Al-Watan (Qatar)

احذر «الوعي الثالث»

-

هناك مفهوم شائع بأن العالقة بين شخصين هي عالقة بين اثنين، وهذا مفهوم بعيد الصواب، وهو سبب الكثير من المشكالت والخالفات والتداعيات في عالقتنا مع الطرف المقابل. أما الحقيقة فهي أن العالقة التي تجمع بين شخصين هي في الواقع عالقة بين ثالثة أطراف ال بين طرفين. قبل أن يذهب عقلك بعيد ًا في تصور الطرف الثالث، دعني أخبرك ما هو المقصود بوجود ثالثة أطراف في عالقة ثنائية. المقصود بذلك هو أنه عندما تدخل طاقتا أو عقليتا شخصين أو لنقل روحين ضمن عالقة ثنائية، يتولد شيء جديد ال يمثل الطرف األول وال الطرف الثاني، بل هو طاقة ثالثة تتولد عنهما، وسر النجاح في أي عالقة هو أن تسير الطاقات الثالث في مسار واحد. وبالتالي إذا حدث التواؤم واالنسجام بين هذه الطاقات الثالث تحقق نجاح العالقة. أما لو نشب صراع بين تلك الطاقات فستخرج العالقة عن المسار الصحيح المراد منه السير نحو رسالة موحدة واتجاه واحد. وهنا تبدأ سلسلة من المشاكل التي تنخر في صميم تلك العالقة. لتبسيط هذا المفهوم، تخيل شخصين دخال في عالقة، والشخص األول فيهما لديه إحساس قوي بالثقة في النفس، ورغبة عارمة في السيطرة على األمور، بحيث تكون له الكلمة األخيرة دائم ًا، فال يحدث شيء إال تحت إطار موافقته، بينما الشخص الثاني يمتاز بليونة داخلية أكبر من الشخص األول، وبالتالي ليس لديه تلك الدافعية نحو السيطرة وفرض ما يريده على اآلخر. عندما يدخل هذان االثنان في عالقة مع بعضهما البعض، تولد بينهما طاقة ثالثة تمثل مزيجا بين هاتين الطاقتين: طاقة السيطرة ذات الجانبين المستنير والمظلم، وطاقة الليونة والتدفق ذات الجانبين المستنير والمظلم أيض ًا. إذن فلدينا طاقة السيطرة، وطاقة الليونة، وطاقة ثالثة تولدت عن هاتين الطاقتين. كل هذه الطاقات يجب أن تتوازن حتى تتطور العالقة وتستمر، وإال سيحدث االنفصال الموجع، ألن الشخص ال ينفصل عن طاقة واحدة بل ينفصل عن ثالث طاقات كانت جزءا من كيانه، في عملية إلرجاع طاقته إلى طاقة واحدة فقط؛ مما يخلق في بداية االنفصال حالة من الفراغ والكآبة، إلى حين يتمكن من الرجوع إلى الطاقة الرئيسية الخاصة به. فكيف إذن السبيل إلى تحقيق التوازن بين هذه الطاقات الثالث؟ يحكي الدكتور إيهاب حمارنة مثاال حول زواجه، حيث إنه شخص يملك طاقة كبيرة لوهب المال، في مقابل أن زوجته من النوع الذي يحافظ على المال. هذا يعني أن هناك عالقة فيها طاقتان: طاقة عطاء، وطاقة حفاظ «إن صح التعبير»، ويجب خلق حالة من التوازن بين هاتين الطاقتين ضمن الطاقة الثالثة التي تتولدعنهما. فاتفق الزوجان على السماح لبعضهما البعض بتدفق طاقة كل منهما دون محاولة فرض طاقة على أخرى، ليحدث التناغم في الطريقة التي يديران فيها األموال؛ فال يحدث اإلسراف في صرف المال، وال المحافظة الشديدة على المال، بل حالة وسطية تؤدي إلى طاقة ثالثة متوازنة تنتج عن تناغم هاتين الطاقتين. لهذا، يجب في أي عالقة أن يعرف الطرفان ما هي طاقة كل واحد فيهما، ويحاوال التوصل إلى تناغم روحي وفكري بينهما، لتتولد طاقة ثالثة متوازنة، وتسير الطاقات الثالث في طريق واحد يقود العالقة إلى بر األمان. وجدير بالذكر، أنه حين ال يحدث التناغم في العالقة، فإن العقل الثالث لن يولد، أو ما يسمى بـ «الوعي الثالث» الذي يمثل حالة التوازن بين طاقتين. يحدث ذلك على سبيل المثال ال الحصر عندما يذوب أحد الطرفين في الطرف المقابل ذوبان ًا كام ًال، لتصبح العالقة عبارة عن طاقة واحدة فقط هي طاقة الشخص المسيطر، بدال من انصهار طاقتين مع بعضهما ليولد وعي ثالث يحقق التوازن بين الطاقات الثالث. ال ينطبق مفهوم الوعي الثالث على عالقة بين شخصين فقط، بل يشمل كل العالقات في عالم اإلنسان. فمن المهم أن ننتبه إلى تناغم الطاقات من حولنا، لخلق حالة من االنسجام فيما بيننا وبين اآلخرين، وانبثاق طاقة جديدة تكون نتاج تناغم الطاقات التي تسير باتجاه واحد. فانظر إلى أي عالقة في حياتك بعيون التناغم؛ أي فكر دوما كيف يمكنك تحقيق التناغم بين طاقتك وطاقة الشخص الذي تربطك به عالقة إنسانية، حتى تضع نفسك وإياه على الطريق الصحيحلنجا­حالعالقةوا­ستمرارها.

Instagram:@hamadaltam­imiii

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar