Al-Watan (Qatar)

حكومة االحتالل .. تحديات ومآالت

- راسم عبيدات كاتب فلسطيني القدس الفلسطينية

كل حكومات الكيان اإلسرائيلي هي حكومات معادية للفلسطينيي­ن ولحقوقهم المشروعة

انتهت االنتخابات التبكيرية الخامسة في دولة الكيان في اقل من اربع سنوات بفوز اليمين واليمين المتطرف وقوى الفاشية الدينية في هذه االنتخابات، هذا الفوز ليس بالمفاجىء أو غير المتوقع، في ظل دولة تعج بالعنصرية والتطرف، وهذا الفوز أتى ويأتي في ظل سياق متواصل وليس قفزة في الهواء والمجهول، أو معاندة للحقائق والواقع. فقد بات من الواضح انه من بعد االنقالب السياسي األول الذي حدث في دولة الكيان عام ،1977 عندما صعد الليكود للحكم بزعامة مناحيم بيغن، كبديل عن حزب العمل الذي أسس هذه الدولة، بأن هذا الحزب في طريقه لألفول والتراجع، حيث حصل على اربعة مقاعد وكان على حافة السقوط، واستمر ما يعرف باليسار اإلسرائيلي ويسار الوسط منذ تلك الفترة بالتراجع لصالح قوى اليمين،آخذا في التفكك والتفتت والذهاب نحو االندثار، لكي نشهد في عام 1996 االنزيحات الواسعة في المجتمع الصهيوني نحو اليمين والتطرف.. ولكن تلك االنزيحات لم تنقل المجتمع الصهيوني نحو الصهيونية الدينية، وبقيت على هامش المشروع الصهيوني، ولكن من بعد ذلك، وخاصة في الفترة التي سيطر فيها نتانياهو على مقاليد الحكم في دولة الكيان من عام ‪،-2021 2009‬ تسارعت انزيحات المجتمع الصهيوني الذي أصبح يشهد المزيد من العنصرية والتطرف نحو الصهيونية الدينية، ولكي تنقل هذه الصهيونية الدينية من هوامش المشروع الصهيوني إلى قلبه... وهذا سيكون له آثاره وتداعياته على شكل الكيان، وطبيعة الصراع معه وجوهره. اليوم مع نجاح نتانياهو وتحالف الصهيونية الدينية، نسمع نفس المعزوفة وعلى نحو اشد وأقوى، في تمرين و«تطويع» للعقل العربي، بأن هذا اليمين والفاشية الدينية، سيوغلون في الدم الفلسطيني، وسيمارسون الطرد والتهجير واالقتالع والتهجير العرقي وسن القوانين العنصرية، وكأن الحكومة القائمة أو الحكومات السابقة لدولة الكيان «حمائم سالم»، وما نشاهده من اجرام تقوم به حكومة «حمائم السالم» الحالية، نقتنع بأن الفرق بين كل تلك الحكومات،وأيا كانت ائتالفاتها الحزبية السياسية ومكوناتها، فهي حكومات معادية لشعبنا الفلسطيني ولحقوقه المشروعة، وهي متفقة في المضمون ولكنها مختلفة في اإلخراج والشكل، ال حقوق سياسية ووطنية للشعب الفلسطيني، وال دولة فلسطينية بين النهر والبحر، والحل حكم ذاتي أو بلدي موسع ضمن ما يعرف بالسالم االقتصادي. ولذلك الفرق بين حكم نتانياهو الذي امتد لمدة 12 عاما متواصلة، وحكومة لبيد - غانتس المغادرة، فقط لجهة حجم العدوانية و«التغول» و«التوحش» ومحدودية الخيارات وضيق هوامش المناورة. نعم نتانياهو أتى إلى الحكم في دولة باتت تعاني من أزمة سياسية عميقة، وتراجع مناعة المجتمع لدولة الكيان، فالوضع الداخلي لدولة الكيان يعيش حالة عدم االستقرار، حيث تسيطر المافيات والجريمة المنظمة والفساد وترخي القضاء، وستجد أي حكومة غير قوية وغير مستقرة نفسها عاجزة عن مواجهة هذه التحديات، وكذلك هناك أزمة خيارات أمام حكومة نتانياهو الجديدة مع الفاشية الدينية، فنتنياهو الذي واصل طوال فترة حكمه التهديد بشن الحروب،اعجز عن شن أي حرب، يدرك هو أنه لن ينتصر فيها، وكذلك يعجز عن السير في مشروع سياسي غير قادر على كلفته، فهو سيكلفه انهيار وسقوط حكومته. نتانياهو سيواجه تحديات في تشكيلة وتركيبة حكومة الذي يتشارك معه فيها، قوى الصهيونية الدينية التي اصبحت الكتلة الثالثة في دولة الكيان، وهي قادرة على فرض شروطها على نتانياهو، وأنا أعتقد أن نتانياهو، لكي يواجه مطالب هذه الجماعات الدينية المتطرفة، قد يلجأ لحكومة يمين واسعة يضم إليها جزءا من المعسكر الوطني، حزب غانتس «ازرق وابيض» ألن تسليمه بتولي بن غفير أو سموتريتش لوزارات سيادية، حقيبتي األمن واألمن الداخلية كليهما أو واحدة منهما، هي وصفة لحروب داخلية وخارجية. وعلى فرضية ان نتانياهو نجح في حل هذه المعضلة بأي طريقة، فنحن ندرك بأن انصار هذه الدينية الفاشية من المستوطنين، سيكثفون من هجماتهم على شعبنا الفلسطيني في القدس والضفة الغربية والداخل الفلسطيني، وبالتالي ستتوحد الساحات من جديد، وسيصبح االشتباك والمواجهات والمقاومة الظاهرة الطاغية على العالقة بين شعبنا والمحتل، في الشارع والسوق والجامعة والمطعم والمقهى وعلى الطرقات...الخ. توسع بقعة الدم، وازدياد حالة «التوحش» و«التغول» من قبل تلك الجماعات على شعبنا الفلسطيني، طرد وتهجير واقتالع وتطهير عرقي، واستيطان متصاعد، وعدوان على األقصى لفرض القدسية والحياة اليهودية فيه، وتكريس التقسيمين الزماني والمكاني، سيفشل أي مسعى سياسي لمنع اإلنجرار لحرب مع قطاع غزة أو حزب الله اللبناني،ألن الجماهير وقوى المقاومة الفلسطينية سترد على تلك الجرائم وستصعد من اعمال مقاومتها بالتشارك مع الداخل الفلسطيني ‪. 48-‬ اندالع مواجهة كبرى مع قطاع غزة أو على اكثر من جبهة، ال أعتقد بأن تلك المواجهة ستكون، كما كانت عليه معركة «سيف القدس» أيار ،2021 فالتطرف والعنصرية والفاشية الصهيونية، سيقابلها توسع نطاق ومستوى عمليات المقاومة في األراضي الفلسطينية المحتلة عام ،1967 لكن ستكون هذه المعركة بداية احتضار دولة الكيان، والعجز عن تحمل أعباء خوض حرب جديدة، كما عجز لعقود طويلة عن اشهار مشروع سياسي تفاوضي، اضاعت القيادات الفلسطينية فيه الكثير من الوقت، متوهمة بوجود مثل هذا المشروع السياسي، ليتمخض الجبل عن «فئير» وليس فأرا. نتانياهو العائد ومعه الفاشية العنصرية، عالمتان من عالمات بدء وقرب انهيار المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، فاألول عائد كعالمة إفالس الكيان وعجزه عن إنتاج نخب قيادية، فيتحمل تبعات المجيء بقائد سابق فاشل يحاكم بتهم الفساد، وال يملك خيارات يقدمها للجمهور حول كيفية الخروج من المأزق، وصعود الفاشية العنصرية ليس إال الوصفة األقرب إلى االنفجار للكيان.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar