الرقية الشرعية

بسم الله، والحمد لله، والصالة والسالم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن وااله، وبعد: إن المتأمل في سنن الله يعلُم أن البالء ُسنة من سننه الكونية القدرية، يقول سبحانه: ( َو َل َن ْبل َون ُك ْم ِب َش ْي ٍء ِم َن ا ْل َخ ْو ِف َوا ْل ُجو ِع َو َن ْق ٍص ِم َن ا ْل ْم َوا ِل َوا َل ْن ُف ِس َوالث َم َرا ِت َو َبش ِر الصا ِب ِري َن )، ويخطئ من يظن أن الصالحين بعيدون عن البالء، بل البالء دليل

ََ اإليمان، فقد سئل صلى الله عليه وسلم: أي الناس أشد بالء؟ قال: «النبياء ثم الصالحوَن ثم المثل َفا َل ْم َث ُل ِمن النا ِس، ُي ْب َت َلى الر ُج ُل َع َلى َح َس ِب ِدي ِن ِه، َف ِإ ْن َكا َن ِفي ِدي ِن ِه َصال َب ٌة ِزي َد ِفي َبال ِئ ِه، َو ِإ ْن َكا َن ِفي ِدي ِن ِه ِرق ٌة ُخف َف َع ْن ُه»، وهو من عالمات محبة الله للعبد، قال صلى الله عليه وسلم : « َو ِإن الل َه ِإ َذا َأ َحب َق ْو ًما ا ْب َتال ُه ْم»، ومن عالمات إرادة الله بعبده الخير، قال صلى الله عليه وسلم:« ِإ َذا َأ َرا َد الل ُه ِب َع ْب ِد ِه ا ْل َخ ْي َر َعج َل َل ُه ا ْل ُع ُقو َب َة ِفي الد ْن َيا، َو ِإ َذا َأ َرا َد الل ُه ِب َع ْب ِد ِه الشر َأ ْم َس َك َع ْن ُه ِب َذ ْن ِب ِه َحتى ُي َوا ِفي ِب ِه َي ْو َم ا ْل ِق َيا َم ِة»، وهو كفارة للذنوب وإن قل، قال صلى الله عليه وسلم: «ما ِم ْن ُم ْس ِل ٍم ُي ِصي ُب ُه َأ ًذى َش ْو َك ٌة َف َما َف ْو َق َها ِإال َكف َر الل ُه ِب َها َسي َئا ِت ِه َك َما َت ُحط الش َج َرة َو َر َق َها». ولذلك فإن المسلم المبتلى إن كان صالحا فالبالء تكفي ٌر لسيئا ٍت مضت، أو رفعة في الدرجات، وإن كان عاصيا فهو تكفير للسيئات، وتذكير بخطورتها قال تعالى:( َظ َه َر ا ْل َف َسا ُد ِفي ا ْل َبر َوا ْل َب ْح ِر ِب َما َك َس َب ْت َأ ْي ِدي النا ِس ِلي ِذي َق ُه ْم َب ْع َض ال ِذي َع ِم ُلوا َل َعل ُه ْم َي ْر ِج ُعو َن ).أنواع البالء:بال ٌء بالخير؛ كزيادة المال، وبالء بالشر؛ كالخوف والجوع ونقص المال، يقول الله تعالى:( َون ْب ُلو ُك ْم ِبالشر َوا ْل َخ ْي ِر ِف ْت َن ًة)، ومنه البالء بالمرض والموت الذي أعظم أسبابهما العين والسحر الناشئ عن الحسد، قال صلى الله عليه وسلم: «أك َث ُر َم ْن َي ُمو ُت ِم ْن ُأم ِت ْي َب ْع َد َق َضا ِء الل ِه و َق َد ِر ِه بال َع ْين». الوقاية من العين والسحر: الوقاية خير من العالج، فعلينا أن نحرص عليها، ومن أهمها: تقوية النفس بالتوحيد، واإليمان بأن المتصرف بالكون هو الله، واإلكثار من الحسنات، وحسن الظن بالله والتوكل عليه، فال يتوهم المرض والعين لي عارض، فالوهم مرض بذاته. إذا اشتهر عن إنسان أنه عائن أو ساحر فإنه ُيجتنب من باب فعل السباب، وليس خوفا. ذكر الله والتبريك عند رؤية ما يعجبه، قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«إذا رأى

َِ ُُ أحدكم من نفسه أو ماله، أو أخيه ما يحب، فليبرك، َفإن ال َع ْين َحق»؛ (والتبريك قول: بارك الله لك، ال قول: تبارك الله). التصبح بسبع تمرات من (عجوة) مدينة النبي صلى الله عليه وسلم. اللجوء إلى الله، والتوكل عليه، وحسن الظن به، واالستعاذة به من العين والسحر، والمحافظة على الذكار في كل يوم صبا ًحا ومسا ًء. وهذه الذكار لها تأثي ٌر يزيد وينقص بإذن الله لمرين: اإليمان بأن ما جاء فيها حق وصدق، وأنه نافع بإذن الله. أن ينطق لسانه بها وتصغي إليها أذناه وقلبه حاضر، لنها دعاء، والدعاء ال يستجاب من قلب غافل اله، كما صح عنه صلى الله عليه وسلم. وقت الذكار: أذكار الصباح تقال بعد صالة الفجر، وأما أذكار المساء فإنها ُتَقال بعد صالة العصر، وإذا نسي المسلم أن يقولها أو غفل فليقلها عند تذكره لها.عالمات اإلصابة بالعين وغيرها:ال تعارض بين الطب وبين الرقية الشرعية، فالقرآن فيه شفاء من المراض العضوية والمراض الروحية، وإذا كان اإلنسان سليما من المراض العضوية فإن العراض تكون غالبا على هيئة صداع متنقل، صفرة في الوجه، كثرة التعرق والتبول، ضعف الشهية، تنمل أو حرارة أو برودة في الطراف، خفقان في القلب، ألم متنقل أسفل الظهر والكتفين، حزن وضيق في الصدر، أرق في الليل، انفعاالت شديدة من خوف وغضب غير طبيعي، كثرة التجشؤ، والتنهد، حب االنعزال، الخمول والكسل، الرغبة في النوم، ومشكالت صحية أخرى ال سبب ِطبًيا لها، وقد توجد هذه العالمات أو بعضها بحسب قوة المرض وضعفه. والبد للمسلم أن يكون قوي اإليمان والقلب، ال تدخله الوساوس، فال يوهم نفسه بأنه مصاب بمرض ما بمجرد إحساسه بأحد هذه العراض، لن الوهم من أصعب المراض عالجا، وقد توجد بعض هذه العالمات عند البعض وهم أصحاء، وقد توجد ويكون السبب مر ًضا عضو ًيا، وقد يكون السبب ضعف اإليمان، كضيق الصدر، والحزن، والخمول، فعليه مراجعة عالقته بالله.

fatmasalnaimi@qu.edu.qa