اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟـــﻴﺎ ﻣــــﻦ ﺟــﺪﻳـــﺪ

ﻛﻠﻤﺎ ﺷﺎﻫﺪت أﻧـﻮاع اﻟﻜﻌﻚ واﻟﻤﺨﺒﻮزات اﻟﺸﻬﻴﺔ واﻟﻠﺬﻳﺬة، أﺗﺬﻛﺮ ﺗﻠﻚ اﻷﻳﺎم اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ ﺟﺪﺗﻲ وأﻣﻲ واﻷﺧﺮﻳﺎت )رﺣﻤﻬﻦ اﷲ( ﻳﻘﻤﻦ ﺑﺘﺤﻀﻴﺮ ﺑﻌﺾ اﻷﻧﻮاع اﻟﻘﻠﻴﻠﺔ ﻣﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺤﻠﻮﻳﺎت اﻟﺘﺮاﺛﻴﺔ، اﻟﺘﻲ ﺗﺤﺘﺎج إﻟﻰ

ًّ أن ﺗﻮﺿﻊ ﻓﻮق اﻟﺠﻤﺮ اﻟﻤﺸﺘﻌﻞ، وﻳﻮﺿﻊ ﻓﻮق اﻹﻧﺎء أﻳﻀﺎ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ذﻟﻚ اﻟﺠﻤﺮ، وﻛﻴﻒ ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﺗﺤﺎول إذﻛﺎء اﻟﻨﺎر ﻣﻦ ﺗﺤﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻘﺪور، ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻨﻄﻔﺊ اﻟﺠﻤﺮ وﺗﻔﺴﺪ اﻟﺤﻠﻮى أو أي ﻧﻮع آﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺄﻛﻮﻻت.

ﻓﺄرى ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻲ وأﻣﺎﻣﻲ ﻛﻞ أﻧﻮاع اﻷﺟﻬﺰة اﻟﻜﻬﺮﺑﺎﺋﻴﺔ اﻟﺘﻲ وﻓﺮﺗﻬﺎ ﻟﻨﺎ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ اﻟﻘﺮن اﻟﻤﺎﺿﻲ وﺣﺘﻰ وﻗﺘﻨﺎ اﻟﺤﺎﻟﻲ.

ﻧﻌﻢ، ﻟﻘﺪ وﻓﺮت ﺗﻠﻚ اﻵﻻت اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺮأة ﻣﻬﻤﺎت ﻛﺜﻴﺮة، ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻨﻬﺎ ﺑﺬل اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺪ واﻟﻮﻗﺖ واﻟﻌﻨﺎء.

ﻛﻞ ﺷﻲء أﺻﺒﺢ اﻵن ﺑﺎﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، إﻻ ﺷﻴًﺌﺎ واًﺣـﺪا، وﻫﻮ ﺗﺮﺑﻴﺔ اﻷﺑﻨﺎء، ﻓﺤﺘﻰ اﻵن ﺗﻘﻊ ﻫﺬه اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻋﻠﻰ اﻹﻧﺴﺎن وﺣﺪه، دون اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ.

وﻫﺬه ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺗﻠﻚ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧّﻴﺔ اﻟﻜﺜﻴﺮة واﻟُﻤﺘﻌّﺪدة اﻟﺘﻲ ﻧﺘﺮﻛﻬﺎ ﻓﻲ أﻳﺪي اﻟﺼﻐﺎر ﻣﻨﺬ ﻧﻌﻮﻣﺔ أﻇﻔﺎرﻫﻢ، ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻬﺎ أن ﺗﻜﻮَن ﺑﺪﻳًﻼ ﻟﻸم، أو اﻷب، أو اﻟُﻤﻌﻠﻢ، أو اﻟﻤﺴﺠﺪ، وﻏﻴﺮﻫﻢَﻣﻦ اﻟُﻤﺮﺑﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺒﺸﺮ.

إﻧﻨﺎ ﻧﻀﻊ ﺗﻠﻚ اﻷﺟﻬﺰة ﺑﻴﻦ أﻳﺪﻳﻬﻢ ﻟﻨﺘﻤﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﺮاﺣﺔ واﻻﺳﺘﺮﺧﺎء، ورﺑﻤﺎ اﻟﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل، دون إزﻋﺎج ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﺼﻐﺎر، ودون أن ﻧـﺘـﺮَك ﻟﻬﻢ اﻟﻤﺠﺎل ﻟﻠﻌﺐ واﻟـــﱡﺼـــﺮاخ، وَﻣـــﻞء اﻟﻤﻜﺎن ﺑـﺎﻹزﻋـﺎج واﻟﺸﻴﻄﻨﺔ، واﻟﺨﺮﺑﺸﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﺛﺎث واﻟﺠﺪران، وﻛﺴﺮ اﻷواﻧﻲ واﻹﻛﺴﺴﻮارات اﻟﺜﻤﻴﻨﺔ، أي دون أن ﻧﺘﺮﻛﻬﻢ ﻟﻴﻌﻴﺸﻮا ﻃﻔﻮﻟﺘﻬﻢ، اﻟﻤﺴﺮوﻗﺔ ﻣﻨﻬﻢ ﻗﻬﺮا، ﺑﻔﻀﻞ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺤﺪﻳﺜﺔ.

ﻗﺒﻞ ﻗﺮن ﻣﻦ اﻟﺰﻣﺎن ﺗﻘﺮﻳﺒًﺎ، ﺣﻴﻦ ﻛﺎن اﻹﻧﺴﺎن ُﻳﻔّﻜﺮ ﺑﺎﺧﺘﺮاٍع ﻟﻴﻨُﻘَﻞ ﻣـﻦ ﺧﻼﻟﻪ اﻷﺣـــﺪاث اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ إﻟــﻰ اﻟـﻨـﺎس ﻓـﻲ ﺑﻴﻮﺗﻬﻢ، ﻛﺎن اﻟﺮادﻳﻮ، وﻛﺎن اﻧﻄﻼﻗﻪ ﻟﻺﻋﻼم، وإﺧﺒﺎر اﻟﺒﺸﺮ ﻓﻌﻼ ﺑﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪون ﻣﻌﺮﻓﺘﻪ ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ.

ﺛﻢ ﺗﻄ ّﻮر اﻷﻣﺮ ﻟﻴﻨﺪﻣ َﺞ اﻟﺼﻮت ﻣﻊ اﻟﺼﻮرة، وﻟ ُﻴﺸ ﱢﻜﻼ ﻋﺎﻟ ًﻤﺎ ﺟﺪﻳ ًﺪا ﻣﻦ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﻤﺮﺋﻲ واﻟﻤﺴﻤﻮع، ﺣﻴﺚ اﻧﺘﺸﺮت ﺗﻠﻚ اﻷﺟﻬﺰة ﻓﻲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ، أﺳﺮع ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎر اﻹﺷﺎﻋﺎت اﻟﻤﻐﺮﺿﺔ.

ﻛﺎﻧﺖ ﺗﻠﻚ اﻟﻔﺘﺮة ﻫﻲ ﻓﺘﺮة اﻹﻋـﻼم اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ، ﺑﻜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ ﻣﻦ ﻣﻌﻨﻰ، ﺳﻮاء ﻓﻲ اﻟﺮادﻳﻮ أو اﻟﺘﻠﻔﺎز، إﻻ أن اﻟﻨﺎس ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻛﺎﻧﻮا ﻳﺴﻌﻮن إﻟﻴﻬﺎ ﻟﻠﻤﻌﺮﻓﺔ واﻻﻃــﻼع ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳـﺪور ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﺤﺜﻬﻢ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﺘﻞ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ واﻟﺒﺮاءة، واﻟﻄﺎﻗﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ أوﻟﺌﻚ اﻟﺼﻐﺎر ﻓﻲ زﻣﺎﻧﻬﻢ.

اﻵن، ﺗـﻐـّﻴـﺮت اﻷوﺿـــــﺎع ﺣــًﻘــﺎ، أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧـﺤـﻦ اﻟـﺒـﺸـﺮ ﻧُـﻐـّﻴـﺮ اﻷﻫـــﺪاف اﻟﺤﻘﻴﻘّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻣﻦ أﺟﻠﻬﺎ أوﺟــﺪت ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ، أﻻ وﻫـﻲ ُﻣﺴﺎﻋﺪة اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ ﺗﺴﻴﻴﺮ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﺑُﻴﺴﺮ وﺳﻬﻮﻟﺔ، وُﻣﻘﺎوﻣﺔ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﺠﻬﺪ اﻟﺘﻲ ﻛـﺎن ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض ﺑﺬﻟﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻟﻘﻄﻊ ﻣﺴﺎﻓﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻣﻦ اﻟﻄﺮﻳﻖ، أو ﻟﻤﻌﺮﻓﺔ اﻟﻤﺴﺘﺠﺪات اﻟﻤﻬﻤﺔ ﻓﻲ ﺑﻴﻮﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻌﻴﺪ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻷﻫﺪاف اﻟﻨﺒﻴﻠﺔ واﻟﺴﺎﻣﻴﺔ.

أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ ﻟﻴﺴﻮا ﻓﺌﺮاﻧًﺎ ﻟﺘﺠﺎ ِرب ﻫﺬه اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺘﻲ اﻗﺘﺤﻤﺖ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﺪاﻳﺘﻬﺎ ﻟﻨﻬﺎﻳﺘﻬﺎ، ﻓﺮﻓًﻘﺎ ﺑﻬﻢ، رﻓًﻘﺎ ﺑﺎﻟﻐﺪ واﻟُﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻘﺎدم، وﻟﻨﻨﻈﻢ ﻟﻬﻢ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻷﺟﻞ ﺳﻼﻣﺘﻬﻢ وﺻﺤﺘﻬﻢ.