أﺣـﺒـﺒـﺖ ﺣــﻀــﻮر ﺣـﺼـﺺ اﻟـﺨـﻴـﺎﻃـﺔ واﻟــﺘــﺰﻣــﺖ ﺑـﻬـﺎ وﺑــﻌــﺪ ﺗـﺨـﺮﺟـﻲ ﺣــﻀــﺮت دورة ﻛـﺎﻣـﻠـﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎﻃﺔ

ﻣﻨﺬ ﻋﻘﻮد ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن، واﻟَﻤﺪَرَﺳﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻠﻌﺒﻨﺎ وﻣﻠﺘﻘﺎﻧﺎ ﻣـﻊ اﻟﻤﻌﻠﻤﺎت واﻟﻄﺎﻟﺒﺎت اﻷﺧـــــﺮﻳـــــﺎت. أﻇــــﻞ أﺗـــﺬﻛـــﺮ ﻗـــــﻮﻻ ﻣـــﺎ ﻛــﺎﻧــﺖ ﺗﺮدده ﻣﻌﻠﻤﺔ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ - وﻫﻲ ﺣﺼﺘﺎن ﻓﻲ اﻷﺳـﺒـﻮع ﻳﺘﻢ اﺳﺘﺒﺪاﻟﻬﻤﺎ ﻣﻊ ﺣﺼﺔ اﻟﺘﺪﺑﻴﺮ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻛﻞ أﺳﺒﻮﻋﻴﻦ - ﻓﻘﺪ ﻛﻨﺖ ﻣﻦ ﻫﻮاة اﻟـﺨـﻴـﺎﻃـﺔ واﻟــﺘــﻄــﺮﻳــﺰ، رﻏــﻢ ﻋـــﺰوف اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻄﺎﻟﺒﺎت ﻋﻦ ﻫﺎﺗﻴﻦ اﻟﺤﺼﺘﻴﻦ..

اﻟﻤﻬﻢ أن ﻣﻌﻠﻤﺘﻲ - ذﻛـﺮﻫـﺎ اﷲ ﺑﺨﻴﺮ - ﻛـﺎﻧـﺖ ﻛـﺜـﻴـﺮا ﻣـﺎ ﺗـﺮﺷـﺪﻧـﺎ إﻟــﻰ ﻣـﻮاﻗـﻊ اﻟﺨﻄﺄ واﻟــﺼــﻮاب ﻓــﻲ أﺷــﻐــﺎل اﻹﺑــــﺮة، وأذﻛـــﺮ أﻧـﻨـﻲ أدﺧــﻠــﺖ ﻓــﻲ اﻹﺑـــﺮة ﺧـﻴـًﻄـﺎ ﻃــﻮﻳــًﻼ، ﺣـﺘـﻰ ﻻ أﺿﻄﺮ ﻹدﺧــﺎل ﻏﻴﺮه ﻗﺮﻳﺒﺎ، ﻓﻤﺎ ﻛـﺎن ﻣﻦ ﻣﻌﻠﻤﺘﻲ إﻻ أن ﻗﻄﻌﺖ ﻧﺼﻒ اﻟﺨﻴﻂ وﻫﻲ ﺗـﻘـﻮل ﻟــﻲ: ﻻ ﺗـﻜـﻮﻧـﻲ ﻛـﺎﻟـﺨـﻴـﺎﻃـﺔ اﻟـﻜـﺴـﻮﻟـﺔ، ﻓﻬﺬا ﺧﻴﻂ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ اﻟﻜﺴﻮﻟﺔ..

ﻣﻨﺬ ذﻟﻚ اﻟﻴﻮم، وأﻧﺎ ﻛﻠﻤﺎ أﻣﺴﻚ اﻹﺑﺮة واﻟــﺨــﻴــﻂ، ﺗـﻬـﺎﺟـﻤـﻨـﻲ ﺗــﻠــﻚ اﻟــﻌــﺒــﺎرة، وﻛــﺄن ﻣـﻌـﻠـﻤـﺔ اﻟــﺨــﻴــﺎﻃــﺔ ﻣــﻌــﻲ وﺗـــﺮاﻧـــﻲ وأﻧــــﺎ أﻟـﻘـﻢ إﺑــﺮﺗــﻲ.. ﻓـﺄﺗـﻌـﻠـﻢ ﻣﻨﻬﺎ ﺟــﻴــًﺪا، وأﺿــﻊ ﺧﻴًﻄﺎ ﻣـﻌـﺘـﺪل اﻟـــﻄـــﻮل.. ﺣـﺘـﻰ ﻻ أﺻــﺒــﺢ اﻟـﺨـﻴـﺎﻃـﺔ اﻟﻜﺴﻮﻟﺔ..

اﺳﺘﻤﺮت ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻘﻮﻟﺔ ﻣﻠﺘﺼﻘﺔ ﺑﺬﻫﻨﻲ ﻣــﻊ ﻛــﻞ أﻋــﻤــﺎل اﻟــﺨــﻴــﺎﻃــﺔ، ﺣــﺘــﻰ إن رأﻳــﺖ ﻏــﻴــﺮي ﻳـﻘـﻤـﻦ ﺑــﻬــﺎ، ﻓـﻜـﻨـﺖ أراﻗـــﺐ اﻟـﺨـﻴـﻂ، ﻷﻋﺮف إن ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﺮأة ﻛﺴﻮﻟﺔ أم ﻻ..

ﺣــﺘــﻰ اﻵن، ﻣـــﻊ ﺻــﻌــﻮﺑــﺔ رؤﻳــــﺔ اﻟـﻔـﺘـﺤـﺔ اﻟﺼﻐﻴﺮة ﻓﻲ اﻹﺑــﺮة، إﻻ أﻧﻨﻲ ﻛﻠﻤﺎ ﺣﺎوﻟﺖ إﻃـــﺎﻟـــﺔ اﻟــﺨــﻴــﻂ ﻟــﻤــﻌــﺮﻓــﺘــﻲ أﻧــﻬــﺎ ﻓــﺮﺻــﺔ ﻻ ﺗــﻌــﻮض، إﻻ أﻧـﻨـﻲ أﺗـﺨـﻠـﻰ ﻋــﻦ ﻫــﺬه اﻟـﻔـﻜـﺮة ﺑﻤﺠﺮد ﻃﺮق ﻣﻘﻮﻟﺔ اﻟﻤﻌﻠﻤﺔ ﻓﻲ ذاﻛﺮﺗﻲ..

أذﻛــﺮ ﻣﻨﺬ ﻋﻬﺪ ﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﺟــﺪا، أن أﻣﻲ - رﺣﻤﻬﺎ اﷲ - ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺴﺘﻨﺠﺪ ﺑﻨﺎ ﻟﻨﻠﻘﻢ ﻟﻬﺎ إﺑﺮة ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ، وﻟﻢ أﻛﻦ أﻋﺘﻘﺪ أﻧﻨﻲ ﺳﻮف أﺻﻞ ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ، ﻓﺄﺿﻄﺮ ﻟﻄﻠﺐ اﻟُﻤﺴﺎﻋﺪة ﻣﻦ أﺣﺪ ﻣﺎ ﻟُﻤﺴﺎﻋﺪﺗﻲ ﻓﻲ ﺗﻠﻘﻴﻢ

إﺑﺮﺗﻲ.. ﻟﻜﻦ ﻟﻠﻌﻤﺮ أﺣﻜﺎﻣﻪ..

ﻓـــﺒـــﺎﻟـــﺮﻏـــﻢ ﻣــــﻦ ﻧــــﻈــــﺎرة اﻟـــــﻘـــــﺮاءة اﻟــﺘــﻲ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﻼزﻣﻨﻲ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻣـﺮ، إﻻ أن ﻫﺬه اﻹﺑــــﺮة ﺗـﺒـﻘـﻰ ﻣـﺸـﻜـﻠـﺔ داﺋــﻤــﺔ ﺑـﺎﻟـﻨـﺴـﺒـﺔ ﻟــﻲ، ﻓﺘﺮاﻧﻲ أﺧـﺘـﺎر اﻹﺑــﺮ ذات اﻟﻔﺘﺤﺔ اﻟﻮاﺳﻌﺔ، ﻷﺗـﻤـﻜـﻦ ﻣــﻦ إدﺧـــﺎل اﻟـﺨـﻴـﻂ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ أﻛﺜﺮ، إﻻ أن إﺑﺮة ﻣﺎﻛﻴﻨﺔ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﻟﻬﺎ ﻣﻌﻴﺎر ﻣــﺤــﺪد ﻓــﻲ اﻻﺗــﺴــﺎع، ﻣــﺎ ﻳـﺰﻳـﺪ ﻣــﻦ ﺻﻌﻮﺑﺔ إدﺧﺎل اﻟﺨﻴﻂ ﻓﻴﻬﺎ، وﺣﻴﻨﻬﺎ أﺑﺪأ ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﺣﻮﻟﻲ ﻣﺴﺘﻨﺠﺪة ﺑﺎﻵﺧﺮﻳﻦ، ﻓﻘﺪ أﺻﺒﺤﺖ ﻣﺜﻞ أﻣﻲ، ﺧﺎﺻﺔ ﻣﻊ إﺑﺮة اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ..

ﻛـﺎﻧـﺖ ﺷﻘﻴﻘﺘﻲ اﻟـﻜـﺒـﺮى ﺗـﺤـﺐ اﻟﺘﻄﺮﻳﺰ وأﺷـــﻐـــﺎل اﻹﺑــــــﺮة، وﻛــﻨــﺖ أﺟــﻠــﺲ ﺑــﺠــﻮارﻫــﺎ ﻷرى اﻹﺑـﺮة وﻫﻲ ﺗﺪﺧﻞ ﻓﻲ ﻗﻄﻌﺔ ﻗﻤﺎش ﺑﻴﻀﺎء، ﻟﺘﺨﺮج ﺑﻌﺪ ﻗﻠﻴﻞ وﻫﻲ ﺗﺸﻜﻞ وردة ﺟﻤﻴﻠﺔ، أو ﻛﻮًﺧﺎ ﺻﻐﻴًﺮا، أو ﻣﺮًﺟﺎ أﺧﻀﺮ، وﻏﻴﺮه..

أﺣـﺒـﺒـﺖ اﻟـﺘـﻄـﺮﻳـﺰ ﻓــﻌــﻼ.. أﺣـﺒـﺒـﺖ ﺣﻀﻮر ﺣــﺼــﺺ اﻟــﺨــﻴــﺎﻃــﺔ واﻟـــﺘـــﺰﻣـــﺖ ﺑـــﻬـــﺎ، وﺑــﻌــﺪ ﺗـﺨـﺮﺟـﻲ ﺣــﻀــﺮت دورة ﻛـﺎﻣـﻠـﺔ ﻟﻠﺨﻴﺎﻃﺔ، وﻛـﻨـﺖ أﻋـﺘـﻘـﺪ أﻧـﻨـﻲ ﺳـﺄﻗـﻀـﻲ ﻟـﻴـﻠـﻲ وﻧـﻬـﺎري أﻋـــﻤـــﻞ ﻣــــﻊ اﻹﺑــــــــﺮة، وأﺷــــّﻜــــﻞ ﺑـــﻬـــﺎ رﺳـــﻮًﻣـــﺎ وﻟــﻮﺣــﺎت ﻣـﻠـﻮﻧـﺔ ﺑــﺪﻳــﻌــﺔ، وﻣــﻼﺑــﺲ زاﻫــﻴــﺔ، ﻣــﻄــﺮزة ﺑــﺄﺟــﻤــﻞ اﻟــﻨــﻘــﻮش واﻷﻟــــــﻮان.. ﻟﻜﻦ ﻟﻸﺳﻒ، ﻓﻘﺪ ﺗﻮﻗﻒ ﻛﻞ ذﻟﻚ اﻟﺸﻐﻒ ﺑﻤﺠﺮد اﻧﻬﻤﺎﻛﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻇﻴﻔﺔ واﻟﺤﻴﺎة اﻷﺳﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗــﺘــﻮﻗــﻒ ﻋـــﻦ اﻟـــﺠـــﺮي واﻟـــﻮﺛـــﻮب ﻓـــﻲ ﻛـﻞ ﻟﺤﻈﺎ ﺗﻬﺎ . .

أﺣﻴﺎﻧﺎ، ﻳﺸﺪﻧﻲ ذﻟـﻚ اﻟﺸﻐﻒ ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ، ﻓﺄﺑﺤﺚ ﻋﻦ ﻗﻄﻌﺔ ﻣﻦ اﻟﻘﻤﺎش، ﻷﺑـﺪأ ﻓﻲ وﺿــﻊ اﻟــﺨــﻄــﻮط اﻟـﻤـﻠـﻮﻧـﺔ ﻋـﻠـﻴـﻬـﺎ، ﺑـﻜـﻞ دﻗـﺔ واﻧﺴﺠﺎم، وﻣﺎ إن ﺗﻨﺘﻬﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻠﻮﺣﺔ، ﺣﺘﻰ ﺗﻀﻴﻊ ﻣﻨﻲ وأﺿﻴﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﻓﻲ زواﻳﺎ اﻟﻨﺴﻴﺎن..

ﻟﺴﺖ اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ اﻟﻜﺴﻮﻟﺔ ﻓﻘﻂ ﻳﺎ ﻣﻌﻠﻤﺘﻲ، ﺑﻞ واﻟﻤﻬﻤﻠﺔ أﻳﻀﺎ.. وﻫﺬا ﻣﺎ أدرﻛﺘﻪ ﺑﻤﺮور اﻟﺰﻣﻦ واﻟﺴﻨﻴﻦ .

اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ اﻟﻜﺴﻮﻟﺔ د. ﺣﺼﺔ اﻟﻌﻮﺿﻲ hissaalawadi@yahoo.com ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺴﻄﻮر