Al-Watan (Qatar)

اللقمـــــ­ــــة الحـــــــ­ــرام تفســــد على المرء حياتــــه وممـاتــــ­ه

خالل خطبة الجمعة بجامع الشيوخ.. د. محمد حسن المريخي:

-

وأكد الخطيب أن أصحاب المكاسب الطيبة واألموال الصالحة، هم أسلم الناس دينا وعقيدة، وأعفهم نفسا وأهدأهم باال، وهم أشرح الناس صدرا، وأهنأهم عيشا، أعراضهم مصانة وأيديهم نزيهة، ورزقهم مبارك، وذكرهم في الناس جميل، وتحري الحالل والتفتيش عنه كان من أكبر الخصال التي يتحلى بها رسولنا صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضوان الله عليهم، وكان أهل السنة وما زالوا يتواصون بالسنة وصالح المكسب، والتعفف في المآكل والمشارب والمكاسب، يقول صلى الله عليه وسلم «من أكل طيبا وعمل في سنة وأمن الناس بوائقه دخل الجنة» رواه الترمذي، وعند اإلمام أحمد بسنده رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ها ها ها أربع إذا كن فيك فال عليك ما فاتك من الدنيا حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة» فإذا طاب المطعم طاب معه كل شيء، يقول صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه «يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة»، والذي نفس محمد بيده إن العبد ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يتقبل الله منه عمال أربعين يوما، وأيما عبد نبت لحمه من سحت فالنار أولى به، أو كما قال عليه الصالة والسالم، إذا طاب المطعم، طابت النفس، وطاب العيش، وصلح الحال، واستقامت الذرية، وصلح األبناء واألهل، وتباركت األوقات وعمر الوقت والعمر بالتوفيق والسداد، والتسديد وتبا حركة األرزاق ورضي العبد بحاله وشكر ربه، وازداد قربا منه عز وجل، وبحث عن مرضاته، وتعرض لرحمته ونفحاته.

ونوه الخطيب أن اللقمة الحرام لتفسد على المرء حياته ومماته، وتسد عليه أبواب الخير وتطرد البركة من عمره ووقته، وتضيق عليه رزقه، وإن كسب المال الحالل له أبواب كثيرة، ورقعة عريضة في أرض الله الواسعة، وله سبل متعددة، وفيها غنية عن الحرام، وانشغال بالحالل، ولكن الشيطان يسد في وجه العبد أبواب الحالل الكثيرة، ويفتح له أبواب الشر القليلة ويحول بينه وبين الحالل، يوسوس له حتى ال يرى غير الحرام، ليقع في سخط الله وغضبه، ثم يتبرأ منه الشيطان، ويتركه في دائرة الغضب والسخط «يا بني آدم ال يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوءاتهما»، «وال تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين»، فكم من امرئ أصيب في دينه وعرضه، ورزقه وعافيته، بسبب ولوغه في الحرام وهو ال يشعر، وكم من إنسان سدت أبواب الخير في وجهه بسبب التفاتته إلى الحرام، وكم من امرئ تضرر بسبب الحرام، وهو يتضرر وال يشعر بحاله. وقال الشيخ د. محمد المريخي إن المال الحالل القليل خير من المال الحرام الكثير، ولو أعجب صاحبه، ألن هذا الحالل ينتظر منه أن يبارك الله فيه، ويجعل الله فيه خيرا كثيرا، أما هذا الحرام فال ينتظر منه إال اللعنة والسخط، وأخذة الله تعالى وعقوبته لصاحبه، وآكل الحرام ال يدري متى يأتيه العذاب، وينزل به العقاب في الدنيا قبل اآلخرة، كما قال الله تعالى عن الكفار، «وال يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة أو تحل قريبا من دارهم حتى يأتي وعد الله إن الله ال يخلف الميعاد».

واالستغناء عن الناس بالكسب الحالل شرف عال، وعز المنيف، يقول لقمان الحكيم رضي الله عنه ورحمه «يا بني: استعن يا بني بالكسب الحالل عن الفقر، فإنه ما افتقر أحد قط إال أصابته ثالث خصال رقة في الدين وضعف في العقل، وذهاب في المروءة». وإن في طلب المكاسب وصالح األموال سالمة الدين وصون العرض وجمال الوجه، ومقام العز، وإن المقصود من هذا كله هو الحث على الكسب الطيب للمال، فالله طيب ال يقبل إال طيبا، وقد أمر الله تعالى المؤمنين كما أمر به المرسلين عليهم الصالة والسالم، فقال الله تعالى «يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا»، وقال سبحانه وتعالى «يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون»، ومن أعظم

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar