ﻧﻌﻤـــــــﺔ اﻟــﺘــﺄﻗـــﻠـــــﻢ أﻛـــــﺮم اﷲ اﻹﻧــــﺴــــﺎن ﺑــﺎﻟــﺘــﻜــﻴــﻒ ﻣـــﻊ ﺟــﻤــﻴــﻊ اﻷﺟـــــــﻮاء وﻛـــﺎﻓـــﺔ اﻟـــﻈـــﺮوف

ﺑﺎﻟﻘـﺮاءة ﻧﺮﺗﻘـﻲ

ﻳــــﻜــــﺮﻣــــﻨــــﺎ اﷲ ﺳـــﺒـــﺤـــﺎﻧـــﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﻜﺜﻴﺮ ﻣـﻦ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ إذا ﻟــﻢ ﻧـﺸـﻜـﺮﻫـﺎ ﻓـﻘـﺪ ﻧﻔﻘﺪﻫﺎ ﺧــــﺼــــﻮﺻــــﺎ أن اﻟـــﻨـــﻌـــﻢ ﺗـــــﺪوم وﺗـــﺰداد ﺑﺎﻟﺸﻜﺮ ﻛـﻤـﺎ ﻗــﺎل اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ )ﻟَﺌِﻦ َﺷ َﻜ ْﺮﺗُ ْﻢ َﻷَ ِزﻳ َﺪ ّﻧَُﻜ ْﻢ( ﻓــﻨــﺤــﻦ ﻧــﺤــﺘــﺎج إﻟـــﻰ أن ﻧﺸﻜﺮ اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ ﺑﺎﺳﺘﺸﻌﺎرﻧﺎ ﻟﻬﺎ وإﺣــﺴــﺎﺳــﻨــﺎ ﺑــﻮﺟــﻮدﻫــﺎ وﺗﺨﻴﻞ ﺳﺮﻳﺎﻧﻬﺎ ﻓـﻲ أﺟـﺴـﺎدﻧـﺎ واﻟﻮﻋﻲ اﻟــﺪاﺋــﻢ ﺑــﻮﺟــﻮد ﻧـﻌـﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻨﺎ وأﻧــﻨــﺎ ﻓــﻲ ﺧــﻴــﺮ واﺳـــﻊ .. ﺣﺘﻰ وﻟﻮ أﻋﻤﺎﻧﺎ اﻟﺸﻴﻄﺎن ﻋﻦ رؤﻳﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻨﻌﻢ وﻋﻦ اﺳﺘﺸﻌﺎر رؤﻳـــﺔ اﻟـﺨـﻴـﺮ اﻟـﻤـﺨـﺒـﻮء ﻓــﻲ ﻛﻞ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻴﻨﺎ وﻧﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ وﻗﺖ وﺣﻴﻦ وﻫﺬا ﻣﺎ ﺣﺬرﻧﺎ اﷲ ﻣﻨﻪ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻗﺎل ﻓــﻲ ﻛـﺘـﺎﺑـﻪ اﻟـﻜـﺮﻳـﻢ )اﻟــ َّﺸــ ْﻴــ َﻄــﺎ ُن ﻳَ ِﻌ ُﺪ ُﻛ ُﻢ ا ْﻟ َﻔ ْﻘ َﺮ(.

وﻧــﺠــﺪ ﻓــﻲ ﻋـﺼـﺮﻧـﺎ اﻟـﺤـﺎﺿـﺮ اﻟــﻴــﻮم أﺣــﻴــﺎﻧــﺎ اﻻﺳـﺘـﻨـﻜـﺎر ﻟﻠﻨﻌﻢ ﻓﺘﺠﺪ اﻹﻧــﺴــﺎن ﻳﻌﻴﺶ ﻓـﻲ ﺧﻴﺮ ﻛـــﺜـــﻴـــﺮ وﻟـــﻜـــﻨـــﻪ ﻳـــﺼـــﻒ ﺣــﻴــﺎﺗــﻪ ﺑﺎﻟﺒﺆس واﻟﻔﻘﺮ واﻟﻨﻜﺪ وﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺸﻜﻼت. وﻟــﻮ أﻧــﻪ ﻋــﺎد ﻟﻌﻘﻠﻪ

وﺗﺄﻣﻞ وﻟﻮ ﻟﻠﺤﻈﺎت ﻓﻲ اﻟﺨﻴﺮ اﻟﺬي ﻳﻜﺮﻣﻪ اﷲ ﺑﻪ، ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻧـﻌـﻤـﺔ اﻹﺳــــﻼم، ﻣــــﺮورا ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﺼﺤﺔ واﻟـﻌـﺎﻓـﻴـﺔ، وﺻـــﻮﻻ إﻟﻰ ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻌﻘﻞ، ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺑﻨﻌﻤﺔ اﻟﺴﻴﺮ ﺧـــﻠـــﻒ اﻟـــــــﺮزق واﻟـــﺘـــﻮﻓـــﻴـــﻖ ﻓـﻲ ﻧﻮاﺣﻲ اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻤﺘﻨﻮﻋﺔ .. ﻓﻬﺬه ﺑــﻌــﺾ اﻟــﻨــﻌــﻢ اﻟــﺨــﺎرﺟــﻴــﺔ وﻫــﻲ ﻛﺜﻴﺮة ﺟﺪا.

وأﻣﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻨﻌﻢ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ

ﻓــــﺈن اﻹﻧـــﺴـــﺎن ﻳــﻌــﻴــﺶ ﻓـــﻲ ﻧﻌﻢ ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻓﻨﻌﻤﺔ اﻟـﺠـﺴـﺪ وﺟﻤﻴﻊ أﺟـﻬـﺰﺗـﻪ اﻟﻬﻀﻤﻴﺔ واﻟﺘﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﺘﻨﺎﺳﻠﻴﺔ واﻟﻌﻈﻤﻴﺔ واﻟﺠﻠﺪﻳﺔ وﺟـﻤـﻴـﻊ اﻟـﺘـﻔـﺎﺻـﻴـﻞ ﻣــﻦ ﻋــﺮوق ﻳﺴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟـــﺪم وﺧــﻼﻳــﺎ ﺗﺴﻴﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻷواﻣــــﺮ، وﻛــﻞ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﻛﺪ أن ﻓﻲ داﺧﻞ اﻹﻧﺴﺎن ﺧــﻼﻳــﺎ ﻧــﺤــﻞ ﺗــﻌــﻤــﻞ ﻋــﻠــﻰ ﻣـــﺪار اﻟﺴﺎﻋﺔ، وﺗﺪور ﺣﻮل ﻗﻠﺐ ﻳﻀﺦ اﻟـــﺪم ﻓــﻲ ﻛـﺎﻓـﺔ أرﺟـــﺎء اﻟﺠﺴﺪ، ورﺋـــــﺔ ﺗــﻀــﺦ اﻷوﻛــﺴــﺠــﻴــﻦ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ زواﻳـﺎ اﻟﺠﺴﺪ. وذﻟﻚ ﻟﻜﻲ ﻳﺒﻘﻰ اﻹﻧــﺴــﺎن ﺣـًﻴـﺎ ﻧـﺎﺑـًﻀـﺎ ﺑﻜﻞ ﻣﻌﺎﻧﻲ اﻟﺤﻴﺎة.

ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻴﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن ﺑﻮﻋﻲ وﺑﻼ وﻋـﻲ، ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺤﺮك اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻬﺎ أو ﺗـﺄﺗـﻲ إﻟـﻴـﻪ، ﺗﻠﻚ اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ ﻳــﺘــﺤــﻜــﻢ ﺑــﻬــﺎ اﻹﻧـــﺴـــﺎن أو ﻫـﻲ ﻣــﻦ ﺗـﺘـﺤـﻜـﻢ ﺑــﻪ .. وﺑـﺎﻟـﺘـﺄﻛـﻴـﺪ إن ﻗﻠﺐ اﻹﻧﺴﺎن ﻟﻮ ﺗﻮﻗﻒ ﻓﻠﻦ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﺗﺸﻐﻴﻠﻪ ﻣـــﺮة أﺧــﺮى ﻷن ﻧﺒﻀﺎت ﻗﻠﻮﺑﻨﺎ ﻏﻴﺮ واﻋﻴﺔ .

وﻧـــﻌـــﻢ اﷲ ﻋــﻠــﻴــﻨــﺎ ﻛــﺜــﻴــﺮة، ﻓﻨﺤﻦ ﻧﻌﻴﺶ ﻓــﻲ ﻛــﺮم رﺑـﺎﻧـﻲ ﻳــــﺼــــﻞ إﻟــــــــﻰ أﻋـــــﻠـــــﻰ درﺟــــــــﺎت اﻟــﺮﻓــﺎﻫــﻴــﺔ، وﻟــﻘــﺪ ﺗـﺤـﺪﺛـﺖ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻻت أﺧﺮى ﺳﺎﺑﻘﺎ ﻋﻦ ﻋﺪة ﻧﻌﻢ ﻣﻨﻬﺎ، ﻧﻌﻤﺔ اﻟﻤﺮض .

إن اﻹﻧـــــﺴـــــﺎن أﻛـــــﺮﻣـــــﻪ اﷲ ﺑـﺎﻟـﺘـﻜـﻴـﻒ ﻣـــﻊ ﺟـﻤـﻴـﻊ اﻷﺟـــــﻮاء، وﻛــــﺎﻓــــﺔ اﻟـــــﻈـــــﺮوف .. وﻟــﻜــﻨــﻪ ﻟﻴﺘﺄﻗﻠﻢ ﻳﺤﺘﺎج إﻟﻰ ﺻﺒﺮ ووﻗﺖ، ﻛﻤﺎ ﻗـﺎل اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ: )وﺗـــﻮاﺻـــ ْﻮا ﺑـﺎﻟـ ّﺼـ ْﺒـﺮ( وﻗـــﺎل ﻓﻲ آﻳــﺔ أﺧــﺮى )وﺑـﺸـﺮ اﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ( ﻓـﻤـﻦ ﻳـﺼـﺒـﺮ ﺳـﻴـﺘـﺄﻗـﻠـﻢ ﻣــﻊ ﻛﻞ ﺟــﺪﻳــﺪ ﻓــﻲ ﺣــﻴــﺎﺗــﻪ، ﺳــــﻮاء ﻛــﺎن ﻫــﺬا اﻟـﺠـﺪﻳـﺪ زوﺟـــﺔ، أو ﻋﻤﻼ، أو دراﺳﺔ، أو رﻳﺎﺿﺔ، أو ﺳﻔﺮا ﺟﺪﻳﺪا، أو ﺑﻴﺌﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، أو أي ﻟﺤﻈﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﻧﻘﺎط اﻟﺘﺤﻮل ﻓﻲ ﺷﺘﻰ ﺟﻮاﻧﺐ اﻟﺤﻴﺎة ﻛـﺜـﻴـﺮة اﻟــﺘــﻨــﻮع . ﻧـﺤـﻦ ﺗـﻤـﺮ ﺑﻨﺎ أرﺑﻌﺔ ﻓﺼﻮل ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ﻧﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣـــﻊ ﻛـــﻞ ﻓــﺼــﻞ ﻓــﻴــﻬــﺎ، وﻧـﻌـﻴـﺶ ﻓــﻴــﻪ ﺑــﻜــﻞ اﺳـــﺘـــﻤـــﺘـــﺎع، وﻟــﺬﻟــﻚ ﺗﺠﺪﻧﺎ ﻧﺴﺘﻄﻴﻊ أن ﻧﺴﺎﻓﺮ ﻣﻦ أﺷﺪ اﻟﺒﻠﺪان ﺣﺮارة إﻟﻰ أﺷﺪﻫﺎ ﺑـــــﺮودة، وﻧــﺘــﺄﻗــﻠــﻢ ﻓــﻲ ﻳـــﻮم أو ﻳﻮﻣﻴﻦ .

ﺣﻜﻤﺔ اﻟﻤﻘﺎل

اﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﺳﻨﺔ ﻛﻮﻧﻴﺔ أﻛﺮم اﷲ ﺑﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎن، وﻳﺤﺘﺎج ﻻﻣﺘﻼﻛﻬﺎ ﺷﻴﺌﺎ ﻣﻦ اﻟﺼﺒﺮ، وﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﺠﺪ أن اﻟـﺼـﻌـﻮﺑـﺎت ﻣـــﺮت دون أن ﻳﺸﻌﺮ ﺑﻬﺎ ﻷﻧﻪ اﺳﺘﻄﺎع أن ﻳﺘﺄﻗﻠﻢ ﻣﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻈﺮوف اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ.