لــبـنــــان مـــا بـــعـــــد عـــهــد عــــون

حصل ما كان يخشاه اللبنانيون من فراغين متزامنين: فراغ رئاسي معطوف على تعنت فريق رئيس الجمهورية على محاوالت فرض تشكيلة حكومية على ميقاتي؛ ما تسبب بدخول البالد فراغًا مزدوجًا غير معلوم النتائج في ظل تفسيرات دستورية متعددة.. وكل االستعراضات التي يقوم بها األفرقاء على اختالفهم، تهدف إلى خلق مسارات سياسية جديدة على ركام ما تبقى من دولة منهارة وتتزايد بها األزمات في كل قطاعاتها ومؤسساتها، ويحصل ذلك على وقع االنتظار والترقب.. انتظار طرف خارجي ما يأتي ويبدي كل االهتمام لرعاية التسوية، مع توفير بعض المقومات للخروج من األزمة. وأمام هذا الفراغ المجهول التوقيت تشير المعطيات والمؤشرات إلى أن لبنان الذي يدخل رابع فراغ رئاسي في تاريخه يتحضر لمرحلة سياسية مستقبلية تحمل في طياتها أحداثا وتفاهمات كبيرة تؤدي لفتح الباب أمام وصول رئيس جديد للجمهورية، وتدشين حقبة جديدة من تاريخ لبنان الحديث، وهذا االهتمام الدولي بالملف اللبناني تجسد مؤخرا في صفقة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان

وإسرائيل. وحتى اتفاق الترسيم والذي تم برعاية دولية كبرى سيدخل في مراحل مجهولة إذا ما جرت تسوية رئاسية وحكومية قريبة تتيح للجهات المعنية إجراء توقيعات التلزيم لشركات االستخراج؛ ألن الهدف من وراء الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل هو لمساعدة األوروبيين بإيجاد مصادر أخرى من الحقول اإلسرائيلية واللبنانية، على حساب مصلحة روسيا. وهو ما يثبت مرة إضافية أن التحالف الروسي – اإليراني ليس كامال بل تفرضه تقاطعات جزئية. وهذه التقاطعات هي التي جعلت من حزب الله أكثر التحاما مع إيجاد حلول مرحلية لملفات الحكومة، ومن ثم التوافق على رئيس للجمهورية، بالمقابل نقل لرئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم وجود رغبة دولية بتشكيل حكومة، وهذا األمر جرى نقله والذي كان حريصا بالساعات األخيرة على إقفال كل الخطوط باتجاه ذلك، وهذا األمر مرده ما سمعه األخير من جهات دولية نافذة من أن يكون تشكيل الحكومة سببا لتأخير انتخاب رئيس للجمهورية، بالمقابل فإن حزب الله كان حريصا على تشكيلها لخلق آليات مناورة سياسية في الرئاسة والمرحلة المقبلة. فيما حسابات ميقاتي مختلفة ومردها إلى تمترس األخير في غالبية النواب السنة ودار الفتوى ووزراء حكومته في أن يتولى هو صالحيات الرئيس، باإلضافة إلى دعم تلقاه ميقاتي من بري وجنبالط وفرنجية وموقف داعم من القوات اللبنانية والكتائب، وهؤالء جميعا يؤكدون دستورية أن تتولى الحكومة صالحيات الرئيس.