Al Shabiba

حدود التنافس الإقليمي في اليمن!

تحوُّل الصراع والتنافس الإقليمي في اليمن إلى صراع صفري يضرّ بأمن الخليج ويفتح الأبواب لحرب مستدامة

-

في اســـتعادة الاستقرار الذي اختل في لحظة زمنية حرجة في اليمن.. ومع مـــا يمكن أن تقدمه تطورات الأحداث من مؤشـــرات نظرية فإن تفســـير ما يجري في اليمن باعتباره صراعـــاً إقليميـــاً وإن كان يحمل بعض الصحـــة فإنه الذي يعجز عن نقل كامل الصـــورة والذي يعكس جانباً منها أن ما بين حركة أنصار الله وإيران هي علاقات وإن كانت أكثر من عادية فإنها لا ترقى إلى مستوى التحالف الاستراتيج­ي فاليمن بشـــكل عام لا يمثل قضية حيوية لإيران على غرار ســـوريا أو العراق برغم أنها من تستغل ما يحدث فيه لإثارة مخاوف خصومها وتعمل على استنزافهم في هذا البلد.

وفي الوقت الذي غدت فيه حرب اليمن امتداداً للتنافس الإقليمي في سوريا والعراق ولبنان فإنها من اتخذت منحى تصاعديـــاً إذ لـــم يســـبق أن وصلت العلاقـــا­ت بين طهران والريـــاض إلى ما وصلت إليه فـــي الأيام الأخيرة من التوتر والتصعيـــ­د على إثر ســـقوط صاروخ باليســـتي أُطلق من الأراضـــي اليمنية على مطـــار الملك خالـــد بالرياض فقد اتهمت الســـعودي­ة إيران بشـــن عدوان عســـكري مباشـــر ضدهـــا بحكم أن ذلك الصـــاروخ صناعة إيرانية كما تقول، فيما رفضت إيران تلـــك الاتهامات وحذّرت من أي تصعيد من شـــأنه أن يجلب المصائب على المنطقة، وهذه الحرب الكلاميـــ­ة لا شـــك وأنها من تقـــدم انطباعاً عامـــاً عن حجم التجاذبـــ­ات بيـــن المعســـكر­ين وحساســـية صراعهما في اليمـــن في حيـــن كان هناك من يتطلع إلـــى أن ما يحصل فـــي اليمـــن يمكن أن يشـــكّل منطلقاً جيـــداً للانفراج بين المحورين إذا ما استشـــعرا حاجتهما لحـــوار بنّاء لمعالجة الخلافات القائمة حول الملفات في المنطقة ومنها اليمن، إلا أن مثـــل هذه التمنيات لا يبدو أنها قابلة للتحقق بعد أن تاهت كل الأصوات البراغماتي­ة هنا وهناك وســـط ضجيج إعلامـــي يؤجج النعـــرات الطائفية والمذهبيــ­ـة وكذا نوازع الكراهية بين شـــعوب المنطقة هـــذا إن لم يعد كل طرف مـــن أطراف الصراع في اليمن بـــأن النصر يلوح في الأفق مع أن الحقيقة أن لا أحد ســـينتصر في هذا البلد المنكوب والمثخن بالمآســـي والآلام والجوع والفقر وأن الكل خاسر في هذا الصراع.

من نافـــل القول إن الحـــرب التي يتعدد فيهـــا اللاعبون الإقليميون والذين تتناقض أجندتهم السياســـي­ة وتتقاطع أهدافهم الاســـترا­تيجية هي حرب عبثية لا تعني مواطنيها المغلوبين علـــى أمرهم لكنها تعني اللاعبيـــ­ن الخارجيين ومتعهديهــ­ـم المحليين الذين تغدق عليهـــم الحرب بالثراء بصورة تجعلهم يحرصون على بقاء الأوضاع بعِ لاتها.. وبقدر ما تبدو الحرب في اليمن بكل تعقيداتها ومعاناة مواطنيها توليفـــة اســـتثنائ­ية يصعب تفســـيرها أو فهمها أو حصرها في ســـياق ومعطى معيّن بقدر مـــا تفصح هذه الحرب عن شراســـة الصـــراع الإقليمي الذي تتغذى منه والذي تشـــي كل المعطيـــا­ت إلى أنـــه يتجه لأن يكون صراعـــاً صفرياً لا نهايـــة له ســـيما وأن هذا الصـــراع بات يتـــوازى مع أنماط مختلفة ومتعددة من الصراعـــا­ت في الداخل والتي تتنوع بين السياســـي الحزبي والسياســـ­ي العقائدي والجغرافي المناطقـــ­ي والطائفـــ­ي والمذهبي، الأمر الـــذي تصبح معه الحرب فـــي اليمن أقرب إلى الزاوية الحـــادة، فعلاوة على رائحة الموت المنتشـــر­ة في كل مكان فإن تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشـــ­ية جعلت من سكان هذا البلد داخل حريق هائل لا يســـتطيعو­ن الهروب من أتونه أو الفرار من جمره الملتهب بعـــد أن أُغلقت أمامهم كل النوافذ بأضيق مما يتخيله أكثرنا واقعية.

كي لا يحدث ما لا يُحمد عقباه علينا الانتباه إلى أن تح ول الصـــراع والتنافس الإقليمي فـــي اليمن إلى صراع صفري ســـيضرّ بأمن الخليج بالدرجة الأولى ويفتح الأبواب لحرب مســـتدامة في اليمـــن لن تســـلم دول الجوار مـــن لظاها، ولذلـــك فإن علـــى الفاعلين الإقليميين إبعـــاد اليمن تماماً عـــن حروبهم الإقليمية الأخرى وعدم اســـتخدام­ه كمحارب بالوكالـــ­ة، وفي حال وصلت دول الإقليـــم إلى هذه القناعة يمكـــن المضـــي قدمـــاً في طريق الســـلام والوصـــول إلى استراتيجية تحمي أمن اليمن ودول المنطقة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman