زﻛﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻃﻬﺮة ﻟﻠﺼﺎﺋﻢ

ﺳﻠﻄﺎن ﺑﻦ ﻋﻮض درﻳﻊ

زﻛــﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻓـﺮﻳـﻀـﺔ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻣﺴﻠﻢ؛ اﻟﻜﺒﻴﺮ واﻟـﺼـﻐـﻴـﺮ، اﻟﺬﻛﺮ واﻷﻧـــﺜـــﻰ، ﻟـﻤـﺎ أﺧــﺮﺟــﻪ اﻟـﺒـﺨـﺎري ﻓـــﻲ ﺻــﺤــﻴــﺤــﻪ ﻣـــﻦ ﺣـــﺪﻳـــﺚ اﺑــﻦ ﻋــﻤــﺮ رﺿـــﻲ اﷲ ﻋــﻨــﻬــﻤــﺎ، ﻗـــﺎل: »ﻓــــــــﺮض رﺳــــــــﻮل اﷲ ﺻــﻠــﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳــﻠــﻢ زﻛـــﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻣــﻦ رﻣـــﻀـــﺎن، ﺻــﺎﻋــﺎ ﻣــﻦ ﺗـﻤـﺮ، أو ﺻـــــﺎﻋـــــﺎ ﻣـــــﻦ ﺷــــﻌــــﻴــــﺮ؛ ﻋــﻠــﻰ اﻟـﻌـﺒـﺪ واﻟــﺤــﺮ، واﻟــﺬﻛــﺮ واﻷﻧــﺜــﻰ، واﻟﺼﻐﻴﺮ واﻟﻜﺒﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، وأﻣــﺮ ﺑﻬﺎ أن ﺗُـــﺆّدى ﻗﺒﻞ ﺧـﺮوج اﻟﻨﺎس إﻟﻰ اﻟﺼﻼة«، وﺗﻜﻮن ﻣﻦ ﻃﻌﺎم اﻵدﻣﻴﻴﻦ، ﻣﻦ ﺗﻤﺮ أو ﺑﺮ أو أرز أو ﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم ﺑﻨﻲ آدم، وأﻳﻀﺎ ﻣﻦ اﻟﺤﻨﻄﺔ واﻷﻗﻂ واﻟﺒﺮ واﻟﺰﺑﻴﺐ ﻟﻠﺤﺪﻳﺚ اﻟﺴﺎﺑﻖ، وﻛـﺬﻟـﻚ اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ اﻟﺼﺤﻴﺢ اﻟـﺬي رواه اﻹﻣــــﺎم اﻟــﺒــﺨــﺎري ﻋــﻦ أﺑــﻲ ﺳﻌﻴﺪ اﻟﺨﺪري ﻗﺎل: »ﻛﻨﺎ ﻧﺨﺮج، إذ ﻛﺎن ﻓﻴﻨﺎ رﺳﻮل ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ زﻛﺎةاﻟﻔﻄﺮﻋﻦﻛﻞ ﺻـﻐـﻴـﺮ وﻛـﺒـﻴـﺮ، ﺣــﺮ أو ﻣـﻤـﻠـﻮك، ﺻــﺎًﻋــﺎ ﻣــﻦ ﻃــﻌــﺎم، أو ﺻــﺎًﻋــﺎ ﻣﻦ أﻗـــﻂ، أو ﺻــﺎﻋــﺎ ﻣــﻦ ﺷــﻌــﻴــﺮ، أو ﺻــﺎًﻋــﺎ ﻣــﻦ ﺗــﻤــﺮ، أو ﺻــﺎًﻋــﺎ ﻣﻦ زﺑــﻴــﺐ. ﻓـﻠـﻢ ﻧـــﺰل ﻧـﺨـﺮﺟـﻪ ﺣﺘﻰ ﻗـــــﺪم ﻋــﻠــﻴــﻨــﺎ ﻣـــﻌـــﺎوﻳـــﺔ ﺑــــﻦ أﺑـــﻲ ﺳﻔﻴﺎن ﺣﺎًﺟﺎ، أو ﻣﻌﺘﻤًﺮا، ﻓﻜﻠﻢ اﻟــﻨــﺎس ﻋـﻠـﻰ اﻟـﻤـﻨـﺒـﺮ، ﻓـﻜـﺎن ﻓﻴﻤﺎ ﻛﻠﻢ ﺑﻪ اﻟﻨﺎس أن ﻗـﺎل: إﻧـﻲ أرى أن ﻣﺪﻳﻦ ﻣﻦ ﺳﻤﺮاء اﻟﺸﺎم ﺗﻌﺪل ﺻـــﺎﻋـــﺎ ﻣـــﻦ ﺗــﻤــﺮ، ﻓــﺄﺧــﺬ اﻟــﻨــﺎس ﺑــﺬﻟــﻚ. ﻗــﺎل أﺑــﻮ ﺳـﻌـﻴـﺪ: ﻓــﺄﻣــﺎ أﻧـﺎ ﻓــــﻼ أزال أﺧــــﺮﺟــــﻪ، ﻛـــﻤـــﺎ ﻛـﻨـﺖ أﺧﺮﺟﻪ أﺑﺪا ﻣﺎ ﻋﺸﺖ« .

ﺗﺠﻤﻊ ﻫﺬه اﻷﺣﺎدﻳﺚ أن زﻛﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻻ ﺗﻜﻮن إﻻ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم وﻣﻦ ﻗــﻮت أﻫــﻞ اﻟـﺒـﻠـﺪ، ﻓـﺒـﻼد اﻹﺳــﻼم ﻋﺎﻣﺮة ﺑﺎﻟﺨﻴﺮات وأﻧﻮاع اﻟﺰروع، ﻓــﻌــﻠــﻰ ﺣــﺴــﺐ ﻛـــﻞ ﺑــﻠــﺪ واﻟــﻄــﻌــﺎم اﻟـﺮﺋـﻴـﺴـﻲ ﻓـﻴـﻪ، ﻓـﻤـﺜـﻼ ﻋـﻨـﺪﻧـﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻷرز اﻟﺒﺴﻤﺘﻲ ﻫﻮ اﻟﻄﻌﺎم اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﺑﺼﻔﺔ ﻋﺎﻣﺔ ﻓﻴﺠﻮز أن ﺗﺨﺮج ﻣﻨﻪ زﻛــﺎة اﻟﻔﻄﺮ، وﺗﺠﺐ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻤــﺴــﻠــﻢ إذا ﻛــــﺎن ﻳــﺠــﺪ ﻣـﺎ ﻳـﻔـﻀـﻞ ﻋــﻦ ﻗــﻮﺗــﻪ وﻗــــﻮت ﻋـﻴـﺎﻟـﻪ ﻳــــﻮم اﻟــﻌــﻴــﺪ وﻟــﻴــﻠــﺘــﻪ، ﻓـﻴـﺨـﺮﺟـﻬـﺎ ﻋـﻦ ﻧﻔﺴﻪ، وﻋﻤﻦ ﺗﻠﺰﻣﻪ ﻣﺆﻧﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻛﺎﻟﺰوﺟﺔ واﻟﻮﻟﺪ. واﻷوﻟـــــــــــﻰ أن ﻳـــﺨـــﺮﺟـــﻮﻫـــﺎ ﻋــﻦ أﻧــﻔــﺴــﻬــﻢ إن اﺳــﺘــﻄــﺎﻋــﻮا؛ ﻷﻧــﻬــﻢ ﻫﻢ اﻟﻤﺨﺎﻃﺒﻮن ﺑﻬﺎ، أﻣـﺎ اﻟﺤﻤﻞ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﻦ ﻓﻼ ﻳﺠﺐ إﺧﺮاج زﻛﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻋﻨﻪ؛ ﻟﻌﺪم اﻟﺪﻟﻴﻞ، وﻟﻜﻦ ﻳــﺨــﺮج ﻋــﻨــﻪ ﻣــﻦ ﺑـــﺎب اﻻﺣــﺘــﻴــﺎط ﻓﻘﻂ .

وﻻ ﻳﺠﺰئ إﺧﺮاج ﻗﻴﻤﺘﻬﺎ، وﻫﻮ ﻗـــﻮل أﻛــﺜــﺮ اﻟــﻌــﻠــﻤــﺎء؛ ﻷن اﻷﺻــﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺒﺎدات ﻫﻮ اﻟﺘﻮﻗﻴﻒ، وﻓﻲ ﻇـﻞ ﻫــﺬه اﻟـﻈـﺮوف اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻴﺸﻬﺎ أﻣــﺘــﻨــﺎ اﻹﺳـــﻼﻣـــﻴـــﺔ ﻣـــﻦ ﻣــﺠــﺎﻋــﺔ وﻓـﻘـﺮ ﻓـﻲ ﺑﻌﺾ اﻟـﺒـﻠـﺪان ﻓﻴﺠﻮز أن ﺗــﺬﻫــﺐ ﻹﺣـــــﺪى اﻟــﺠــﻤــﻌــﻴــﺎت اﻟــﺨــﻴــﺮﻳــﺔ وﺗــــﺨــــﺮج أﻧـــــﺖ ﻧـــﻘـــﻮدا ﻟـﻬـﺬه اﻟـﺠـﻤـﻌـﻴـﺎت وﻟـﻜـﻦ ﺗﺸﺘﺮط ﻋﻠﻴﻬﻢ أن ﻳـﺨـﺮﺟـﻮﻫـﺎ ﻋـﻨـﻚ ﻣﻦ ﻃﻌﺎم اﻟﺒﻠﺪ اﻟﺬي ﺳﻴﺨﺮﺟﻮن ﻓﻴﻪ اﻟﺰﻛﺎة، أو أﻧﻚ ﺗﺨﺮﺟﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪ اﻟـــﺬي ﺗـﻔـﻄـﺮ ﻓـﻴـﻪ أو ﺗـﻌـﻴـﺪ ﻓـﻴـﻪ، ﻃـﻌـﺎﻣـﺎ، وﺗـﺪﻓـﻊ ﻟﻠﺠﻤﻌﻴﺎت ﻣـﺎﻻ ﻟﺘﺨﺮﺟﻬﺎ ﺻﺪﻗﺔ ﻋﻨﻚ، وﻫﺬا ﻫﻮ اﻷﻧﺴﺐ اﻟﺬي أراه ﺑﻔﻬﻤﻲ اﻟﻘﺎﺻﺮ ﺟﻤﻌﺎ ﺑﻴﻦ اﻷﻗﻮال واﷲ أﻋﻠﻢ.

وﺟـــــــﺎء ﻓــــﻲ ﺣــــﺪﻳــــﺚ ﻋـــﺒـــﺪاﷲ ﺑـــﻦ ﻋـــﺒـــﺎس رﺿــــﻲ اﷲ ﻋــﻨــﻬــﻤــﺎ، ﻗــﺎل:«ﻓــﺮض رﺳـــﻮل اﷲ -ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳــﻠــﻢ زﻛـــﺎة اﻟﻔﻄﺮ ﻃﻬﺮة ﻟﻠﺼﺎﺋﻢ ﻣﻦ اﻟﻠﻐﻮ واﻟﺮﻓﺚ، وﻃــﻌــﻤــﺔ ﻟـﻠـﻤـﺴـﺎﻛـﻴـﻦ، ﻣــﻦ أداﻫـــﺎ ﻗﺒﻞ اﻟـﺼـﻼة ﻓﻬﻲ زﻛــﺎة ﻣﻘﺒﻮﻟﺔ، وﻣــــﻦ أداﻫــــــﺎ ﺑــﻌــﺪ اﻟـــﺼـــﻼة ﻓـﻬـﻲ ﺻـﺪﻗـﺔ ﻣـﻦ اﻟـﺼـﺪﻗـﺎت« أﺧﺮﺟﻪ اﻹﻣـــــــﺎم أﺑــــﻮ داود واﺑــــــﻦ ﻣــﺎﺟــﺔ واﻟﺪارﻗﻄﻨﻲ واﻟﺒﻴﻬﻘﻲ وﺻﺤﺤﻪ اﻟﻌﻼﻣﺔ اﻷﻟﺒﺎﻧﻲ، وإﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﻌﻴﺪ ﺑـﻴـﻮم أو ﻳـﻮﻣـﻴـﻦ، ﻛﻤﺎ ﻛﺎن اﻟــﺼــﺤــﺎﺑــﺔ ﻳــﻔــﻌــﻠــﻮن؛ ﻓــﻌــﻦ ﻧــﺎﻓــﻊ ﻣﻮﻟﻰ اﺑﻦ ﻋﻤﺮ رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ، أﻧــــﻪ ﻗــــﺎل ﻓـــﻲ ﺻـــﺪﻗـــﺔ اﻟــﺘــﻄــﻮع: »وﻛﺎﻧﻮا ﻳﻌﻄﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﻔﻄﺮ ﺑﻴﻮم أو ﻳــﻮﻣــﻴــﻦ« أﺧــﺮﺟــﻪ اﻟــﺒــﺨــﺎري، وﻋﻨﺪ أﺑﻲ داود ﺑﺴﻨﺪ ﺻﺤﻴﺢ أﻧﻪ ﻗـــﺎل: » ﻓــﻜــﺎن اﺑــﻦ ﻋـﻤـﺮ ﻳـﺆدﻳـﻬـﺎ ﻗــﺒــﻞ ذﻟـــﻚ ﺑــﺎﻟــﻴــﻮم واﻟــﻴــﻮﻣــﻴــﻦ«. وآﺧـﺮ وﻗﺖ إﺧﺮاﺟﻬﺎ ﻗﺒﻞ ﺻﻼة اﻟﻌﻴﺪ، ﻛﻤﺎ ﺳﺒﻖ ﻓـﻲ ﺣﺪﻳﺚ اﺑﻦ ﻋـــﻤـــﺮ، واﺑـــــﻦ ﻋـــﺒـــﺎس رﺿــــﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻢ، وﻫﻮ وﻗﺖ اﻷﻓﻀﻠﻴﺔ.