أﻋﺪاء اﻟﻨﺠﺎح.. ووﻋﻲ اﻟﻤﻮاﻃﻦ

اﻟــﺸــﺎﺋــﻌــﺎت اﻟــﻤــﻐــﺮﺿــﺔ ﻟــﻬــﺎ دواﻓـــــﻊ ﻋــﺪﻳــﺪة ﻗــﺪ ﺗــﻜــﻮن أﻳــﺪﻳــﻮﻟــﻮﺟــﻴــﺔ أو ﺳـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ أو اﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ

ﺛﻤﺔ أﻧــﺎس اﻧـﺤـﺮﻓـﻮا ﻋـﻦ اﻟـﻔـﻄـﺮة اﻹﻟﻬﻴﺔ اﻟﺘﻲ أرادﻫﺎ اﷲ ﻟﻌﺒﺎده، وﻷﻧﻬﻢ ﻳﻌﺠﺰون ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣـﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﺼﻠﺤﺘﻬﻢ، ﻓﻘﺪ اﻧﺼﺮﻓﻮا إﻟﻰ ﺗﺸﻮﻳﻪ أي ﻧﺠﺎح ﻗﺪ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻓﻲ أي ﻣﺠﺎل ﻣﻦ ﻣﺠﺎﻻت اﻟﺤﻴﺎة، وﻛﺄﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻧﺼﺒﻮا أﻧﻔﺴﻬﻢ أﻋﺪاء ﻟﻠﻨﺠﺎح، ﻓﻬﻢ ﻻ ﻳﻌﻤﻠﻮن وﻻ ﻳـــﺮﻳـــﺪون ﻟــﻐــﻴــﺮﻫــﻢ أن ﻳــﻌــﻤــﻞ وﻳـﺤـﻘـﻖ اﻟﻨﺠﺎَح واﻟﺘﻤّﻴﺰ، ﺑﻤﺎ ﻳﻌﻨﻴﻪ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻣﻜﺎﺳﺐ ﺣﻴﺎﺗﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ، ﻫﺬا ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﻓﺮاد، وﻟﻜﻦ ﻣﺎذا ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﻜﻮن اﻟﺤﺎل ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﺪول؟

ﻣﺎ ﻣﻦ دوﻟﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻻ وﻟﻬﺎ أﻋﺪاء ﻛﻤﺎ أن ﻟﻬﺎ أﺻﺪﻗﺎء ﻳﻘﻔﻮن ﻣﻌﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺴﺮاء واﻟــﻀــﺮاء ﻷﻧـﻬـﺎ وﻗـﻔـﺖ وﺗـﻘـﻒ ﻣﻌﻬﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻗــﺪ ﻳــﺘــﻌــﺮﺿــﻮن ﻟــﻪ ﻣــﻦ أﺣــــﺪاث وﻣــﻮاﻗــﻒ ﺗـﻔـﺘـﻘـﺪ اﻟــﻌــﺪل وﺗـﻔـﺘـﻘـﺮ إﻟـــﻰ أدﻧــــﻰ ﻣﻌﺎﻳﻴﺮ اﻹﻧﺼﺎف وُﻣﻘﺘﻀﻴﺎت اﻟﻤﺼﺎﻟﺢ اﻟُﻤﺸﺘﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺠﻤﻊ اﻟــﺪول واﻟﺸﻌﻮب ﻟﻠﺘﻌﺎون ﻓﻴﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﺳﻼم وأﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ، وﻣﻊ ذﻟﻚ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺑــﻌــﺾ اﻟـــــﺪول ﺷــﺘــﻰ اﻟــﻮﺳــﺎﺋــﻞ واﻷﺳــﺎﻟــﻴــﺐ واﻷﺳﻠﺤﺔ ﻟﻺﺳﺎءة اﻟُﻤﺒﺎﺷﺮة وﻏﻴﺮ اﻟُﻤﺒﺎﺷﺮة ﻟﺨﺼﻮﻣﻬﺎ، وﻣﻦ أﺳﻮأ ﺗﻠﻚ اﻷﺳﻠﺤﺔ: ﺳﻼح اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺎت واﻟــــﺪس ﻋــﻦ ﻃـﺮﻳـﻖ ﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻬﺎ ﻓـﻲ اﻟـﺪاﺧـﻞ وأﻋـﻮاﻧـﻬـﺎ ﻓـﻲ اﻟــﺨــﺎرج، ﺑـﺪواﻓـﻊ ﻋـــﺪواﻧـــﻴـــﺔ ﻫــﺪﻓــﻬــﺎ ﺗــﺸــﻮﻳــﻪ ﺳــﻤــﻌــﺔ اﻟــــﺪول اﻟـﻤـﺨـﺎﻟـﻔـﺔ ﻟﻨﻬﺠﻬﺎ وﻣــﻮاﻗــﻔــﻬــﺎ وﺳـﻴـﺎﺳـﺎﺗـﻬـﺎ اﻟـﺨـﺎرﺟـﻴـﺔ، ﺣـﺘـﻰ إن أدى ذﻟــﻚ إﻟــﻰ ردود ﻓﻌﻞ ﻗﺪ ﺗﻨﻌﻜﺲ ﺳﻠﺒﺎ ﻋﻠﻰ أوﺿﺎﻋﻬﺎ اﻟﺪوﻟﻴﺔ وﺣـــﺎﻟـــﺔ ﺷــﻌــﻮﺑــﻬــﺎ اﻟــﻤــﻌــﻴــﺸــﻴــﺔ، ﻷن ﻏـﺎﻳـﺘـﻬـﺎ اﻟﻘﺼﻮى ﻫﻲ ﺗﺨﺮﻳﺐ اﻟﻌﻼﻗﺎت ﺑﻴﻨﻬﺎ وﺑﻴﻦ ﻣــﻦ ﺻـﻨـﻌـﺖ ﻣـﻨـﻬـﻢ أﻋــــﺪاء ﻟــﻬــﺎ. وﻣــﻦ ﻫـﺬه اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻟُﻤﻐﺮﺿﺔ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﺮض ﻟُﻤﻨﺠﺰات اﻟــﺪوﻟــﺔ اﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ، واﻟﺘﻘﻠﻴﻞ ﻣـﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ، واﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺠﺎح، ﺣﺘﻰ إن ﺷﻬﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﺑﻨﺠﺎح ﺗﻠﻚ اﻟُﻤﻨﺠﺰات، وأﺷـــــــﺎد ﺑــﻘــﺪرﺗــﻬــﺎ ﻋــﻠــﻰ ﺗــﺤــﻘــﻴــﻖ اﻟــﻐــﺎﻳــﺎت واﻷﻫﺪاف اﻟﻤﺮُﺟّﻮة ﻣﻦ إﻧﺸﺎﺋﻬﺎ.

ﺗــﻠــﻚ اﻟــﺸــﺎﺋــﻌــﺎت اﻟــﻤــﻐــﺮﺿــﺔ ﻟــﻬــﺎ دواﻓــــﻊ ﻋــﺪﻳــﺪة ﻗــﺪ ﺗــﻜــﻮن أﻳـﺪﻳـﻮﻟـﻮﺟـﻴـﺔ أو ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ أو اﻗـﺘـﺼـﺎدﻳـﺔ، ﻟﻜﻦ أﺳــﻮأ ﺗﻠﻚ اﻟــﺪواﻓــﻊ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺒﻨﺎﻫﺎ ﺟﻬﺎت ﻳﺰﻋﺠﻬﺎ ﻧﺠﺎح اﻟﺒﻠﺪان اﻷﺧﺮى، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ أﺳﻴﺮة اﻟﻌﺠﺰ ﻋﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ

أي إﻧﺠﺎز ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻣﺎ ﺗﻌﻴﺸﻪ ﻣﻦ أوﺿﺎع ﺳﻴﺌﺔ ﺗﺘﺤﻤﻞ ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ اﻟﻜﺎرﺛﻴﺔ دون ﻏﻴﺮﻫﺎ، وﺗﻨﺴﻰ ﺗﻠﻚ اﻟﺠﻬﺎت أﻧﻬﺎ ﺗـﺤـﺎرب ﺑﺴﻴﻮف ﺧﺸﺒﻴﺔ وﻋﻠﻰ أرض ﻫﺸﺔ ﻻ ﺗﻠﺒﺚ أن ﺗﻬﻮي ﺑﻬﺎ إﻟﻰ اﻟﺤﻀﻴﺾ، دون أن ﺗُﺤﻘَﻖ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ ﻣﻦ اﻟـﺤـﻴـﺎة اﻟــﺤــﺮة اﻟـﻜـﺮﻳـﻤـﺔ، ﻛـﻤـﻦ ﻳﻨﺸﻐﻞ ﻋﻦ إﺻــﻼح ﻋﻴﻮﺑﻪ، ﺑﺎﺧﺘﻼق اﻟﻌﻴﻮب وإﻟﺼﺎﻗﻬﺎ ﺑــــﺴــــﻮاه، ﻣـــﻊ أن ﺿــــﻮء اﻟــﺸــﻤــﺲ ﻻ ﻳـﻐـﻄـﻴـﻪ اﻟـﻐـﺮﺑـﺎل، واﻟـﺤـﻖ ﻻ ﻳﻄﻤﺴﻪ اﻟـﺒـﺎﻃـﻞ، ﻣﻬﻤﺎ ﺑﻠﻐﺖ ﺿﺮاوة ذﻟﻚ اﻟﺒﺎﻃﻞ، واﺷﺘﺪت وﺗﻴﺮﺗﻪ، وزادت رﻋﻮﻧﺔ أﺻﺤﺎﺑﻪ واﻟﻤﻄﺒﻠﻴﻦ ﻟﻪ.

ﺛﻤﺔ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﺟﻮﻫﺮﻳﺔ ﻳﺘﻐﺎﻓﻞ ﻋﻨﻬﺎ أﻋﺪاء اﻟــﻨــﺠــﺎح ﻣــﻦ أﺻــﺤــﺎب اﻟــﻨــﻴــﺎت اﻟـﺴـﻴـﺌـﺔ ﻓﻲ ُﻣﺤﺎوﻻﺗﻬﻢ اﻟﻴﺎﺋﺴﺔ ﻟﻠّﻨْﻴﻞ ﻣﻦ ﻧﺠﺎح ﻏﻴﺮﻫﻢ، ﻫﻲ أن اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﻻ ﺗﻌﻨﻴﻬﻢ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت، وﻫﻢ ﻳﻨﻈﺮون إﻟﻴﻬﺎ ﺑـﺎزدراء ﻷﻧﻬﻢ ﻳﺪرﻛﻮن ﺑﻄﻼﻧﻬﺎ، وﻳﻌﺮﻓﻮن دواﻓﻌﻬﺎ، وﻳﻌﻴﺸﻮن واﻗﻌﺎ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎ ﻻ ﻣــﺠــﺎل ﻓـﻴـﻪ ﻟﻠﺸﻚ أو اﻟـﺮﻳـﺒـﺔ أو اﻟﻈﻨﻮن اﻵﺛﻤﺔ، وﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ إﻗﻨﺎع اﻟﻤﻮاﻃﻦ اﻟـﻤـﻌـﺘـﺰ ﺑــﺈﻧــﺠــﺎزات وﻃــﻨــﻪ ﺑــﺄﻧــﻪ ﻋـﻠـﻰ ﺧﻄﺄ؟ وﻫﻮ ﻳﺠﻨﻲ ﺛﻤﺎر ﻫﺬه اﻹﻧﺠﺎزات اﻟﺘﻲ ﻳﺸﻴﺪ

ﺑـﻬـﺎ اﻟـﻘـﺎﺻـﻲ واﻟــﺪاﻧــﻲ؟ وﻛـﻴـﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻟﺘﻠﻚ اﻟـﺸـﺎﺋـﻌـﺎت أن ﺗـﺘـﺠـﺎوز وﻋــﻲ اﻟـﻤـﻮاﻃـﻦ وﻫﻮ أول ﻣﻦ ﻳــﺪرك ﻏﺮﻗﻬﺎ ﻓﻲ وﺣـﻞ اﻷﻏـﺮاض اﻟﻤﺸﺒﻮﻫﺔ اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻨﻄﻠﻲ ﻋﻠﻰ أﺣــﺪ ﻳﻌﻴﺶ واﻗﻌﺎ ﻣﻐﺎﻳﺮا ﻟﺘﻠﻚ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت ﺑﻜﻞ ﺑﻄﻼﻧﻬﺎ؟

إن أﻋـــﺪاء اﻟﻨﺠﺎح ﻫـﻢ ﻓـﺌـﺎت ﻟـﻦ ﺗـﺼـﻞ إﻻ إﻟــﻰ ﺧﻴﺒﺔ اﻷﻣــﻞ ﻓـﻲ ﻣـﺤـﺎوﻻﺗـﻬـﺎ اﻟﺘﺸﻜﻴﻚ ﻓــﻲ اﻟـﻤـﻨـﺠـﺰات اﻟـﺮاﺋـﻌـﺔ اﻟـﺘـﻲ ﺗـﻘـﻮم ﺑـﻬـﺎ أي دول راﺋـــــﺪة ﻓـــﻲ اﻹﻧـــﺠـــﺎز واﻟــﺘــﻄــﻮﻳــﺮ وﻓــﻖ ﺧﻄﻂ ﺗﻨﻤﻮﻳﺔ ﻃـﻤـﻮﺣـﺔ، وﻫــﻲ ﺳـﺎﺋـﺮة ﻓﻲ ﻫـﺬا اﻻﺗﺠﺎه دون أن ﺗﻌﻨﻴﻬﺎ ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت أو ﺗـﺴـﺘـﺤـﻖ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻣــﺠــﺮد اﻟــﺘــﻔــﺎﺗــﺔ، ﺗﻌﻄﻴﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺠﻤﻬﺎ، وﻳﻜﻔﻲ أن ﻳﺘﺼﺪى ﻟﻬﺬه اﻟﻤﺤﺎوﻻت اﻟﻔﺎﺷﻠﺔ.. وﻋﻲ اﻟﻤﻮاﻃﻦ وإدراﻛﻪ ﻟﺤﻘﻴﻘﺔ أﻫﺪاف ﺗﻠﻚ اﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻨﺎﻫﺎ أﻋﺪاء اﻟﻨﺠﺎح. ﻗﺎل اﻟﻤﺘﻨﺒﻲ: ﻋﻠﻰ ﻗﺪر أﻫﻞ اﻟﻌﺰم ﺗﺄﺗﻲ اﻟﻌﺰاﺋﻢ

وﺗﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﺪر اﻟﻜﺮام اﻟﻤﻜﺎرم وﻗـﺪﻳـﻤـﺎ ﻗـﻴـﻞ: إن اﻟـﺸـﺠـﺮة اﻟـﻤـﺜـﻤـﺮة ﻫﻲ اﻟﺘﻲ ﺗﺮﻣﻰ ﺑﺎﻟﺤﺠﺎرة.