Al Shabiba

مكسب الوعي المجتمعي

-

مـن المكتسبات الوطنية التي تحققت من خـلال الحالة المدارية التي تعرضت لها محافظة ظفار هو تبلور ما يمكننا أن نسميه بـ(الوعي المجتمعي) وهي درجة عالية من درجات البناء الاجتماعي، إذ ليس بالسهل تحقيق مـعـدلات عالية فـي هذا المقياس في الكثير من دول العالم النامي.

فـالـوصـول إلــى قمة هــرم هــذا الوعي يتطلب عملا دؤوبا ومتأنيا ودقيقا يبدأ من المدرسة ثم الجامعة ثم عبر تسخير وسائل الإعلام لشرح مفهوم كيف يغدو المواطن مسؤولا بجميع ما تعنيه هذه الكلمة من معاني متداخلة ومتشابكة، إذ ومنذ البدء يتم تعليم أفراد المجتمع ضرورة استقاء المعلومات من مصادرها الرسمية لاسيما في مثل الظروف التي مرت بها البلاد.

فالحالة الـمـداريـ­ة فـي محافظة ظفار تجسدت فيها كـل تلك المعاني واقعيا وميدانيا وبتلقائية متفردة، كـان الكل ملتزما بالتعليمات والبيانات التي تصدر من الجهات الرسمية فقط كمصدر وحيد للتنبيهات والأوامـــ­ر على اختلافها، وقد أسهم هـذا الوعي المجتمعي في تقليل الخسائر في الأرواح إلى أقل المستويات التي عرفتها مثل هذه الحالات المدارية على الإطلاق في العالم، وهو ما يبعث على الارتياح لهذا التطور النوعي الذي يمكن أن نبني عليه الكثير من الآمال.

إن الوعي المجتمعي وقد اكتملت أركانه لدينا يمكن اعتباره قيمة حضارية سامقة تعكس العديد من الــدلالات المهمة التي يجب الإشارة إليها بكل التقدير لكونها لم تأت جزافا أو خبط عشواء، وإنما تشكلت نتيجة الثقة المطلقة بالجهات الرسمية.

الدلالة الأخرى وهي شديدة الأهمية وهي أن الـوعـي المجتمعي ترسخ على مدى ثمانية وأربعين عاما من النهضة التي كانت من أجل بناء الإنسان فكريا وثقافيا وروحيا، وبالتالي فإن هذا البناء قد نجح في ترسيخ واستتباب الوعي لدى كافة أفراد المجتمع وأضحى الكل حريصا على المكتسبات التي تحققت، وبما أن هذا قد حدث فعلا فيمكننا القول بأننا قد وصلنا فعلا لقمة سنام الوعي المجتمعي ولله الحمد.

ولعل تكاتف أفراد المجتمع وتعاونهم مع الجهات المختصة في إدارة الحالة المدارية وعملهم كيد واحــدة أسهم بشكل كبير في تحقيق الكثير من الجوانب التي ما كانت لتتحقق لولا هذا التكاتف والتعاضد المجتمعي الــذي تبلور فـي عـدة جوانب استلهاما لـنـداء الـواجـب الوطني واجـب التنفيذ، وباعتباره فـرض عين فـي مثل هذه الظروف الاستثنائي­ة التي تظهر كفاءة المجتمع وقدرته على التعاطي مع الأزمات والملمات.

بل لعل تنادي الفرق التطوعية وتقاطرها زرافات ووحدانا ومن كافة ولايات السلطنة لتقديم الدعم لإخوانهم في محافظة ظفار وتجهيز الحملات، كل ذلك أتى وحدث في إطار تأكيد وتثبيت دعائم الوعي المجتمعي لدى أبناء هذا الوطن الذين أثبتت الأحداث واقعيا بأنهم لا يتوانون في أداء الواجب الوطني في كل مكان وزمـان وبناء على مقتضى الحال.

وسيبقى »مكونو« حاضرا أبدا في ذاكرة التاريخ المجتمعي العُماني باعتباره الحدث الذي أكد للعالم جميعه أن النهضة العُمانية قد نجحت بامتياز في بناء أغلى رأسمال تملكه على الإطلاق وهو »الإنسان«.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman