بداية مرحلة جديدة

في ضوء نتائج االنتخابات للكنيست اإلسرائيلي الخامسة والعشرين، ال بد من االعتراف بأن صعود «اليمين الفاشي» إلى سدة الحكم في إسرائيل، وبضمن تكتل يميني متطرف، يشكل بداية مرحلة جديدة. الحديث عن مرحلة جديدة ال يتصل بالتطورات السياسية في إسرائيل، فما يجري تتويج لسياق طويل من التحوالت االجتماعية واالحتاللية المستمرة، ولكن مثل هذا الحديث واالستنتاج هو برسم السياسات الفلسطينية والعربية التي ال تزال تتمسك باستراتيجية البحث عن السالم، مع دولة «تخجل» من الحديث عن السالم ولو ألسباب تتعلق بالعالقات العامة. في الواقع، وحتى في غياب االعتراف الفلسطيني الرسمي، وكذلك العربي فإن ميدان الصراع يؤكد موضوعيا هذا االستنتاج، ما يشير إلى أن الشعب الفلسطيني تجاوز فعليا المستويات السياسية العليا. اإلحصاءات الرسمية اإلسرائيلية، تشير بوضوح إلى حصاد فعاليات الميدان، فلقد سقط خالل هذا العام، وحتى تاريخه في الضفة الغربية وحدها مائة وتسعة وعشرون شهيدا مقارنة بستة وسبعين في العام المنصرم وعشرين في العام الذي سبقه.. وهذا يؤكد أن إسرائيل تشن حربا حقيقية ال تتوقف على الفلسطينيين، وتتركز في الضفة والقدس، بينما تستقر معادلة الهدوء مقابل التسهيالت في قطاع غزة. الوعد األول لنتنياهو، هو أن حكومته ستعمل على بسط السيادة األمنية الكاملة في الضفة الغربية، ما يعني أن الضفة ستشهد تصعيد ًا كبير ًا خالل المرحلة التي نتحدث عنها، بصرف النظر عما إذا كان إيتمار بن غفير سيحصل على وزارة األمن. هذه المرحلة ال تتعلق بمن يكون أو ال يكون في حكومة نتانياهو الذي ُيعرف عنه أنه مستعد ألن يلحس تصريحاته ووعوده لحلفائه، لكنه ال يستطيع أن يخفي أو يخفف من حقيقة الوزن الكبير الذي تحظى به «الصهيونية الدينية»، ما يثير مخاوف كبيرة من قبل نخبة واسعة من النشطاء السياسيين والك ّتاب والمؤ ّرخين اإلسرائيليين.