Al-Watan (Qatar)

الإسلام يرفض العنصرية والطائفية

خلال خطبة الجمعة بجامع الشيوخ.. الداعية النعمة:

-

أوضح فضيلة الشيخ عبد الله محمد النعمة، خلال خطبة الجمعة التي ألقاها بجامع الشيوخ، أن من رحمة الله تعالى بعباده أن ألّف بين قلوبهم بهذا الدين، وأذهب عنهم عصبية الجاهلية وعداوتها وحقدها، حتى تآخى في الإسلام الحبشي والفارسي والعربي والعجمي فأصبحوا إخوة في الدين، واجتمعت قبائل العرب وتوحدت بعد أن فرقتها الجاهلية سنوات، وأهلكتها الحروب أعواما ونهشتها الفرقة أزمانا أذاقتها البأساء وحرمتها الصفاء وقادتها إلى الفناء، ولله عز وجل المنة الكبرى والنعمة العظمى في تأليف واجتماع الأمة، «وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم إنه عزيز حكيم » .

وأضاف الخطيب: لقد جاء الإسلام برابطة عظيمة أقوى من رابطة الدم والنسب والتراب والوطن والجنس والعرق واللسان واللغة، إنها رابطة الأخوة الإيمانية والوحدة الدينية المتمثلة في قوله تعالى: «إنما المؤمنون إخوة»، والتي أكدها النبي صلى الله عليه وسلم مرات ومرات بقوله وفعله وأمره ونهيه، كما جاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه»، وعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، بل لقد قطع النبي صلى الله عليه وسلم على المسلمين كل ما يؤدي للفرقة الجاهلية بنعراتها وعصبياتها وطوائفها وقبليتها حين قال لأصحابه رضي الله عنهم: «إن الله قد أذهب عنكم عُبية الجاهلية وفخرها بالآباء -ما كان منها من كبر وفخر بالآباء-، مؤمن تقي وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب»، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم

بل وغضب غضبا شديدا حين أثيرت هذه العنصرية الممقوتة والطائفية المردودة، فقد اختصم المهاجرون والأنصار وأثيرت بينهم نزعة التفاخر وفتنة التناحر فقال المهاجرون: يا للمهاجرين وقال الأنصار يا للأنصار، فقال عليه الصلاة والسلام: «أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم، دعوها فإنها منتنة،» فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان وكيد من عدوهم لهم، قال ابن عباس: «كل ما خرج عن دعوى الإسلام والقرآن من نسب أو بلد أو جنس أو مذهب أو طريقة فهو من عزاء الجاهلية»، وهذا أبو ذر الغفار رضي الله عنه يقول: إني ساببت رجلا فعيرته بأمه فقال لي رسول الله صلي الله عليه وسلم: يا أبا ذر أعيرته بأمه إنك امرؤ فيك جاهلية .» فالسب والشتم والتعيير والتناحر سبب العنصرية

أو العرق والنسب صفة من صفات الجاهلية، فما كان الصحابة والتابعون رضي الله عنهم يقدمون ذا نسب وجاه أو جنس وطائفة على من هو أفضل منه في التقوى والإيمان والعلم والعمل الصالح، وهم بذلك يمثلون عالمية الإسلام ونبل غاياته وآدابه وسمو أخلاقه وهديه ودفع العنصرية والطائفية وذمها، وقد قالها الفاروق رضي الله عنه: «متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا». وقال النعمة: اعلموا أن لهذه الصفة الذميمة أسبابا من أهمها: الجهل بشمولية هذا الدين والجهل بنصوصه الداعية إلى ذم العنصرية والطائفية، قال تعالى: )واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا(، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأبيض على

أسود ولا لأسود علي أبيض إلا بالتقوى، الناس من آدم وآدم من تراب .» وذكر الخطيب أن من أسبابها ضعف أعمال القلب المؤدية إلى غليان هذه الأمور في النفس البشرية ونظرة التعالي والتكبر والغرور على البشر فالناس سواسية كأسنان المشط وقد نهى الشرع عن هذا، أما السبيل إلى نبذها وسبل ووسائل القضاء عليها فهو أن يعي المسلم بشمولية هذا الدين والتمسك بالكتاب والسنة الداعية إلى نبذ هذه العنصرية والعمل على نجاة الإنسان لنفسه والالتزام بالإيمان والتقوى ولا يغتر بنسب ولا جاه ولا عرق فذلك كله زائل يوم القيامة، ولا تحتقر أحدا من عباد الله فإن الميزان عند الله تعالى بالتقوى والعمل الصالح لا بالجاه والنسب ولا بالعرق والحسب وكن كما قال الأول: لسنا وإن كرمت أوائلنا يوما على الأحساب نتكل نبني كما كانت أوائلنا تبني ونفعل كالذي فعلوا.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar