ﻃـــﻘـــﻮس اﻟـــﻜـــﺘـــﺎﺑـــﺔ ﻻ ﻳــﺤــﻜــﻤــﻬــﺎ ﻗــــﺎﻧــــﻮن وﻻ ﺗــﻨــﻀــﺒــُﻂ ﺑــﻤــﻌــﺎﻳــﻴــﺮ ُﻣــــﺤــــّﺪدة

اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻟﺤﻈﺔ وﻻدة، ﻟﺤﻈﺔ اﺷﺘﻌﺎل، ﻟﺤﻈﺔ ﺧﻠﻖ، ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺨﻠﻖ ﺗﻠﻚ ﻳﻨﻔﺼﻞ اﻟﻤﺒﺪع ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻟَﻢ اﻟَﻤِﻌﻴﺶ، وﻳّﺘﺤﺪ ﻣﻊ ﻣﻮﻟﻮده، ﻓﻬﻞ ﻟﻬﺬه اﻟ ّﻠﺤﻈﺔ ﻃﻘﻮ ٌس ﺧﺎ ّﺻﺔ، ﻫﻞ ﻫﻲ َﺳ َﻔ ٌﺮ ﻓﻲ ﻋﺎﻟَِﻢ اﻟّﻼوﻋﻲ؟ اﻟﻌﺎﻟَﻢ اّﻟـﺬي ﻳﻨﺰاح ﻋﻦ اﻟﻮاﻗﻊ ﻟﺼﺎﻟﺢ اﻟﻐﺎﻣﺾ واﻟﻤﺘﺨﻴﻞ. ﻫﻞ ﻫﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻧﺨﻄﺎف؟

ّّ اﻧﺨﻄﺎف ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﺮوﺣﻲ أم اﻟﺠﺴﻤﺎﻧﻲ، أم ﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪﻳﻬﻤﺎ ﻣﻌﺎ؟ وﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻻﻧﺨﻄﺎف ﻻ ﺑـــﺪ أن ﻳــﻜــﻮن ﻛــﻞ ﺷـــﻲء ﻣـﺨـﺘـﻠـﻔـﺎ، ﻫــﻞ ﻫـﺬا اﻟﻤﺨﺘﻠﻒ ﻫﻮ ﻣﺎ ﻧُﺴّﻤﻴﻪ اﻟّﻄﻘﻮس؟ ُﻃــﻘــﻮس اﻟــﻜــﺘــﺎﺑــﺔ ﻛــﻤــﺎ ﻳـــﺮاﻫـــﺎ اﻟـــ

ُﻜـــ ّﺘـــﺎب ﻫﻲ اﻟـّﺮﻛـﻴـﺰة اﻷﺳـﺎﺳـﻴـﺔ ﻓـﻲ إﺑـﺪاﻋـﻬـﻢ، وﻗــﺪ ﺗﻜﻮن ﺟﺰًءا ﻻ ﻳُﻤﻜﻦ اﻻﺳﺘِﻐﻨﺎء ﻋﻨﻪ أﺛﻨﺎء اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ، ِﻣّﻤﺎ ﻳﻌﻨﻲ ﻓﻘﺮ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ أو ﺗﻮﻗﻔﻬﺎ إن ﻟـﻢ ﺗﺘﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﻄﻘﻮس.

ﻟــﻴــﺲ ﻟــﻄــﻘــﻮس اﻟــﻜــﺘــﺎﺑــﺔ ﻃــﻘــﺲ؛ أﻋــﻨــﻲ أﻧــﻪ ﻻ ﻳـﺤـﻜـﻤـﻬـﺎ ﻗـــﺎﻧـــﻮن، وﻻ ﺗــﻨــﻀــﺒــُﻂ ﺑـﻤـﻌـﺎﻳـﻴـﺮ ُﻣـــﺤـــﺪدة، إﻧــﻬــﺎ ﺗﺘﺸﻜﻞ ﺣـﺴـﺐ ﻣــﺎ ﺗــﺮﻳــﺪه رﺑــﺔ اﻹﻟﻬﺎم؛ ﻓﻬﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻜﺘﺐ أﻣﺎم اﻟﺒﺤﺮ، أو ﻓﻲ ﺧﻠﻮٍة ﻓﻲ اﻟﺼﺤﺮاء ﻣﻔﺘﺮﺷﺎ اﻷرض ﻣﻊ ورﻗﺔ

ﱟٍ وﻗـﻠـﻢ، وﻫـﻨـﺎك ﻣــﻦ ﻳﺠﺪ ﻓـﻲ اﻟـﻀـﺠـﺔ ﻃﻘﺴﻪ

َّ ﻓـﻲ اﻻﻧـﺒـﻌـﺎث ﻓﻴﻜﺘﺐ ﻓـﻲ اﻟﻤﻘﺎﻫﻲ اﻟﻤﻜﺘﻈﺔ ﺑﺎﻟﻐﺎدﻳﻦ واﻟﺮاﺋﺤﻴﻦ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﻨﺰوي ﻛﻘﻂ

ٍّ ﻫﺎرب ﻓﻲ ﻏﺮﻓﺔ ﺻﻐﻴﺮة ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻳﺘﻤﺸﻰ أﺛـﻨـﺎء اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻛــﺄن ﺗـﻬـﺎرﺷـﺎ ﻓـﻲ ﺟﺴﺪه ﻳﻤﻠﻚ ﻋﻠﻴﻪ ﺣـﺮﻛـﺎﺗـﻪ ﻓــﻼ ﻳــﻬــﺪأ أﺑــــﺪا، وﻣﻨﻬﻢ َﻣـْﻦ ﻳﺘﺄّﻧﻖ، وﻳﻠﺒﺲ أﺟﻤﻞ ﺛﻴﺎﺑﻪ، وﻳــﺮّش أﻏﻠﻰ ﻋﻄﻮره ﻛﺄّﻧﻪ ذاﻫــٌﺐ إﻟﻰ ﺣﻔﻞ ِزﻓــﺎف، وﻫﻨﺎك ﻃﻘﻮس ﻏﺮاﺋﺒﻴﺔ ﻣﺜﻞ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ داﺧﻞ اﻟﻤﺮاﺣﻴﺾ اﻟﻌﺎّﻣﺔ، أو ﻓﻲ اﻟّﺴﺠﻮن، أو ﻓﻲ ﻗﻄﺎرات اﻷﻧﻔﺎق اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ.

ّﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟـﻲ، اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻷوﻟــﻰ ﻣـﻊ ﺣﺮوﻓﻲ ﺗﺼﻴﺒﻨﻲ ﺑﺎﻟﺮﻋﺐ، أﺑﺪو ﻣﺜﻞ ﺟﻨﺪي ﻣﻘﻴﺪة ﻳﺪاه ﺧﻠﻒ ﻇﻬﺮه وﻳﻨﻈﺮ إﻟﻰ ﻓﻮﻫﺔ ﺑﻨﺪﻗﻴﺔ ﻳﻮﺷﻚ أن ﻳﻀﻐﻂ ﻋﻠﻰ زﻧﺎدﻫﺎ زﻣﻴﻞ آﺧﺮ ﻓﻲ اﻟﺠﻬﺔ اﻟﻤﻘﺎﺑﻠﺔ، ﻟﺘﻨﻄﻠﻖ اﻟّﺮﺻﺎﺻﺔ اﻷوﻟﻰ وﺗﻨﻔﺠﺮ ﻓﻲ وﺟﻬﻲ، ﺗﻠﻚ ﻫﻲ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻣﻊ اﻧﻄﻼﻗﺔ اﻟـﻜـﻠـﻤـﺔ اﻷوﻟــــﻰ ﻣــﻦ رواﻳـــﺘـــﻲ. أﺷــﻌــﺮ أﻧــﻨــﻲ إذا ﺗﺠﺎوزت ﻫﺬه اﻟّﻠﺤﻈﺔ ﻓﺈّﻧﻨﻲ أﻛﻮن ﻗﺪ ﻧﺠﻮت، وإن ﺳﻘﻄﺖ ﻓـﻲ ﺷــﺮك اﻟــﺮﻋــﺐ، أو ارﺗﺠﻔﺖ

ّّ أﺻﺎﺑﻊ زﻣﻴﻠﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺰﻧﺎد ﻓﺈﻧﻨﻲ ﺳﺄﻓﻘﺪ اﻗﺘﻨﺎص اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻷوﻟﻰ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺤﺮف اﻷول.

ﺣﻴَﻦ أَُﻫــّﻢ ﺑﺎﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻳﻨﺘﺎﺑﻨﻲ ﺷﻌﻮٌر ﺑﺎﻟﺨﻮف واﻟﻘﻠﻖ، رّﺑﻤﺎ أﺑﻌَﺪ ﻣﻦ ذﻟـﻚ؛ ﻫﻞ ﻫﻮ اﻛﺘِﺌﺎب؟ ﻗﺪ ﻳﻜﻮن. وﻟﻜﻲ ﻻ أواﺟﻪ اﻟﺤﺮف أﺷﻐﻞ ﻧﻔﺴﻲ

ﺑﺄﺷﻴﺎء ﻫﺎﻣﺸّﻴﺔ، أﻗﻮم ﺑﺘﺮﺗﻴﺐ اﻟﻜﺘﺐ ﻓﻲ َرﱟف ﻣﺎ ﻓﻲ ﻣﻜﺘﺒﺘﻲ ﺣﺴﺐ اﻷﻃﻮال، أﺗﺼّﻔﺢ ﺑﻌَﻀﻬﺎ ﻓﺄﻗﻮل إن ﻣﻜﺎﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﻫﻨﺎ، ﻓﺄﺳﺘﻠﻪ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﻧﻪ وأﺑﻌﺚ ﺑﻪ إﻟﻰ ﻣﻜﺎن آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﻜﺘﺒﺔ ﻋﻠﻰ رف آﺧﺮ ﺑﺘﺼﻨﻴﻒ آﺧﺮ. ﻗﺪ أﻗﻨﻊ ﻧﻔﺴﻲ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﻏﻴﺮ ُﻣﺴﺘﻌﺪ ﻟﻠﻜﺘﺎﺑﺔ وأن ﻋﻠﻲ أن أﻗـﺮأ اﻟﻤﺰﻳﺪ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع، ﻓﺄﻧﻐﻤﺲ ﻓﻲ اﻟﻘﺮاءة اﻟﻼواﻋﻴﺔ، أﻓﺘﺢ ﻛﺘﺒًﺎ وأﻏﻠﻖ أﺧــﺮى، أﺷــﺮُد ﻟﻮﻗٍﺖ ﻃﻮﻳﻞ، وﻗـﺪ أﻗـﻮل ﻟﺰوﺟﺘﻲ ﻫﻞ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻟﺒﻦ؟ أﻧـﺎ ﺧـﺎرج ﻷﺷـﺘـﺮي ﻣـﺎ ﻳﻨﻘﺺ اﻟﺒﻴﺖ، ﻟـﻢ ﻳﻜﻦ ﺧﺮوﺟﻲ إﻻ ﻫﺮوﺑًﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ، ﻣﻦ أّﻧﻨﻲ أﺧـﺎف ﻓﻲ

ٍُ ﻛـﻞ ﻣــﺮة أﻗــﺪم ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺒﺪء ﺑﻔﺼﻞ ﺟﺪﻳﺪ، أو ﺑﺼﻔﺤﺔ ﺟـﺪﻳـﺪة، أو ﺣﺘﻰ ﺑﺠﻤﻠﺔ ﺟﺪﻳﺪة، رﻫﺒﺔ اﻟﺒﺪاﻳﺎت ﺻﻌﺒﺔ، إﻧﻬﺎ ﻣﺆذﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺎ إﻟﻰ أﺑﻌﺪ اﻟﺤﺪود.