ﻗــــــﻮة اﻟ ــﻤ ــﺘ ــﻐ ــﻴ ــﺮات أﻣــــــﺎم ﺛـــﺒـــﺎت اﻟـــﺒـــﻘـــﺎء ﻋ ــﻠ ــﻰ ﻃــﺒــﻴــﻌــﺘــﻚ وﻋ ــﻔ ــﻮﻳ ــﺘـ ـﻚ وﺳــﻠــﻮﻛــﻴــﺎﺗــﻚ
ﻛﻦ أﻧﺖ ﻛﻤﺎ أﻧﺖ!
sibae_r@hotmail.com
ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻫﻲ وﺗـﻴـﺮُة اﻟّﺘﻐﻴﻴﺮات اﻟﺘﻲ ﻧﻌﻴﺸﻬﺎ ﻓﻲ واﻗﻌﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ، وﻟﻬﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة واﻟﺘﺸﻌﺐ ﻣﺎ ﻳﺠﻌﻠﻬﺎ ﺗﻄﺎل وﺗﻬﻴﻤﻦ ﻋﻠﻰ ﻛﺎﻓﺔ أوﺟﻪ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ اﻟﺸﺨﺼّﻴﺔ، واﻟﻌﻤﻠّﻴﺔ، واﻻﺟـﺘـﻤـﺎﻋـّﻴـﺔ، وﺻــﻮًﻻ إﻟـــﻰ اﻟــﺸــﻜــﻞ واﻟــﺴــﻠــﻮك اﻟــﻠــﺬﻳــﻦ ﻟــﻢ ﻳﺴﺘﺜﻨﻬﻤﺎ ﻫﺬا اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻄﺮد، ﻓﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﻘﺒﻮًﻻ ﺷﻜﻠًﻴﺎ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎ ﻗﺒﻞ ﻓﺘﺮة ﻣﻦ اﻟﺰﻣﻦ ﺑﺎت ﻳﻌﺘﺒﺮ إﻟﻰ ﺣﺪ ﻣﺎ ﻧﻬًﺠﺎ ﻗﺪﻳًﻤﺎ ﻳﻨﻈﺮ إﻟﻴﻪ ﺑﻌﻴﻦ اﻟﺮﺟﻌّﻴﺔ واﻟﺘﺄﺧﺮ.
وﻷن اﻟﺴﻮاد اﻷﻋﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻌﻘﻞ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ ﻳﻤﻴﻞ ﻋﺎدة إﻟﻰ ﺗﺘﺒﻊ اﻟﻤﻨﻬﺞ ذي اﻟﺼﺪى اﻷﻋﻠﻰ واﻻﻧــﺘــﺸــﺎر اﻷوﺳــــﻊ ﺗــﺮوﻳــًﺠــﺎ وﺗـﻄـﺒـﻴـًﻘـﺎ، وذﻟــﻚ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﺴﻴﺮ ﻣﻊ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻣﺮﺣﻠﻴﺎ وﻋﺪم اﻟـﺸـﻌـﻮر ﺑﺎﻟﻐﺮﺑﺔ ﻋﻨﻪ ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋـﻦ ﻣﺪى رﺟـﺤـﺎن ﻛﻔﺔ ﻣـﺴـﺎوﺋـﻪ ﻋﻠﻰ ﻓــﻮاﺋــﺪه، ﻧﺠﺪ أن اﻟﺴﻠﻮك أﺻﺒﺢ أﻳﻀﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎس اﻟﻮﺗﻴﺮة اﻟﺮاﺋﺠﺔ ﺣﺘﻰ ﻟﻮ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺎس ﻃﺒﻴﻌﺔ اﻟﺸﺨﺺ، ﻋﻔﻮﻳﺘﻪ وﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ.
وﻟﻨﻔﺘﺮض أن ﻣـﻦ اﺧـﺘـﺎر أن ﻳﺮﻛﺐ ﻣﻮﺟﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﺴﻠﻮﻛﻲ ﺗﻜﻠًﻔﺎ وﺗﺰﻟًﻔﺎ دون أﻳﺔ ﻓﻠﺘﺮة ﻟـﻤـﺎ ﻳـﺘـﻨـﺎﺳـﺐ ﻣــﻊ ﻃـﺒـﻴـﻌـﺘـﻪ، وﻃــﺒــﺎﻋــﻪ وﻓــﻜــﺮه، وﻣــﺎ ﻻ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻌﻬﺎ، ﻗـﺪ ﺣﻘﻖ رًﺿــﺎ ﺟﺰﺋًﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﻴﺎر اﻟﺠﻤﻌﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ، ﻓﺈﻟﻰ أي ﺣﺪ ﻫﺬا اﻟﺮﺿﺎ ﺣﻘﻴﻘﻲ وﻏﻴﺮ ﻣﺼﻄﻨﻊ ﻳﻜﻔﻴﻪ ﻟﻴﺠﻌﻞ ﺻﻮت ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻪ ﺳﺎﻛﻨﺎ دون أي ﺿﺠﻴﺞ داﺧﻠﻲ ﻳﺆرق ﺗﻮازﻧﻪ اﻟﺬاﺗﻲ اﻟﻔﻜﺮي؟
أﻻ ﺗــﻜــﻮن أﻧــﺖ ﻛـﻤـﺎ أﻧــﺖ وﺗـﻤـﻴـﻞ إﻟــﻰ اﻟـﻘـﻮل أو اﻟﺘﺼﺮف ﻋﻠﻰ اﻟﻨﺤﻮ اﻟـﺬي ﻻ ﺗﻌﻜﺴﻪ ﻣﺮآة ﻓـﻜـﺮك ﺣﻘﻴﻘﺔ، ﻛـﺄﻧـﻚ ﺗــﺮﺗــﺪي ﻣــﺎ ﻟـﻴـﺲ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﺳﻚ، ﻓﺈﻣﺎ ﻫﻮ أﺻﻐﺮ وإﻣﺎ ﻫﻮ أﻛﺒﺮ، وﻓﻲ ﻛـﻠـﺘـﺎ اﻟـﺤـﺎﻟـﺘـﻴـﻦ ﻟــﻦ ﺗــﻜــﻮن ﻓــﻲ وﺿـــﻊ ﻣــﺮﻳــﺢ، وﺳـﻴـﻜـﻮن ﻣــﺎ ﺗﺼﻄﻨﻌﻪ ﻣــﻦ ﻗــﻮل وﻓـﻌـﻞ ﻋﺒﺌﺎ ﺛــﻘــﻴــﻼ ﻋـﻠـﻴـﻚ ﻣـﻬـﻤـﺎ ﺣــﺎوﻟــﺖ إﻇــﻬــﺎر اﻟـﻌـﻜـﺲ، واﻟﺴﺒﺐ اﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ذﻟﻚ أﻧﻚ ﺑﺘﻜﻠﻔﻚ أﻗﻮاﻻ وﺗﺼﻨﻌﻚ ﺳـﻠـﻮﻛـﻴـﺎت ﻻ ﺗـﺘـﻮاﻓـﻖ ﻣــﻊ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻚ ﺗـﻜـﻮن أﻧــﺖ ﻣـﻦ ﻳﻘﻴﺪ ﺑﺘﺼﺮﻓﻪ أﺟﻨﺤﺔ ﻓﻜﺮه ﻣﻦ اﻟﺘﺤﻠﻴﻖ ﻓﻲ ﺳﻤﺎء ﺣﺮﻳﺔ ﻗﺒﻮل ﻣﺎ ﺗﺮﻏﺐ ﺑﻪ ﻓﻌﻼ ورﻓﺾ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻨﺴﺠﻢ ﻣﻌﻚ، وﻻ ﺷﻲء ﻓــﻲ ﻫــﺬه اﻟـﺤـﻴـﺎة ﻣــﻦ ﺷـﺄﻧـﻪ اﻟـﻤـﺴـﺎس ﺑﺤﺮﻳﺔ اﻹﻧـــﺴـــﺎن ﺑــﻜــﺎﻓــﺔ ﺻـــﻮرﻫـــﺎ، ﺗــﻜــﻮن ﻟـــﻪ اﻟـﻐـﻠـﺒـﺔ واﻟﺪﻳﻤﻮﻣﺔ.
اﻟـــﻨـــﺎس ﻣـــﻦ ﺣـــﻮﻟـــﻚ، ﺳـــﻮف ﻳــﻠــﻌــﺒــﻮن دورا ﻓﻲ رﺣﻠﺔ ﺑﻨﺎء اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت واﻷﻓـﻜـﺎر اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪ اﻟـﻘـﻨـﺎﻋـﺔ واﻟــﺴــﻠــﻮك، وﻟﻨﻈﺮﺗﻬﻢ ورأﻳــﻬــﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻧﻘﻮم ﺑﻪ رﻫﺒﺔ ﻻ ﺑﺪ ﻣﻨﻬﺎ، وﻟﻜﻨﻬﺎ رﻫﺒﺔ ﻧﺴﺒﻴﺔ
ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣـﻦ ﺷﺨﺺ ﻵﺧــﺮ، وﻣــﺎ دﻣــﺖ أﻧــﻚ ﻻ ﺗــﺆذي أﺣـــﺪا ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻘﻮﻟﻪ أو ﺗﺴﻠﻜﻪ، ﻓــﺈن رأي اﻟـﻨـﺎس واﻟـﺘـﻴـﺎر اﻟـﺮاﺋـﺞ ﻳﺒﻘﻰ ﻋﻨﺼًﺮا ﺧﺎرﺟًﻴﺎ، وﻣــﻬــﻤــﺎ ﺑــﻠــﻎ ﻇــﺎﻫــﺮه ﻣــﻦ اﻟــﻘــﻮة ﻓــﻲ اﻟـﺘـﻘـﻴـﻴـﺪ واﻟﻬﻴﻤﻨﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺘﺄﺛﻴﺮ إﻻ ﺑﺎﻟﻘﺪر اﻟﺬي ﻧﺘﻴﺤﻪ ﻧﺤﻦ ﻓﻘﻂ دون أي ﻋﻨﺼﺮ آﺧﺮ.
إن أﻫﻢ ﻣﻜﺴﺐ ﺗﺤﻘﻘﻪ وﻛﻔﺘﻪ راﺟﺤﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻋﺪاﻫﺎ ﻷن ﺗﻘﺪﻳﺮه ﻳﺘﺠﺎوز أي ﺛﻤﻦ ﻣﺎدي ﻋﻠﻰ وﺟﻪ اﻷرض، ﻫﻮ أن ﺗﻜﻮن أﻧﺖ ﻛﻤﺎ أﻧﺖ، ﺗﻜﻮن ﻋﻔﻮﻳًﺎ ﻓﻲ وﺟﻮدك، وﺛﺎﺑًﺘﺎ ﻓﻲ ﻗﻨﺎﻋﺎﺗﻚ، وﺑﻌﻴًﺪا ﻛﻞ اﻟﺒُﻌﺪ ﻋﻦ اﻟﺘﺰﻟﻒ واﻟﺘﺼّﻨﻊ، وﻗﻮﻳًﺎ ﻓﻲ وﺟﻪ أي ﺗﻴﺎر ﻓﻜﺮي وﺳﻠﻮﻛﻲ ﻻ ﻳﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻚ وﺳﻠﻮﻛﻴﺎﺗﻚ، وﻣـﻦ رﺑـﺢ ﻧﻔﺴﻪ اﻟﺘﻲ ﻫـﻲ ﻣـﺤـﻮر وﺟــﻮده ﻛﻠﻪ وﻛـﻴـﺎﻧـﻪ ﻓﻘﺪ رﺑــﺢ ﻛﻞ ﺷﻲء.