Al Shabiba

الوحدة الوطنية سياج عُمان

-

لماذا نحتفل بالعيد الوطني المجيد الذي سيظل للأبد أهـم الأعـيـاد الوطنية التي يحتفي بها الشعب العماني؟

لأن من منجزات هذا العهد الزاهر الوحدة الوطنية التي تعد سياج التنمية الـذي جعل التنمية في البلاد تشهد نموا مطردا، بحيث تفرغ العمانيون لبناء بلادهم، ولعل العمانيون الأوائـل والمخضرمون يدركون ماهية الوحدة الوطنية التي تحققت على هــذه الأرض الطيبة بـعـد انــبــلاج عصر النهضة، وتوحيد السلطنة وإنـهـاء حالة الشقاق والفرقة والـحـروب الأهلية بين القبائل والولايات بدواعي الفتن، وعندما تولى جلالته وضعت هـذه الفتن أوزارهــا إلــى غـيـر رجـعـة والـحـمـد لـلـه، ونفضت الحروب الأهلية غبار الحقد والضغينة في كل أرجـاء الوطن، انطلقوا خلف قيادتهم الرشيدة متآلفة قلوبهم متوحدة كلمتهم لبناء المستقبل تحت راية الوطن، وبصوت واحد لا تعلو عليه أصوات القبائل والعشائر والمذهبيات والعرقيات التي أنهكت عمان ردحا من الزمن وعانت من ويلاتها كما تعاني العديد من الدول في الوقت الراهن.

فظلت السلطنة وعلى امـتـداد سنين النهضة المباركة في منأى عن الفتن ما ظهر منها وما بطن، وبقدر أثـار اندهاش وإعجاب المراقبين والمحللين والسياسيين والإعلاميي­ن وعلى مستوى كوكب الأرض.

ومـن فضل الله على عُمان وعلى أهل عُمان أن المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعـاه- كان قد أرسـى ومنذ تباشير النهضة المباركة، حيث نقف الآن على أعتاب العيد الـ47 للنهضة المباركة، كــان قـد أرســى فـي هــذه الأرض الطيبة الحقيقة المثلى التي أينعت وطرحت وردا وزهرا وجمالا، والقائلة أن لا فضل لأحد على أحد، ولا مكان في عُمان لعصبية أو مذهبية، ولا مكان لصراع قائم على القبلية وأحدوثة الأعلى والأفضل في مقابل الأدنـى، وعلى تلك المبادئ النيرة قامت النهضة العُمانية، فالأساس فيها للمواطنة، وأن الناس كلهم وجميعهم متساوون في الحقوق والواجبات، وأن الوطن هو الذي يجمعهم ويوحدهم.

ومن خلال هذا الفكر المتقدم الذي طرحه القائد بدأت نهضة عُمان الجديدة والحديثة، ذلـك أن جلالته -حفظه الله- كـان يوقن بأنه إن لم يتم وأد بذور الفتنة والعنصرية والجهوية والمذهبية فلن تفلح كل الجهود المبذولة في التنمية، والتنمية في معناها الأسمى هي تنمية الفكر وأساسه العقل المستنير المتشبع بحب الوطن فقط.

فجلالته يؤكد دائما في خطاباته السامية هذه السجايا الطيبة التي أشـار إليها أن الأرض العمانية طيبة لا تنبت إلا طيبا، ولعل خطابه في العيد الوطني الرابع والعشرين المجيد كان واضحا في التحذير من هذا الـداء حيث قـال:«إن التطرف مهما كانت مسمياته، والتعصب مهما كانت أشكاله، والتحزب مهما كانت دوافعه ومنطلقاته، نباتات كريهة سامة ترفضها التربة العمانية الطيبة التي لا تنبت إلا طيبا، ولا تقبل أبدا أن تلقى فيها بذور الفرقة والشقاق.«

ولقد أسهمت مؤسسات الـدولـة كلها مجتمعة في ترجمة هذا الفكر وحافظت على القيم والمبادئ الـذي يرتكز عليها وتمت شرعنة الأطــر والتشريعات التي تجرم الفرقة وتثير العصبيات والمذهبيات في المجتمع، واتخذت الإجـراءات ضد كل من يثير هذه الجوانب في مجتمعنا حتى غدا ذلك سلوكا عمانيا فريدا في الانسجام والتناغم بين مكونات المجتمع.

لذلك فإن الزوار الأجانب وعندما يفدون على الرحب والسعة لبلادنا فإنهم يلحظون عدم وجود فوارق بين المذاهب الموجودة في عُمان، خلافا لما هو سائد في الدول العربية والإسلامية التي وصل فيها الأمر إلى القتل والسحل واستباحة الأرواح في صراع مذهبي مجنون لا علاقة له بالدين أو بالتدين، عُمان وبفضل الله وبفكر القائد وبنظرته الثاقبة تجاوزت هذه السقطات المميتة منذ عـقـود مـضـت، فالمساجد والـجـوامـ­ع تـقـام فيها الـصـلـوات ويؤمها الجميع بدون أي أشارة إلى مذهب بعينه لمسجد بعينه، الجميع مسلمون، والجميع جاءوا للصلاة انصياعا للأمر الإلهي في الآية 56 من سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِ ن وَالإِنسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) صدق الله العظيم.

وبما أن الغاية من خلق الإنسان واضحة وجلية فقد انطلق الفكر السامي من هذه الآية لتأكيد وتأصيل الوحدة الوطنية في السلطنة الحبيبة، لذلك فإننا نحتفل بالعيد الوطني لأن منجزات هـذا العهد الزاهر أحاطت المجتمع العماني بسياج الوحدة الوطنية الذي لا يلين ولا يضعف مدى الدهر.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman