Al-Watan (Qatar)

خـطــوات الســـــــ­ــلام فـــي الســودان

- كاتب صحفي

يمكنني القول إن هناك خطوات عديدة يجب علينا كسودانيين القيام بها وملفات يجب تسويتها حتى نصل إلى النهايات السعيدة والسلام الحقيقي، والبداية تكون بالتفاوض حول الملف السياسي أولاً، إذ إنه الضمانة الوحيدة لاستمرار عملية السلام، لأن الأزمة السودانية في حقيقتها وطبيعتها «أزمة سياسية» في المقام الأول، وهي السبب الأساسي في جميع عمليات الاقتتال التي شهدتها السودان في ظل سنوات الحرب. وعلى هذا الأساس يجب أن نضع أولاً على طاولة النقاش والتفاوض القضايا القومية، المتمثلة في مبدأ المواطنة والتنمية المستدامة، والتوزيع العادل والمتوازن لمواردنا، بالإضافة إلى قضايا الحكم والإدارة والديمقراط­ية. ثم تأتي الترتيبات الأمنية في المرتبة الثانية كضمانة لوقف نزيف الحرب وإسكات صوت الرصاص الذي حصد خير أبنائنا إلى الأبد. وفي هذا الاتجاه يجب علينا عدم إغفال أو إقصاء أي طرف أياً كان حجمه ومصدر قوته، سواء داخل أو خارج السودان، لأن عملية السلام دون مشاركة جميع الأطراف ستكون ناقصة وتعود بنا إلى متلازمة الحرب والسلام في أي وقت. ويجب التنبيه هنا إلى أن حسم ملف الترتيبات الأمنية، هو «كلمة السر» لتحقيق الأمن والأمان والاستقرار والتنمية، والعودة الآمنة

للنازحين واللاجئين والمشردين والمهجرين إلى ديارهم. وفي يقيني أن عملية الترتيبات الأمنية عملية معقدة ومتقاطعة، ويجب أن تُفهم في سياقها الكلي ضمن إطار القضايا الإنسانية والسياسية وصياغتها بشكل ثاقب يحدد بوضوح آليات تنفيذها وتحويلها إلى واقع. وإلى جانب ما سبق وحتى نخرج من متلازمة الحرب والسلام في بلادنا، أرى أن المخرج يكمن في إيجاد «سلام مستدام»، يكون مصدره إرادة الشعب السوداني، وليس الذين ينظرون إلى تحقيق السلام، من منظور الربح والخسارة. ويجب أن يعلم جميع السودانيين بلا استثناء أن عملية السلام مهمة وطنية يجب أن تُساهم فيها جميع أطياف الشعب السوداني، وقواه الحية، وفصائله المدنية والعسكرية، إلى جانب أصحاب الشأن والمصلحة والمتأثرين بنتائج الحرب، سواء المباشرة منها أو غير المباشرة. لا يمكن أن نحقق أي سلام في السودان أيضاً، دون إعلاء قيمة مبدأ المواطنة كأساس وحيد للحقوق والواجبات، وإرساء الديمقراطي­ة كنظام مستدام للحكم، وبناء جيش وطني موحد يعمل وفقاً لعقيدة عسكرية صارمة، تذوب بداخله كل «الميليشيات» والفصائل المسلحة التي تهدد بلادنا الآن بالحرب تحت أية لحظة. كما أرى ضرورة العمل معاً لتحقيق السلام الشامل والدائم والمستدام، بما يحقق التوزيع العادل للثروة والسلطة، بقصد خلق توازن تنموي يحقق لنا التنمية المستدامة. وضرورة إعادة تقييم وإدارة تنوعنا الديني والثقافي والأيديولو­جي حتى نضمن السلام الاجتماعي قبل السياسي، وذلك لأن السلام قضية مفتاحية، لحل بقية عناصر الأزمة الوطنية الشاملة التي تعيشها بلادنا منذ فجر الاستقلال.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar