فلسطين .. ما بين الخيارات واألولويات
تواجه فلسطين اليوم حكومة إسرائيلية متطرفة تنفذ سياسة القتل العمد بدم بارد، ال أود المبالغة ولكن سياسات هذه الحكومة ليست متطرفة أكثر من سابقاتها، فقد شهدنا اإلعدامات الميدانية والتهجير القسري واالستيطان في عهد كافة الحكومات، ولو اختلفت النسب إال أن العقيدة صهيونية عنصرية، ال تأبه للقيم وال األخالق وال القانون عند التعامل مع ما هو فلسطيني. الحقيقة ان كل ما هو فلسطيني هو هدف لماكينة االحتالل العسكرية والحجة متكررة ومهترئة ألسباب أمنية! بالمقابل حاول الفلسطينيون جاهدون بكل الطرق التعامل مع هذا االحتالل، انطالق ًا من استراتيجية الكفاح ال ُمسلح التي انتهجتها منظمة التحرير الفلسطينية منذ الستينات حتى نهاية الثمانينات ثم استراتيجية العمل السلمي بداية التسعينات حتى بدأ العمل على تدويل القضية باالتجاه لألمم المتحدة وساحات الشرعية والقانون الدولي من خالل الدبلوماسية متعددة االطراف. كل هذه االستراتيجيات لم تحقق السالم وال االستقرار وال االزدهار، على مدار العقود السابقة لم تثن أي من االدوات دولة االحتالل من التوقف عن سياساتها االستيطانية العنصرية، منذ مطلع 2023 وحده وخالل أقل من شهر، أعدمت قوات االحتالل أكثر
من 30 فلسطينيا، هؤالء لم ينفذوا عمليات بل كانوا في بيوتهم عندما اجتاحت ماكينة االحتالل بيوتهم وحاراتهم، وما كان منهم وعمال بأبجديات القانون الدولي والشرعية الدولية اال أن دافعوا عن أنفسهم، عمال بالمادة 51 من ميثاق األمم المتحدة، حق الدفاع عن النفس هو حق مشروع وال خالف عليه. مخرجات اجتماع القيادة الفلسطينية الطارئ الذي عقد برئاسة الرئيس محمود عباس في أعقاب مجزرة االحتالل بمخيم جنين،
شملت الحديث عن توقف التنسيق األمني مع حكومة االحتالل اإلسرائيلي والتوجه الفوري لمجلس األمن الدولي لتنفيذ قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني تحت الفصل السابع ووقف اإلجراءات أحادية الجانب واستكمال االنضمام إلى المنظمات الدولية والتوجه بشكل عاجل لمحكمة الجنايات الدولية إلضافة ملف مجزرة جنين إلى ملفاتها، كما دعا الرئيس جميع القوى الفلسطينية الجتماع طارئ لالتفاق على رؤية وطنية شاملة ووحدة الصف لمواجهة العدوان اإلسرائيلي والتصدي له. ال نقلل من شأن ردود الفعل هذه، فهي خيارات مهمة ومشروعة، ولكن وعمال باألولويات الوطنية والدبلوماسية ولتحقيق أهداف حقيقية وعدم التشتت في الخيارات، علينا ترتيب األولويات بما يخدم المصلحة الوطنية، األولويات تنعكس في تحقيق الوحدة الداخلية وعقد االنتخابات داخليا، أما على المستوى الدولي فضروري التركيز على ما بدئ العمل به وطلب رأي استشاري فوري من محكمة العدل الدولية حول ماهية االحتالل ثم التركيز على أهمية حق تقرير المصير الفلسطيني، وهو حق غير قابل للتصرف في المنظومة األممية ويتطلب إنهاء االحتالل.