الطريق إلى قلب بكين
كوريا الشمالية تهيمن على محادثات ترامب في الصين لاعتماده على القيادات الصينية في حل المشكلة
إلى الشركات الصينية.
وبالتالي فـــإن قائمة القضايا التي تحدث الانقســـام بين هاتيـــن الدولتين المهمتيـــن والقويتين طويلة وصعبة، مما يعزز من تشـــاؤم أولئك الذين يتوقعون أن تزداد العلاقات الثنائيـــة مـــرارة. وتتلخص إحـــدى الحجج التي يســـوقها المتشـــائمون فـــي النمـــط التاريخـــي الذي تميـــل القوى الصاعـــدة والراســـخة بفِعلة إلى التنافس فـــي ما بينها، أو حتى الانزلاق إلى التناحر.
يركز كتاب حديـــث من تأليف جراهام أليســـون، العالِم السياســـي من جامعـــة هارفارد، على ما يُســـمى »مصيدة ثوسيديدس«، على اسم المؤرخ اليوناني القديم الذي أرّخ للعلاقات التنافسية التي أنتجت في نهاية المطاف الحرب البيلوبونيـــة بين أثينا واســـبرطة، القوتيـــن العظميين في ذلك العصر. يصوّر أليسون الصين والولايات المتحدة في هذين الدورين، ويُسمي كتابه »قَدَرُهما الحرب.«
مثل هذه التنبؤات لا مبرر لها. وهي تســـتخف بالتأثير المخمـــد الناجم عـــن امتلاك الأســـلحة النوويـــة، والذي ســـاعد لأكثر مـــن أربعين عامـــاً في منع الحـــرب الباردة بين الولايـــات المتحدة والاتحاد الســـوفييتي من التحوّل إلى حرب ســـاخنة حقيقية. وهـــي تتغافل أيضاً عن قدرة الولايـــات المتحدة والصيـــن على تمويه الخـــلاف بينهما بشـــأن تايوان. والدبلوماســـية عنصر مهـــم، وأقل القليل من الأمور قد يكون غير حتمي أو لا مفر منه في العلاقات الدوليـــة.
في واقع الأمـــر، تمكنت الولايات المتحـــدة والصين من الإبقـــاء على العلاقـــات بينهما متوازنة نســـبياً، رغم اختفاء الأســـاس المنطقـــي الأصلـــي للعلاقـــة بينهمـــا -الكراهية المشـــتركة تجاه الاتحاد السوفييتي- عندما انتهت الحرب البـــاردة قبـــل ربع قرن مـــن الزمن. وقد أعطـــت العلاقات الاقتصاديـــة المكثفة التي تطورت منذ ذلك الحين البلدين مصلحـــة حقيقية فـــي الحفاظ على علاقـــات طيبة. ونظراً لاحتيـــاج الصين إلى الاســـتقرار الخارجـــي لملاحقة جهود التنميـــة الاقتصادية، فقد تصـــ رف قادتها بقـــدر كبير من ضبط النفس.
ولكن مع كل هذا، لا يجوز تجاهل مخاوف المتشـــائمين. ففـــي نهاية المطاف، كثيراً ما تفشـــل الدول في التص رف بما يحقـــق مصلحتها الذاتية، أو ربمـــا تخرج الأحداث عن السيطرة ببساطة. على سبيل المثال، ربما يستسلم قادة الصين لإغراء العمل بشـــكل أكثر حزماً لاســـترضاء الرأي العام فـــي ظل الاقتصـــاد المتباطئ وانتهـــاز الفرص التي أوجدها انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقيات التجارية الإقليمية.
الحـــق أن المخاطر بالغة، وســـيتأثر تاريخ القرن الحادي والعشـــرين إلـــى حـــد كبيـــر بطبيعـــة العلاقـــات الصينية الأمريكيـــة. وســـيكون لزاماً علـــى ترامب، الـــذي يتأرجح بين الانتقادات الشـــديدة للصين بشـــأن التجارة وامتداح الرئيس شـــي جين بينج، أن يوازن بين شواغله المشروعة بشـــأن التجارة وضرورة تجنب الدخـــول في حرب تجارية. ويتعيّن على شي جين بينج أن يقرر ماذا يستطيع أن يقدّم لإرضـــاء زائره الأمريكي دون المســـاس بمكانتـــه أو مكانة حزبه في نظر الشعب الصيني.
مع ذلـــك، ستشـــكل كوريا الشـــمالية الاختبـــار الأكبر. ويتعيّن على ترامب وشي أن يعملا على إيجاد السبيل لنزع فتيـــل الأزمة التي تلوح في أفق شـــبه الجزيرة الكورية -أو إدارة العواقب إذا فشـــلت الدبلوماســـية واندلعت الحرب. ومن الأهمية بمكان في السيناريو الأخير منع حرب كورية ثانيـــة من إشـــعال حرب مباشـــرة بين الولايـــات المتحدة والصيـــن، كما فعلت الحـــرب الأولى. وسيشـــكل التعاون ضرورة أساسية للإبقاء على السيطرة على المواد النووية في كوريا الشمالية. وكل هذا يتطلب دبلوماسية بارعة. ولا نملك إلا أن نأمل بإخلاص أن يُرســـي ترامب وشـــي قريباً الأساس لهذه الدبلوماسية البارعة. رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية، شغل سابقاً منصب مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأمريكية -2001)، (2003وكان مبعوث الرئيس جورج دبليو بوش الخاص في أيرلندا الشمالية.