ﻣﻮاﻗﻊ إﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻷﺧﻼق واﻟﻮازع اﻟﺪﻳﻨﻲ

أﻛـــــــﺪ د. ﻣـــﺤـــﻤـــﺪ راﺷـــــﺪ اﻟــــــــﻤــــــــﺮي، أﺳـــــــﺘـــــــﺎذ ﺑـــﻜـــﻠـــﻴـــﺔ اﻟـــــﺸـــــﺮﻳـــــﻌـــــﺔ واﻟـــــــــﺪراﺳـــــــــﺎت اﻹﺳـــﻼﻣـــﻴـــﺔ أن اﻟـــﺪﻳـــﻦ ﺟــﺎء ﻟــﻴــﺤــﺚ ﻋـــﻠـــﻰ اﻷﺧـــــــﻼق وأن اﻷﺧـــــــﻼق ﻫــــﻲ اﻷﺳـــــــﺎس ﻓــﻲ إﻧــﺸــﺎء اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻌـﺎت، وﻟـﺬﻟـﻚ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎء اﻟﻨﺒﻲ »ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ« ﺑﻬﺬا اﻟﺪﻳﻦ أﺗﻰ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﻗﺎﻋﺪة ﻟﻬﺬه اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ )إﻧـــﻤـــﺎ ﺑــﻌــﺜــﺖ ﻷﺗــﻤــﻢ ﻣــﻜــﺎرم اﻷﺧــــــﻼق(، وﻗــــﺎل أﻳـــﻀـــﺎ ﻓـﻲ ﺣـﺜـﻪ )أﻗــﺮﺑــﻜــﻢ ِّ ﻣــﻨــﻲﻣﺠﻠﺴﺎ ﻳـــــــﻮم اﻟـــﻘـــﻴـــﺎﻣـــِﺔ أﺣـــﺎﺳـــﻨـــﻜـــﻢ أﺧــﻼﻗــﺎ(، وإن دل ﻫــﺬا ﻋﻠﻰ ﺷــــــﻲء إﻧــــﻤــــﺎ ﻳــــــﺪل ﻋـــﻠـــﻰ أن اﻟﺪﻳﻦ واﻷﺧــﻼق ﻻ ﻳﻨﻔﺼﻼن ﻋــﻦ ﺑـﻌـﻀـﻬـﻤـﺎ اﻟــﺒــﻌــﺾ ﺣﻴﺚ إن اﻟـــﺪﻳـــﻦ ﻳُــﺤــّﺴــﻦ وﻳُـــﻬـــّﺬب اﻷﺧﻼق.

وﻳﻀﻴﻒ: ﻛﻮن أن ﻣﺠﻠﺲ اﻟــــﺸــــﻮرى ﻳــﻠــﺘــﻔــﺖ إﻟـــــﻰ ﻫـــﺬه اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﻤﻬﻤﺔ واﻷﺳﺎﺳﻴﺎت ﻓـﻤـﻌـﻨـﻰ ذﻟــﻚ أﻧــﻨــﺎ إن ﻃﺒﻘﻨﺎ ﻫـــﺎﺗـــﻴـــﻦ اﻟـــﻘـــﺎﻋـــﺪﺗـــﻴـــﻦ ﻓــﺈﻧــﻨــﺎ ﺳــﻨــﺰدﻫــﺮ وﻧــﺘــﻄــﻮر وﻧــﻜــﻮن ﻣــﺠــﺘــﻤــﻌــﺎ ﻳــﺘــﺴــﻢ ﺑــﺎﻟــﺴــﻌــﺎدة ﺑﻌﻴﺪا ﻋﻦ اﻷﺣﻘﺎد واﻟﻀﻐﺎﺋﻦ.

وأﻛـــــــﺪ أن ﺗـــﻌـــﺰﻳـــﺰ دور اﻟﺪﻳﻦ واﻟﻌﻘﻴﺪة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻳـﻜـﻮن ﻣـﻦ ﺧــﻼل ﻧﺸﺮ اﻟﺪﻳﻦ واﻷﺧـــــــــــــﻼق ﻋــــﺒــــﺮ اﻟـــﻤـــﻨـــﺎﺑـــﺮ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﺼﺤﻒ، وﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟـﻘـﻴـﻢ ﻣــﻦ ﺧــﻼل اﻟــﻤــﺪارس، واﻟــﺘــﺮﺑــﻴــﺔ ﺗــﺒــﺪأ ﻣـــﻦ اﻟــﺒــﻴــﺖ، وﺛـﺎﻟـﺜـﺎ وﻫــﻮ اﻷﻫــﻢ، اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋـﻠـﻰ أرض اﻟــﻮاﻗــﻊ، ﻓﻤﺎ ﻣﻌﻨﻰ أن ﻧـﺸـﺮع ﻗﻮاﻧﻴﻦ ﻟــﻸﺧــﻼق وﻧــﺤــﻦ ﺑــﻼ أﺧــﻼق، وأن ﺗﺪﻋﻮ اﻟﻤﺪارس ﻟﻸﺧﻼق وﻫــﻲ ﺗﻔﺘﻘﺪ اﻷﺧــﻼق، ﻓﻼﺑﺪ أن ﻧﺪﻋﻮ وﻧﻄﺒﻖ، ﻷن ﺗﻄﺒﻴﻖ ﻣــﺜــﻞ ﻫــــﺬه اﻟـــﻘـــﻮاﻋـــﺪ ﺳــﻴــﻌــﻮد ﺑﺎﻟﻨﻔﻊ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮد واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﺳــﻴــﻌــﻮد ﺑــﺎﻟــﻨــﻔــﻊ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻔــﺮد ﺑــﺄن ﻳـﻜـﻮن ﺻـﺎﻟـﺤـﺎ ﻓـﻲ ﻧﻔﺴﻪ و ُﻣــﺼــﻠــًﺤــﺎ ﻟــﻐــﻴــﺮه، وﺳــﻴــﻌــﻮد ﺑــﺎﻟــﻨــﻔــﻊ ﻋــﻠــﻰ اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ ﻷﻧـﻨـﺎ ﺑﺬﻟﻚ ﺳﻨﻜﻮن ُﻣﺠﺘﻤًﻌﺎ ﺣﺎﻓًﻼ ﺑـــﺎﻷﺧـــﻼق ُﻣــﺘــﺴــﻠــًﺤــﺎ ﺑــﺎﻟــﺪﻳــﻦ وﻟﻪ ﻣﻜﺎﻧﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت.

وﺷـــﺪد ﻋـﻠـﻰ أﻫـﻤـﻴـﺔ اﻟــﺪور اﻟـﺘـﺮﺑـﻮي ﻷوﻟــﻴــﺎء اﻷﻣـــﻮر، ﻷن ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﺳــﺮة ﺑﺸﻜﻞ ﻋــﺎم ﻟﻬﺎ أﺳﺎس ﻓﻲ ﺗﻜﻮﻳﻦ اﻟُﻤﺠﺘﻤﻌﺎت، وﺑــﺎﻟــﺘــﺎﻟــﻲ دور اﻟـﺘـﺮﺑـﻴـﺔ ﻣﻬﻢ ﻓــــﻲ ﺗــﻌــﺰﻳــﺰ اﻷﺧـــــــﻼق ودور اﻟـﻤـﺪارس واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﻬﻢ ﺟـﺪا ﻓــــﻲ ﺗــﻌــﺰﻳــﺰ اﻷﺧـــــــﻼق ودور اﻹﻋــﻼم أﻳﻀﺎ ﻣﻬﻢ ﻛﺬﻟﻚ ﻓﻲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻷﺧﻼق.

وأوﺿـﺢ أن ﺗﺴﻮﻳﻖ اﻷﻓﻜﺎر اﻟﺴﻠﻴﻤﺔ اﻟﻤﺘﻮاﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺷﺮﻳﻌﺘﻨﺎ وﻋـﺎداﺗـﻨـﺎ وﺗﻘﺎﻟﻴﺪﻧﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺟﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣـﻦ أﻓــﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ واﻹﻋـــﻼم واﻟــﻤــﺪارس وﻣﻨﺎﺑﺮ اﻟـﻤـﺴـﺎﺟـﺪ وﻣـﺆﺳـﺴـﺎت اﻟـﺪوﻟـﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻤﺪﻧﻲ، وﺑـﻼ ﺷﻚ أﻧـﻬـﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ ﻟـﻬـﺎ دور إﻳﺠﺎﺑﻲ ﻓـــــﻲ اﻟـــــﺪﻋـــــﻮة إﻟــــــﻰ اﻷﺧــــــﻼق واﻟـﺪﻳـﻦ، واﻟـﺪﻋـﻮة إﻟـﻰ ﺗﻄﺒﻴﻖ اﻟــﻘــﺎﻧــﻮن واﻟــﻘــﻮاﻋــﺪ واﻟــﻌــﺎدات واﻟــــﺘــــﻘــــﺎﻟــــﻴــــﺪ، واﻟــــﺤــــﻤــــﺪ ﷲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﺑﺨﻴﺮ، إذا وﺟـﺪ أي ﺷﻲء ﻳُﺨﺎﻟﻒ اﻟُﻌﺮف واﻟﻌﺎدات واﻟـﺘـﻘـﺎﻟـﻴـﺪ أو ﻳــﻀــﺮب اﻟـﻘـﻴـﻢ، ﻧﺠﺪ اﻻﺳﺘﻨﻜﺎر ﻣـﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺸﻜﻞ ﻋــﺎم، وﻫــﺬا دﻟـﻴـﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﻋﻲ واﻟﺤﺮص واﻟﺘﻔﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.

وأﺷـــــﺎر إﻟـــﻰ دﻋــــﻮة ﻣﺠﻠﺲ اﻟﺸﻮرى ﺑﺈﻧﺸﺎء ﻣﻮاﻗﻊ إﺳﻼﻣﻴﺔ ُﻣﻌﺘﺪﻟﺔ ُﻣﺘﺨﺼﺼﺔ.. ُﻣﻮﺿًﺤﺎ أن ﻫــــﺬا اﻷﻣــــﺮ دﻟــﻴــﻞ ﺣــﺮص ﻋﻠﻰ اﻟﺪﻳﻦ، وﻳﻌﺰز ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ وﺗـــﺴـــﻮﻳـــﻖ اﻷﻓـــــﻜـــــﺎر اﻟــﺴــﻠــﻴــﻤــﺔ اﻟُﻤﺘﻮاﺋﻤﺔ ﻣﻊ ﺷﺮﻳﻌﺘﻨﺎ وﻋﺎداﺗﻨﺎ وﺗــﻘــﺎﻟــﻴــﺪﻧــﺎ، ﻷﻧـــﻨـــﺎ ﻓـــﻲ زﻣــﻦ اﻧﻔﺘﺤﻨﺎ ﻓـﻴـﻪ ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺷﺒﻜﺔ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ وﻣﻮاﻗﻊ اﻟــﺘــﻮاﺻــﻞ اﻻﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻲ، وﻫــﺬا اﻻﻧﻔﺘﺎح أﺻﺒﺢ أﻛﺒﺮ، واﻟﺤﻴﺮة

ﺻﺎرت أﻛﺒﺮ، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ اﻟﺪﻋﻮة إﻟﻰ إﻧﺸﺎء ﻣﻮاﻗﻊ ﺗﺸﺮف ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻟــﺪوﻟــﺔ، ﻗﺎﺋﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻻﻋـﺘـﺪال واﻟــﻮﺳــﻄــﻴــﺔ، ﺑـﻌـﻴـﺪة ﻛــﻞ اﻟﺒﻌﺪ ﻋــــﻦ اﻟــﻌــﻨــﺼــﺮﻳــﺔ واﻟـــﺘـــﺤـــﺰب واﻟـــﺘـــﻄـــﺮف واﻟـــﻐـــﻠـــﻮ، ﺳـﻴـﻜـﻮن ﻋﺎﻣﻼ ﻣﺴﺎﻋﺪا ﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻷﺧﻼق ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.

د.ﻣﺤﻤﺪ اﻟﻤﺮي