أكثـــر... ولا تنسَ، فليس هناك تطبيق مصمم ليمنحك تلك الخاصية حتى الآن!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman