ﺷﻬﺎدة ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ

ﻛـﺎﻧـﺖ داﺋــﻤــﺎ ﻓــﻲ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ﻹﻇــﻬــﺎر ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻻﺣـــﺘـــﻼل وآﻻم اﻟــﺸــﻌــﺐ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻲ

رﻧﺪة ﺗﻘﻲ اﻟﺪﻳﻦ

ﺻﺤﻔﻴﺔ ﻟﺒﻨﺎﻧﻴﺔ

ﺳﻘﻄِﺖ اﻟﺰﻣﻴﻠُﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴُﺔ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻣﺮاﺳﻠﺔ اﻟﺠﺰﻳﺮة ﻓﻲ اﻷراﺿﻲ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﺑﺮﺻﺎﺻﺔ ﻏﺪر أﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﻓﻲ رأﺳﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻳﺪ اﻟﺠﻴﺶ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ.

ﻛـﺎﻧـﺖ ﺷﻴﺮﻳﻦ ﺗﻨﻘﻞ ﻛـﻌـﺎدﺗـﻬـﺎ ﺑـﺼـﺪق وﻣﻬﻨﻴﺔ وﺷـﺠـﺎﻋـﺔ اﻗـﺘـﺤـﺎم اﻟﺠﻴﺶ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺟﻨﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ. ﻛﺎﻧﺖ داﺋﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻄﻠﻴﻌﺔ ﻹﻇﻬﺎر ﺣﻘﻴﻘﺔ اﻻﺣﺘﻼل وآﻻم اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ. واﻗﺘﺤﺎم ﺷﺮﻃﺔ إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﻮﻛﺐ ﺟﻨﺎزﺗﻬﺎ أﺳﻔﺮ ﻋﻦ ﺳﻘﻮط إﺻﺎﺑﺎت ﻋﺪﻳﺪة.

إن ُﻣﻤﺎرﺳﺔ اﻟﺘﻀﻴﻴﻖ ﻋﻠﻰ ﺗﺮﺗﻴﺐ ﺟﻨﺎزة ﺷﻴﺮﻳﻦ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ أﻟًﻤﺎ وﺷﻌﻮرا ﺑﺎﻟﻈﻠﻢ إزاء اﻻﺣﺘﻼل اﻟﺬي ﻣﻨﺬ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺳﺒﻌﺔ ﻋﻘﻮد ﻳﻘﺘﻞ وﻳﺴﺠﻦ وﻳﺴﻲء ﺗﻌﺎﻣﻞ ﺷﻌﺐ، اﺣﺘﻞ أرﺿـﻪ. وﻟﻜﻦ رﻏﻢ اﻟﺤﻮاﺟﺰ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﺮت أﻋــﺪاد ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﻣﺸﻴﻌﻲ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑـﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ إﻟـﻰ ﻗﺒﺮ ﺟﺒﻞ ﺻﻬﻴﻮن. ﻛﺎﻧﺖ ردة ﻓﻌﻞ اﻟﻐﺮب أن اﻟﻤﻄﻠﻮب ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺷﻔﺎف ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻗﺘﻠﻬﺎ. ﻟﻜﻦ اﻟﻐﺮب اﻟﻤﻨﺤﺎز ﻹﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻣﺪرك ﺗﻤﺎﻣﺎ أن اﻟﺮواﻳﺔ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ اﻷوﻟـﻰ اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺪﺛﺖ ﻋﻦ اﺳﺘﻬﺪاﻓﻬﺎ ﺑﺮﺻﺎص ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻫﻲ ﻣﻦ ﺿﻤﻦ أﻛﺎذﻳﺐ اﻟﺠﻴﺶ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺮﺗﻜﺐ اﻟﺠﺮاﺋﻢ واﻟﻤﻀﺎﻳﻘﺎت ﺿﺪ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ. وﻣﺼﻮر وﻛـﺎﻟـﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ ﻟـﻢ ﻳﺸﺎﻫﺪ ﻣﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ ﻗـﺮب اﻟﻤﻜﺎن اﻟﺬي ﺳﻘﻄﺖ ﻓﻴﻪ ﺷﻴﺮﻳﻦ.

ﺗﻌﻴﺪﻧﺎ ﻣﻀﺎﻳﻘﺎت اﻟﻘﻮات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ إﻟﻰ ذاﻛﺮة زﻳﺎرة اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﻔﺮﻧﺴﻲ اﻟﺮاﺣﻞ ﺟﺎك ﺷﻴﺮاك إﻟﻰ اﻟﻘﺪس ﻓﻲ ٨٩٩١ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻣﻨﻌﺘﻪ اﻟﻘﻮات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﻘﺪس اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ دون ﻣﻮﻛﺐ إﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ، ﺛﻢ ﺗﻬﺪﻳﺪه اﻟﻘﻮات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ ﺑﻘﻄﻊ زﻳـﺎرﺗـﻪ واﻟــﻌــﻮدة إﻟــﻰ ﺑـﻠـﺪه. ﻓــﺮأى ﺑﻨﻔﺴﻪ ﻛﻴﻒ ﻳﺘﻌﺮض اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻮن ﻟﻠﻌﻨﻒ اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ. ﻓﻜﻴﻒ ﻻ ﻳﻤﻜﻦ أن ﻳـﺆدي ﻣﻘﺘﻞ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑــﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ إﻟــﻰ ﺗﺼﻌﻴﺪ ﻣـﻦ ﺷﻌﺐ ﻟـﻢ ﻳﻌﺪ ﻳﺘﺤﻤﻞ اﻟــﺬل واﻟـﻈـﻠـﻢ واﻹﺟـــﺮام، وﻗﺘﻞ ﺻﺤﻔﻴﻴﻦ وأﻃﻔﺎل؟!. وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ إﺳﻜﺎت أﺻﻮات أﺑﻨﺎء ﺷﻌﺐ ﺷﻴﺮﻳﻦ واﻟــﻘــﻮات اﻹﺳـﺮاﺋـﻴـﻠـﻴـﺔ ﺗـﻬـﺎﺟـﻢ ﻣــﻮﻛــﺐ ﺟــﻨــﺎزﺗــﻬــﺎ؟!. اﺳــﺘــﻤــﺮت إﺳــﺮاﺋــﻴــﻞ ﻓﻲ اﻷﺳﺎﺑﻴﻊ اﻷﺧﻴﺮة ﻓﻲ ﻗﺼﻒ ﺟﻨﻴﻦ وأﻣﺎﻛﻦ أﺧﺮى ﻓﻲ اﻟﻀﻔﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ.

ورﻏﻢ ذﻟﻚ ﺧﺮﺟﺖ اﺑﻨﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺸﻬﻴﺪة ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻋﻠﻰ أﻛﺘﺎف أﺑـﻨـﺎء ﺟﻨﻴﻦ إﻟــﻰ ﻣﻘﺒﺮة ﺟﺒﻞ ﺻﻬﻴﻮن ﻓـﻲ ﻣـﻮﻛـﺐ ﻛــﺎن ﻳﻠﻴﻖ ﺑﺎﺑﻨﺔ اﻟﻘﺪس اﻟﺘﻲ ﻛﱠﺮﺳﺖ ٥٢ ﺳﻨﺔ ﻣﻦ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﻟﺘﻐﻄﻴﺔ ﻣﺂﺳﻲ اﻻﺣﺘﻼل، وُﻗﺘﻠﺖ ﻣﻦ أﺟﻞ إﺳﻜﺎت ﺻﻮﺗﻬﺎ.

إن ﻣﻘﺘﻞ اﻷﺣـﺮار اﻟﺼﺤﻔﻴﻴﻦ وإﻓﻼت اﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﺎب ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﻮا ﻗـــﻮات اﺣــﺘــﻼل أم دﻳــﻜــﺘــﺎﺗــﻮرﻳــﺎت، أﺻــﺒــﺢ ﻧــﻤــﻮذﺟــﺎ ﻹﺳــﻜــﺎت أﺻـــﻮات ﺗـﻘـﻮل اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻋﻦ ﻣﻌﺎﻧﺎة اﻟﻨﺎس ﺑﺴﺒﺐ ﻏﻴﺎب اﻟﻌﻘﺎب.

ﻓـﺸـﻴـﺮﻳـﻦ أﺑــﻮ ﻋـﺎﻗـﻠـﺔ ﻣﺜﻠﻬﺎ ﻣـﺜـﻞ ﺳﻤﻴﺮ ﻗﺼﻴﺮ وﺟــﺒــﺮان ﺗـﻮﻳـﻨـﻲ وﻣــﺎري ﻛﻮﻟﻔﻦ وﺻﺤﻔﻴﻴﻦ ﻛﺜﺮ ﺗـﻢ اﻏﺘﻴﺎﻟﻬﻢ ودﻓـﻌـﻮا ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ ﺛﻤﻦ ﺣﺮﻳﺔ وﺑﺮاﻋﺔ ﻛﻠﻤﺘﻬﻢ وﻟﺴﻮء اﻟﺤﻆ اﺳﺘﺸﻬﺎدﻫﻢ ﻟﻢ ﻳﻌﺎﻗﺐ ﻋﻠﻴﻪ أﺣـﺪ، ﺑﻞ أﺻﺒﺢ أﺳﻠﻮب اﻟﺘﻌﺎﻃﻲ ﻣﻦ أﻧﻈﻤﺔ ﻣﺠﺮﻣﺔ ﺗﺒﺤﺚ ﻋﻦ إﺧﻔﺎء اﻟﺤﻘﺎﺋﻖ.

ﻓﺎﻻﺣﺘﻼل اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ أوﻗﻊ ﺷﻬﺪاء ﻛﺜﻴﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻟﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ، وﻫﺬا اﻟﺬي دﻓﻊ ﺷﻴﺮﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ إﻟﻰ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻣﻴﺪان اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ.

ﻓـﻀـﻠـﺖ ﺷــﻴــﺮﻳــﻦ أن ﺗــﻜــﻮن ﺷــﺎﻫــﺪة ﻋــﻠــﻰ ﻣــﻌــﺎﻧــﺎة اﻻﺣـــﺘـــﻼل. ﻛــﺎﻧــﺖ ﻣﻦ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ اﻟﻘﺪس اﻟﺬﻳﻦ أﺻــﺮوا ﻋﻠﻰ اﻟﺒﻘﺎء ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ اﻟﻤﻘﺪﺳﺎت اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺤﺘﺮﻣﻬﺎ إﺳﺮاﺋﻴﻞ، إذ إﻧﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻤﺮار ﺗﻀﺎﻳﻖ وﺗﻼﺣﻖ اﻟﻤﺼﻠﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺠﺪ اﻷﻗﺼﻰ.

إن ﻣــﺄﺳــﺎة وإﻓــﻘــﺎر وﻣـﻀـﺎﻳـﻘـﺔ اﻟـﺸـﻌـﺐ اﻟـﻔـﻠـﺴـﻄـﻴـﻨـﻲ ﺗــــﺰداد، ﺧـﺼـﻮﺻـﺎ أن ﻋـﺪدا ﻣﻦ اﻟﻌﺮب ﻋﻘﺪوا ﺳﻼﻣﺎ ﻣﻊ إﺳﺮاﺋﻴﻞ دون أي ﻣﻘﺎﺑﻞ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﺸﻌﺐ اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻲ. أﻣﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﻘﻴﺎدة اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻓﻬﻲ أﻳﻀﺎ ﻛﺒﺮى، ﻷﻧﻬﺎ ﻟﻢ ﺗﺠﺮ إﺻﻼﺣﺎ ﻓﻲ ﺻﻔﻮﻓﻬﺎ، وﺗﺮﻛﺖ اﻟﻔﺴﺎد ﻳﺨﺮﻗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺣﺴﺎب ﺷﻌﺐ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺘﺤﻴﺔ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﻣﻌﺎﻧﺎة وﻣﺂﺳﻲ اﻻﺣﺘﻼل وﻓﻘﺪان ﺷﻬﺪاﺋﻪ ﻣﺜﻞ ﺷﻴﺮﻳﻦ. ﻓﺎﻟﻤﻄﻠﻮب ﻗـﻴـﺎدة ﺗـﻔـﺮض ﻧﻔﺴﻬﺎ ﺑﺎﻟﻜﻔﺎءة واﻟـﻨـﺰاﻫـﺔ ﻣﻦ أﺟــﻞ ﺗـﻌـﺒـﺌـﺔ اﻟــﻐــﺮب اﻟـﻤـﻨـﺤـﺎز، ﻛــﻲ ﺗـﻜـﻮن ﻫـﻨـﺎك ﻣـﻌـﺎﻗـﺒـﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﺜـﻞ ﻫـﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ.

rntakieddine@gmail.com