Al-Watan (Qatar)

االنتخابات اإلسرائيلي­ة.. نهاية أكثر عنصرية

- جمال زحالقة العضو العربي بالكنيست عربي

انتهت االنتخابات البرلمانية اإلسرائيلي­ة بفوز ساحق للمعسكر الداعم لبنيامين نتانياهو، الذي يعود إلى الحكم وهو أقوى من السابق، ومعه ائتالف حكومي هو األكثر تطرفا في تاريخ الدولة الصهيونية. ووفق النتائج فاز معسكر نتانياهو المتماسك والمتجانس بأغلبية مكونة من 65 عضو كنيست، مقابل مجموعة من األحزاب غير المنسجمة ال يجمعها سوى العمل على منعه من الوصول إلى السلطة. سيبدأ نتانياهو األسبوع المقبل مساعيه لتشكيل حكومة، وليس من المتوقع أن يواجه مشاكل جدية، حيث هناك إلى حد كبير تشابك وانسجام سياسي بين األحزاب األربعة المرشحة للمشاركة في االئتالف وهي: أوال، حزب الليكود برئاسة نتانياهو وله 31 مقعدا وهو اليوم أكثر تطرفا وأكثر طواعية لنتنياهو من الماضي. وثانيا، حزب الصهيونية الدينية بقيادة سموتريتش وبن غفير، الذي ارتفعت قوته بشكل حاد من ستة إلى 14 مقعدا في هذه االنتخابات، وهو حزب فاشي ديني استيطاني عنصري، وثالثا حزب «شاس» بقيادة أرييه درعي وحصل على 12 مقعدا بزيادة أربعة مقاعد عن االنتخابات السابقة، هو حزب اليهود المتدينين الشرقيين وداعم قوي لنتنياهو ولسياساته، بعد أن هجر مواقف أكثر اعتداال حملها في الماضي.. ورابعا، حزب «يهود التوراة» برئاسة إسحاق غولدقنوف وموشيه غافني، وقد حصل على ثمانية مقاعد بزيادة مقعد واحد عن االنتخابات السابقة. عموما، حكومة نتانياهو ستكون استمرارا لحكومة لبيد، التي كانت بدورها استمرارا لحكومة نتانياهو التي سبقتها. إسرائيل، بالمحصلة بعد االنتخابات األخيرة هي أكثر تطرفا وعدوانية وعنصرية من حيث مواقف وتوجهات متخذي القرار فيها. أوال، اتفاق الغاز، فبعد أن تراجع نتانياهو عن تصريحاته بشأن إلغاء اتفاق الغاز مع لبنان، ذهب هو ومن حوله إلى االدعاء بأنه اتفاق سيئ وورثة ثقيلة وسيحاولون إدخال تغييرات عليه والتعامل معه كما جرى التعامل مع اتفاق أوسلو بإفراغه من الكثير من مضامينه. وسيعمل نتانياهو على زيادة «حصة» إسرائيل من عائدات الغاز في الحقول التي تديرها الشركة الفرنسية. ثانيا، المسجد األقصى، فبعد أن وصل عدد المقتحمين أعلى نسبة خالل والية حكومة بينيت ـ لبيد، يبدو أن حزب الصهيونية الدينية، المشارك في االئتالف، يريد المزيد، ويسعى أيضا إلى فرض صالة اليهود «الصامتة» وغير الصامتة في باحات المسجد، وصوال إلى تقسيم زماني ومكاني كحل مرحلي ريثما يجري بناء الهيكل. صحيح أن نتانياهو يخشى من اندالع مواجهات عنيفة، ومن المزيد من التوتر مع األردن، لكنه سيعمل «فقط» على تحويل مطالب اليمين الديني المتطرف إلى خطوات متدرجة وإلى تغييرات صغيرة ومتتالية. ثالثا، بناء الهوية، وقد يبدو هذا األمر شأنا داخليا للمجتمع اإلسرائيلي، إال أن إسقاطاته الفعلية على القضية الفلسطينية هي من الوزن الثقيل.. رابعا، الهيمنة على القضاء وعلى الدولة العميقة، وهذا أيضا ليس شأنا داخليا في إسرائيل، بل هو جزء من مشروع واسع إلتمام السيطرة على كامل التراب الفلسطيني، وضم الضفة الغربية وزرعها بالمستوطنا­ت، ورفع وتيرة العمل في تهويد القدس، وتسهيل عملية اضطهاد فلسطينيي الداخل وسلب حقوقهم. وما يريده اليمين اإلسرائيلي عمليا هو جعل عمليات المصادرة واالقتالع واالستيطان واإلبعاد واالغتيال تسير بسالسة وبال أي عوائق بيروقراطية أو قانونية مهما كانت بسيطة. خامسا، إنقاذ نتانياهو، حيث هناك توافق داخل االئتالف الحكومي الجديد حول العمل على تغيير قوانين واتخاذ إجراءات من شأنها إنقاذ نتانياهو من دخول السجن بتهمة الفساد. واألمر المهم بهذا المسعى أنه يؤدي إلى إبقاء سياسي إسرائيلي قادر على ارتكاب الموبقات والجرائم ضد الفلسطينيي­ن بشكل أكثر نجاعة مع تجنيب إسرائيل دفع الثمن، بل حتى الوصول إلى تطبيع عربي معها ومع جرائمها. لقد تميزت هذه االنتخابات اإلسرائيلي­ة بارتفاع حاد في نسبة التصويت، ما أدى إلى ارتفاع نسبة الحسم وعدم عبور حزب التجمع الوطني الديمقراطي (وحزب ميرتس اليساري). وحصلت القائمة العربية الموحدة برئاسة منصور عباس على خمسة مقاعد، لكنها لن تكون قادرة على السير باالتجاه الذي حددته لنفسها، وهو االنضمام إلى أية حكومة إسرائيلية بغض النظر عن مواقفها وتوجهاتها، فقد حصل نتانياهو على أغلبية مطلقة وهو ليس بحاجة لها وأعلن بأنه ال يقبل بها أصال. أما قائمة الجبهة والعربية للتغيير برئاسة أيمن عودة وأحمد الطيبي، التي تكونت من تحالف ثنائي، فقد حصلت على خمسة (وربما أربعة) مقاعد. ولم يستطع التجمع الوطني الديمقراطي اجتياز نسبة الحسم مع أنه كان قريبا جدا منها، وتمكنه القوة الجماهيرية الكبيرة التي حصل عليها (التي تعادل 3.5 مقعد) من االنطالق في بناء الحزب كحركة وطنية جماهيرية رائدة. إسرائيل، بالمحصلة بعد االنتخابات األخيرة هي أكثر تطرفا وعدوانية وعنصرية من حيث مواقف وتوجهات متخذي القرار فيها. وال بد من أن تترجم هذه التوجهات على أرض الواقع، والضحية بالطبع الشعب الفلسطيني. ولكن على إسرائيل أن تعلم أن هذا الشعب هو ضحية حقا، لكنها ضحية تتحدى مصيرها وال تقبل به، وهي ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها بنفسها وبأنصارها وحلفائها أنفسهم، ولن يردعها ال تطرف المتطرفين وال مكر «المعتدلين».

حزب الصهيونية الدينية يسعى إلى فرض تقسيم زماني ومكاني بالمسجد األقصى

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar