Al-Watan (Qatar)

»6« أشهر على الشغور الرئاسي الكيان اإلسرائيلي فشل في حسم المعركة

- أحمد زين الدين اللواء اللبنانية كاتب لبناني كاتب وسياسي فلسطيني عربي

أكثر من ستة أشهر ونصف الشهر مرت على الشغور الرئاسي في لبنان، وعام و3 أيام على مجلس النواب الجديد، من دون أن تلوح في األفق أي بوادر بإنجاز هذا االستحقاق، وبعد 11 جلسة انتخابية لم تسفر عن أي نتيجة، بينما يواصل الدوالر أالعيبه وتحليقه، مترافقا مع ارتفاع جنوني في األسعار وتدهور حياة الناس االقتصادية والمعيشية والصحية والتربوية، وهو ما دعا «المرصد األوروبي للنزاهة في لبنان» ألن يشير في بيان له «الى أن االنهيار الذي تشهده الليرة مقابل الدوالر األميركي في بيروت كبير جدا ويستدعي التو ّقف عنده»، مش ّددا على أن «المسؤولية الكبرى تقع على الحكومة وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سالمة المالحق في العديد من دول العالم بتهم االختالس وتبييض األموال واإلثراء غير المشروع. بشكل عام يتواصل الشغور الرئاسي ويستمر عداد فراغ الكرسي األولى بالتصاعد، بانتظار إشارة مرور خارجية، عبر توافق دولي، وإقليمي وتحديدا عربي، كان يطلق عليه فيما مضى «الوحي» الذي يحوله النواب في صندوقة االقتراع باسم الرئيس العتيد، وألن «كلمة السر» الحاسمة بشأن االنتخابات الرئاسية لم تصدر بعد، ليحولها نواب «األمة» إلى حقيقة في صندوقة االقتراع الزجاجية، سيتواصل عداد أيام الشغور في الكرسي األولى بالتصاعد «حتى يقضي الله أمرا كان مفعوال»، وبانتظار الفرج الرئاسي، تتعدد أشكال األزمات التي ترمي ثقلها على الناس، وتطال كل نواحي حياتهم، وتحضر العديد من االستحقاقا­ت التي تهدد بالكثير من الفراغات، كما يعود إلى الواجهة االستحقاق البلدي واالختياري، الذي ينتظر صدور قرار المجلس الدستوري بالطعن المقدم بقانون التمديد للمجالس البلدية واالختياري­ة حتى 31 مايو .2024 انتهت جولة المواجهة األخيرة بين حركة الجهاد اإلسالمي والدولة الصهيونية، بطرح المزيد من عالمات االستفهام حول مفهوم الردع اإلسرائيلي، بعد فشل اآللة العسكرية اإلسرائيلي­ة في حسم معركة «ثانوية» أمام قوة عسكرية صغيرة نسبيا مثل الجهاد. وبالرغم من التباهي بتكبيد الجهاد خسائر فادحة، فإن القيادة األمنية اإلسرائيلي­ة مصابة باإلحباط لعدم قدرتها فرض الردع وألن الجهاد يعود ويقف على رجلين أمتن بعد كل ضربة. أما في الرأي العام اإلسرائيلي فاإلحباط أشد بسبب اإلدراك بأن هذه الجولة لم تحسم شيئا، وأن الجولة المقبلة آتية ال محالة، ومعها شل الحياة االعتيادية واالختباء في المالجئ والغرف اآلمنة وانتظار سقوط الصواريخ. الردع اإلسرائيلي يتآكل أمام الجهاد اإلسالمي، فما بالك مقابل أطراف أقوى. لقد كان من أهداف إسرائيل في شن العدوان الجديد على غزة هو ترميم الردع، ولم يتم لها ذلك، وهي اليوم كالذئب الجريح، الذي يبحث عن مواجهة إلثبات قدراته. يجب القول بصراحة إن هذه المعركة لم تحسم أمرا، ولم تغير شيئا في الموازين. نتائج المعركة الحالية ال تختلف جذريا عن جولتي المواجهة السابقتين بين إسرائيل والجهاد اإلسالمي. فالجهاد ما زال قادرا على إلحاق األذى بإسرائيل عبر إطالق وابل من القذائف الصاروخية، وإسرائيل، وبرغم كل التبجح، لم تستطع بعد الوصول إلى منظومة فعالة ضد الصواريخ تمنع تساقطها في العمق اإلسرائيلي، وهي بهجماتها اإلجرامية بعيدة عن الحسم العسكري مع أنها تمتلك األسلحة األكثر تطورا في العالم وجيشا من أقوى الجيوش. الجواب على السؤال هل تردع الجولة القتالية األخيرة الجهاد اإلسالمي عن العودة إلى مواجهة جديدة إذا لزم األمر، هو ال بالطبع. كذلك فإن الخسائر التي تكبدتها إسرائيل اقتصاديا ومعنويا في شل حياة مليوني شخص لمدة أسبوع، ال تجعل إسرائيل تمتنع عن القيام بعدوان جديد لتحقيق مآربها. وعليه فإن المعركة القادمة، قادمة ال محالة أخذا بعين االعتبار األجواء السائدة في المستويين السياسي واألمني في إسرائيل، وتبني مبدأ وحدة الساحات، مبدئيا على األقل. لقد أثار فشل إسرائيل حسم المعركة مع الجهاد اإلسالمي بعد ثالث جوالت قتالية واستهداف تنظيمه في الضفة الغربية

بشكل يومي تقريبا، نقاشا حول نجاعة العمل العسكري اإلسرائيلي، وتساءل الكثيرون عن جدوى الحمالت العسكرية إن كانت ال تؤدي نتيجة، وإن كانت تكشف محدودية القوة اإلسرائيلي­ة حين ستواجه قوى أقوى من الجهاد اإلسالمي بكثير. أطلقت إسرائيل على معركة «ثأر األحرار» اسم «الدرع والسهم»، وقال الناطق بلسان الجيش اإلسرائيلي إن هذه الكنية تعكس الطابع الهجومي والدفاعي للمعركة. وفيما تسميه الدفاع والهجوم فشلت إسرائيل فشال ذريعا في ترميم الردع، وليس ألنها ال تملك القوة، بل ألنها تتمتع بقدر كبير من الغباء. فمعادلة الردع ليست من طرف واحد وتحتاج من يرتدع وهنا مربط الفرس ألن شحنة الغضب الفلسطيني تتجاوز حاجز الردع وال تتوقف عنده. وقد انتبه بعض المحللين اإلسرائيلي­ين إلى ذلك وقالوا «قتل الكثيرين يثير في الطرف اآلخر خوفا وتوجسا، لكن إلى جانبهما غضبا وكراهية وشعورا باإلذالل، ما يؤدي إلى خفض مستوى حاجز الخوف وإلى زيادة في دافع المواجهة». لقد رصد عدد من مؤسسات حقوق اإلنسان جرائم الحرب اإلسرائيلي­ة، مع إثبات قاطع بأن قتل المدنيين، بمن فيهم األطفال، كان مع سبق اإلصرار والترصد، وكان عمليا ورسميا قتل عمد وليس عن طريق الخطأ، كما ادعت إسرائيل سابقا، لكنها هذه المرة لم تقل ذلك. ويمكن تقوية هذا االدعاء من خالل تتبع ما جاء في اإلعالم اإلسرائيلي بهذا الصدد، بما في ذلك تصريحات رسمية لمسؤولين وتقارير صحافية لوسائل إعالم مركزية في الدولة الصهيونية. في كل معركة عسكرية يقوم الجيش اإلسرائيلي باختبارات جديدة لألسلحة، ويقدم تقارير مفصلة للواليات المتحدة وأحيانا للناتو، ويستغل ذلك أيضا لتسويق السالح. إسرائيل أعلنت أنها جّربت مقالع داوود، ولكنها ربما جّربت غيره والرقابة العسكرية منعت النشر. دليل على ذلك هو التلميحات بخصوص مدفع الليزر. ففي شباط/ فبراير ،2022 أعلن رئيس الوزراء اإلسرائيلي، حينها، نفتالي بينيت أن سالح الليزر سيكون جاهزا لالستعمال خالل عام، وها قد مر أكثر من عام، فهل جربته إسرائيل في عدوانها األخير على غزة؟ هذا السؤال طرح بشكل ملتو على أهم المواقع اإللكتروني­ة األمنية في إسرائيل وهو موقع معهد دراسات األمن القومي في جامعة تل أبيب، حيث كتب يهوشوع كليسكي بأن الجمهور تساءل خالل المعركة األخيرة: «أين سالح الليزر الذي وعدتمونا به؟»، وبعد أن تذرع بالجمهور لطرح السؤال، لم يعط جوابا واكتفى بتقديم شرح مقتضب عن مزايا ونواقص هذا السالح. إسرائيل تواصل تطوير آلتها الحربية، وتغلق الباب أمام أي تسوية سياسية وتجهز نفسها لمواجهة مستمرة طويلة األمد، لربما تصل إلى نقطة تحسم فيها المعركة. لكن األمر الذي لم تستوعبه الدولة الصهيونية هو أن الجيش القوي قادر على هزيمة جيوشا ضعيفة، لكنه ال يستطيع أن يغلب شعبا عزيمته قوية، حتى لو كانت قدراته متواضعة.

الجولة األخيرة لم تحسم أمرا ولم تغير شيئا في الموازين.. ونتائجها الحالية ال تختلف عن جولتي المواجهة السابقتين

 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar