ﻻ ﺗـﺰال ﻏـﺰة ﻣـﺮآة ﻷﺣــﻮال اﻟﻤﺴﻠﻤﻴــﻦ ﻓــﻲ اﻟﻌـــﺎﻟــﻢ

ﻫﺎ ﻫﻮ رﻣﻀﺎن آﺧﺮ ﻛﻤﺎ ﺟﺎء ﻳﻤﻀﻲ ﻣﺜﻠﻪ ﻣﺜﻞ اﻟﻌﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ واﻟﺬي ﻗﺒﻠﻪ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺎل ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻊ اﻟﻌﺪوان اﻟﻐﺎﺷﻢ ﻟﻼﺣﺘﻼل اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻓﻲ اﻟﺴﻨﻮات اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، اﻟﺬي ﻛﺎﻧﺖ آﺛﺎر ﺗﺪﻣﻴﺮه ﻇﺎﻫﺮًة ﻓﻲ اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺑﻮﺿﻮح ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ، وردود اﻟﻔﻌﻞ اﻟُﻤﺨﺰﻳﺔ ﻣـﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳـﻼﻣـﻲ ﻣـﻦ ﻧﺎﺣﻴﺔ أﺧﺮى، ﻋﻠﻰ ﻣﺪار ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﺧﻤﺲ ﺳﻨﻮات ﻣﻊ ﻛﻞ ﻋﻴﺪ ﻓﻄﺮ.

وﻓﻲ اﻟﻌﺎم اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺟﺎء اﻟﻌﻴﺪ، ﻛﺎﻧﺖ ﻫﻨﺎك ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﺷـﺪﻫـﺎ ﻓﻲ اﻟـﺴـﻮدان، وﺧﻠﻔﺖ وراءﻫـــﺎ أزﻣــﺔ ﻃﻌﺎم وﻣﺠﺎﻋﺔ وأﻣــﺮاض ﺧﻄﻴﺮة. وﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻧﻨﺎ ﻧﺴﻤﻴﻬﺎ »ﺣﺮب أﻫﻠﻴﺔ«، إﻻ أﻧﻬﺎ ﻳﺎ ﻟﻸﺳﻒ ﻟﻢ ﺗﻜﻦ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺣﺮب ﺑﺎﻟﻮﻛﺎﻟﺔ، وﻛﺎن اﻟﺤﺎل ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ اﻟﻴﻤﻦ وﻟﻴﺒﻴﺎ وﺳﻮرﻳﺎ.

واﻟﻮاﻗﻊ اﻟﻤﺮﻳﺮ أﻇﻬﺮ أن ﺷﻬﺮ رﻣﻀﺎن وﻣﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ ﻣﻦ دواﻋﻲ اﻟﻮﺣﺪة واﻟﺘﻀﺎﻣﻦ واﻟﺘﻜﺎﻓﻞ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺣﺘﻰ ﻫـﺬا اﻟﺸﻬﺮ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﺑﺎﻟُﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻟﺮوح اﻟَﻮﺣﺪة واﻟﺘﺮاﺑﻂ. وﻟﻮ ﻗﻠﻨﺎ إن ﺟﻤﻴﻊ اﻟُﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺷﻌﺮوا ﺑﻌﻤﻖ ﺑﻬﺬه اﻟﻮﺣﺪة ﻓﻲ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ وﻗﻴﺎﻣﻬﻢ وإﺧـﺮاج زﻛﺎﺗﻬﻢ وﺻﺪﻗﺎﺗﻬﻢ، وﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻟُﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ أﻫﻞ ﻏﺰة واﻟﺴﻮدان وﺗﺮﻛﺴﺘﺎن اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ وﻣﻴﺎﻧﻤﺎر وﻛﺸﻤﻴﺮ، ﺑﻤﻌﻨﻰ أن اﻵﻻم واﻟﻤﺘﺎﻋﺐ ﺿﻤﻨﺖ وﺣﺪة اﻷﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎخ اﻟﺮوﺣﻲ ﻟﺮﻣﻀﺎن، ﻟﻜﻨﻬﺎ وﺣﺪة ﻟﻢ ﺗﻜﻦ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﻮﻗﻒ ﻣﻌﺎﻧﺎة ﺗﻠﻚ اﻟﺸﻌﻮب.

ﻓﺒﻌﺪ ٠٩١ ﻳﻮﻣﺎ ﺗﺠﺎوز ﻋﺪد اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﻴﻦ اﻟﺬﻳﻦ اﺳﺘﺸﻬﺪوا ﺟﺮاء اﻹﺑﺎدة اﻟﺠﻤﺎﻋّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﻮم ﺑﻬﺎ اﻟِﻜﻴﺎن اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻲ ﻓﻲ ﻏﺰة، ٣٣ أﻟﻔﺎ، أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٧٪ ﻣﻨﻬﻢ أﻃﻔﺎل وﻧﺴﺎء وﺷﻴﻮخ. وﻻ ﻳﺰال ﻗﺮاﺑﺔ ٠١ آﻻف ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﺗﺤﺖ اﻷﻧﻘﺎض. وﺗﺠﺎوز ﻋﺪد اﻟ ُﻤﺼﺎﺑﻴﻦ ٦٧ أﻟ ًﻔﺎ ُﻣﻌﻈﻤﻬﻢ ﻣﻦ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﻨﺴﺎء. وﺗﻢ ﻗﺼﻒ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٣ آﻻف ﺑﻴﺖ أﺛﻨﺎء وﺟﻮد اﻷﻫﺎﻟﻲ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ. وﻟﻘﻲ ١٧٤ ﺷﺨًﺼﺎ ًﺣﺘﻔﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻬﺠﻮم ﺑﺎﻟﻘﻨﺎﺑﻞ ﻋﻠﻰ اﻟُﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت، وُﻗﺘﻞ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٥٦ ﻓﺮدا ﻣﻦ ﻓﺮق اﻹﻧﻘﺎذ اﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺪﻓﺎع اﻟﻤﺪﻧﻲ أﺛﻨﺎء أداء واﺟﺒﻬﻢ، و٢٦١ ﻣﻦ ﻣﻮﻇﻔﻲ اﻷوﻧﺮوا، و٤٨٤ ﻓﺮ ًدا ﻣﻦ اﻟﻄﻮاﻗﻢ اﻟﻄﺒ ّﻴﺔ، أﻃﺒﺎء و ُﻣﻤﺮﺿﻴﻦ وﻋﺎﻣﻠﻴﻦ، ﻓﻲ اﻹﺳﻌﺎﻓﺎت اﻷوﻟـﻴـﺔ. ﻛﻤﺎ ﺗـﻢ اﻋﺘﻘﺎل أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ٠١٣ ﻣﻦ اﻟﻜﻮادر اﻟﻄﺒﻴﺔ أﺛﻨﺎء ﻗﻴﺎﻣﻬﻢ ﺑﻮﻇﻴﻔﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت ﺑﻴﻨﻬﻢ ﻣﺪﻳﺮو ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺘﺸﻔﻴﺎت. وﻟﻢ ﺗﻜﻦ اﻟﻤﺪارس واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت واﻟﻤﺴﺎﺟﺪ واﻟﻜﻨﺎﺋﺲ وﻣﻦ ﺑﺪاﺧﻠﻬﺎ أﻛﺜﺮ ﺣﻈﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت.

ﻫﺬا ﻃﺮف ﻣﻦ اﻹﺣﺼﺎءات اﻟﻌﻤﻮﻣّﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺧﻠﱠﻔﻬﺎ اﻟﻮﺿﻊ ﻋﻠﻰ ﻣﺪى ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ. وﻳﺸﺎﻫﺪ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﺗﻔﺎﺻﻴﻞ اﻷﺣﺪاث ﻛﻞ ﻳﻮم. وﻣﻊ ذﻟﻚ ﻓﺈن اﻟﺪﻋﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺤﺪود ﻣﻦ أﻣﺮﻳﻜﺎ وأوروﺑـــﺎ ﻟﻠﻌﺪوان ﻣﺴﺘﻤﺮ إﻟـﻰ ﺟﺎﻧﺐ اﺳﺘﻤﺮار ﺻﻤﺖ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻹﺳﻼﻣﻲ أﻣﺎم ﻫﺬه اﻟﺠﺮاﺋﻢ ﺿﺪ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ.

وﻧـﻌـﻮد إﻟــﻰ ﻣـﺎ ﺑـﺪأﻧـﺎ ﺑــﻪ، ﻓﻘﺪ ذﻫــﺐ رﻣـﻀـﺎن آﺧــﺮ ﻣـﻦ أﻋـﻤـﺎرﻧـﺎ، ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ أﺣــﺪاث وأﺟـﻨـﺪات ﻟﻢ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﺑﺎﻧﺘﻬﺎﺋﻪ. ﻣﻀﻰ رﻣﻀﺎن ﻟﻴﻌﻮد ﻣﺮة أﺧﺮى ﺑﻌﺪ ﻋﺎم ﻟﻴﺸﺤﻦ اﻟﻘﻠﻮب اﻟﻤﺴﻠﻤﺔ وﻳﻌﻴﺪ اﻟﺜﻘﺔ إﻟﻰ اﻟﻀﻌﻔﺎء واﻟﻤﻈﻠﻮﻣﻴﻦ،

ﺟﻌﻠﻨﺎ اﷲ ﻣﻤﻦ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮن اﻟﻘﻮل ﻓﻴﺘﺒﻌﻮن أﺣﺴﻨﻪ، وﻣﻤﻦ ﻳﺴﺘﻔﻴﺪون ﻣﻦ ﻣﺮور اﻷﻳﺎم واﻟﻠﻴﺎﻟﻲ وﻣﻮاﺳﻢ اﻟﺨﻴﺮ ﻋﻠﻰ أﻓﻀﻞ وﺟﻪ.

@yaktay