Al-Watan (Qatar)

الكلمة األخيرة

- Instagram:@hamadaltam­imiii

تشكل العالقات االجتماعية جزء ًا ال يتجزأ من حياتنا اليومية، فال أحد فينا تخلو حياته من األصدقاء والمعارف وزمالء العمل واألحبة. إن صلتنا بالناس المحيطين بنا تشكل واقعنا وتتحكم في تفاصيل حاضرنا ومستقبلنا. لهذا قال المثل: «قل لي من تصاحب أقل لك من أنت». وقيل أيضًا: «من عاشر القوم أربعين يوم ًا صار منهم»، وجاء على لسان األعراب القول الشهير: «الطيور على أشكالها تقع». مع ذلك، فإن ارتباطنا باآلخرين ال ينجح دومًا، بل كثير ًا ما تفشل عالقات الصداقة أو الحب ألسباب ال حصر لها، كما تصرح المقولة: «اختلفت األسباب والموت واحد»، فمن بين كل 10 زيجات أو صداقات بالكاد تنجح واحدة بينما تنتهي البقية، خصوص ًا في هذا الزمن الذي يقاس فيه كل شيء بالمال والمظاهر الخارجية. خالل العقود الماضية كانت القيم اإلنسانية أكثر حضور ًا في حياتنا اليومية، لكن مع تقادم السنين والتقدم التكنولوجي الذي جعل العالم أشبه بقرية صغيرة، وحول الحياة إلى واقع رقمي حيث كل واحد مشغول معظم اليوم بهاتفه المحمول يتصفح منصات التواصل االجتماعي، ويتفقد كل دقيقة إشعارات الواتساب وغير ذلك؛ اضمحلت القيم األخالقية، وكادت تختفي كثير من المظاهر االجتماعية كاجتماع العائلة واألقارب لتبادل أطراف الحديث أو ممارسة بعض الهوايات المشتركة. حتى العالقات العاطفية لم تسلم من تطورات العصر، فأصبحت أكثر سطحية، وآيلة إلى السقوط ألتفه األسباب. لهذا كله، على كل واحد أن يدرك مستجدات هذا الزمن، ويعرف كيف يتصرف مع الخذالن وخيبة األمل، فال يعلق آماال كبيرة على أحد. هذا ال يعني انتفاء الحب والصداقة بشكل نهائي، لكن شكل هذه العالقات اختلف في عصرنا، وعلينا أن نواكب هذا التطور واالختالف حتى ال نظل كالحالمين الذين يعيشون واقع ًا افتراضي ًا في مخيالتهم ال يمت للواقع الحقيقي بصلة، فيصابون بالصدمة العاطفية تلو األخرى ضمن دائرة مفرغة من خيبات األمل المتكررة التي ال خالص منها! برغم كل ما سبق ذكره، ال تكن أبدا نسخة عن أحد، بل كن أفضل من اآلخرين في عالقاتك مع الناس. كن قدوة ومثاال يحتذى في بداية أي عالقة وفي وسطها وعند النهايات. فإذا افترقت عن صديق أو حبيب بقرار أحد الطرفين أو باتفاقكما معا، فكن مخلص ًا في البعد كما كنت مخلص ًا في القرب. عندما تنتهي عالقتك بشخص ما فال تالحقه من بعدها، وال تزعجه أو تتكلم عنه بسوء. ال تقحم نفسك في كل صغيرة أو كبيرة في حياة أي إنسان انتهت عالقتك به، ألن إنهاء عالقتك به يعني أنك لم تعد جزءا من حياته، ولم يعد من حقك أن تتدخل في شؤونه. دعه يرحل بسالم، وعش بعيدا عنه بسالم. كن وفي ًا بعد الفراق كما كنت وفي ًا عندما كانت العالقة في أوجها. صن كرامة من أحببته يوما، وحافظ على العشرة الحسنة والذكرى الطيبة. ال تدنس سنوات الصداقة أو المحبة السابقة بالكالم الجارح أو التشهير بعد انتهاء العالقة، بل كن صاحب أخالق رفيعة تنأى بنفسك عن الكالم الجارح أو المسيء ألي شخص جمعتك المشاعر به يوما. عندما تنتهي أي عالقة كانت فمعنى ذلك أنها لم تنجح برغم كل المحاوالت، فكن في النهايات كما كنت في البدايات. كن مثال اإلنسان الراقي بعد انتهاء العالقة، ألنك عندما تقول كلمتك األخيرة المتعلقة باالنفصال، فعليك أن تحترم كلمتك، وتحترم خصوصية الطرف المقابل، وتصون كرامته، وتحفظ أسراره. فكن وفيا في البعد كما كنت وفيا في القرب، وتعلم من تجاربك الماضية، حتى تنجح في عالقاتك القادمة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar