اﻷﺧــــــــــــﻼقﻣــــــﻦﺛــــــﻮاﺑــــــﺖاﻷﻣــــــﺔ

اﻟــــﺤــــﻀــــﺎرات ﺗــﻨــﻬــﺾ ﺑ ــــﺎﻷﺧ ــــﻼق وﺗـــﻨـــﻬـــﺎر ﺑــﺎﻧــﺤــﻼﻟــﻬــﺎ إذا ﻓﺴﺪت اﻟﻔﻄﺮة وﻧﻘﺺ ﻧﺒﻊ اﻟﺪﻳﻦ ﻟـﺪى اﻟﻨﺎس ذﺑﻠﺖ ﻧﺒﺘﺔ اﻟﻘﻴﻢ

- اﻟﺪوﺣﺔ ﻧﺸﺄت أﻣﻴﻦ:

أﻛـــــــــﺪ د. ﻣــــﺤــــﻤــــﺪ ﺣــﺴــﻦ اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ أن اﻟـﺤـﻀـﺎرات إﻧﻤﺎ ﺗـــﻨـــﻬـــﺾ ﺑـــﻨـــﻬـــﻀـــﺔ اﻷﺧــــــــﻼق، وﺗﻨﻬﺎر ﺑﺎﻧﻬﻴﺎرﻫﺎ، وأن ﺻﻼح أﻣﺮ اﻷﻣﻢ ﻣﺮﺟﻌﻪ إﻟﻰ اﻷﺧﻼق اﻟﻤﺒﻨﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ، ﻻﻓـﺘـﺎ إﻟﻰ أﻧــﻪ ﻛــﻢ ﻣــﻦ اﻷﻣــﻢ ﺑــﺪت ﻗﻮﻳﺔ وﻋـﻨـﺪﻣـﺎ أرﺧــﺖ ﺣﺒﻞ اﻷﺧــﻼق واﻟﺘﻬﺎون ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ ﺑﻴﻦ أﻓﺮادﻫﺎ دب ﻓـﻴـﻬـﺎ اﻟــﻀــﻌــﻒ. وﻗــــﺎل د. اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ ﻓـﻲ ﺧﻄﺒﺔ اﻟﺠﻤﻌﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ أﻣﺲ ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻹﻣﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب إن اﻟﻘﻴﻢ إذا ﻛـﺎﻧـﺖ ﻣﺴﺘﺤﺒﺔ ﻋﻨﺪ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻣﻢ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻋﻨﺪﻧﺎ أﻫﻞ اﻹﺳﻼم واﺟـﺒـﺔ وأﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﺗـﺘـﻮاﺻـﻰ ﺑﻬﺎ اﻷﻣـــــﺔ ﺟــﻴــﻼ ﺑــﻌــﺪ ﺟــﻴــﻞ وأﻧــﻬــﺎ ﻣﻄﻠﻘﺔ وﻻ ﻣﺴﺎوﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻻ ﺗــﻨــﺎزل ﻋﻨﻬﺎ ﺗﺤﺖ أي ﻇــﺮف، وأن اﻟــﻈــﺮوف ﻳـﺘـﻢ ﺗﻄﻮﻳﻌﻬﺎ ﻟﻠﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ.

اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ

وﻟﻔﺖ إﻟﻰ أن اﻟﺸﻌﻮب ﺗﻤﻮت ﻣـــﻦ أﺟــــﻞ ﻗــﻴــﻤــﻬــﺎ وﻋــﻘــﻴــﺪﺗــﻬــﺎ وﺗـــﻜـــﺎﻓـــﺢ ﻣــــﻦ أﺟـــــﻞ ﻣــﺒــﺎدﺋــﻬــﺎ وﺗــﻨــﺎﻓــﺢ ﻟـﺘـﺒـﻘـﻰ وﺗــﺘــﺤــﻤــﻞ ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ ذﻟﻚ ﻛﻞ أﻟﻢ، ﻣﺸﺪدا ﻋﻠﻰ ﺿـﺮورة اﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﻴﻢ وﺗﻔﻌﻴﻠﻬﺎ ﻟـﻜـﻲ ﺗــﻘــﻮم ﺑــﺪورﻫــﺎ ﻓﻲ ﺣﻤﺎﻳﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﺣﺮاﺳﺘﻪ، ﻻﻓﺘﺎ إﻟــﻰ أن اﻟﻐﻴﻮر ﻋﻠﻰ دﻳﻨﻪ وأﻣــــﺘــــﻪ ﻟــﻴــﺘــﻘــﻄــﻊ ﻗــﻠــﺒــﻪ ﺣـﻴـﻦ ﻳــﺮى اﻟﻘﻴﻢ ﺗﺘﺤﻄﻢ أو ﻳﺮﺧﻰ ﺣﺒﻠﻬﺎ أو ﻳﺪﻧﺲ ﺛﻮﺑﻬﺎ وﻳﺨﺪش ﺣﻴﺎؤﻫﺎ.

وﻧـﻮه اﻟﺨﻄﻴﺐ ﺑﺄن ﻟﻜﻞ أﻣﺔ

ﻗﻴﻤﺎ وآداﺑــــﺎ ﺗﻨﻬﺾ وﺗـﻌـﻠـﻮ إذا اﻋـﺘـﺼـﻤـﺖ ﺑــﻬــﺎ، أﻣـــﺎ إذا ﺗﺨﻠﺖ ﻋــﻨــﻬــﺎ أو أرﺧـــــﺖ ﺣــﺒــﻠــﻬــﺎ ﻓﻘﺪ ﻫﺒﻄﺖ وﻫﺰﻟﺖ وﺿﻌﻔﺖ.

ﻻﻓـــﺘـــﺎ إﻟــــﻰ أن ﻫــﻨــﺎء اﻟــﺪﻧــﻴــﺎ وﺟـــﻤـــﺎﻟـــﻬـــﺎ وﻛــــﺮﻳــــﻢ اﻟـــﻌـــﻮاﻗـــﺐ ﻟــﻠــﺪول واﻟــﺸــﻌــﻮب إﻧــﻤــﺎ ﻳـﻜـﻮن ﻓﻲ ﻇﻼل ﻗﻴﻤﻬﺎ وﺗﺤﺖ وارف أﺧــﻼﻗــﻬــﺎ، وأن ﻓـﺨـﺮ ﻛــﻞ أﻣـﺔ وﺟﻤﺎﻋﺔ ﺑﻌﺪ ﺻﻼح دﻳﻨﻬﺎ ﻳﻜﻮن ﺑﺴﻤﻮ ﻗﻴﻤﻬﺎ، ﻣﻀﻴﻔﺎ: إن ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺣﺼﺮ ﺑﻌﺜﺘﻪ ﻓﻲ ﺗﺘﻤﻴﻢ ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق ﺣﻴﺚ ﻗﺎل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟـــﺴـــﻼم: »إﻧــﻤــﺎ ﺑـﻌـﺜـﺖ ﻷﺗـﻤـﻢ ﻣﻜﺎرم اﻷﺧﻼق«

اﻷدﻳﺎن اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ

وﻗــــﺎل د. اﻟــﻤــﺮﻳــﺨــﻲ إﻧـــﻪ إذا ﻛــﺎﻧــﺖ اﻷدﻳــــــﺎن اﻟــﺮﺑــﺎﻧــﻴــﺔ روح اﻷﻣﻢ ﻓﺈن اﻟﻘﻴﻢ ﻫﻲ أﺟﺴﺎدﻫﺎ وأﻧـﻪ ﻻ ﺟﺴﺪ ﺑﻼ روح وﻻ روح ﺑﻼ ﺟﺴﺪ وأن اﻷدﻳــﺎن اﻟﺮﺑﺎﻧﻴﺔ ﻫﻲ ﻏﻴﺚ اﻟﺴﻤﺎء، واﻟﻘﻴﻢ ﻧﺒﺖ ﻫﺬا اﻟﻐﻴﺚ، وأن اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ ﻓـــﻲ اﻹﺳــــــﻼم ﻧــﺒــﺘــﻪ ﺗﺤﺘﻀﻨﻬﺎ اﻟﻔﻄﺮة وﺗﺮوﻳﻬﺎ اﻟﺪﻳﺎﻧﺔ، ﻓﺈذا ﻓــﺴــﺪت اﻟــﻔــﻄــﺮة وﻧــﻘــﺺ ﻧﺒﻊ اﻟــﺪﻳــﻦ ﻟــﺪى اﻟــﻨــﺎس ذﺑـﻠـﺖ ﻧﺒﺘﺔ اﻟــﻘــﻴــﻢ وﺗــﺤــﻮل زﻫــﺮﻫــﺎ ﺷـﻮﻛـﺎ وﺻﺎر ﻏﺼﻨﻬﺎ ﺣﻄﺒﺎ.

وﻟــﻔــﺖ إﻟـــﻰ أﻧـــﻪ ﻓـــﻲ ﻋـﺼـﻮر اﻟــﺠــﺎﻫــﻠــﻴــﺔ ﻟـــﻢ ﺗـﺴـﺘـﻄـﻊ ﻇﻠﻤﺔ اﻟـﺠـﻬـﻞ ﻓــﻲ ﻫـــﺬا اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ أن ﺗـﻄـﻤـﺲ ﺑـﻘـﻴـﺔ ﻧـــﻮر ﻓــﻲ ﻧـﻔـﻮس ﺑــﻌــﺾ أﻓــــــــﺮاده ﻓـــﻮﺟـــﺪﻧـــﺎ ﻣـﻦ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣــﻦ ﻟــﻢ ﻳــﺸــﺮب اﻟﺨﻤﺮ أﺑــــﺪا وﻣــــﻦ ﻟـــﻢ ﻳــــﺰن وﻣــــﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﺬب وﻣـﻦ ﻟـﻢ ﻳﺨﻠﻒ اﻟﻮﻋﺪ،

ووﺟـﺪﻧـﺎ ﻣﻦ ﻳﻐﺾ ﻃﺮﻓﻪ ﻋﻦ ﺟـﺎرﺗـﻪ ﺣﺘﻰ ﻳـﻮارﻳـﻬـﺎ ﻣﺴﻮاﻫﺎ، ﻣـﻀـﻴـﻔـﺎ أن ﻫــــﺬه اﻟـﺴـﻠـﻮﻛـﻴـﺎت ﻛـﺎﻧـﺖ ﺷـﻤـﻮﻋـﺎ ﺧـﺎﻓـﺘـﻪ ﺗﺤﺘﻀﺮ وﺗـﻮﺷـﻚ أن ﺗﻨﻄﻔﺊ ﻓـﻲ دﺟﻰ اﻟﻠﻴﻞ اﻟﺠﺎﻫﻠﻲ اﻟــﺪاﻣــﺲ، ﻓﺸﺎء اﷲ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ وﺗﻌﺎﻟﻰ أن ﺗﺸﺮق ﺷﻤﺲ اﻹﻳﻤﺎن واﻟﺘﻮﺣﻴﺪ ﺑﻤﺒﻌﺚ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ، ﻓــــﺄﺿــــﺎءت ﻫــــﺬه اﻟــﺸــﻤــﻮع ﻣﻦ ﻧــﻮر اﻹﻳـﻤـﺎن واﻟﻨﺒﻮة ﻓﺄﺷﺮﻗﺖ ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻬﺎ ﻧﻮرا وﺿﻴﺎء وﻛﺮاﻣﺔ وﺳﻤﻮا، وﺗﺪﻓﻘﺖ ﻗﻴﻢ اﻹﺳﻼم وﻣـــﺒـــﺎدئ اﻹﻳـــﻤـــﺎن ﻣـــﻦ ﺧــﻼل آﻳﺎت اﻟﻮﺣﻲ.

ﻋﻘﻴﺪة اﻷﻣﺔ

وﻗـﺎل ﺧﻄﻴﺐ ﺟﺎﻣﻊ اﻹﻣـﺎم: اﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ ﻫﻲ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ واﻟـﺼـﻔـﺎت اﻟﻨﺎﺑﻌﺔ ﻣــﻦ ﻋﻘﻴﺪة اﻷﻣﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﻮﺟﻪ اﻟﺴﻠﻮك وﻫﻲ أﺳــــﺎس ﻟـﻠـﺤـﻔـﺎظ ﻋــﻠــﻰ اﻟـﻨـﻈـﺎم واﻻﺳﺘﻘﺮار ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﻫﻲ اﻟـــــﻮازع ﺑــﻴــﻦ اﻟــﺤــﻼل واﻟــﺤــﺮام واﻟﺨﻄﺄ واﻟـﺼـﻮاب، ﻣﺸﻴﺮا إﻟﻰ أﻧــﻬــﺎ ﻛـﺜـﻴـﺮة ﺟــﺪا وذﻛـــﺮ ﻣﻨﻬﺎ: اﻹﻳــــﻤــــﺎن واﻹﺳــــــــﻼم واﻷﻣـــﺎﻧـــﺔ وﺗــﻘــﺪﻳــﺮ اﻟـﻨـﻌـﻢ وﺣـــﺐ اﻟـﺤـﻼل وﺑــﻐــﺾ اﻟـــﺤـــﺮام واﻟــﻨــﻬــﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ واﻟﺤﻴﺎء واﻟﺴﺘﺮ واﻟﻐﻴﺮة واﻟـﻔـﻀـﻴـﻠـﺔ واﻟــﺤــﺠــﺎب واﻟـﻌـﻔـﺔ وﻏـــﻴـــﺮ ذﻟــــﻚ ﻣـــﻦ اﻟــﻘــﻴــﻢ اﻟــﺘــﻰ ﺟـــــﺎءت ﻓـــﻲ ﻛــﺘــﺎب اﷲ وﺳـﻨـﺔ رﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ، ﻣــﺸــﻴــﺮا إﻟـــــﻰ أن ﻫـــــﺬه اﻟــﻘــﻴــﻢ أﺷﺮﻗﺖ ﻋﻠﻰ أﻫﻠﻬﺎ ﻧﻮرا وﺣﻴﺎء وﻛﺮاﻣﺔ وﺳﻤﻮا.

وﻧــــﻮه ﺑـــﺄن ﻫـــﺬه اﻟــﻘــﻴــﻢ ﻫﻲ اﻟﻤﻴﺰان اﻟــﺬي ﻳﺤﻤﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻳـﺤـﻔـﻆ ﺗــﻮازﻧــﻪ وﻳــﺤــﻮل ﺑﻴﻨﻪ وﺑﻴﻦ اﻟـﻨـﺰوات وﻧﺸﺮ اﻟﺸﻬﻮات ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﻔﻆ ﺣﺮﻣﺔ اﻟﺪﻳﻦ واﻟﺨﻠﻖ واﻟﺴﻤﻌﺔ وﺗﻘﻲ ﻣـﻮارد اﻟﺴﻮء ﺑﺈذن اﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ، ﻛﻤﺎ ﺗﻘﻲ أﺳﻔﺎت اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت واﻟﺘﺼﺮﻓﺎت وﺗـﺪﻓـﻊ ﻋـﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﺠﺮاﺋﻢ واﻟــــﺘــــﺮدي واﻷﺧــــــــﻼق اﻟـﺴـﻴـﺌـﺔ وﺗـــﺠـــﻌـــﻞ اﻟــﻤــﺠــﺘــﻤــﻊ ذا ﻗـﻴـﻤـﺔ وﺗﺮﻓﻊ درﺟﺘﻪ، ﻛﻤﺎ أﻧﻬﺎ ﺗﺤﻠﻲ اﻟـﻔـﺮد ﺑﺠﻤﻴﻞ اﻷﺧــﻼق وﻃﻴﺐ اﻟﻔﻌﺎل وﺗﺠﻌﻠﻪ ذا ﻗﻴﻤﺔ ووزن.

ﺗﻮﺟﻴﻬﺎت ﻧﺒﻮﻳﺔ

وأﺿﺎف: ﻟﻘﺪ أﻣﺮ اﷲ ﺗﺒﺎرك وﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﺎﻻﻋﺘﺼﺎم ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ أﻣــﺮ ﺑﻬﺎ ﻓـﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ وﺳﻨﺔ رﺳـﻮﻟـﻪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ

ﻓﻘﺎل ﺟﻞ وﻋﻼ »ﻓﺄَﻗﻢ وﺟﻬﻚ ََ ََِِﱢََِِ ﱢَ ِْ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺣﻨﻴﻔﺎ ﻓﻄﺮت اﷲ اﻟﺘﻲ ﻓــﻄــﺮ اﻟــﻨــﺎس ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ ﻻ ﺗـﺒـﺪﻳـﻞ َُ ََ ﻟـﺨـﻠـﻖ اﷲ ٰذﻟـــﻚ اﻟــﺪﻳــﻦ اﻟـﻘـﻴـﻢ و ٰﻟَِﻜ ﱠﻦ أَْﻛﺜَ َﺮ اﻟ ﱠﻨﺎ ِس َﻻ ﻳَﻌﻠ ُﻤﻮ َن« وﻗـــــــﺎل ﺳــﺒــﺤــﺎﻧــﻪ »وأن أﻗـــﻢ وﺟﻬﻚ ﻟﻠﺪﻳﻦ ﺣﻨﻴﻔﺎ وﻻ ﺗﻜﻮﻧﻦ ﻣــﻦ اﻟـﻤـﺸـﺮﻛـﻴـﻦ« وﻗـــﺎل أﻳﻀﺎ ﱠﱠُِ »ﻳـﺎ أَﻳﻬﺎ اﻟـﺬﻳـﻦ آﻣﻨﻮا اﺳﺘﺠﻴﺒﻮا ﱡُ َﱠُ َُْ ﱠَ ِﷲ وﻟِــﻠــﺮﺳــﻮِل إَِذا َدَﻋــﺎﻛــﻢ ﻟﻤﺎ َُ ﻳﺤﻴﻴﻜﻢ واﻋﻠﻤﻮا أَن اﷲ ﻳﺤﻮل َُِ َُ َْ َُ ﺑــﻴــﻦ اﻟــﻤــﺮِء وﻗــﻠــﺒــﻪ وأَﻧــــﻪ إﻟــﻴــﻪ ﺗ ْﺤﺸ ُﺮون«. وﻟــﻔــﺖ إﻟـــﻰ أن اﻟــﻤــﻮﻟــﻰ ﻋﺰ وﺟﻞ ﺣﺬر ﻣﻦ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋﻦ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ أو اﻟﻤﺴﺎوﻣﺔ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻘﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ »وﻻ ﺗـﺘـﺒـﻊ أَﻫـــﻮاءﻫـــﻢ ََْ ﱠﱠََُِِْْ َُْ َُ ََ واﺣــــﺬرﻫــــﻢ أَن ﻳــﻔــﺘــﻨــﻮك ﻋـﻦ ﺑَ ﻌﺾ َْ ﻣﺎ أَﻧﺰل اﷲ إﻟﻴﻚ«. أﻋﻘﻞ اﻟﺒﺸﺮ وﺷـﺪد د. اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ ﻋﻠﻰ أن أﻋــﻘــﻞ اﻟــﺒــﺸــﺮ وأﺷــﺮﻓــﻬــﻢ ﻫﻢ اﻷﻧﺒﻴﺎء واﻟﺮﺳﻞ، ﻻﻓﺘﺎ إﻟﻰ أﻧﻬﻢ ﻛـﺎﻧـﻮا ﻳـﻮﺻـﻮن ﺑﺎﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ اﻟـﺮﺑـﺎﻧـﻴـﺔ وﻫــﻢ أﻋـﻠـﻢ ﺑـﻬـﺎ، ﻛﻤﺎ ﻋﻠﻤﻬﻢ اﷲ ﺳـﺒـﺤـﺎﻧـﻪ وﺗـﻌـﺎﻟـﻰ ﻣﻀﻴﻔﺎ ﺑــﺎﻟــﻘــﻮل: ﻫـــﺬا رﺳـﻮﻟـﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻳﻮﺻﻴﻨﺎ ﻓﻴﻘﻮل )ُﻣُﺮوا أوﻻدﻛﻢ ﺑﺎﻟﺼﻼة وﻫﻢ أﺑﻨﺎء ﺳﺒﻊ ﺳﻨﻴﻦ، واﺿـﺮﺑـﻮﻫـﻢ ﻋﻠﻴﻬﺎ وﻫــﻢ أﺑﻨﺎء ﻋــــﺸــــﺮ، وﻓــــﺮﻗــــﻮا ﺑــﻴــﻨــﻬــﻢ ﻓـﻲ اﻟﻤﻀﺎﺟﻊ(. وﻧﻮه ﺑﺄن ﻫﺬا ﺳﻴﺪﻧﺎ إﺑﺮاﻫﻴﻢ

َِ ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺴﻼم ﻳﻘﻮل ﻟﺒﻨﻴﻪ »ﻳﺎ ﺑﻨﻲ

َﱠ إِﱠن اَﷲ اﺻﻄﻔﻰ ﻟﻜﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﻓﻼ

ُِ ﺗﻤﻮﺗُ ﱠﻦ إِﱠﻻ َوأَﻧﺘُﻢ ﱡﻣ ْﺴﻠ ُﻤﻮ َن«.

وﻛﺬﻟﻚ ﻳﻌﻘﻮب ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟـــﺴـــﻼم »إذ ﻗــــﺎل ﻟــﺒــﻨــﻴــﻪ ﻣــﺎ ﺗﻌﺒﺪون ﻣﻦ ﺑﻌﺪي ﻗﺎﻟﻮا ﻧﻌﺒﺪ

ًَُ ِْ ًُ ََِْ ََِْ

َِ إ َِ ٰﻟـــﻬـــﻚوإ َِ ٰﻟــــــﻪآﺑـــﺎﺋـــ َﻚ إِﺑــﺮاﻫــﻴــﻢ َوإِْﺳ َﻤﺎﻋﻴ َﻞ َوإﺳﺤﺎق إ ٰﻟﻬﺎ واﺣﺪا

ََ ِْ وﻧﺤﻦ ﻟﻪ ﻣﺴﻠﻤﻮن«، وﻟﻘﻤﺎن ﻋـﻠـﻴـﻪ اﻟـــﺴـــﻼم اﻟــــﺬي أﻛـــﺪ ﻋﻠﻰ وﻟﺪه ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺘﻲ ﺑــﺪأﻫــﺎ ﺑﺄﻋﻈﻤﻬﺎ وﻫــﻲ ﺗﻮﺣﻴﺪ اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ »ﻳﺎ ﺑﻨﻲ ﻻ ﺗﺸﺮك

ِْ ﺑﺎﷲ إن اﻟﺸ ْﺮ َك ﻟَﻈ ْﻠ ٌﻢ َﻋﻈﻴ ٌﻢ« ﺛـــﻢ ﺑــﺒــﺮ اﻟـــﻮاﻟـــﺪﻳـــﻦ واﻟــﺘــﻮاﺿــﻊ واﻷﻣﺮ ﺑﺎﻟﻤﻌﺮوف واﻟﻨﻬﻲ ﻋﻦ اﻟﻤﻨﻜﺮ وﺗﺮك اﻟﻜﺒﺮ واﻻﻟﺘﻔﺎت إﻟﻰ ﻋﻈﻴﻢ ﻗﺪرة اﷲ ﻋﺰ وﺟﻞ.

ﻋﻤﺎد اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت

وأﻛــــــﺪ اﻟــﺨــﻄــﻴــﺐ ﻋـــﻠـــﻰ أن اﻟﻘﻴﻢ ﻫـﻲ ﻋـﻤـﺎد ﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻌﺎت وأرﻛـــﺎن ﻟـﻠـﺪول وأوﺗـــﺎد ﻟﻸﻣﻢ ﻓــــــﺈذا ﺿـــﺮﺑـــﺖ أو وﻫـــﻨـــﺖ أو أرﺧـــــﻲ ﺣــﺒــﻠــﻬــﺎ ﺧـــــﺮ ﻋـــﻠـــﻴـــﻬـــﻢ َِ ﱠْ ُُ ُِ ُْ َُ َْ اﻟـﺴـﻘـﻒ ﻣــﻦ ﻓــﻮﻗــﻬــﻢ وأَﺗــﺎﻫــﻢ َِ ا ْﻟﻌ َﺬا ُب ﻣ ْﻦ َﺣ ْﻴﺚ ﻻ ﻳﺸﻌﺮون، ﻣﻀﻴﻔﺎ: أﻧــﻪ ﻣــﺎ رؤﻳــﺖ رزﻳﻠﺔ ﺗﻬﺪم اﻟﻘﻴﻢ ﻛﺮزﻳﻠﺔ اﻟﻄﻐﻴﺎن.

وﻟــﻔــﺖ إﻟـــﻰ أﻧـــﻪ إذا اﺳﺘﻐﻨﻰ اﻹﻧـــﺴـــﺎن ﺑــﻤــﺎﻟــﻪ أو ﺟــﺎﻫــﻪ أو ﺳــﻠــﻄــﺎﻧــﻪ ﻓـــﻘـــﺪ ﺗــــﺠــــﺎوز ﺣـــﺪه وﻧﻘﺺ اﻟـﻌـﺪل وﻛـﺮﻳـﻢ اﻟﺨﻼل ﻋـــﻨـــﺪه، ﻣـــﺆﻛـــﺪا أﻧـــــﻪ ﻟـــﻦ ﺗـﺠـﺪ ﻣــﺤــﺎرﺑــﺎ ﻟـﻠـﻘـﻴـﻢ إﻻ ووﺳـﻴـﻠـﺘـﻪ وأداﺗـﻪ ﻫﻲ ﺑﻌﺾ ﻣﺎ أﻏﻨﺎه اﷲ ﺗـﻌـﺎﻟـﻰ ﺑــﻪ ﻣــﻦ اﻟــﻤــﺎل واﻟــﺠــﺎه، ﻣــﻀــﻴــﻔــﺎ أن اﻟــﻘــﻴــﻢ ﻛــﻤــﺎ أﻧــﻬــﺎ ﺳــﺒــﺐ ﻓــﻲ اﻟــﺤــﻔــﻆ واﻟــﻜــﺮاﻣــﺔ واﻻﺳﺘﻘﺎﻣﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﺣﻔﻈﻬﺎ وﺻﻴﺎﻧﺘﻬﺎ وﺗﺄدﻳﺐ ﻣﻦ ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻬﺎ أو ﻳﺘﻌﺪاﻫﺎ.

اﻟﺘﻬﺎون ﻓﻲ اﻟﻘﻴﻢ

وﺣـــــــــﺬر ﻣــــــﻦ أن ﺗـــﻬـــﻮﻳـــﻦ اﻟـﻘـﻴـﻢ ﻓــﻲ اﻟـﻨـﻔـﻮس ﺷــﺮ وﺑــﻼء واﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣـﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺧــﺬﻻن، وإﺣـﻼل ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻜﺎﻧﻬﺎ ﺧﻴﺎﻧﺔ ﻷﻧـﻬـﺎ إرث دﻳـﻨـﻲ ﻣـﺘـﺄﺻـﻞ ﻓﻲ ﺟــــﺬور اﻹﺳــــﻼم وﻗـــﺪ ﻧﻬﻀﺖ ﺑــﻬــﺎ ﺑــﻌــﺪ اﷲ ﺗــﺒــﺎرك وﺗـﻌـﺎﻟـﻰ اﻟــــﻘــــﺮون اﻷوﻟـــــــﻰ وﻗـــــﺪ رﺑـــﻰ رﺳـــــﻮل اﷲ ﺻــﻠــﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳﻠﻢ أﺻﺤﺎﺑﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﺎرﺗﻘﻮا ﻓـــﻲ ﺳــﻠــﻢ اﻷﺧـــــﻼق وأﺷـــﺮﻓـــﻮا ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺘﻰ ﻧﺎﻟﺖ أﻳﺪﻫﻢ اﻟــﻨــﺠــﻢ وﺟــﻠــﺴــﻮا ﻋــﻠــﻰ ﻧـﺎﺻـﻴـﺔ اﻟﺸﻤﺲ.

وﻗـــﺎل د. اﻟـﻤـﺮﻳـﺨـﻲ: وﻷﻧــﻪ درج ﺑـﻌـﺾ اﻟـﻤـﺨـﺬوﻟـﻴـﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻬﻮﻳﻦ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ ﻣـــﻦ اﻟــﺮﺟــﻌــﻴــﺔ ﻛــﻤــﺎ ﻳـﺘـﺒـﺎﻫـﻮن ﺑـــﺬﻟـــﻚ وﻳــــﻨــــﺎدون ﻟــﻜــﻲ ﻳـﺤـﻞ ﻣﺤﻠﻬﺎ ﻗﻴﻢ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻓﺈن ﻫــﺬه دﻋـــﻮة ﺗــﺮﻓــﻊ ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻛﻔﺎر ﻗﺮﻳﺶ وﻣﺸﺮﻛﻮ اﻟﻌﺮب.

ﻣﻦ إﺣﺪى ﺻﻠﻮات اﻟﺠﻤﻌﺔ ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻹﻣﺎم » أرﺷﻴﻔﻴﺔ «

د. ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ