اﻟﻤﺴﻠﻢ ﻳﺴﺘﺜﻤـﺮ اﻟﻨﻌـﻢ ﻓـﻲ اﻷﻋﻤـﺎل اﻟﺼـﺎﻟﺤــﺔ

اﻟﺪوﺣﺔ- :] ﺷـﱠﺪَد ﻓﻀﻴﻠُﺔ اﻟﱠﺸﻴﺦ أﺣــﻤــﺪ ﻋـﻠـﻲ اﻟــﺤــﻤــﺎدي ﻋـﻠـﻰ ﺿـــﺮورة أن ﻳﺤﺴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﺳﺘﻐﻼل اﻟﻨﻌﻢ اﻟﺘﻲ أﻧﻌﻢ ﺑﻬﺎ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ، وأن ﻳﺤﺴﻦ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻫﺎ ﻓﻲ اﻷﻋـﻤـﺎل اﻟﺼﺎﻟﺤﺔ ﻛﻨﻌﻤﺔ اﻟﺤﻴﺎة وﻧﻌﻤﺔ اﻟـﺼـﺤـﺔ وﻧـﻌـﻤـﺔ اﻟــﻔــﺮاغ وﻧـﻌـﻤـﺔ اﻟـﺸـﺒـﺎب وﻧﻌﻤﺔ اﻟﻐﻨﻰ. وﻗﺎل ﻓﻀﻴﻠﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﺒﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﻘﺎﻫﺎ أﻣــﺲ ﺑﺠﺎﻣﻊ اﻹﻣــﺎم ﻣﺤﻤﺪ ﺑـﻦ ﻋـﺒـﺪاﻟـﻮﻫـﺎب: إن ﺧﻴﺮ ﻣـﺎ ﻧـﺘـﺬاﻛـﺮ ﺑﻪ ﻫـﻮ ﻣـﺎ أوﺻــﻰ ﺑـﻪ اﻟﻨﺒﻲ- ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ- اﺑـﻦ ﻋﻤﻪ ﻋـﺒـﺪاﷲ ﺑـﻦ ﻋﺒﺎس ﻓﻲ أﻣﻮر ﺧﻤﺴﺔ ﺟﻌﻠﻬﺎ اﻟﻨﺒﻲ- ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ- ﻏﻨﺎﺋﻢ ﺗُﻐﺘﻨﻢ وﻣﻜﺎﺳﺐ ﺗُﻜﺘﺴﺐ، ﻓﻘﺪ روى اﻟﺤﺎﻛﻢ واﻟﺒﻴﻬﻘﻲ وﻏﻴﺮﻫﻤﺎ ﻋﻦ اﺑﻦ ﻋﺒﺎس- رﺿﻲ اﷲ ﻋﻨﻬﻤﺎ- أن اﻟﻨﺒﻲﺻــﻠــﻰ اﷲ ﻋـﻠـﻴـﻪ وﺳﻠﻢ- ﻗــــﺎل: »اﻏـﺘـﻨـﻢ ﺧﻤﺴﺎ ﻗﺒﻞ ﺧـﻤـﺲ: ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻚ، وﺻــﺤــﺘــﻚ ﻗــﺒــﻞ ﺳــﻘــﻤــﻚ، وﻓـــﺮاﻏـــﻚ ﻗﺒﻞ ﺷـﻐـﻠـﻚ، وﺷـﺒـﺎﺑـﻚ ﻗـﺒـﻞ ﻫــﺮﻣــﻚ، وﻏـﻨـﺎك ﻗﺒﻞ ﻓﻘﺮك«. وأﻛﺪ أن ﻫﺬه ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻐﺎﻧﻢ إن ﻓﺮﻃﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻴﻮﺷﻚ أن ﺗﻔﻘﺪﻫﺎ إﻟﻰ ﺿﺪﻫﺎ، ﻓﺄوﻟﻬﺎ اﻟﺤﻴﺎة، وﺗﺘﻤﺜﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﺮ اﻟﺬي ﺟﻌﻠﻪ اﷲ زﻣﻨﺎ ﻟﻠﻌﻤﻞ، ﺧﺎﺻﺔ إذا ﻣﺎ وﺿﻌﻨﺎ ﻓﻲ اﻻﻋﺘﺒﺎرًً أن اﻹﻧﺴﺎن ﻗﺒﻞ ﻫﺬا اﻟﺰﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺬﻛﻮًرا، ﺣﻴﺚ ﻗﺎل ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ: »ﻫﻞ أﺗﻰ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن ﺣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﺷﻴﺌًﺎ ﻣﺬﻛﻮًرا«.

وﻗﺎل: ﻓﻴﺎ ﻣﻦ ﺑﻠﻎ اﻟﻌﺸﺮﻳﻦ أو اﻟﺴﺘﻴﻦ أو اﻟﻤﺌﺔ ﻫﺬه ﺣﻴﺎﺗﻚ ﻛﻨﺖ ﻣﺠﻬﻮﻻ ﻗﺒﻞ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ، ﺛﻢ ﻟﻢ ﺗﺤﻂ ﻋﻠﻤﺎ ﺑﻤﻘﺪار ﻋﺪﺗﻬﺎ، ﻓﺎﻏﺘﻨﻢ ﻳﺎ ﻋﺒﺪ اﷲ ﻫﺬه اﻟﺤﻴﺎة ﻓﻲ ﻋﻤٍﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻳﻨﻔﻌﻚ ﺑﻌﺪ اﻟـﻤـﻤـﺎت. وأوﺿــﺢ أن اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ اﻟـﺜـﺎﻧـﻴـﺔ ﻫــﻲ اﻟـﺼـﺤـﺔ، »ﺻﺤﺘﻚ ﻗــﺒــﻞ ﺳــﻘــﻤــﻚ«، إﻧــﻬــﺎ ﻧـﻌـﻤـﺔ اﻟــﺼــﺤــﺔ ﻓﻼ ﻣﺮض ﻳﺆﻟﻢ وﻻ ﻋﻠﺔ ﺗﺜﻘﻞ، ﻗﺪ أﺳﺒﻎ ﻋﻠﻴﻪ رﺑــﻪ ﻟـﺒـﺎس اﻟﺼﺤﺔ واﻟـﻌـﺎﻓـﻴـﺔ، ﻓﺒﺎﻟﺼﺤﺔ ﻳﻨﺸﻂ اﻟﻤﻮﻓﻖ ﻟﻌﺒﺎدة رﺑﻪ، إن ﺻﻠﻰ ﻓﻬﻮ ﻳﺼﻠﻲ ﺑﻘﻮﺗﻪ ﻗﺎﺋًﻤﺎ راﻛًﻌﺎ ﺳﺎﺟًﺪا ﻋﻠﻰ أﺗﻢ وﺟــﻪ، وإن أراد ﺻﻴﺎﻣﺎ ﻳﺘﻘﺮب إﻟـﻰ رﺑﻪ ﻟــﻢ ﻳـﻌـﻖ ﻋــﻦ ذﻟــﻚ ﺗـﻌـﺐ ﻳـﻨـﺘـﺎﺑـﻪ أو ﻋـﻼج ﻣﻦ أﺟﻠﻪ ﻳﻘﻄﻊ ﺻﻴﺎﻣﻪ، ﻓﻬﻮ ﻳﺘﻔﻴﺄ ﻣﻦ اﻟﻌﺒﺎدات أﻟﻮاﻧًﺎ وﻳﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﺟﻤﻠﺘﻬﺎ أﻓﻨﺎﻧًﺎ. وأﺷﺎر إﻟﻰ أن اﻟﻐﻨﻴﻤﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻫﻲ اﻟﻔﺮاغ ﻗﺒﻞ اﻟﺸﻐﻞ، وأﻋﻈﻢ اﻟـﻔـﺮاغ ﻓــﺮاغ اﻟﻘﻠﺐ ﻣﻦ ﻫﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ واﻟﺤﺰن ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻓﺤﻴﻨﺌﺬ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻌﺒﺪ ﻣﻄﻤﺌﻨﺎ ﻓـﻲ ﻗﻠﺒﻪ ﻣﻨﺸﺮﺣﺎ ﻓﻲ ﺻﺪره ﻻ ﻳﺮى ﻓﻲ اﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻦ ﻫﻮ أﺳﻌﺪ ﻣﻨﻪ، ﻓﻴﻘﺒﻞ ﻋﻠﻰ ﻣﺼﺎﻟﺢ دﻳﻨﻪ ودﻧـﻴـﺎه ﻋﻠﻰ أﺣﺴﻦ ﺣـﺎل وأﺗــﻢ اﺳﺘﻌﺪاد، ﻓـﺎﻟـﻔـﺮاغ ﺑـﻬـﺬه اﻟــﺼــﻮرة ﻏﻨﻴﻤﺔ ﻳﻐﺘﻨﻤﻬﺎ اﻟﻤﺆﻣﻦ ﻗﺒﻞ أن ﻳﻔﺎﺟﺌﻪ ﻣـﺎ ﻳﺸﻐﻞ ﻗﻠﺒﻪ وﻳﺸﺘﺖ ﻫﻤﺘﻪ ﻓﻴﺼﺒﺢ ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﻤﺪاﻓﻌﺔ ﻣﺮض ﻧﺰل ﺑﻪ أو ﺑﺤﺒﻴﺐ إﻟﻴﻪ أو ﺑﺎﻧﺘﻈﺎر ﻏﺎﺋﺐ ﻻ ﻳﺪري ﻣﺎ ﺻﻨﻊ اﷲ ﺑﻪ، وﻣﺸﺎﻏﻞ اﻟﻘﻠﺐ ﻻ ﺗﺤﺼﻰ.