Al-Watan (Qatar)

هل تنجح قطر في توطين سالسل اإلمداد؟

- يحيى السيد عمر باحث اقتصادي

تعد سالسل اإلمداد أو التوريد عصب االقتصاد العالمي. ومحور رئيس للتجارة الدولية. وفاعلية االقتصاد ترتبط بشكل مباشر بفاعلية هذه السالسل؛ ولذلك وعلى المستوى الدولي واإلقليمي والمحلي تسعى العديد من الدول لتوطين سالسل اإلمداد بما ينعكس إيجابا على استقرار اقتصادها، وهذا ما تسعى إليه دولة قطر منذ عدة سنوات، وذلك ضمن خطتها االستراتيج­ية لدعم االقتصاد الوطني وبلوغ رؤية قطر الوطنية .2030 في الحقيقة لقد واجهت سالسل التوريد خالل السنوات القليلة الفائتة عدة تحديات خطيرة. وهو ما انعكس سلبا على فاعليتها. فخالل أزمة اإلغالق االقتصادي التي أعقبت انتشار فيروس كورونا شهدت سالسل اإلمداد نكسة حادة. وهو ما أدى لتعميق األزمة االقتصادية العالمية، والحقا وخالل الحرب الروسية - األوكرانية تعرضت سالسل التوريد إلى أزمة جديدة؛ بسبب تراجع شحن الحبوب والمواد الغذائية من روسيا وأوكرانيا. إضافة الرتفاع تكاليف الشحن الدولي نتيجة ارتفاع أسعار النفط والمحروقات، وهو ما دفع العديد من الدول للبحث عن أدوات ووسائل تقلل تأثرها بهذه األزمات. في ظل األزمات المتتالية التي شهدتها سالسل التوريد الدولية ظهر توجه جديد بالتحول إلى سالسل التوريد اإلقليمية عوضا عن الدولية. وتكثيف االعتماد على اإلنتاج المحلي واالستغناء ما أمكن عن االستيراد. وهذا ما يعني تراجع االعتماد على

سالسل التوريد الخارجية. والذي بدوره يهدف إلى حماية االقتصاد الوطني من تداعيات األزمات الدولية. فسالسل التوريد الدولية من شأنها نقل تبعات أي أزمة اقتصادية إلى مختلف دول العالم، أما في ظل االعتماد على اإلنتاج المحلي فإنها ستكون بمنأى عن هذه التداعيات. سعيا من الدوحة لتعزيز التنوع االقتصادي الوطني وحماية اقتصادها من ارتدادات األزمات الدولية واإلقليمية. أطلقت عام م2019 مشروع «توطين». وذلك بهدف توطين الصناعات والخدمات اللوجستية المرتبطة بقطاع الطاقة. وتعد قطر للبترول عماد هذا المشروع. وذلك بهدف تقليل االعتماد على االستيراد ودعم اإلنتاج المحلي. وتقديم الدعم للشركات المحلية واألجنبية الراغبة في االستثمار في السوق القطرية. ال سيما في مجال الخدمات اللوجستية المرتبطة بسوق الطاقة. إن توطين سالسل التوريد في دولة قطر سيحقق عوائد للدولة تقدر بـ 9 مليارات ريال قطري. ما يعادل 2,5 مليار دوالر سنويا. وهو ما يعادل أكثر من 1.3 % من الناتج المحلي اإلجمالي لدولة قطر. إضافة لحماية قطاع الطاقة من تقلبات االقتصاد العالمي ودعم االقتصاد المحلي وتقليل اعتماده على االستيراد. والحقا العمل على التصدير. بحيث تتحول قطر من دولة معتمدة على الخدمات اللوجستية الخارجية إلى دولة مصدرة لها. إن مشروع «توطين» بدأ بتحقيق نتائجه منذ العام األول إلطالقه. فالشركات القطرية استحوذت على 79 % من إجمالي اإلنفاق العام في البالد. إضافة لتوفيره 5,000 فرصة عمل عالية المستوى. وهو ما يدعم تكامل الدورة االقتصادية الوطنية. وتقليل االعتماد على سالسل التوريد الدولية. وفي ذات الوقت ولتدعيم هذا المشروع تم االعتماد على سياسة القيمة المحلية. بحيث يكون للمستثمرين أصحاب اإلسهام األكبر في اإلنفاق المحلي األولوية في أي عقود جديدة. كما تسعى الحكومة القطرية إلشراك مختلف القطاعات في مشروع «توطين». ومبادرة «ألف فرصة» تدعم هذا التوجه. وذلك من خالل إتاحة الفرصة للمستثمرين القطريين للحصول على الفرص االستثماري­ة التي تطرحها الشركات األجنبية والمحلية الكبرى العاملة في قطر. إن مشروع توطين سالسل التوريد يعد دعمًا مباشر ًا لرؤية قطر .2030 ال سيما في ركيزتها االقتصادية. من خالل دعم التنوع االقتصادي ودعم اإلنتاج المحلي. وهو ما يعزز من حماية االقتصاد القطري من تقلبات أسعار الطاقة وتقلبات العرض والطلب فيه.

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar