Al-Watan (Qatar)

عنصرية وفاشية

عّبرت نتائج االنتخابات اإلسرائيلي­ة األخيرة عن توّجه يعتمل داخل المجتمع اإلسرائيلي منذ مطلع األلفية الثالثة ويدفع بهذا المجتمع أكثر فأكثر نحو مواقع اليمين القومي والديني المتطرف.

-

وتمّثل الديموغراف­يا عامًال حاسمًا في هذا التغيير الذي تشهده إسرائيل، إذ تثبت األرقام أن السكان األرثوذكس والمستوطني­ن لديهم أعلى معدل والدات في المجتمع اإلسرائيلي، كما يعزز هذا االتجاه عامل الخوف من المواطنين العرب الفلسطينيي­ن الذي تشيعه األحزاب القومية والدينية، وخصوصا بعد الصدامات التي رافقت أحداث هبة أيار/ مايو .2021 وإذ مهدت هذه االنتخابات طريق عودة بنيامين نتانياهو إلى السلطة، فإن الرابح األكبر منها هو، في الواقع، األحزاب الدينية، الحريدية والصهيونية الدينية، التي حصلت على 32 مقعدا في الكنيست أي على عدد المقاعد نفسه الذي حصل عليه حزب الليكود، بحيث سيبقى بنيامين نتانياهو مدينا لهذه األحزاب بعودته إلى السلطة. فبحسب المؤرخة واألكاديمي­ة فريدريك شيلو، فإن بنيامين نتانياهو لن يكون قادرا على الحكم سوى «بدعم من الحزبين الدينيين [الحريديين] 18( مقعدا) واليمين القومي المتطرف 14( مقعدا) في واحدة من أكثر الحكومات يمينية في تاريخ إسرائيل»، أما االحتمال اآلخر وهو أن يتحالف بنيامين نتانياهو مع حزب يمين الوسط بزعامة رئيس األركان السابق، بني غانتس، فإن هذا قد يكون مستبعدا ذلك إن هذا الحزب هو «حاليا جزء من االئتالف المناهض لنتنياهو، وقال مسؤولوه يوم األربعاء إنه سيحترم اختيار الناخبين ويجلس في المعارضة».

بن غفير الكهاني: النجم الصاعد

«حان عهد بن غفير»: هذا كان شعار حزب «قوة يهودية» الذي يتزعمه هذا المحامي السابق الذي يسكن في مستوطنة كريات أربع بالقرب من مدينة الخليل، والذي كان وراء اإلقبال الكبير والمفاجئ على صناديق االقتراع يوم الثالثاء في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، وذلك بعد أن أرسله بنيامين نتانياهو الستقطاب الناخبين الذين فشل هو نفسه في الوصول إليهم في الماضي، فضال عن الممتنعين التقليديين في أوساط اليمين عن التصويت. ولدى دخوله مقر حزبه «قوة يهودية» مساء يوم االنتخابات هتف أنصاره: «بن غفير رئيس الوزراء القادم»!

فأجاب بتواضع: «ليس بعد، فأنا في السادسة واألربعين من العمر»، ثم بدأ أنصاره يهتفون «الموت لإلرهابيين!» بل هتف بعضهم «الموت للعرب»! وتبادل بن غفير العناق الحار مع «العنصريين سيئي السمعة وكارهي المثليين» الذين نأى بنفسه عنهم لعدة أسابيع قبل االنتخابات، وال سيما دوف ليور، كبير حاخامات مستوطنة كريات أربع وأحد أكثر الحاخامات تطرفا في الحركة االستيطاني­ة، الذي دعا مرارا وتكرارًا إلى التطهير العرقي للعرب الفلسطينيي­ن ودعم ممارسة القتل الجماعي للعرب، إذ قال في سنة :2014 «ال بأس من قتل المدنيين وتدمير غزة». وإذ سلطت األضواء غداة االنتخابات على بن غفير، فإن حليفه بتسلئيل سموتريتش األقل شهرة ليس أقل خطورة منه، إذ هو يريد وزارة العدل كي يحد من سلطات المحكمة العليا و«يخضع النظام القضائي، مقيد اليدين والقدمين، لألغلبية السياسية»، ويعمل على سن تشريع يعيق محاكمة بنيامين نتانياهو بسبب تهم الفساد التي تالحقه.

«ال أعذار بعد اآلن، إسرائيل دولة عنصرية»

تحت هذا العنوان كتب الناشط اإلسرائيلي في الدفاع عن حقوق اإلنسان نير أفيشاي كوهين مقاال، في صحيفة «يديعوت أحرونوت» في الثالث من الشهر الجاري، قدر فيه أن نتائج االنتخابات قدمت صورة واضحة ال لبس فيها عن المجتمع اإلسرائيلي، إذ «عبر مواطنو إسرائيل بوضوح عن دعمهم الشديد لليمين، لبنيامين نتانياهو وبتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير، وهو التيار اليميني الذي يقول بصوت واضح إن لدولة إسرائيل الحق في ممارسة سيادتها على أراضي الضفة الغربية وتعزيز تفوقها اليهودي ما بين البحر األبيض المتوسط ونهر األردن»، معتبرا «أن الصعود السريع لبن غفير، أحد سكان مستوطنة كريات أربع، والذي يؤمن بتعاليم مئير كهانا ويمدح الحاخام العنصري دوف ليئور»، شكل «الرد على الوسطيين بقيادة يائير لبيد الذين ظنوا أنه من الممكن االستمتاع بالحياة في تل أبيب واالستمرار في احتالل الخليل»، ليخلص إلى أنه «اعتبارا من اليوم، لم يعد من الممكن إخفاء حقيقة أن إسرائيل هي دولة عنصرية، وأن أغلبية مواطنيها تؤيد نظام الفصل العنصري في األراضي المحتلة»، وأن الحكومة التي ستتشكل قريبا ستكون «وفية للمبادئ التي انتخبت من أجلها: وهي استمرار السيطرة العسكرية على الفلسطينيي­ن، وتوسيع المشروع االستيطاني في األراضي الفلسطينية، وغياب الحل السياسي».

ينبغي فرض حظر على دعاة الفاشية الجديدة

تك ّون لدى عدد كبير من الناس انطباع بان إسرائيل «دولة ديمقراطية»، لكنها ليست كذلك في الواقع بحسب الصحفي ريتشارد سيلفرشتاين محرر مدونة «تيكوم عوالم» الذي يقدر «أن مخلفات الديمقراطي­ة اختفت خالل 15 عاما من والية بنيامين نتانياهو». وإذ الحظ أن نتائج االنتخابات «ال تبشر بالخير لعالقات إسرائيل مع الواليات المتحدة»، وذلك بعد أن «أعرب أعضاء في الكونغرس عن شكوكهم بشأن التركيبة المتطرفة لتحالف نتانياهو»، فهو توقع أن تضعف هذه النتائج «دعم اليهود األميركيين إلسرائيل وتقوي الديمقراطي­ين التقدميين المترددين بالفعل حتى اآلن في مواجهة هجمات جماعات الضغط اإلسرائيلي­ة»، بحيث «يمكننا أن نتوقع المزيد من الدعوات لتقييد أو إنهاء المساعدات األميركية السنوية إلسرائيل». وأكد الصحفي نفسه أنه «يتوجب على الدول الغربية، بما فيها الواليات المتحدة والمملكة المتحدة، الرد على هذه الفضيحة»، وشجب دخول الفاشيين إلى الحكومة اإلسرائيلي­ة المقبلة وأن «يجعلوا سموتريش وبن غفير شخصين غير مرغوب فيهما، ويرفضوا دخولهما إلى أراضيهم».

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar