ﻳﺠـــﺮي ﻓﻲ اﻟﺪوﺣـــﺔ
ﻣــﻮﻧــﺪﻳــﺎل ﻗــﻄــﺮ أﻛــﺒــﺮ إﻧ ــﺠ ــﺎز ﺣ ــﻀ ــﺎري ﺳ ـﻠ ـﻤ ـﻲ ﻳ ـﺴ ـﺘ ـﻮﺟ ـﺐ ﺷــﻜــﺮﻫــﺎ ﺑ ـﺎﺳ ـﻤ ـﻨ ـﺎ ﻛــﺸــﻌــﻮب ﻋـﺮﺑـﻴـﺔ
اﻟﺘﻨﺎﻓُﺲ ﻣﻦ ﻃﺒﻴﻌِﺔ اﻹﻧﺴﺎِن، ﺑﺪﻻﻟﺔ أﱠن اﻟــﻄــﻔــﻞ ﻗــﺒــَﻞ أن ﻳــﺒــﻠــَﻎ ﺳـــﱠﻦ اﻟـﻨـﻄـﻖ ﻳــﻨــﺎﻓــﺲ ﻋــﻠــﻰ اﻫــﺘــﻤــﺎم اﻵﺧـــﺮﻳـــﻦ ﺑــﻪ، وﻳـﻌـﺒـﺮ ﻋـﻦ ﻫــﺬا ﻗﺒﻞ ﻛـﻼﻣـﻪ ﺑﺤﺮﻛﺎت ﺗﺘﻄﻮر ﺑﺘﻄﻮر ﻧﻤﻮه. ﺑﻞ وﻳﻨﺎﻓﺲ اﻟﻄﻔﻞ أﺗﺮاﺑﻪ ﻋﻠﻰ اﻫﺘﻤﺎم اﻟﻜﺒﺎر ﺑﻄﺮق ﺗﺼﻞ ﻟـﻠـﻌـﺪواﻧـﱠﻴـﺔ، وأﻳــًﻀــﺎ ﺑـﻨـﺰع اﻷﺷــﻴــﺎء اﻟﺘﻲ ﺗـﺮوﻗـﻪ ﻣـﻦ أﻳــﺪي أﺗــﺮاﺑــﻪ. وﺟــﻞ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺗﺘﺮﻛﺰ ﻓﻲ ﺑﻴﺎن ﻣﺎ ﻳﺤﻖ ﻟﻪ وﻣﺎ ﻻ ﻳﺤﻖ. وﻟﻜﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﻨﺰﻋﺎت اﻟﺤﻴﺎزﻳﺔ ﻻ ﺗــﻨــﺘــﻔــﻲ ﺗـــﻤـــﺎﻣـــﺎ، ﻫـــﻲ ﻓــﻘــﻂ ﺗـﺨـﻒ ﺑﺎﻧﺤﺴﺎرﻫﺎ ﻷﻃٍﺮ ﻓﺎرﺿٍﺔ اﻟﺤﺪوَد ﻓﻲ ﺻـﻴـﻐـﺔ أﻋـــــﺮاف اﺟــﺘــﻤــﺎﻋــﻴــﺔ ﺗــﺼــﻞ ﻓﻲ ذروﺗﻬﺎ ﻟﻠﻘﻮاﻧﻴﻦ.
ﻓـــﺈﺳـــﺎءة ﺗــﻮﻇــﻴــﻒ ﻫـــﺬه اﻟـﺘـﻨـﺎﻓـﺴـﻴـﺔ وﺻﻠﺖ ﻓﻲ ﻋﺼﻮر ﺳﺎﺑﻘﺔ ﻟﺪﻓﻊ اﻟﻌﺒﻴﺪ ﻟﻼﻗﺘﺘﺎل ﺣـﺪ ﻣــﻮت اﻟـﺨـﺎﺳـﺮ -اﻟﺰﻣﻴﻞ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة- ﻓــﻲ ﺑـﻤـﺎ ﻳـﺼـﻞ ﻷﺧـــﻮة ﻋﺒﻴﺪ ﺣﺮﻣﻮا ﻣﻦ اﻷﺳـﺮة اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ. وﺗﺠﺴﺪ ذﻟـــﻚ اﻹﻣـــﺒـــﺮاﻃـــﻮرﻳـــﺎت اﻟــﺘــﻲ أﻗــﺎﻣــﺖ ﻣــﺪرﺟــﺎت ﻛــﺎﻧــﺖ ﻛـﻠـﻬـﺎ ﻣــﺴــﺎرح ﻟﻘﺘﺎل دام ﻗـﺒـﻞ أن ﺗـﻮﻇـﻒ ﻷﻏـــﺮاض ﺳﻠﻤﻴﺔ أﺧــﺮى ﻛﺎﻟﻌﺮوض اﻟﻔﻨﻴﺔ واﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ. وﻓــﻲ اﻷﺣــﻴــﺎء اﻟﺸﻌﺒﻴﺔ ﻟـﺒـﻼد ﻣــﺎ زاﻟــﺖ ﻣﺘﺨﻠﻔﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻄﻮر، ﻧﺠﺪ ﺑﻘﺎﻳﺎ اﻟﺘﺮاث اﻟﻘﺪﻳﻢ ﻓﻲ ﻋﺮوض اﻗﺘﺘﺎل ﻓﻲ اﻟﺸﻮارع ﻳﺤﺸﺪ ﺟﻤﻬﻮر ﻧﻈﺎرة وﻣﺸﺠﻌﻴﻦ.. ﻣﺎ ﻳﺸﻲ ﺑـﻐـﺮﻳـﺰة وﺣﺸﻴﺔ ﻟـﻢ ﺗـﺸـﻒ ﻣﻨﻬﺎ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﻛﻠﻴﺎ. وﻟﻜﻦ اﻷﺳــﻮأ ﻳﺒﻘﻰ ﻓﻲ اﻗﺘﺘﺎل اﺣﺘﻼﻟﻲ، ﻓﻘﻂ ﺑﻬﺪف ﺗﺄﺳﻴﺲ وﺗﺴﻤﻴﻦ إﻣﺒﺮاﻃﻮرﻳﺎت ﻟﻢ ﻳﻄﻮ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺒﺸﺮي ﻏﺮاﺋﺰﻫﺎ اﻟﺒﺪاﺋﻴﺔ.. ﻓﻴﻤﺎ اﻟﻮﺟﻪ اﻟــﻤــﻀــﻲء ﻟـﻠـﺘـﻨـﺎﻓـﺴـﻴـﺔ، ﻓــﻲ ذات ﺣﻘﻞ اﻟـــﻘـــﻮى واﻟـــﻤـــﻬـــﺎرات اﻟــﺠــﺴــﺪﻳــﺔ، ﺑــﺎت ﻳﺠﺮي ﻓﻲ ﻣﺒﺎرﻳﺎت رﻳﺎﺿﻴﺔ ﻳﺘﺼﺎﻓﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻼﻋﺒﻮن اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﻮن ﻋﻨﺪ اﻧﺘﻬﺎء اﻟﻠﻌﺒﺔ. وﻟﻴﺲ ﺻﺪﻓﺔ أو ﻋﺒﺜﺎ أن ﻫﺬه اﻟﻤﺒﺎرﻳﺎت أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﻘﻄﺐ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎ وإﻋــﺠــﺎﺑًــﺎ ﺑـﺸـﺮﻳًـﺎ ﻛــﺎﺳــًﺤــﺎ، ﺧـﺎﺻـﺔ ﺑﻴﻦ اﻟـﺬﻛـﻮر، ﻛﻮﻧﻬﻢ اﻷﻛـﺜـﺮ ﺟﻨﻮﺣﺎ ﻟﻠﻘﻮى اﻟـﺠـﺴـﺪﻳـﺔ ﻟـﻴـﺲ ﻓـﻘـﻂ ﺑـﻴـﻦ اﻟـﺒـﺸـﺮ، ﺑﻞ وﺑﻴﻦ اﻟﻜﺎﺋﻨﺎت اﻟﺤﻴﺔ اﻷﺧﺮى.
ﻫــﺬه اﻹﺣــﻼﻟــﻴــﺔ ﻟـﻠـﺮﻳـﺎﺿـﺔ اﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻣـــﻜـــﺎن اﻻﻗـــﺘـــﺘـــﺎل اﻟــﻮﺣــﺸــﻲ ﺗـﻈـﻬـﺮﻫـﺎ ﺗــﺴــﻤــﻴــﺔ »اﻟــــــﻤــــــﺎراﺛــــــﻮن« اﻟــــﺘــــﻲ ﺗــﻌــﻮد ﻟﺨﻮاﺗﻴﻢ ﺣـﺮب ﻧﺸﺒﺖ ﺑﻴﻦ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻴﻦ واﻟــﻔــﺎرﺳــﻴــﻴــﻦ، ﺣــﻴــﺚ وﻗــﻌــﺖ اﻟــﺤــﺮب ﻓـــﻲ ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ ﻣـــﺎراﺛـــﻮن وﺣــﻴــﻦ اﻧـﺘـﺼـﺮ اﻟﻴﻮﻧﺎﻧﻴﻮن ﺑﻌﺪ ﻗﺘﺎل ﻟﺴﺎﻋﺎت ﻃﻮﻳﻠﺔ، ﻗﺎم ﻣﺤﺎرب ﻳﻮﻧﺎﻧﻲ ﺑﺎﻟﺮﻛﺾ ﻣﺴﺎﻓﺔ ٠٤ ﻛﻴﻠﻮﻣﺘﺮا ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﻣﺎراﺛﻮن إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺛﻴﻨﺎ ﻟﻴﺒﻠﻎ أﻫﻠﻪ ﺧﺒﺮ اﻧﺘﺼﺎرﻫﻢ ﻋــﻠــﻰ اﻟــــﻔــــﺮس.. وﻣــــﺎت ﻣـــﻦ اﻹرﻫــــﺎق ﺑﻌﺪ أن أوﺻﻞ اﻟﺨﺒﺮ. وﻣﻦ ﻫﻨﺎ ﺟﺎءت
ﺗﺴﻤﻴﺔ ﺳﺒﺎق اﻟـﻤـﺎراﺛـﻮن اﻟــﺬي ﺳﺠﻠﺖ أول ﺑﻄﻮﻟﺔ ﻓﻴﻪ ﺑﺴﺒﺎق ﻓﻲ أول أﻟﻌﺎب أوﻟﻤﺒﻴﺔ ﺟـﺮت ﻓﻲ اﻟﻴﻮﻧﺎن ﻋـﺎم ٦٩٨١ ﻟــﺴــﺒــﺎق ﻟــﻠــﺮﻛــﺾ ﻣـــﻦ ﺟــﺴــﺮ ﻣــﺪﻳــﻨــﺔ ﻣﺎراﺛﻮن إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ أﺛﻴﻨﺎ. وﻛﺎن ﻫﺬا أول ﺗـﻜـﺮﻳـﺲ ﻟﺴﻠﻤﻴﺔ اﻟـﺘـﻨـﺎﻓـﺲ اﻟـﺮﻳـﺎﺿـﻲ، واﻟﺬي اﺣﺘﺮاﻣﻪ ﺑﺨﺎﺻﺔ ﻟﺠﻬﺔ ﺳﻠﻤﻴﺘﻪ، ﻳﻌﻜﺲ ﺣﺎﻟﺔ ﺣﻀﺎرﻳﺔ ﻻ ﻧﺒﺎﻟﻎ إن ﻗﻠﻨﺎ: إﻧــﻬــﺎ اﻟـﻌـﻠـﻴـﺎ ﻓــﻲ ﻋــﻼﻗــﺔ ﺷــﻌــﻮب اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ وﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ ﻓﺮﻗﻪ اﻟﺮﻳﺎﺿﻴﺔ.
وﻫﺬا ﻣﺎ ﺗﻘﻮُم ﺑﻪ دوﻟُﺔ ﻗﻄﺮ ﻓﻲ أﻛﺒﺮ إﻧــﺠــﺎز ﺣــﻀــﺎري ﺳﻠﻤﻲ دوﻟـــﻲ ﻟـﻮاﺣـﺪة ﻣﻦ أﺻﻐﺮ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻣﺴﺎﺣًﺔ وﺗﻌﺪاًدا ﻟﻠﺴﻜﺎن.. وﻳﻮﺟﺐ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺷﻜﺮﻫﺎ ﺑﺎﺳﻤﻨﺎ ﺟـﻤـﻴـﻌـﺎ ﻛـﺸـﻌـﻮب ﻋــﺮﺑــﻴــﺔ، ﻋـﻠـﻰ ﺣﺴﻦ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﺑﻪ، وﻧﺸﺪ ﻋﻠﻰ ﻳﺪﻫﺎ، وﻧﺄﺗﻤﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ وﺑﻨﺎﺗﻨﺎ اﻟﻘﺎﺻﺪﻳﻦ اﻟﺪوﺣﺔ ﻟﺤﻀﻮر ﻫﺬا اﻟﺤﺪث اﻟﻬﺎم.