اﻟﺮﺳﻮل ﻧﻬﻰ اﻟﻮﻻة ﻋﻦ ﻏﻠﻖ أﺑﻮاﺑﻬﻢ أﻣﺎم اﻟﻨﺎس

اﻟــﺪوﺣــﺔ - :] أﻛـــﺪ ﻓﻀﻴﻠﺔ د. ﻣــﺤــﻤــﺪ راﺷــــﺪ اﻟـــﻤـــﺮي اﻷﺳــﺘــﺎذ ﺑــﻜــﻠــﻴــﺔ اﻟـــﺸـــﺮﻳـــﻌـــﺔ اﻹﺳـــﻼﻣـــﻴـــﺔ أن اﻟـﺮﺳـﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟﻢ ﻳــﻌــﺶ ﺑــﻌــﻴــﺪا ﻋــﻦ واﻗــﻌــﻪ أو ﺑﻴﺌﺘﻪ أو أﺻـﺤـﺎﺑـﻪ، وﻟــﻢ ﻳﻜﻦ ﻳـﻨـﺄى ﻳﻮﻣﺎ ﻣﺎ ﺑﻨﻔﺴﻪ وﻳﻌﺘﺰل اﻟﻨﺎس ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ وﻣﻊ أزواﺟﻪ، وﻳﻐﻠﻖ دوﻧﻬﻢ أﺑﻮاﺑﻪ، وﻳــﻀــﻊ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ اﻟــﺤــﺠــﺎب ﻓــﻼ ﻳﺼﻞ إﻟﻴﻪ أﺣﺪ إﻻ ﺑﺸﻖ اﻷﻧﻔﺲ.

وأوﺿــــﺢ د. اﻟــﻤــﺮي ﻓــﻲ ﺧﻄﺒﺔ اﻟــﺠــﻤــﻌــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ أﻟـــﻘـــﺎﻫـــﺎ أﻣـــــﺲ أن اﻟﺮﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻛﺎن ﻳﻌﻴﺶ ُﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻨﺎس ﻛﺄﻧﻬﺎ ُﻣﻌﺎﻧﺎﺗﻪ ﻫـﻮ، ﺑﻞ ﻳﻨﻬﻰ ﻣﻦ وﻻﻫــﻢ اﷲ أﻣﺮ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ أن ﻳﻐﻠﻘﻮا أﺑﻮاﺑﻬﻢ دون ﺣﺎﺟﺎت اﻟـﻨـﺎس، وﻳـﺤـّﺬر ﻣﻦ ﻣﻐﱠﺒﺔ ﻓﻌﻞ ذﻟﻚ، وﻗﺪ ﻗﺎل ﻋﻤﺮو ﺑﻦ ﻣﺮة اﻟـﺠـﻬـﻨـﻲ رﺿـــﻲ اﷲ ﻋـﻨـﻪ ﻟـﻤـﻌـﺎوﻳـﺔ رﺿــــﻲ اﷲ ﻋـــﻨـــﻪ: ﺳــﻤــﻌــﺖ رﺳـــﻮل اﷲ ﺻـﻠـﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳـﻠـﻢ ﻳـﻘـﻮل: »ﻣــــﺎ ﻣـــﻦ إﻣـــــﺎم ﻳــﻐــﻠــﻖ ﺑـــﺎﺑـــﻪ دون

َُ ذوي اﻟﺤﺎﺟﺔ واﻟﺨﻠﺔ واﻟﻤﺴﻜﻨﺔ إﻻ أﻏﻠﻖ اﷲ أﺑـﻮاب اﻟﺴﻤﺎء دون َﺧﻠﱠﺘﻪ وﺣﺎﺟﺘﻪ وﻣﺴﻜﻨﺘﻪ«.

وﻟـﻔـﺖ اﻟﺨﻄﻴﺐ وﻫــﻮ ﻳﺴﺘﻌﺮض ﻗــــﺼــــﺔ وﻓـــــــﺪ ﻣــــﻀــــﺮ أن اﻟـــﻘـــﺼـــﺔ ﺗﺠﺎوزت أﺣﺪاﺛﻬﺎ ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ دﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺘﺼﺪق واﻹﻧﻔﺎق ﻓﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ إﻟـﻰ درﺟــﺔ ﺑﻴﺎن اﻟﻤﻨﻬﺞ اﻹﺳﻼﻣﻲ ﻓــﻲ اﻟــﺘــﻌــﺎﻣــﻞ ﻣــﻊ اﻟــﻨــﺎس ﺑـﺎﺧـﺘـﻼف أﺣــﻮاﻟــﻬــﻢ وﻣـﻮاﻗـﻔـﻬـﻢ، ﻟـﺘـﺼـﻞ ﻫـﺬه اﻟﻤﻨﻬﺠﻴﺔ اﻟﺤﻜﻴﻤﺔ إﻟــﻰ أن ﺗﺨﻠﻖ ﻣﻦ اﻷﻣﺔ اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ أﻣﺔ ﺗﻐﻴﻴﺮ ﻧﺤﻮ اﻷﻓﻀﻞ واﻷرﻗﻰ واﻷﺳﻤﻰ.

وأﺷــــﺎر إﻟـــﻰ أن اﻟـــﺮﺳـــﻮل ﺻـﻠـﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳــﻠــﻢ ﻛـــﺎن ﻳـﻌـﻴـﺶ ﺑﻴﻦ اﻟــﻨــﺎس وﻣـﻌـﻬـﻢ ﻳـﺘـﻠـﻤـﺲ أﺣــﻮاﻟــﻬــﻢ، وﻳــﺘــﺤــﺴــﺲ أﺧـــﺒـــﺎرﻫـــﻢ ﺣــﺘــﻰ ﻗـﺒـﻞ اﻟــﺒــﻌــﺜــﺔ، ﻓــﻬــﺎ ﻫـــﻲ أم اﻟــﻤــﺆﻣــﻨــﻴــﻦ ﺧــﺪﻳــﺠــﺔ رﺿـــــﻲ اﷲ ﻋــﻨــﻬــﺎ ﺗــﻘــﻮل ﻟـــﻪ: »واﷲ ﻻ ﻳــﺨــﺰﻳــﻚ اﷲ أﺑــــﺪا: إﻧــﻚ ﻟﺘﺼﻞ اﻟـﺮﺣـﻢ، وﺗﺤﻤﻞ اﻟﻜﻞ، وﺗﻘﺮي اﻟﻀﻴﻒ، وﺗﻜﺴﺐ اﻟﻤﻌﺪوم، وﺗﻌﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﻧﻮاﺋﺐ اﻟﺤﻖ«. ﻫﺬا ﻫﻮ واﻗــﻌــﻪ، وﺗـﻠـﻚ ﻫـﻲ ﺣـﻴـﺎﺗـﻪ، وﻫـﻜـﺬا ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻼﻗﺘﻪ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻗﺒﻞ أن ﻳﻜﻮن ﻧﺒًﻴﺎ ُﻣﺮﺳًﻼ.

وأﺿـــــــــﺎف: ﻓــــﻲ ﻫـــــﺬه اﻟـــﺤـــﺎدﺛـــﺔ ﻧﺠﺪه ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﺗــﺄﺛــًﺮا إﻳـﺠـﺎﺑـًﻴـﺎ وﻓــﺎﻋــًﻼ ﺑﻤﺎ رآه ﻣﻦ ﺣــــﺎل اﻟـــﻘـــﻮم اﻟـــﺬﻳـــﻦ وﻓـــــــﺪوا ﻋـﻠـﻰ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ واﺳﺘﻘﺮوا ﺑﻤﺴﺠﺪه ﺣﻴﺚ ﻟـﻢ ﻳﺄﺑﻪ ﺑﻬﻢ أﺣـﺪ وﻫـﻢ ﻋﻠﻰ ﺣﺎﻟﺔ وﺻـﻔـﻬـﺎ اﻟـﺼـﺤـﺎﺑـﻲ ﺑــﻘــﻮﻟــﻪ: » ﻗـﻮم ُﻋـــﺮاة ﻣﺠﺘﺎﺑﻲ اﻟـﻨﱢـﻤـﺎر أو اﻟــَﻌــﺒَــﺎِء«، ﻓـﺘـﻐـﻴـﺮت ﻣـﻼﻣـﺢ وﺟـﻬـﻪ ﺻـﻠـﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳـﻠـﻢ ﻣـﻦ اﻟﺘﺒﺴﻂ واﻟﺘﺒﺴﻢ إﻟـﻰ اﻟﺘﻤﻌﺮ، ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟـﻰ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣــﻦ اﻷﻋــﻤــﺎل اﻹﻳــﺠــﺎﺑــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ ﻫﻲ ﺑـــﻤـــﻨـــﺰﻟـــﺔ ﻣـــﺴـــﺎﻫـــﻤـــﺔ ﻣــــﻦ اﻟـــﻘـــﺎﺋـــﺪ واﻟﺤﺎﻛﻢ ﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻫﺬا اﻟﻮاﻗﻊ.

وﻧﻮه ﺑﺄن ﻫﻨﺎك ﻓﺮﻗﺎ ﺑﻴﻦ ﺗﺄﺛﺮ ﺳﻠﺒﻲ ﻻ ﻳﻨﺘﺞ إﻻ اﻟﺠﻤﻮد واﻟﺴﻜﻮن واﻟﺘﻔﺮج ﻋﻠﻰ اﻟﻮاﻗﻊ دون ﻣﺸﺎرﻛﺔ

ﻓــﻲ ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮه وﺗـﺤـﺴـﻴـﻦ وﺿــﻌــﻪ، ﺑﻞ رﺑــﻤــﺎ ﻳــﻜــﻮن ﺳــﺒــﺒــﺎ ﻓـــﻲ اﺳــﺘــﻤــﺮاره وﺗــﺠــﺬره ﻓــﻲ اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ ﻣــﻦ ﺧـﻼل اﻻﻧـﺘـﻘـﺎدات اﻟـﻬـﱠﺪاﻣـﺔ وﻧَــْﻚ ِء اﻟﺠﺮاح واﻟـﻈـﻬـﻮر ﺑﻤﻈﻬﺮ اﻟﻤﺘﻤﻴﺰ اﻟﺨﺎﻟﻲ ﻣﻦ اﻟﻌﻴﻮب واﻟﻨﻮاﻗﺺ، وﺑﻴﻦ ﺗﺄﺛﺮ إﻳــﺠــﺎﺑــﻲ ﻓــﺎﻋــﻞ ﻳـﻨـﻄـﻠـﻖ ﻣــﻦ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻔﺮج واﻟﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﺳﺎﻋﺔ اﻟﺘﻄﺒﻴﻖ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﻌﻤﻞ.

وأﻛﺪ أﻧﻬﺎ رﺳﺎﻟﺔ ﻧﺒﻮﻳﺔ إﻟﻰ أوﻟﺌﻚ اﻟـﺬﻳـﻦ أﻧـﻌـﻢ اﷲ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑــﺎﻷﻣــﻮال، أن اﻟﺘﻔﺘﻮا إﻟﻰ ﺣﺎل أﻣﺘﻜﻢ اﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ اﻟﺘﻔﺎﺗﺔ ﺻﺪق، ﻓﻬﻲ أﺣﻮج ﻣﺎ ﺗﻜﻮن اﻟـﻴـﻮم ﻟﻤﻦ ﻳﺘﺄﺛﺮ ﻟﺤﺎﻟﻬﺎ ﻓﻴﺘﺤﺮك ﻟــُﻴــﺸــﺒــﻊ ﺟــﺎﺋــﻌــﻬــﺎ وﻳُــﺴــﻘــﻲ ﻇـﻤـﺂﻧـﻬـﺎ وﻳﻜﺴﻮ ﻋﺎرﻳﻬﺎ.

وﻗــﺎل: اﻟـﺮﺳـﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ُﻣﺘﻜﺌًﺎ ﻋﻠﻰ أرﻳﻜﺘﻪ ﻻ ﻳُﺒﺎﻟﻲ ﺑﻤﺎ ﻳﻠﱡﻢ ﺑﺎﻟﻨﺎس ﻣﻦ أﺣﺪاث وأوﺿـــــــﺎع ﻫـــﻢ أﺣـــــﻮج ﻣـــﺎ ﻳــﻜــﻮﻧــﻮن إﻟــﻰ ﻣـﻌـﻮﻧـﺘـﻪ وﻧـﺠـﺪﺗـﻪ، ﻳـﻘـﻮل ﺷﻴﺦ اﻹﺳـــــﻼم اﺑــــﻦ ﺗــﻴــﻤــﻴــﺔ رﺣــﻤــﻪ اﷲ: »ﻓــــﺈذا اﺟــﺘــﻬــﺪ اﻟـــﺮاﻋـــﻲ ﻓــﻲ إﺻــﻼح دﻳـﻨـﻬـﻢ ودﻧــﻴــﺎﻫــﻢ ﺑـﺤـﺴـﺐ اﻹﻣـﻜـﺎن ﻛــﺎن ﻣـﻦ أﻓـﻀـﻞ أﻫــﻞ زﻣـﺎﻧـﻪ وﻛـﺎن ﻣـﻦ أﻓـﻀـﻞ اﻟﻤﺠﺎﻫﺪﻳﻦ ﻓـﻲ ﺳﺒﻴﻞ اﷲ«. وﻋﻦ أﺑﻲ اﻟـﺪرداء رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻪ ﻗﺎل: ﺳﻤﻌﺖ رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳــﻠــﻢ ﻳــﻘــﻮل: »أﺑــﻐــﻮﻧــﻲ ﺿــﻌــﻔــﺎءﻛــﻢ، ﻓــﺈﻧــﻜــﻢ إﻧــﻤــﺎ ﺗــﺮزﻗــﻮن وﺗـﻨـﺼـﺮون ﺑﻀﻌﻔﺎﺋﻜﻢ«. رواه أﺑﻮ داود واﻟـﺘـﺮﻣـﺬي واﻟـﻨـﺴـﺎﺋـﻲ. وﻟﻜﻦ اﻟـﺴـﺆال: أﻳـﻦ دﺧـﻞ اﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳـﻠـﻢ؟ وﻣـﻦ أﻳـﻦ ﺧــﺮج؟ ﻟﻘﺪ دﺧـــﻞ رﺳـــﻮل اﷲ ﺻــﻠــﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳـــﻠـــﻢ إﻟــــﻰ ﺣـــﺠـــﺮاﺗـــﻪ اﻟــﻤــﻠــﺘــﺼــﻘــﺔ

ﺷـﻴـﺌًـﺎُ ﺑﺎﻟﻤﺴﺠﺪﻟﻌﻠﻪﻳـﺠـﺪ ﻳـﺴـﺪﺑﻪ ﺟﻮﻋﺔ ﻫـﺆﻻء اﻟﻤﺤﺘﺎﺟﻴﻦ وﻟﻮ ﻛﺎن

ًَ ﻗﻠﻴﻼ .

د. ﻣﺤﻤﺪ راﺷﺪ اﻟﻤﺮي