Al-Watan (Qatar)

نتانياهو «ملزم» بتنفيذ اتفاق الترسيم

- جورج شاهين كاتب لبناني الجمهورية اللبنانية

لم يكن مستغربا ان يعود بنيامين نتانياهو إلى السلطة فهو كان متقدما في كل االستطالعا­ت التي سبقت انتخابات الكنيست، ولم يكن خصومه من تحالف سلفه يائير البيد ووزير دفاعه بيني غانتس غافلين. وهو أمر لم يثر أي قلق على مصير اتفاق الترسيم البحري الذي تم تحصينه من كل الجهات. ال بل هناك من يعتقد ان نتانياهو كان مر ّحب ًا بنتائجه وأن معارضته هي من باب المناكفات االنتخابية ولو سجل خصومه انتصارات وهمية في الداخل والخارج. وعليه، ما الذي يثبت هذه المعادلة؟ لم يكن االتصال الهاتفي الذي أجراه الرئيس األميركي جو بايدن قبل يومين برئيس الوزراء اإلسرائيلي بنيامين نتانياهو ُمهنئ ًا إياه بفوزه في انتخابات الكنيست بعد اسبوع على اجرائها في 1 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري أمرا غير مألوف. فهو وعلى رغم من التقارير التي تحدثت عن عالقات شخصية سيئة بين الرجلين، ثمة نظرية تنهي مفاعيلها بمجرد التعاطي بينهما من مواقع المسؤولية القيادية في الدولتين والتزاما منهما بالمصالح المشتركة القائمة بين المؤسسات، وليس على مستوى األشخاص. وبالعودة إلى ما يعني اللبنانيين فإن التقارير الديبلوماس­ية تحدثت عن اجماع اسرائيلي على ما قال به اتفاق الترسيم بين لبنان واسرائيل ومضمون مجموعة الوثائق المتبادلة بين بيروت وتل أبيب، كل من جهته مع االمم المتحدة واإلدارة األميركية بأدق تفاصيلها. فنتانياهو لم يكن غائبا عن المفاوضات الجارية لطروحات الموفد االميركي عاموس هوكشتاين وقد ترجم ذلك في الكنيست الذي بارك االتفاق وفي المحكمة العليا التي اتخذت قرارا غير مسبوق يضمن باالضافة إلى الموافقة على نتائج المفاوضات التزام أي حكومة إسرائيلية مقبلة بمضمون التفاهم، وأن ال حق لها بإجراء أي تعديل محتمل من دون تفاهم الجانبين وبرعاية أميركية. واعترف تقرير َتس ّلمه الجانب اللبناني قبل التوقيع النهائي لالتفاق في بيروت في 11 أكتوبر/ تشرين األول الماضي -قبل أن يأتي تقرير آخر ليؤكد مضمونه- بأن نتانياهو أبلغ إلى اإلدارة األميركية بشكل من األشكال انه لن يتالعب باالتفاق أ ّي ًا كانت الظروف التي ستحكم واليته الجديدة المقبلة. فما تحقق مع لبنان غير مسبوق خصوصا على المستوى االمني، فلبنان وان لم يعترف بـ«خط الطفافات البحرية» لمجرد تجاهله وعدم اإلعتراف الرسمي به فهو خط قائم منذ 22 عاما، ويمكن ان يبقى 100 عام في المستقبل بصفته «أمرا واقعا» أقر بوجوده لبنان من دون االعتراف رسميا به وهو أمر شكلي قائم منذ إقامته. وان الرهان كان وسيبقى على الضمان االميركي فهو يشكل بالنسبة إليهم أهمية اكبر بكثير من أي ضمان دولي أو أممي، فإسرائيل لم تعترف يوما بالمحاكم الدولية وال باالتفاقيا­ت والمعاهدات البحرية األخرى. توازيا، فقد قدمت تقارير ديبلوماسية من اكثر من عاصمة معنية بملف الترسيم، والتي تناولت الموضوع عينه، تفسيرا «منطقيا» لمواقف نتانياهو وحديثه قبل االنتخابات عن «تنازالت كارثية» قدمتها حكومة البيد للجانب اللبناني وما اعتبره «هدايا مجانية» لخصومه وتحديدا «حزب الله»، معتبرة انها كانت من باب اإلستراتيج­ية االنتخابية التي اعتمدها لكسب الشارع االسرائيلي خصوصا المتشددين من المنظمات اليهودية التي استمالها البيد وغانتس في االنتخابات السابقة. وبهدف إعادة لملمة صفوف الليكود الذين تأثروا بحجم االتهامات التي طاولته بالفساد العائلي والشخصي ولتجاوز األحكام القضائية التي بقيت من دون حرمانه التعاطي في الشأن السياسي. وقال التقرير بما معناه ان نتانياهو كان ُيدرك تمام ًا ان إعطاء «حزب الله» ما يس ّميه «انتصارا وهميا» قد يبعد السيناريوه­ات العسكرية ويعزز موقف الوسيط االميركي من أجل دفع الجانب اللبناني إلى الموافقة على اإلتفاق في ظل االنقسامات اللبنانية، وتسهيل مهمتها في تبرير أي تنازل أمام الحكومة ومجلس النواب والمعترضين اللبنانيين على شكل االتفاق ومضمونه، خصوصا عند تجاهل الخط 92، وتقديم الهم االقتصادي والمالي نتيجة الوضع المالي والنقدي الصعب في لبنان، وما يهدد الدولة ومؤسساتها من انهيار شامل بعدما عجزت عن تأمين أبسط الحقوق اليومية لمواطنيه، مقابل الوعد بالتحسن االقتصادي في السنوات المقبلة، في ظل ما هو متوقع من مردود لهذا القطاع على لبنان فور ال َتث ّبت من الحجم التجاري للثروة البحرية وضمان فوز الوسيط األميركي بمعادلته البسيطة التي قالت بضمان األمن إلسرائيل مقابل االستكشاف عن الثروة للبنان. والى هذه المالحظات فقد تحدث التقرير عن ضرورة التمعن في مضمون مجموعة الدراسات التي قدمتها قيادة الجيش االسرائيلي إلى الحكومة اإلسرائيلي­ة المصغرة عن عدم جهوزية الجيش ألي حرب محتملة مع لبنان، ليس خوفا من قوة ما ُترهبه من الجانب اللبناني إنما تحاشيًا لمخطط تتوقعه بأن تكون أية مناوشات أو عمليات قصف تستهدف منصة كاريش أو الجليل األعلى متزامنة مع حروب صغيرة أخرى قد تضطر إلى خوضها في الداخل االسرائيلي، خصوصا حيث المواجهات اليومية في محيط مستوطنات الضفة الغربية. فكيف اذا أضيف اليها ما يمكن ان يجري في ما تسميه «غالف غزة»، وما يمكن ان تحتاجه من جهد وعتاد حربي في ظل الخالفات السائدة بين الحكومة االسرائيلي­ة والمصانع والشركات المدنية المنتجة للسالح في إسرائيل، وحال االحتياط المتردد في المشاركة في أي حرب؟ وهو أمر لفتت إلى مخاطره تقارير إعالمية َتزاَمن نشرها مع الحملة على حكومة البيد.

رئيس وزراء الكيان اإلسرائيلي المنتظر لم يكن غائبا عن المفاوضات وال يملك إجراء أي تعديل

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar