Al-Watan (Qatar)

لماذا فاز اليسار في البرازيل؟

- محمد أحمد بنيس كاتب مغربي العربي الجديد

حّقق اليسار البرازيلي إنجازًا كبيرًا بفوز مرّشحه، لويس إيناسيو لوال دا سيلفا، في الجولة الثانية من االنتخابات الرئاسية، بنسبة 50.9 %، في مواجهة مرشح اليمين الشعبوي والرئيس المنتهية واليته، جايير بولسونارو، الذي حصل على 49.1 .% ويمكن القول إن هذه االنتخابات كانت بمثابة استفتاء شعبي على فترة حكم بولسونارو الذي اتسم بسلطويته المفرطة ومحاباته دوائر المال واألعمال على حساب الفئات الفقيرة، ما تسّبب في شرخ مجتمعي كبير لم تزده جائحُة كورونا إال ِح ّد ًة. لم يكن متوقعا أن يعود دا سيلفا إلى سدة الرئاسة، بعد أن ُحكم عليه )2018( بـ 12 سنة سجنًا، عقب إدانته بتهم فساد، قبل أن تلغي المحكمة العليا الحكم بسبب أخطاء في مسطرة المحاكمة، وهو ما فتح المجال أمامه للعودة إلى الحياة السياسية. ويرى كثيرون في البرازيل أن الهدف من عزل الرئيسة السابقة ديلما روسيف )2016( وسجن دا سيلفا كان إزاحة اليسار عن مواقع السلطة والقرار، وتشويه سمعه قياداته أمام الرأي العام، بعد أن نجحت في إعادة المسألة االجتماعية إلى الواجهة، باعتبارها عصب الصراع السياسي، ليس فقط في البرازيل ولكن في عموم أميركا الالتينية. فوز اليسار البرازيلي في االنتخابات الرئاسية يعني الكثير، فمن المؤكد أنه استفاد من أخطاء تجربته السابقة، إذ بدا خطاب الرئيس المنتخب أكثر تخّففًا من اإلرث األيديولوج­ي والسلطوي الذي طبع حكم اليسار في أميركا الالتينية مع نهاية التسعينيات، وأكثر توسًال بالواقعية السياسية باستيعابه ميزان القوى في الداخل واإلقليم، فال يزال اليمين، بمختلف تنويعاته الليبرالية والمحافظة والشعبوية، يرى في الموجة اليسارية الحالية تهديدا لمصالحه التي تلتقي مع مصالح الرأسمالية األميركية، ال سيما بعد تراجعه الالفت في هندوراس وبوليفيا واألرجنتين وتشيلي وكولومبيا. يواجه لوّال دا سيلفا تحّديات جسيمة، أبرزها ضعف النمو االقتصادي وتأثير الجائحة على الوضع المعيشي لفئات عريضة، فقد كانت البرازيل من أكثر البلدان تضّررًا في العالم من تفّشي الفيروس. كما يواجه مجتمعًا منقسمًا على نفِسه نتيجة السياسات اليمينية والسلطوية لسلفه. وهو ما يجعله مطالبًا بتوسيع قاعدة التوافق بين مختلف مكّونات المجتمع البرازيلي. وقد لمح إلى ذلك مباشرة بعد انتخابه، حين قال «إن فوزه فوز لحركة ديمقراطية واسعة، تشكلت بمعزل عن األحزاب والمصالح الشخصية واأليديولو­جيات». يضاف إلى ذلك ملف غابات األمازون الذي يتوقع، كذلك، أن يحظى باهتمامه بعد التدمير الممنهج الذي تعرضت له هذه الغابات، خالل فترة حكم بولسونارو، والذي صب في مصلحة الشركات الكبرى ودوائر المال واألعمال.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar