اﻟــﺘــﻮاﺿــﻊ ﺧــﻠــﻖ ﻛــﺮﻳــﻢ ﻳــﺮﻓــﻊ ﻗ ــﺪر ﺻﺎﺣﺒﻪ اﻟــــــﺘــــــﻮاﺿــــــﻊ ﻟـــــﻴـــــﺲ ﺿـــــﻌـــــًﻔـــــﺎ ﻟــــﻜــــﻨــــﻪ ﻣـــــﻨـــــﺰﻟـــــﺔ ﻻ ﻳـــﺒـــﻠـــﻐـــﻬـــﺎ إﻻ ﺻــــــﺎﺣــــــﺐ اﻟــــــﺤــــــﻆ اﻟـــﻌـــﻈـــﻴـــﻢ

اﻟﺪوﺣﺔ ﻧﺸﺄت أﻣﻴﻦ:

-

أﻛــــﺪ ﻓــﻀــﻴــﻠــﺔ د. ﻣـﺤـﻤـﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ أن اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﺧــﻠــﻖ ﻛــﺮﻳــﻢ وﺳــﻠــﻮك ﺟﻤﻴﻞ وﻟـﺒـﺎس وﻓـﻴـﺮ ﻳﺴﺘﺮ ﺻﺎﺣﺒﻪ وﻳـــﺰﻳـــﻨـــﻪ وﻳـــﺠـــﻤـــﻠـــﻪ وﻳــﻌــﻠــﻲ ﻗــــــــﺪره، ﻓـــﻬـــﻮ ﻗــﻴــﻤــﺔ ﻗــﻴــﻤــﺔ ﻟـــﻤـــﻦ ﻓـــﻄـــﻦ ﻟــــﻪ وﺗــــــــﺪرع ﺑـﻪ وﺗــﺒــﻨــﺎه ورﻋــــﺎه، ُﻣــﺸــﻴــًﺮا إﻟـﻰ أن اﻟـــــﺘـــــﻮاﺿـــــﻊ ﻫـــــﻮ ﺧــﻔــﺾ اﻟــﺠــﻨــﺎح ﻟــﻤــﻦ ﺗــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣـﻌـﻪ وﻗــــــﺒــــــﻮل اﻟـــــﺤـــــﻖ أﻳــــــــــﺎ ﻛــــﺎن ﻗــﺎﺋــﻠــﻪ وﻣـــﺼـــﺪره. وﻣــﻔــﻬــﻮم اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻫﻮ ﺗﺬﻟﻞ ﻓﻲ اﻟﻘﻠﺐ واﻓـــﺘـــﻘـــﺎر ﻳــﻜــﺴــﺐ اﻟــــﺠــــﻮارح ﺧـــﻀـــﻮًﻋـــﺎ وﺳـــﻜـــﻮﻧًـــﺎ ﻓـﻴـﺤـﻤـﻞ ﺻـﺎﺣـﺒـﻪ ﻋـﻠـﻰ اﺣــﺘــﺮام اﻟـﻨـﺎس وﺗﻘﺪﻳﺮﻫﻢ وﺣـﺴـﻦ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣــﻌــﻬــﻢ ﻋـــﻠـــﻰ ﺣــــﺪ ﺳـــــــﻮاء، ﻻ ﻳــﻔــﺮق ﺑــﻴــﻨــﻬــﻢ ﻓـــﻲ اﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣﺎ داﻣـﻮا ﻣﺴﻠﻤﻴﻦ وﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﻢ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرات ﺧﺎﺻﺔ.

ﻣﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ

وﻗــــﺎل د. اﻟــﻤــﺮﻳــﺨــﻲ ﻓـﻲ ﺧﻄﺒﺔ اﻟـﺠـﻤـﻌـﺔ اﻟـﺘـﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ أﻣــﺲ ﺑـﺠـﺎﻣـﻊ اﻹﻣـــﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻮﻫﺎب: إن اﻟﺘﻮاﺿﻊ ﻣـــﻌـــﺮﻓـــﺔ ﺣــﻘــﻴــﻘــﻴــﺔ ﻟــﻠــﻨــﻔــﺲ وﻣــﻦ أي ﺷــﻲء ﺧـﻠـﻘـﺖ، وإذا رأﻳﺘﻢ اﻟﻤﺘﻮاﺿﻊ ﻓﺎﻋﻠﻤﻮا أﻧﻪ ﻋـــﺮف رﺑـــﻪ اﻟـﻌـﻈـﻴـﻢ وﺧـﻀـﻊ ﻟـﻌـﻈـﻤـﺘـﻪ وﺟــﺒــﺮوﺗــﻪ وﻛــﻤــﺎل ﻗــﻮﺗــﻪ، ﻓــﺪﻓــﻌــﻪ إﻟـــﻰ اﻟـﺘـﺤـﻠـﻲ

ﺑـــﺎﻟـــﺨـــﻠـــﻖ اﻷﺻــــــﻴــــــﻞ، ﻓــــﺎﷲ اﷲ ﻓــــﻲ أﺧـــــــﻼق اﻹﺳـــــــﻼم، ﺗـﺤـﻠـﻮا ﻋـﺒـﺎد اﷲ ﺑـﻬـﺬا اﻟﺨﻠﻖ واﻋﺘﺒﺮوا واﺗﻌﻈﻮا ﻋﺒﺎد اﷲ، واﺷﻜﺮوا اﷲ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ.

وأوﺿﺢ اﻟﺨﻄﻴﺐ أﻧﻪ ﻣﻦ ﻣــﺤــﻦ ﻫـــﺬا اﻟـــﺰﻣـــﺎن وﺑــﻠــﻮى ﻫـــﺬه اﻷﻳــــﺎم ﻧــﺴــﻴــﺎن اﻹﻧــﺴــﺎن ﻟـﻨـﻔـﺴـﻪ واﻟــﺠــﻬــﻞ ﺑﺤﻘﻴﻘﺘﻬﺎ، وﺗـــﺮك اﻟــﺤــﺒــﻞ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻐــﺎرب ﻟــﻬــﺎ ﺗــﺴــﺮح وﺗــﻤــﺮح وﺗــﺼــﻮل وﺗﺠﻮل، ﻣﺴﺘﻜﺒﺮة ﻣﻐﺮورة ﺑــﻜــﺜــﺮة اﻟــﻤــﻐــﺮﻳــﺎت وأﺳــﺒــﺎب اﻟﻐﻔﻠﺔ وﻏﻠﻈﺔ اﻟﺒﺎﻃﻞ وﺗﻠﻮﻧﻪ وﺗﻮﻏﻠﻪ ﺣﺘﻰ أﺣﺎﻃﺖ دواﻋﻲ اﻟــﻐــﺮور ﺑــﺎﻷﻧــﻔــﺲ ﻣــﻦ ﻛـﺜـﺮة اﻷﻣــﻮال واﻟﻤﻨﺎﺻﺐ واﻟـﺮﺗـﺐ واﻟﺠﻬﻞ، واﻟﺘﻔﺎﺧﺮ ﺑﺎﻷﻧﺴﺎب واﻷﻋــﺮاق، ﻣـﺆﻛـﺪا أن اﻟﺠﻬﻞ ﺑﺤﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻔﺲ ﺑﻠﻮى ﻛﺒﻴﺮة ﻓــﻲ دﻧــﻴــﺎ اﻟــﻨــﺎس اﻟــﻴــﻮم ﺣﺘﻰ ﻇﻬﺮ ﻣﺎ ﺗﺮون وﻣﺎ ﺗﺴﻤﻌﻮن ﻣﻦ اﻟﻌﺠﺎﺋﺐ واﻟﻐﺮاﺋﺐ، وﻣﺎ

ﺑــﻴــﻦ أﺣــــﺪ ﺣــﻘــﻴــﻘــﺔ اﻟــﻨــﻔــﻮس ﻛﺎﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻨﻔﺲ اﻟــــﺒــــﺸــــﺮﻳــــﺔ وﻋــــﻼﺟــــﻬــــﺎ وﻣــــﺎ ﻳﻬﺬﺑﻬﺎ وﻳﺆدﺑﻬﺎ.

ﺧﻠﻖ أﺻﻴﻞ

وأﺿـــــﺎف: اﻟــﺘــﻮاﺿــﻊ ﺧﻠﻖ أﺻــــﻴــــﻞ وﺻــــﻔــــﺔ ﻣـــﺤـــﻤـــﻮدة ﺗــــﺪل ﻋــﻠــﻰ ﻃـــﻬـــﺎرة اﻟــﻨــﻔــﺲ، واﺳــﺘــﻘــﺎﻣــﺔ اﻟــﻌــﺒــﺪ ورﺷـــــﺎده وﻛــــﺒــــﻴــــﺮ ﻣــــﻘــــﺎﻣــــﻪ، ودﻋـــــــﺎه ﺗﻮاﺿﻌﻪ إﻟـﻰ اﻷﻟـﻔـﺔ واﻟـﻤـﻮدة واﻟﻤﺤّﺒﺔ واﻟــُﻤــﺴــﺎواة، وﻣﺤﺎ ﻣــﻦ ﻗـﻠـﺒـﻪ اﻟـﺤـﺴـﺪ واﻟـﺒـﻐـﻀـﺎء واﻟـــــــﻜـــــــﺮاﻫـــــــﻴـــــــﺔ، »وﻋــــــﺒــــــﺎد اﻟﺮﺣﻤﻦ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻤﺸﻮن ﻋﻠﻰ اﻷرض ﻫــﻮﻧــﺎ وإذا ﺧﺎﻃﺒﻬﻢ اﻟــﺠــﺎﻫــﻠــﻮن ﻗـــﺎﻟـــﻮا ﺳـــﻼﻣـــﺎ«، ﻳـــﻤـــﺸـــﻮن ﺑــﺴــﻜــﻴــﻨــﺔ ووﻗــــــﺎر ﻣﺘﻮاﺿﻌﻴﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻜﺒﺮﻳﻦ.

أﺟﻞ اﻟﻨﻌﻢ

وﻧــــﻮه د. اﻟــﻤــﺮﻳــﺨــﻲ ﺑــﺄن ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﻨﻌﻢ وأﻛﺮم اﻟﻤﻨﻦ أن ﺗـــﻌـــﺮف ﺣــﻘــﻴــﻘــﺔ ﻧـﻔـﺴـﻚ وﻗـــﺒـــﻞ ذﻟـــــﻚ رﺑـــــﻚ اﻟــﻌــﻈــﻴــﻢ ودﻳـــﻨـــﻚ اﻟـــﻘـــﻮﻳـــﻢ، ﻓــﺈﻧــﻪ ﻣـﻦ ﻳﺠﻬﻞ رﺑـﻪ ﻋـﺰ وﺟـﻞ ﻓﺴﻮف ﻳﺠﻬﻞ ﻧﻔﺴﻪ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ﺗﺘﻮﻟﻰ زﻣـــــﺎﻣـــــﻪ اﻟــــﻨــــﻔــــﺲ اﻷﻣــــــــــﺎرة ﺑــﺎﻟــﺴــﻮء ﻓــﺘــﻘــﻮده إﻟــﻰ ﺣﺘﻔﻪ، ﻷﻧـــﻬـــﺎ ﻻ ﺗـــﻌـــﺮف إﻻ اﻟـــﺴـــﻮء ﻣﺜﻞ ﻓﺮﻋﻮن اﻟﺬي ﺟﻬﻞ رﺑﻪ اﻟﻌﻈﻴﻢ وأﻋﺮض ﻋﻦ رﺳﻮﻟﻪ اﻟـﻜـﺮﻳـﻢ، وﻧـﺴـﺐ اﻟـﻔـﺴـﺎد إﻟـﻰ ﺻــــــــﺮاط اﷲ اﻟـــﻤـــﺴـــﺘـــﻘـــﻴـــﻢ، ﻓﻘﺎل: »ذروﻧـﻲ أﻗﺘﻞ ﻣﻮﺳﻰ وﻟـــﻴـــﺪع رﺑـــﻪ إﻧـــﻲ أﺧــــﺎف أن ﻳــﺒــﺪل دﻳــﻨــﻜــﻢ أو أن ﻳـﻈـﻬـﺮ ﻓﻲ اﻷرض اﻟﻔﺴﺎد«، ﻓﻌﻤﻴﺖ ﺑـــﺼـــﻴـــﺮﺗـــﻪ واﻧــــﺘــــﻜــــﺲ ﻗــﻠــﺒــﻪ وﻃـــﻤـــﺴـــﺖ ﻓـــﻄـــﺮﺗـــﻪ ﻓـــﻘـــﺎل: »أﻧــﺎ رﺑـﻜـﻢ اﻷﻋــﻠــﻰ«، وﻗــﺎل: »أﻟﻴﺲ ﻟﻲ ﻣﻠﻚ ﻣﺼﺮ وﻫﺬه اﻷﻧــــﻬــــﺎر ﺗـــﺠـــﺮي ﻣـــﻦ ﺗـﺤـﺘـﻲ أﻓـــﻼ ﺗــﺒــﺼــﺮون«، ﺣــﺘــﻰ ﺑـﻠـﻎ ذروة اﻻﺳﺘﻜﺒﺎر واﻻﺳﺘﻌﻼء ﻓــﻘــﺎل: »ﻣــﺎ ﻋـﻠـﻤـﺖ ﻟـﻜـﻢ ﻣﻦ إﻟـــــﻪ ﻏــــﻴــــﺮي ﻓــــﺄوﻗــــﺪ ﻟــــﻲ ﻳــﺎ ﻫــﺎﻣــﺎن ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻄـﻴـﻦ ﻓﺎﺟﻌﻞ ﻟــﻲ ﺻــﺮﺣــﺎ ﻟــﻌــﻠــﻲ أﻃــﻠــﻊ إﻟــﻰ إﻟــﻪ ﻣـﻮﺳـﻰ وإﻧــﻲ ﻷﻇـﻨـﻪ ﻣﻦ اﻟﻜﺎذﺑﻴﻦ«.

ﻳﻮم اﻟﻘﻴﺎﻣﺔ

وﻟـــــﻔـــــﺖ إﻟـــــــﻰ أن ﻣــﺜــﻠــﻪ ﻛﺜﻴﺮ ﻓـﻲ ﻫــﺬه اﻟـﺪﻧـﻴـﺎ، أﻣﺲ واﻟــﻴــﻮم وﺣـﺘـﻰ ﻗـﻴـﺎم اﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣــﻤــﻦ ﻳــﺠــﻬــﻠــﻮن اﷲ ﺗــﻌــﺎﻟــﻰ وﻳﻐﺘﺮون ﺑﺄﻧﻔﺴﻬﻢ.

وأردف: اﻟــﺘــﻮاﺿــﻊ ﻟـﻴـﺲ ﺿـﻌـﻔـﺎ وﻻ ﻣـﻬـﺎﻧـﺔ وﻻ ﺧــﻮرا وﻟـــﻜـــﻨـــﻪ ﻣــــﻘــــﺎم وﻣـــﻨـــﺰﻟـــﺔ ﻻ ﻳــﻘــﺪر ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ وﻻ ﻳـﺒـﻠـﻐـﻬـﺎ إﻻ ﺻــﺎﺣــﺐ اﻟــﺤــﻆ اﻟـﻌـﻈـﻴـﻢ ﺑﻌﺪ إذن اﷲ ﻋـﺰ وﺟــﻞ، اﻟﺘﻮاﺿﻊ رؤﻳـــــــﺔ ﺣــﻘــﻴــﻘــﻴــﺔ ﺻــﺤــﻴــﺤــﺔ ﻟـﻌـﻈـﻤـﺔ اﻟــﺠــﺒــﺎر ﺟــﻞ ﺟـﻼﻟـﻪ، واﻟــــﻤــــﺘــــﻮاﺿــــﻊ ﻳــــﺎ ﻋـــﺒـــﺎد اﷲ ﻟـــﻴـــﺲ ﺿــﻌــﻴــﻔــﺎ وﻻ وﺿــﻴــﻌــﺎ وﻻ ﻣـــﺮﻳـــﻀـــﺎ وﻟـــﻜـــﻨـــﻪ واﷲ إﻧـﺴـﺎن ﻣـﻮﻓـﻖ ﺗـﺸـﺮف ﺑﺄﻛﺮم اﻟـــﻤـــﻜـــﺎرم وأرﻓــــــﻊ اﻷﺧـــــﻼق، وﻟﻘﺪ أﺧﻄﺄ وﺗﻮﻫﻢ واﻧﺤﺮف ﻣـــــﻦ اﻋـــﺘـــﻘـــﺪ أن اﻟـــﺘـــﻮاﺿـــﻊ ﺿــﻌــﻒ وﻗـــﻠـــﺔ ﺣــﻴــﻠــﺔ، وﻇــﻦ ﻣــﻦ ﻇــﻦ أن اﻟـﻜـﺒـﺮ واﻟـﻔـﺨـﺮ ﻗـﻮة وﺳﻴﻄﺮة، ﺑـﻞ ﻫـﻮ واﷲ ﺻــــﻐــــﺎر واﺣـــــﺘـــــﻘـــــﺎر ﻟــﻠــﻨــﻔــﺲ وإﻟﻘﺎء ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﻬﻠﻜﺔ.

ﺳﻴﺪ اﻟﺨﻠﻖ

وﻧﻮه ﺑﺄن رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﺗﻮاﺿﻊ، وﻫﻮ ﺳــﻴــﺪ اﻟــﺨــﻠــﻖ وأﺷــــﺮف ﻧـﻔـﺲ ﺧــﻠــﻘــﻬــﺎ اﷲ، ﻓـــﻜـــﺎن ﻳــﺠــﻴــﺐ دﻋــــــــﻮة ﻣـــــﻦ دﻋــــــــﺎه وﺻـــﻠـــﻰ ﻋــــﻠــــﻰ ﺣـــﺼـــﻴـــﺮ ﺑــــــــﺎل ﻗـــﺪﻳـــﻢ ورﻛـــﺐ اﻟــﺤــﻤــﺎر وﺳــﻠــﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺼﺒﻴﺎن وﺟﻠﺲ ﻣﻊ اﻟﻔﻘﺮاء واﻟـــﻤـــﺴـــﺎﻛـــﻴـــﻦ واﻟـــﻤـــﻤـــﺎﻟـــﻴـــﻚ وﺧـــﺪم أﻫــﻠــﻪ وﺧــﺼــﻒ ﻧﻌﻠﻪ وﺧــــــــﺎط ﺛــــﻮﺑــــﻪ وﻣــــﺸــــﻰ ﻣــﻊ اﻷرﻣــــﻠــــﺔ واﻟــﻤــﺴــﻜــﻴــﻦ وﻋـــﺎد اﻟـــﻤـــﺮﺿـــﻰ واﺗــــﺒــــﻊ اﻟـــﺠـــﻨـــﺎزة وﻓــﺘــﺢ اﷲ ﻟــﻪ اﻷرض ﻛﻠﻬﺎ، ﻓــــﺘــــﺢ ﻣــــﻜــــﺔ وﻫـــــــﻮ ﺧـــﺎﻓـــﺾ رأﺳــــــــﻪ ﺗــــﻮاﺿــــﻌــــﺎ ﷲ ﺗـــﻜـــﺎد ﻟﺤﻴﺘﻪ اﻟﺸﺮﻳﻔﺔ ﺗﻼﻣﺲ ﻇﻬﺮ راﺣـﻠـﺘـﻪ، وﻟــﻢ ﻳـﺄﺧـﺬه اﻟﻔﺨﺮ واﻟـــﺰﻫـــﻮ، وﺗــﻮاﺿــﻊ ﺻﺤﺎﺑﺘﻪ وأﻫــــــﻞ اﻟــــﻘــــﺮون و اﻟــﻌــﻠــﻤــﺎء

وﻃﻠﺒﺔ اﻟﻌﻠﻢ وﻛﻞ ﻣﻦ ﺗﻔﻀﻞ اﷲ ﻋــﻠــﻴــﻪ ﺑـــﺎﻟـــﻮﻗـــﻮف ﻋــﻠــﻰ ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻟﻨﻔﺲ.

أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺒﺮ

وﻗـــــــــﺎل اﻟــــﺨــــﻄــــﻴــــﺐ: إن اﻟـﺘـﻮاﺿـﻊ ﻳـﻜـﻮن ﻣـﻊ اﷲ وﻣﻊ اﻟـــﺮﺳـــﻮل وﻣــــﻊ اﻟـــﺪﻳـــﻦ وﻣــﻊ اﻟﻨﻌﻢ واﻟـﻮاﻟـﺪﻳـﻦ واﻷﻗﺮﺑﻴﻦ واﻟـــــــــــﻨـــــــــــﺎس واﻟــــــﻀــــــﻌــــــﻔــــــﺎء واﻟـﻤـﺴـﺎﻛـﻴـﻦ ﺧـﺎﺻـﻪ وﻣــﻦ ﻻ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ، وﻟﻴﺤﺬر اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻟﻜﺒﺮ واﻻﺳﺘﻌﻼء وﻳــﻀــﺒــﻂ ﻧــﻔــﺴــﻪ ﻋــﻨــﺪ ﺗــﻮﻓــﺮ اﻟــﻤــﺎل واﻟــﻤــﻨــﺎﺻــﺐ واﻟــﺮﺗــﺐ وﺣﻈﻮظ اﻟﺪﻧﻴﺎ واﻟﻤﻔﺎﺧﺮة واﻻﺳﺘﻌﻼء ﺑﻨﺴﺐ أو ﺣﺴﺐ، ﻳــــــﻘــــــﻮل ﺻـــــﻠـــــﻰ اﷲ ﻋـــﻠـــﻴـــﻪ وﺳــﻠــﻢ: »ﻣــﻦ ﺑـﻄـﺄ ﺑــﻪ ﻋﻤﻠﻪ ﻟـــﻢ ﻳــﺴــﺮع ﺑـــﻪ ﻧــﺴــﺒــﻪ«، ﻓـﻠـﻢ ﻳــﻨــﻔــﻊ اﻟــﻨــﺴــﺐ أﺑـــﺎ ﻟــﻬــﺐ وأﺑــﺎ ﺟـﻬـﻞ وأﺑــﺎ ﻃـﺎﻟـﺐ وﻟــﻢ ﻳﻨﻔﻊ اﻟــــﻤــــﺎل ﻗــــــــﺎرون وﻏـــﻴـــﺮﻫـــﻢ ﻓــﻜــﺎﻧــﻮا ﺣــﺼــﺐ ﺟــﻬــﻨــﻢ، ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻌﺪ ﻗﻠﺔ اﻟﻨﺴﺐ ﺑﻼﻻ وﺻــﻬــﻴــﺒــﺎ وﺳــﻠــﻤــﺎن، ﻓــﻜــﺎﻧــﻮا ﻣــــــﻦ أﻫـــــــﻞ اﻟـــــﺠـــــﻨـــــﺔ، وﺷــــﺮ اﻷﺧــــﻼق اﻟــﻜــﺒــﺮ واﻻﺳــﺘــﻌــﻼء وﻳـﻜـﻔـﻲ أن إﺑـﻠـﻴـﺲ ﻫــﻮ ﺳﻴﺪ اﻟــﻤــﺘــﻜــﺒــﺮﻳــﻦ، وﺗـــﻘـــﻮل اﻟــﻨــﺎر ﻓــﻲ اﻟـﺠـﺒـﺎرﻳـﻦ واﻟﻤﺘﻜﺒﺮﻳﻦ »ﺗـﻠـﻚ اﻟــﺪار اﻵﺧــﺮة ﻧﺠﻌﻠﻬﺎ ﻟـﻠـﺬﻳـﻦ ﻻ ﻳــﺮﻳــﺪون ﻋــﻠــﻮا ﻓﻲ اﻷرض وﻻ ﻓــﺴــﺎدا واﻟﻌﺎﻗﺒﺔ ﻟﻠﻤﺘﻘﻴﻦ .«

د. ﻣﺤﻤﺪ ﺣﺴﻦ اﻟﻤﺮﻳﺨﻲ